السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
في اليمن.. لا مؤسسات ولا حقوق للأطفال “اللقطاء”
الساعة 19:21 (الرأي برس _ المشاهد)

إلى قبل حوالي شهرين، كانت الفتاة اليمنية سماح (19 عاماً) تجهل حقيقة أنها مجهولة النسب.
لكن عندما حان موعد عقد قرانها (تزوجت في يوليو الماضي)، اضطر الرجل الذي تبناها للإفصاح عن هذا السر للمأمون والعريس وأهله.


وعثر الرجل على سماح (اسم مستعار)، بينما كانت حديثة الولادة، أمام جامع في مدينة الحديدة غربي اليمن، و“رباها كابنته”، حسبما أفادت  أمل الرباعي، وهي أخصائية يمنية في مجال الدعم النفسي للأطفال والنساء ضحايا العنف.


“الفتاة والعريس وعائلته قابلوا الخبر برضا تام”، على حد قول أمل.
وأشارت إلى أنها تعرفت على عديد قصص وحالات من هذا النوع، بحكم طبيعة عملها في مجال الدعم النفسي للأطفال.


“غالبيتهم حظوا بأسر بديلة لم ترزق بأطفال، لكنهم يواجهون نظرة مجتمعية سلبية وسيئة كونهم لقطاء”، تقول أمل.


وروت أخصائية الدعم النفسي، كيف اضطر رجل للانتقال إلى محافظة يمنية أخرى، بسبب نظرة أهالي الحي الذي كان يقطنه لطفلين توأم عثر عليهما أمام منزله بمدينة الحديدة.


“معرفة أهالي الحي أن الرجل وجد الطفلين أمام منزله، دفعتهم لوصمهما باللقيطين”، توضح أمل الرباعي.

مئات المختفين

وتفتقر السلطات المختصة في اليمن إلى إحصائيات دقيقة حول أعداد الأطفال المختفين واللقطاء، وهو ما ينطبق أيضاً على منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل.


ويؤكد العقيد نبيل الغزالي، نائب مدير عام حماية الأسرة في وزارة الداخلية بصنعاء، ندرة الإبلاغ عن حالات من هذا النوع.


وأضاف لموقع “المشاهد نت”، أنهم تلقوا حوالي 30 بلاغاً عن أطفال مختفين خلال العام الجاري، “لكن لا تصلنا أي بلاغات عن أطفال لقطاء أو مجهولي النسب..”.


وتحدثت مصادر أمنية عن تلقي بلاغات باختفاء 729 طفلاً (معظمهم بين 8 و16 عاماً) على الأقل، منذ مطلع العام 2016 وحتى منتصف العام 2017، في أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء والحديدة والمحويت وتعز ولحج والبيضاء.

استغلال

ورغم المخاوف الجادة من استغلال الجماعات المسلحة للأطفال المختفين واللقطاء في الصراع المتصاعد في البلاد منذ أربع سنوات، لم يتسنَّ  التأكد من حالات موثوقة في هذا الجانب.
لكن أمل الرباعي أكدت أن هؤلاء الأطفال قد يكونون عرضة لمختلف أشكال العنف والاستغلال.
وينص قانون الأحوال المدنية والسجل المدني في اليمن، على إلزام مراكز وأقسام الشرطة والمؤسسات والملاجئ المعدة لاستقبال الأطفال حديثي الولادة (اللقطاء)، بإبلاغ إدارة فرع المصلحة المختص عن كل طفل حديث الولادة عثر فيها عليه أو سلم إليها.


وعلى مدير الأحوال المدنية بموجب القانون أن يسمي المولود تسمية كاملة، ثم يقيده في السجل الخاص بالمواليد، ولا يذكر أنه لقيط، وترك خانة الوالدين بغير بيان فيها إلا إذا تقدم أحد الوالدين بإقرار أبوته، فتملأ الخانة الخاصة بالمقر.

قصور رسمي وتشريعي

ويعترف عبده الحكيمي، وكيل أول وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في صنعاء (الوزارة المعنية بالاهتمام بكافة الفئات من هذا القبيل)، بعدم توفر أي مراكز أو مؤسسات احتضان رسمية للأطفال اللقطاء أو فاقدي النسب الأسري في اليمن.


وتقول فيروز الجرادي، وهي محامية يمنية، إن القانون اليمني لم يتضمن أية معالجات وحقوق لهؤلاء الأطفال.


وتضيف: “غالباً تتم تسمية المولود وذكر الوالد عشوائياً كـ ابن عبدالله مثلاً، أسر وفاعلو خير هم من يتبنون هؤلاء الأطفال”.


وتؤكد الجرادي أن تعريض حياة الطفل للخطر جريمة يعاقب عليها القانون، لكن المشرع اليمني لم ينص صراحة بعقوبة واضحة ضد كل من تخلى عن طفله وتركه في أي مكان كدور عبادة أو على قارعة الطريق أو في مكب نفايات وغيره.


وأشارت  إلى ضرورة إيجاد نص قانوني يجرم هجران الطفل الرضيع من قبل والديه، والتسبب في تعريض حياته للخطر أو قتله نتيجة لظروف هجرانه؛ وإيجاد مراكز احتضان بديلة تنظم إلحاق الأطفال بأسر بديلة.

بريء

وبشأن الأسباب التي تدفع أسرة للتخلي عن طفلها الرضيع، يعتقد مروان المغربي، وهو باحث يمني في علم الاجتماع، أن “السبب الرئيس أن يكون هذا الطفل ناتجاً عن علاقة غير شرعية (زنا) أو اغتصاب أو استغلال جنسي، يدفع ذلك الأم للتخلص منه، هروباً من نظرة المجتمع لناحيتها وعدم تقبلها”.


ولا يستبعد أن يكون المرض النفسي أو الفقر سبباً في الدفع بالوالدين للتخلي عن طفلهما.
إلى ذلك، يقول محمد ناجي، وهو رجل دين يمني، إنه لا يجوز اعتبار الطفل اللقيط بأنه نتاج عمل خاطئ كالزنا، “هذا الطفل بريء يجب احترامه، حتى لو ثبت خطأ أبويه؛ يقول سبحانه وتعالى: “ولا تزروا وازرة وزر أخرى””.


ويؤكد ” أن كفالة هذا الطفل أولى من كفالة الطفل اليتيم.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص