السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
صبر.. طلاب يقطعون مسافات طويلة لإكمال دراستهم الجامعة
الساعة 20:11 (الرأي برس_ متابعات)

أنهى حسين علي دراسة دبلوم محاسبة في جامعة تعز بتقدير ممتاز، محققاً الترتيب الأول على دفعته، بعد عامين من المثابرة والاجتهاد، حيث تفوق وحقق الترتيب الأول، وهو يقطع المسافة من منطقته في مديرية حدنان صبر، إلى جامعة تعز، سيراً على الأقدام.

يقول حسين  إن الظروف التي أنتجتها الحرب اضطرته لتوقيف القيد في كلية الهندسة بجامعة إب، تخصص هندسة مدنية، وهو في المستوى الثالث، وقام بالتسجيل في جامعة تعز التي يذهب إليها سيراً على الأقدام، لدراسة دبلوم محاسبة، حيث يمشي طريقاً متعرجة ووعرة تمتد لما يقارب 8 كم، ليصل إلى قريته المعلقة في أعالي جبل صبر، وإن هذه المعاناة جعلته يثابر أكثر في المذاكرة ليجني الحصاد بتفوقه وبتقدير امتياز.


كثيرون غير حسين من أبناء جبل صبر، يقطعون المسافة الممتدة من منازلهم في الجبل إلى جامعة تعز الواقعة في حبيل سلمان جنوب مدينة تعز، بشكل يومي، سيراً على الأقدام، بأحذية تساعدهم على المشي في الطرق الجبلية الوعرة، وبعد وصولهم إلى آخر منطقة تابعة للجبل بمحاذاة المدينة، يستبدلون أحذيتهم بأخرى، ويخبئون المخصصة للجبل في مخابئ محددة، إلى حين الانتهاء من دروسهم وصعود الجبل إياباً.


بعد نهاية اليوم الدراسي، تبدأ طريق العودة التي تتطلب من الطلاب ساعة ونصف الساعة أو ساعتين، صعوداً للجبل، تحت شمس الظهيرة الحارقة، وعند الوصول يتناولون وجبة الغداء، ومنها إلى مذاكرة دروسهم.


ما يميز هؤلاء الطلاب هو تفوقهم الدراسي المشهود له، فكثير من أبناء الجبل أجبرتهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة على الذهاب للجامعة والعودة سيراً على الأقدام، كما أنهم يدرسون تخصصات علمية متنوعة تتوزع بين الهندسة والتجارة والحقوق والآداب وغيرها، ويحصدون الدرجات المتميزة بين أقرانهم الطلاب.


لكن الشيء الأجمل في حياة هؤلاء الطلاب، أنهم كما أبدعوا في حمل القلم، فقد أبدعوا أيضاً في حمل السلاح دفاعاً عن مدينتهم وجامعتهم التي حولها مسلحو جماعة الحوثي إلى ثكنة عسكرية، قبل أن تتم استعادته منهم في 2016.


وشارك عدد كبير من هؤلاء الطلاب في معركة تحرير جامعة تعز، في صفوف ”صقور الجبل”، منذ أول محاولة لاقتحام الجامعة، والتي قادها واستشهد فيها القائد مبارك هزاع.


الباحث الاجتماعي عرفات علي ناجي، قال لــ”المشاهد” إن “بيئة جبل صبر تعد بيئة مدنية نتيجة قربها واحتكاكها بالمدينة، وتأثيرها وتأثرها بها، ولذا فأبناء جبل صبر يولون التعليم أهمية خاصة، ويحرصون على استكمال مراحله. ويتميز أبناء الجبل أيضاً بتفوقهم الدراسي، لأن التعليم في أول اهتمامات أبناء المنطقة، وهذا ما يجعل الطالب يحرص على استكمال دراسته الجامعية، حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فالغالبية العظمى من الطلاب عاجزون عن توفير احتياجات الدراسة المالية، وغير قادرين على استئجار غرف في المدينة، والتكفل بمصاريف الأكل والشرب والمواصلات، بالإضافة إلى أعباء الدراسة من تسجيل وملازم وغيرها، ولذا فهم يضطرون للذهاب إلى الجامعة سيراً على الأقدام، رغم بعد المسافة ووعورة الطريق التي يقطعونها تحت حرارة الشمس”.


قطع الطلاب لهذه المسافة الوعرة من أجل استكمال دراستهم الجامعية في الأعوام الأخيرة، شجع الطالبات اللواتي تخرجن من الثانوية في ذات المنطقة، للالتحاق بالدراسة في جامعة تعز ، ورغم صعوبة سير الفتيات على الأقدام، إلا أن ذلك زاد من عددهن من عام لآخر.


ابتسام الصبري، طالبة في كلية الآداب، تحدثت عن تجربتها لــ”المشاهد” بالقول: ”طبعا أنا مؤمنة بضرورة إكمال الفتاة دراستها، مثلها مثل الشاب، فالتعليم حق للجميع، ولذا فقد حرصت على مواصلة الدراسة وبناء مستقبلي، وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطررت لإكمال دراستي الجامعية سيراً على الأقدام، حيث أنزل يومياً للجامعة مع زميلاتي، وشجعتني أسرتي على ذلك مع وجود مجموعة من الطالبات، حيث ننزل ونرجع مع بعض إلى الجامعة بشكل يومي. صحيح أن التجربة صعبة، خاصة في البداية، لكن الآن أصبح الأمر روتينياً وطبيعياً، وتعودنا عليه”.


وتعد تجربة هؤلاء الطلاب بمثابة صفحة ناصعة للاهتمام بالتعليم في مجتمع مثابر ومتفوق، ويصر على مكافحة الأمية في صفوف أبنائه من الجنسين، وهي قصص كفاح تستحق الوقوف أمامها بإجلال وتقدير، لتكون رائدة وملهمة للمجتمع اليمني أجمع.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص