الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
موسكو تبلغ «أنصار الله»: هجوم الحديدة بات وشيكا
الساعة 20:18 (الرأي برس - عربي )

هجوم الحديدة سيجعل من الساحل جبهة قتال مفتوحة على إمتداد 550 كم من ميدي إلى باب المندب

حالة المرواحة في جبهات القتال من صرواح ونهم إلى ميدي، مروراً بالجوف والبقع وعلب، تؤكد فشل السعودية في إدارة حربها في اليمن، وعدم قدرتها على تحقيق اختراق سياسي أو اجتماعي لتفكيك تحالف «المؤتمر» و«أنصار الله»، وكسب ولاء الزعامات القبلية في شمال الشمال الذي طالما كان ملعباً تقليدياً للنفوذ السعودي. من الشهور الأولى للحرب تبين أن الرياض ليس لديها استراتيجية واضحة لتدخلها العسكري. واليوم، وبعد مضي 25 شهراً، تبدو خياراتها مرتبكة بعد أن صارت اليمن مشكلة سعودية بامتياز.
لقد اعتادت الرياض على الإمساك بملف اليمن ولعقود من الزمن عبر اللجنة الخاصة وتوزيع الهبات والعطايا على الزعامات التقليدية. وبالآلية ذاتها حشدت آلاف اليمنيين إلى جبهات القتال لخوض معركتها «الخاطفة». أجزلت في العطاء للمنضمين إلى القتال والمؤيدين لـ«عاصفتها»، مانحة ما بين 1400 و3000 ريال سعودي مرتباً شهرياً لضباط وجنود قوات «الشرعية». ولم تمض سوى 6 أشهر حتى ظهرت بوادر استنزاف الحرب لخزينتها. فأوقفت صرف المرتبات بالريال السعودي، واعتمدت 65 ألف ريال يمني راتباً شهرياً للجندي اليمني في الجبهات التي تمولها من صرواح إلى ميدي. ومع مطلع العام الحالي 2017م، تبين لها أنها تصرف المليارات على جيش «وهمي».


تجار حرب
قيادي في حزب «الإصلاح» قال، إنه «إذا لم تضع المملكة جدولاً زمنياً للشرعية لتحرير ما تبقى من اليمن وإنهاء الإنقلاب، فإنها سلتجأ للتفاوض مع الإنقلابيين مرغمة وبشروطهم»، مؤكداً أن «السعودية تستنزف، وأن قيادات عسكرية في الجيش حولت الحرب إلى تجارة».
ويكشف مصدر عسكري في وزارة الدفاع بمأرب، لـ«العربي»، ما يدلل على صحة ما ذهب إليه القيادي في «الإصلاح»، بقوله إن «السعودية تصرف شهرياً مستحقات 12 لواء عسكرياً في جبهة نهم، فيما القوة الفعلية لا تتجاوز 12 كتيبة، ومن يقاتلون من منتسبيها في خط المواجهة لا يتجاوزون ألفي ضابط وجندي».


أفرغت المملكة معسكراتها في الخضراء بنجران وقلل الشيباني في عسير لمقاتلين يمنيين جلبتهم للدفاع عن حدودها، أما التقدم في صعدة فقد تعذر طوال الشهور الماضية رغم «الزحوفات» المتوالية على منفذ علب وصحراء البقع، والتي لم تحد من هجمات «أنصار الله» وحلفائها في نجران وجيزان وعسير، إلى جانب إطلاق الصواريخ على الداخل السعودي.


خفض النفقات
في العام 2015م، كانت السعودية تصرف لأسرة كل قتيل يمني بصفها في جبهة ميدي 150 ألف ريال سعودي، و25 ألف ريال سعودي لكل جريح، مع تكفلها بعلاجه في مستشفيات المملكة. وفي يناير 2016م، أوقفت صرف هذه المبالغ. وشكا يمنيون، لـ«العربي»، من إخراج الكثير من الجرحى من المستشفيات السعودية دون إكمال علاجهم.


كانت السعودية تصرف مائة ريال سعودي يومياً لكل مقاتل في الخطوط الأمامية في جبهات صرواح ونهم والجوف وميدي، ومنذ ثلاثة أشهر تم خفص المبلغ إلى 40 ريال سعودي يقوم المندوبون بصرفها وإعطاء كل مقاتل 3 آلاف ريال يمني.
قائد كتيبة في المنطقة العسكرية السادسة بالجوف وصف ما يحدث في جبهات القتال بقوله: «علي محسن الأحمر قاد 6 حروب في صعدة، وأفلس بخزينة البنك المركزي، واليوم انتقل الى مأرب مع ضباط وجنود الفرقة والمنطقة الشمالية الغربية وسوف يفلس بالخزينة السعودية».


الحلفاء التقليديون
حروب التباب وهجمات الكر والفر لم تغير في ميزان القوى، ولم ترجح الكفة لصالح السعودية، ما أجبرها على اللجوء لحلفائها التقليديين، ليلتقي ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الـ6 من أبريل بالرياض «كبار مشايخ القبائل اليمنية». وبعد مقدمة استعطاف وتحفيز بأن «اليمن هي أصل العرب وكل جذورنا وكل أعراقنا ترجع في الأخير لليمن»، طلب منهم «الفزعة»، وخاطبهم بالقول: «رجال اليمن إذا استنفروا ووقفوا سوف يقضون على العدو، ولن يقفوا حتى يكونوا في عقر داره». لم يتوجه المشائخ إلى جبهات القتال كما طلب منهم، ولكن عادوا إلى مقر إقامتهم في فنادق الرياض والدوحة والقاهرة، ليخرج بعدها بأيام وزير الخارجية السعودي بتصريح لوسائل الإعلام قال فيه «إن المملكة استقبلت خلال الحرب 650 ألف يمني».


مزيد من الإرتباك
اليوم، وبعد مرور أكثر من عامين من الحرب المدمرة في اليمن، وأكثر من 100 ألف طلعة جوية لطيران «التحالف» خلفت آلاف الضحايا، وبالتوازي مع حصار أوصل اليمنيين إلى حافة المجاعة، لا تزال السعودية تبحث عن خيارات بديلة لإجبار تحالف «أنصار الله» و«المؤتمر» على القبول بالتفاوض بشروطها، بعد استحالة حسم معركتها في اليمن، ليتحول اهتمامها مؤخراً نحو الساحل الغربي وميناء الحديدة، شريان الحياة المتبقى للسكان في المناطق الخاضعة لسيطرة «أنصار الله» وحلفائها.


إستعانت الإمارات بقوات سودانية، لكنها لا تزال عالقة في موزع ومحيط معسكر خالد، ولم تتمكن من تأمين الشريط الساحلي من باب المندب إلى المخا، في وقت تقدم السعودية فيه مزيداً من العروض والإغراءات لإدارة دونالد ترامب للقبول بتدخل مباشر بجانبها في الحرب في اليمن، لكنها لا تزال بحاجة إلى 40 ألف جندي لمعركة الساحل الغربي، ومن أجل ذلك عقدت مصالحة مع القاهرة برعاية ترامب، وكلفت اللواء أحمد عسيري بإطلاق بالونة اختبار منتصف أبريل الجاري، حيث قال، في مقابلة مع قناة «العربية»، إن «الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، كان قد عرض على السعودية إرسال 30 إلى 40 ألفاً من القوات المصرية لدعم التحالف العربي بقيادة السعودية ضد المتمردين الحوثيين». وبرغم تراجع عسيري عن حديثه هذا، إلا أن مراقيبن أكدوا، لـ«العربي»، أن حديثه كان متعمداً للتعبير عن سخط الرياض من موقف مصر غير الواضح من أزمة اليمن، ورغبتها في دعم صريح ضد «أنصار الله» وحلفائها.


كما كشف موقع «نيو آرب» البريطاني عن أن واحداً من أسباب التوتر في العلاقات بين مصر والسعودية هو رفض القاهرة السابق إرسال قوات برية لمساندتها في حرب اليمن. وألمح الموقع، في تقرير نشر حديثاً، إلى أن الرياض لم تخفِ ضيقها من عدم رغبة القاهرة في إرسال قوات برية إلى اليمن، والانضمام إلى «التحالف العربي» بقيادتها ضد «المتمردين»، إلا أن اللقاء الأخير بين الملك سلمان والسيسي في الرياض كان بداية لمحاولات كسر الجليد وإزالة التوتر الذي ظهر جلياً بعد ذلك بين البلدين.


تحالف مقلق
في الـ23 من أبريل الجاري، وبعد جولة شملت السعودية وقطر ومصر وإسرائيل، زار وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، قاعدة عسكرية في جيبوتي تابعة لبلاده، وتنطلق منها العمليات في اليمن والصومال، ليتحدث عن دور إيراني في زعزعة الإستقرار في اليمن، وهو ما قوبل بترحيب من الأنظمة الخليجية، وفي المقدمة النظام السعودي، الذي أفاد ولي ولي العهد فيه، محمد بن سلمان، في مقابلة مع «واشنطن بوست»، بأن «المملكة ناقشت إمكانية تقديم دعم أمريكي إضافي للسعودية، إذا لم يوافق الحوثيون على تسوية من قبل الأمم المتحدة».


في اليوم نفسه، أعلنت وزارة الدفاع المصرية عن بدء تدريب مشترك للقوات البحرية المصرية والأمريكية في البحر الأحمر، بمشاركة ست دول من بينها السعودية والكويت والإمارات والبحرين وباكستان بصفة مراقب. وقالت وزارة الدفاع، في بيان على موقعها على الإنترنت، «انطلقت فعاليات التدريب البحري المشترك المصري الأميركي، تحية النسر 2017، الذي تجريه وحدات من القوات البحرية لكلا البلدين، ويستمر لعدة أيام بنطاق المياه الإقليمية بالبحر الأحمر». وأضافت أن التدريب يشمل تخطيط وإدارة أعمال قتال مشتركة نهاراً وليلاً، بالتعاون مع القوات الجوية، لتأمين منطقة بحرية ضد التهديدات المختلفة، كما يشمل التدريب المشترك اقتحام السفن المشتبه بها.
مراقبون رأوا في التقارب الأمريكي المصري السعودي مؤشراً إلى وجود تغيرات سياسية وعسكرية مرتقبة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة التي تتوافق مع رغبة سعودية في مساندة المملكة في حربها المكلفة، ومواجهة «أنصار الله» التي تصورها للخارج كذراع إيران في اليمن.


صوب الكارثة
مصادر موثوقة قالت، لـ«العربي»، إن السفارة الروسية في صنعاء أبلغت قيادات في «أنصار الله» و«المؤتمر» بهجوم وشيك لـ«التحالف» الذي تقوده السعودية على ساحل الحديدة، مضيفة أن السلطات في صنعاء دفعت بتعزيزات ضمت أكثر من 2000 مقاتل إلى الساحل الغربي خلال الأيام الماضية مع عربات «كاتيوشا» ومدافع سواحلية. هذا التصعيد الذي تقوده السعودية والإمارات يمثل خطراً حقيقياً على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ويفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ولا يفضي إلى قبول «أنصار الله» وحلفائها بالتفاوض وفق شروط الرياض، بل سيجعل من الساحل جبهة قتال مفتوحة على إمتداد 550 كم من ميدي إلى باب المندب، ولن يكون بمقدور القوات المصرية المؤمل منها تأمينها القيام بذلك، وقبله لن يعدم الرئيس السيسي الحيلة في التنصل من الضغوط عليه لدفع قوات بلاده نحو جغرافيا سبق أن ابتلعت 15 ألف مصري، وتسببت في نكسة حزيزان عام 1967م.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً