- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
إجتاحت صنعاء ومعظم المحافظات، ودهست في طريقها الدولة ونظامها، وطاردت الرئيس عبد ربه منصور هادي من شارع الستين إلى قصر المعاشيق. تنتعش في الشوارع والخطوط الطويلة فتصيب حياة المواطنين بالشلل. تغرق البلد في أزمة اقتصادية لكنها لا تعرف الركود. إنها "الشاصات" - "تويوتا" اليابانية - التي صارت وجه اليمن الذي يطل على الشاشات بمسلحين وقات وزوامل في صندوق "شاص"، وخيول جبهات القتال التي تتسلق الجبال وتختصر الصحراء وتبعثر أحلام اليمنيين في طريقها؛ فهي بلا "أرقام" ولا "فرامل"، وسائقوها لا يحملون رخص قيادة.
يشيبون قبل الفجر
الكثير من التلاميذ في "شمال الشمال" تركوا مقاعد الدراسة واعتلوا مقاعد "الشاصات" التي تحملهم إلى "متارس" القتال، ومعظمهم من الأطفال. حُرموا من المسلسلات والحدائق والألعاب ولم يسمعوا بمجلات "ماجد" و"العربي الصغير"، لكن هواتفهم مليئة بزوامل الحرب التي رسمت أحلامهم بسيارة "شاص"، أو ما يسمونها "الشبح"، وبندقية حديثة هي "أبو ناظور". يتعزز اندفاعهم للقتال كلما سمعوا صوت منشد "أنصار الله"، لطف القحوم:
معك ياشاص يا ابو اثنين توانيك نوضع وسط نجران المداكي
كما استبدل الكثير منهم تحية العلم بزامل الشاعر محمد الجرموزي:
خذوني مع أول شاص مفصول ريوسها
تمشط على الخوبه ومشوارها الدمام
زحوفاااااااات صدرية تسابق متارسها
فقدام يا ربعي على الخط .. ذا قدام
لكن الكثير منهم يعودون إلى قراهم من جبهات القتال على متن "الشاصات" جثثاً هامدة، ومن لا يزالون يقاتلون في الجبهات يواجهون شبح الموت على متن "الشاصات الشبح".
صدام الشاصات في نهم
بعد عامين من اجتياح مسيرة "الشاصات" للعاصمة صنعاء، تتسلق "شاصات الشرعية" جبال نهم والفرضة، وترسم مع "شاصات أنصار الله" مشاهد حرب "الشاصات". تتجنب الطريق الإسفلتي الرابط بين مفرق الجوف ونقيل بن غيلان لتسلك طرقاً وعرة، تسببت في انقلاب 45 طقماً تابعاً لقوات الرئيس هادي في مسورة والمجاوحة وبني بارق، منذ بدء عملية "تحرير صنعاء"، بحسب الجندي أحمد السعداني الذي يقاتل في صف "الشرعية" في اللواء 141، والذي قال إن "الشيخ منصور الحنق الذي يقود مئات المقاتلين يشارك في رصف الطرقات في جبال نهم، ويشرف على عمل الجرافات في كثير من الأيام".
لقد صممت سيارات "تويوتا" ذات الدفع الرباعي للطرق الوعرة، لكن السعداني يشير إلى أن "الكثير منها تتعثر في جبال نهم، ويتم الإستعانة بعدد من السائقين المحترفين للصعود بها في المرتفعات. لا وظيفة لهم سوى مساعدة الشاصات المتعثرة وبجانبهم مجموعة من الميكانيكيين". ويصف السعداني ما يحدث في بطون الجبال بتهكم: "لقد حرمت الكثير من مناطق المديرية من الطرق الإسفلتية وظلت تعاني من العزلة لعقود، واليوم يقوم الجيش الوطني بأعمال شاقة في تكسير الصخور، بجانب الجرافات التي شقت أكثر من طريق ترابي في كل شعب وجبل بمديرية نهم".
شاصات تعميد الوحدة
ليست هذه المرة الأولى التي تؤدي فيها "الشاصات" وظيفة خيول المعارك في المواجهات المحتدمة في أكثر من محافظة. ففي العام 1994، إجتاحت الجنوب قبائل الشمال ومليشيات حزب "الإصلاح"، بجانب القوات النظامية الموالية لصنعاء بأكثر من 1500 "شاص"، يكشف تفاصيلها: كان النظام في صنعاء يواجه أزمة مالية، فلجأ الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر إلى حيلة لتمويل حرب "تعميد الوحدة". إفتتح عقلان الراشدي - أحد أبناء مديرية خمر بعمران - معرضاً لبيع السيارات بأرباح مغرية. يتسلم عقلان سيارة مواطن وبعد أسبوع يسلمه سيارتين مقابل مليون ريال، وبعد أسبوع يعيد له المليونين. بهذه العروض المغرية والأرباح الخيالية وفي بيئة قبلية معزولة وخلال شهر، إفتُتحت معارض للسيارات على جانبي الطريق من مدينة خمر إلى مدينة عمران على امتداد 50 كلم. الكثيرون من أبناء القبائل في شمال الشمال دفعوا بسياراتهم للمعارض طمعاً في الأرباح، ومالكو الشاحنات رهنوا قاطراتهم وبوابيرهم لدى مهربين في محافظة مأرب. كل شاحنة يتم رهنها لمدة شهر مقابل الحصول على 7 إلى 10 "شاصات". لا وقت للتأخير، فعروض "عقلان وشركاؤه" مغرية والمدة محدودة.
صحو على هول الكارثة
في صباح يوم، وبعد مضي ما يقارب الشهر قبيل حرب صيف 94، صحا المواطنون ومالكو السيارات وأصحاب الملايين الذين أودعوها في معارض "عقلان"، فلم يجدوا لها أثراً. لقد أتى عليها حاطب ليل. أودع الشيخ عبدالله الأحمر عقلان وشركاءه في السجن المركزي بصنعاء، فيما فقد المالكون مدخراتهم، ولم يعد بحوزتهم سوى شيكات على أوراق دفاتر مدرسية.
لقد صار الشيخ عبدالله الأحمر وسيطاً، وطلب من المفلسين الهدوء حتى حسم المعركة في الجنوب، التي أعلن النفير لها مع صالح والشيخ عبدالمجيد الزنداني، لتهب القبائل وتخرج "شاصات عقلان" من صنعاء، حاملة جحافل المسلحين إلى عدن. وبعد انقشاع غبار المعركة، إشتعلت تقطعات قبلية أوقفت حركة السير في معظم محافظات الشمال، بسبب عملية "النصب" الشهيرة، ليتدخل الشيخ الأحمر ثانية بحيلة جديدة كشف عنها عدد ممن عادت لهم أموالهم؛ حيث قالوا لـ"العربي": "ذهب الشيخ عبدالله إلى الرياض والتقى الأمير سلطان بن عبدالعزيز وعرض عليه خطورة التقطعات القبلية التي تنذر بحرب أهلية، ولم يغادر من عنده إلا بشيك يحمل مبلغ مليار ريال سعودي ليشكل لجنة تعويضات، وقبيل وفاته بأيام وجه بإخراج عقلان الراشدي من السجن المركزي بصنعاء". لقد أدت "الشاصات" مهمتها بنجاح.
أضحت الشاصات وجه اليمن الذي يطل بمسلحين وقات وزوامل
"شاص" موديل 82
الكاتبة والإعلامية، منى صفوان، قالت إن "حال اليمن كسيارة شاص موديل 82، كان لونها كاكي، بس مع الزمن والدقدقة اتقشرت وذحلت"، مضيفة، في منشور على صفحتها في "فيس بوك"، أن "السيارة أصلا مالهاش أوراق رسمية، لا أحد يعرف لها صاحب، و كل يوم يسوقها واحد، وهات يا مضرابه بين السواقين، وياريت واحد منهم يعرف يسوق أو معه رخصة سواقه، كلهم تعلموا في السبعين. السيارة ملان مسلحين عسكر، وقبائل، وحتى مدنيين، نسوان وجهال، فيها من كل فج عميق، طول الطريق يتضاربوا، كل واحد ماسك في حلق الثاني، وواضح إنهم ناس ولا يقربوا لبعض، ولا لهم أي علاقة ببعضهم، شكلهم مجرد تجمع بشري فوق سيارة شاص، أحياناً يقولوا إنهم مجتمع، دولة - جمهورية - حكومة - بلد - ثورة - وكلام كبير، يسمعوه من راديو السيارة لو الاريل مصلح. بس محد عارف يوقف السيارة، ولا حد عارف لفين رايحة، شكلها مهرولة هروالة يالطيف، وطول الطريق طاااخ بم، بم طااااخ، ناس يتقافزوا من فوق السيارة، وناس يتعنلقوا فيها، وناس يقول لك هذا التاير حقنا، وهذا السكان ملك ابونا، وناس مصرين إن نص الشاص حقهم". وتختم منى صفوان بأن "السيارة لا فيها كهرباء تشوف قدامها، ولا حتى فيها مراية مصلحة تشوف وراها، تمشي على بركة الدعاء وصلاة الفجر".
المخرج من الكارثة
من جانبها، تقول الكاتبة والناشطة الحقوقية، أروى عبده عثمان، إنه "في ظل هذه الحروب وكارثة الشاصات وقبورها المفتوحة التي لا تغلق، ينبري صراع الحضارات في يمننا بين شاص يردك ألف سنة للوراء، وبين صراع حضاري كنا نحاول أن نلاحقه ونتشبث به في ظل شبه دولة، جرى إلحاقها منذ أكثر من 40 عاماً بالشاص، لعسكر وجنرالات ومشايخ وقبايل ورجال الدين". وتختم عثمان بالتأكيد على أن "إنسانيتنا تبدأ بالقطيعة مع شاصية الفكر وفكر الشاص من أجل المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود دولة قوية نلتف حولها ونبنيها ونحميها لتحتضننا جميعاً بما فيهم الشاصيون".
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر