السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
فقراء الجنوب... "آح ولا داخل"
الساعة 16:56 (الرأي برس - عربي )

تتفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن يوماً بعد يوم، حاملة أبناء هذا البلد على خيارات صعبة ربما لم يكونوا يتصورونها يوماً. مسنّة من بلدة لحج عرضت كليتها للبيع لضيق ذات اليد وشظف العيش، وطالبت "فطوم" (55 عاماً) بنشر إعلان البيع في إحدى الصحف المحلية، لتحصل على سعر جيد مقابل الكلية. وأبدت الحاجة استعدادها الخضوع للفحص الطبي - قبل الشراء - للتأكد من سلامة وصلاحية كليتها، مضيفة أنها على استعداد للقبول بمبلغ معقول يساعدها على إعالة أسرتها المكونة من ثلاثة أطفال وفتاة في السابعة. وامتنعت عن الإفصاح عن تفاصيل أخرى تتعلق بحياتها الخاصة، موضحة أنها لا تريد استدرار عطف أحد بلجوئها إلى هذا التصرف الذي أقدمت عليه "بعد تفكير عميق ودون ضغط أو إكراه من أحد". وتابعت "أعيش وأطفالي في منزل صغير في إحدى قرى محافظة لحج، وأتعرض لضغوط شديدة لإخراجي من المنزل والمبيت أنا وأطفالي في العراء، وليس لنا من معيل أو ناصر إلا الله".


حالة الحاجّة "فطوم" ليست فريدة في محافظة لحج وبقية المحافظات الجنوبية، مع اتساع رقعة الفقر وغياب الدعم الذي كانت تقدمه الدولة، على الرغم من ضآلته مقارنة بمتطلبات المعيشة الصعبة والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية.


"أبو أكيد" 
"أبو أكيد" حالة مماثلة في عدن، حيث تعرض ربّ الأسرة المذكور لجلطة دماغية نتج منها شلل نصفي أقعده الفراش، ولأنه يعمل في إحدى الشركات الخاصة بالشحن والتفريغ، التي أوقفت نشاطها قبل الحرب وغادر مالكها المدينة، أضحى الرجل وعشرين من زملائه العاملين في الشركة تقلّص فرص العمل ساهم في اتساع رقعة الفقر بلا رواتب أو وظائف. نجله الأكبر "أكيد" اختفى أثناء مشاركته في معارك جعولة الواقعة شمال عدن، ولم يتمّكن الأب من معرفة مصيره حتى اليوم، إذ تضاربت روايات زملائه الذين كانوا يقاتلون معه في الجبهة يومها؛ فبينهم من يقول بأنه قُتل بغارة جوية خاطئة نفذتها طائرات "التحالف" أصابته مع آخرين ومزقتهم إلى أشلاء، فيما يقول آخرون إنه وقع في الأسر ونقل إلى صنعاء. وذكرت منظمتا الصليب الأحمر الدولي والعفو الدولية، من جهتهما، أنهما لم تتمكّنا من الإستدلال على اسمه أو مكانه بين الأسرى الجنوبيين في صنعاء. 


هاتان الأزمتان ضاعفتا معاناة "أبو أكيد"، وعمّقتا جراحاته، فيما يكمل الفقر والمرض محاصرته، ليجد نفسه مضطراً لعرض منزله للبيع، حتى يتمكّن من توفير العلاج وشراء المواد الغذائية لطفلتين صغيرتين يعولهما بعد وفاة أمهما حسرة وكمداً على فراق ابنها الوحيد، وساعات انتظار طويلة قضتها على باب منزلهم الصغير في إحدى ضواحي مدينة عدن، علّه يعود يوماً وإن جريحاً.


عوز
مديرة إحدى المدارس الثانوية في عدن تقول إن "طالبة في الصف الأول الثانوي ضُبطت وهي تجمع بقايا وفضلات طعام زميلاتها من براميل القمامة، حيث تتحجج الطالبة يومياً بقيادتها لمبادرة تنظيف الصفوف وجمع أكياس القمامة ورميها إلى برميل القمامة الكبير المنصوب في الفناء الخلفي للمدرسة". وأجهشت المديرة بالبكاء وهي تنقل تفاصيل اعترافات طالبة الصف الأول ثانوي بأنها "تجمع يومياً ما تيسّر من بقايا الطعام لها وأخويها الصغيرين، وحصيلة ما تجمعه يكون وجبة الغداء الرئيسة للأسرة التي تركها عائلها بداية الحرب، وهو جندي في قوات الأمن المركزي من أبناء الشمال"، مشيرة إلى أنه "لم يسأل عنهم منذ مغادرته عدن ولا يعلمون شيئاً عن مصيره"، مضيفة أن "مساعدة الجيران هي المصدر الوحيد لحصولهم على الطعام"، وأن "عشاء الأسرة في غالب الأيام روتي وشاهي أحمر". 


بطبيعة الحال، يرفض كثير من الناس تسليط الضوء على معاناتهم أو نشر معلومات عنهم تعففاً. تضرر كثير من القطاعات التجارية الحكومية والخاصة بفعل الحرب، مضافاً إليها تقلّص فرص العمل وعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين بسبب انعدام السيولة من العملة المحلية، عوامل رئيسة ساهمت إلى حد كبير في اتساع رقعة الفقر بين اليمنيين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص