السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
لغز الصولبان
الساعة 18:12 (الرأي برس - عربي )

الصولبان، الذي يعني في اللغة الانجليزية "البركة الدائرية المالحة"، بات اليوم مستنقعاً للدم اليمني
يتشاءم العدنيون عندما يُذكر أمامهم اسم "الصولبان"، كون هذا الاسم ارتبط في أذهانهم بمشاهد القتل وفنون التعذيب، خصوصاً قبل قيام الوحدة في العام 1990، فقد كان المعسكر الكائن في مدينة خور مكسر شرقي عدن مقراً لأمن الدوله الذي لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه، لأنه سيُصلب كما صُلب المسيح! هكذا كان يعتقد البعض من أبناء عدن. وبعد الوحدة، وبالتحديد في العام 2005، اكتشف في محيط المعسكر وجود مقبرة جماعية اتضح أنها تعود لجنود مفقودين من الحروب السابقة في الجنوب، ومنها حرب 13 يناير. أصبح المكان نفسه معسكراً للقوات للخاصة (الأمن المركزي سابقاً) والذي اندلعت فيه أشرس الاشتباكات المسلحة بين اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي وقوات الأمن المركزي التي رفضت الانصياع لأوامر هادي. كانت المعارك أكثر ضراوة داخل معسكر الصولبان طيلة أيام الحرب، لقربه من مطار عدن الدولي، وعقب دخول قوات "التحالف العربي" عدن سيطرت القوات الموالية للرئيس هادي على المعسكر، وأعلن أنه سيكون مقراً خاصاً لاستقبال المستجدين من الجنود، ومنذ سيطرة قوات هادي على المدينة. 


مستنقع الدم
إستهدف المعسكر أربع مرات، توحد فيها أسلوب الهجوم، بنفس الأداة وبذات السيناريو، حيث كان أول استهداف للمعسكر في مايو 2015م بتفجير انتحاري، والثاني في يوليو من نفس العام، والثالث قبل أسبوع من الاستهداف الرابع، وفيه قام أحد عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية"، ويدعى أبو هاشم الردفاني، بتفجير نفسه وسط عدد من الجنود الذين كانوا في انتظار استلام مرتباتهم. الصولبان، الذي يعني في اللغة الانجليزية "البركة الدائرية المالحة"، بات اليوم مستنقعاً للدم اليمني. فخلال أسبوعين سقط في المعسكر أكثر من مائة مواطن، هذه الكارثة أثارت غضب عدد من المواطنين، الذين طالبوا بكشف "لغز" الصولبان، والذي مثل صورة مصغرة للواقع الأمني السيء الذي يعاني منه أبناء عدن وبقية المحافظات الجنوبية.


لامبالاة أم تواطؤ؟
علي قايد، مواطن يسكن بالقرب من المعسكر، يقول لـ"العربي": "في الأيام التي سبقت الانفجارين لاحظنا تواجداً لأشخاص غرباء في ساعات متأخرة من الليل، وأبلغنا المسؤولين الأمنيين بذلك، دون مبالاة منهم، وإذا لم تقم الحكومة بعمل حلول سريعة وعاجلة لعودة الأمن والأمان بأية طريقة كانت، سواء بمضاعفة الجهود الأمنية وملاحقة العناصر المتطرفة أو بتغيير المسؤولين عن الأمن، فإن الوضع سينفجر، لأن الناس سئموا الوعود الكاذبة، ولأن الناس أصبحوا يتساءلون هل ما يحدث هو تقصير من المسؤولين أم تواطىء مع المجرمين لقتل أبناء عدن؟".


يوافقه الناشط علي البيتي، الذي أوضح أنه "في أسبوع واحد بلغ ضحايا الإنفجار الأول في معسكر الصولبان 52 شهيداً، وفي الانفجار الثاني بلغ 53، وأصبح المجموع يساوي 105، ألا يستحق هؤلاء أن نرى إجراءات أمنية ويقظة وعملاً دؤوباً وتحريات وجمع أدلة وانتشاراً أمنياً واسعاً وتفتيشاً وحملات من رجال الأمن؟ لكن الحقيقة المرة هي أن رجال الأمن في عدن كالعادة لا يهتمون إلا بسفاسف الأمور، بينما خصومهم يخططون ويجهزون ويعدون لمثل هكذا عمليات، للأسف أصيب الأمن في عدن ببلادة لا علاج منها، وستكون عواقبها وخيمة أكثر مما نتخيل". 


متاجرة بأرواح المجندين؟
الصحفي الجنوبي، أمجد يسلم صبيح، يؤكد  أن "طبيعة العمليات الإرهابية في عدن عادة ما تكون عمليات انتقامية بعد القبض على عدد من الخلايا الإرهابية التي تتحدث عنها السلطات التي لم ير أو يسمع أبناء عدن أو غيرهم تقديم أي أحد من تلك العناصر إلى المحاكم، أو نشر اعترفاتهم كاملة، وما الأعمال التي ارتكبوها". ويرى صبيح أنه على الرغم من أن السلطات الأمنية في عدن تبذل جهوداً كبيرة في مكافحة الإرهاب وفق ما تستطيع من أدوات متوفرة لها "إلا أن الشرعية أغلقت الكثير من الأبواب في وجه السلطات الأمنية، وأيضاً قوات التحالف ممثلة بالإمارات التي لم تقدم دعماً كاملاً للسلطات الأمنية".


ووفق صبيح فإن هذا الأمر هو "ما ساعد في اختراق الأجهزه الأمنية وتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية ضد المجندين الجدد والمجندين الذين أتوا لاستلام مرتباتهم من اللجان... في التفجير الأخير تتحمل الخطأ لجان الصرف التي قدمت كل التسهيلات للانتحاري ولم تقم بعمل أو تخصيص مكان خاص أو وقت محدد لصرف الرواتب، كما أن اللجنة الوزارية تاجرت بأرواح المجندين وكل همها فرق سعر الصرف فقط، لذا عليها أن تتعلم الدرس من لجان صرف المرتبات في عدد من المحافظات كحضرموت ومأرب وحتى صنعاء وتعز، وفي الحقيقة إن لجان الصرف لم تتعلم الدرس من انفجار الصولبان الأول... الحل للوضع الأمني في عدن أن تدمج جميع التشكيلات الأمنيه في جهاز واحد، وتكون هناك غرفة عمليات واحدة لا غرف عمليات موزعة على عدد من الأجهزه والقادة العسكرين، وأن تقدم ما يسمى بالحكومة الشرعية الدعم الكامل للأمن في عدن، إن أرادت أن تتواجد في عدن، وإلا على أبناء عدن مطالبتها بالرحيل سريعاً لإيقاف نزيف الدم".

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص