السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
صار لا ضير بأن يكفر الناس بالله ولكن من غير المسموح أن يكفروا بالحاكم أو بولي الأمر
البروفيسور سيف العسلي لــ" الرأي برس" بسبب الثقب الأسود: صار شعار الجميع فليمت الشعب ويبقى الحاكم
الساعة 19:44 (الرأي برس ـ حاوره/ نبيل الشرعبي)

عن " العالم العربي والثقب الأسود.. الفساد السياسي" وادعاء القتل والتدمير والتنكيل بأنه تنفيذ لأمر الله وتنفيذ شريعته، في إطار حديث صحفي للبروفيسور والخبير السياسي والاقتصادي ووزير المالية اليمني الأسبق سيف العسلي، إلى صحيفة " الرأي برس" الإلكترونية في الجزء الأول من حديثه  حول هذا الموضوع يقول البروفيسور العسلي: السياسة هي إدارة الشؤون الدنيوية بمختلف مجالاتها وتفرعاتها، وبدون وجود سياسة فإننا نكون في حالة من الفوضى، وفي ظل سياسة غير فعالة أو غير رشيدة أو غير حكيمة، فإننا نكون في حالة التدمير الذاتي، ولا تصلح أمورنا الدنيوية كافة، وإدارة وظائف الدول وكل ما له صلة بتسيير الحياة وهذا على الأقل، إلا بإيجاد ووجود سياسة رشيدة وفعالة، والسياسة الرشيدة والفعالة، هي التي تقوم على التراضي والإلزام والالتزام، وهذا ما يميز السياسة عن غيرها حتى الدين.

 وعن كيف يمكن التفريق بين السياسة الرشيدة وغير الرشيدة يقول: من أجل التوضيح لنبدأ من الدين والذي تكون بدايته تراضي وقبوله تراضي، فيما السياسة بدايتها تراضي ونهايتها إلزام والتزام، ولكن الحاصل في الوطن العربي هو أن السياسة بدايتها إلزام ونهايتها إلزام، ولا يوجد تراضي ولا التزام، وبالتالي فإن وجودها مدمر ولا يبني مثل الثقب الأسود.

ويضيف: هذا هو منبع ومغذي وخالق الأزمات والفوضى التي يعيشها العالم العربي، ويشعل ويغذي الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، ومرد ذلك هو أن هناك اسراف كبير في عدم الإقرار والقبول بحق الشعب- أي الناس العاديين كل الناس العاديين أو على الأقل غالبيتهم، في اختيار كيف يٌحكمون ومن يحكمهم.

وفي رده على سؤال حول ماذا يدور الصراع القائم،، يجزم العسلي أن الصراع القائم والممتد عبر التاريخ، بين الأنظمة القائمة والحركات المتمردة، سواءً كانت قومية أو إسلامية أو قبلية أو طائفية إلخ....، وغير ذلك إنما يدور حول من يحق له أن يحكم، وليس كيف يحكم، ولذلك فهي متفقة من ناحية ومختلفة من ناحية أخرى، متفقة على الشر ومختلفة على الخير، فالكل يقتل ولا يبالي من أجل السلطة، والكل يقصي ولا يبالي من أجل السلطة، والكل يكذب ويضلل ولا يبالي من أجل السلطة.

ولفت إلى أنه وتبعا لما ذكره سلفاً أصبحت السلطة هي الغاية والوسيلة معاً، فلا قيمة لسلطة يكون هذا الفصيل هو صاحبها فقط، فيما لا قيمة لشعب أمام هذا الفصيل المسيطر عليهم بطريقة حكمه المنتفية لمواصفات الحكم والحاكم، والجميع شعارهم واحد وهو " لتبقى السلطة ويموت الشعب"، وذلك معناه أن السلطة – لدى كل فريق منهم هي: الله وهي الرسول وهي القرآن وهي الحق والحياة والعدل وهي كل شيء، فمن أجلها فليموت الشعب وتدمر البلدان ويبقى الحاكم.

وفيما يخص صدور فتاوى تجرم الحديث وانتقاد الحاكم، وغير ذلك من الجدل الدائر في هذا المجال، أكد البروفيسور العسلي بأنه صار لا ضير بأن يكفر الناس بالله، ولكن من غير المسموح أن يكفر الناس بالحاكم أو بولي الأمر، فمن أجل هذه السلطة الفاسدة تختفي وتصادر الحريات وتقمع من أجل الحاكم، ومن أجلها يكون الذل كرامة والفقر غناء، ومن أجلها تكون الظلمات نور والحقارة شهامة والغباء علم، والظلم عدالة والعار شرف.

وأضاف: فإن حضر الحاكم مهما كان فالأمة بخير، وإن غاب الحاكم فالأمة كافرة ولا تستحق البقاء ويجب إبادتها عن بكرة أبيها، لأنها – أي الأمة، آمنت بالله وحده وأسلمت له، وهذا في عرف الفصيل الموالي للحاكم، جرم بل وأي جرم، إنه جرم تستحق الأمة عليه التنكيل والقتل والإبادة الجماعية، فكيف لها أن تؤمن بالله وحده، هذا كفر بالحاكم فالإيمان لا يجب إلا أن يكون بالحاكم والا سواه.

وحسب العسلي: هذا التصور عن السلطة والحاكم، هو الذي عٌمق بقوة النفوذ والأتباع المتنفعين، ليلوث كل مفاصل المجتمع، وهو الذي أفرز الظواهر السياسية التي نشاهده ونعيشها اليوم، فالخلاف بين كل فصائل العمل السياسي وغيرهم، سواءً كانت إسلامية أو قومية أو قبلية أو طائفية أو غيرها، تتمحور حول كيف وما الذي يحصل عليه الحاكم كيفما كان، فمن قائل إنه يجب أن يكون اهل البيت، ومن قائل إنه يجب أن يكون من أمثال صلاح الدين، ومن قائل إنه يجب أن يكون أو كما يتخيل أو قرأ في قصائد شعر المتنبي أو غيره.

واستدرك قائلاً: لكن في الواقع وحقيقة الأمر لا فرق بين كل ذلك، لأنه وقولهم أن هناك معصوماً، فلا معصوم لا أهل البيت ولا غيرهم، كما يتحدث عنه أتباع أهل البيت ذلك أن العصمة لهم، والعصمة في حقيقة الأمر كانت ولا زالت خرافة، فلا توجد عصمة لكائن بشري كائن من كان، لا في الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل.

وأشار إلى أنه لم ولن نسمع أو نقرأ أو نشاهد أن الإنسان يسلك سلوكاً يزعم به أنه من أهل العصمة، لا في الماضي ولا الحاضر ولا يمكن أن يكون في المستقبل، ولم نقرأ أو نسمع عن وجود ذلك الفارس العربي الذي يشبه الإله لا في الماضي ولا الحاضر ولا يمكن أن يكون في المستقبل.
ولكن حد تأكيده في المقابل سمعنا وقرأنا أنه كان هناك في الماضي بشاعات كثيرة وقتل وتدمير مثل: صفين وكربلاء وغيرها من المآسي التي ملأت الكتب والروايات التاريخية لاعتبار أصحابها، وما زال يتم بها جلد الأمة، مع أنها ليست في حاجة لاستحضارها.

وفي رده على سؤال أن مثل هكذا ما زال سارٍ، قال البروفيسور العسلي: هنا تمكن المشكلة ففي الوقت الحاضر ها نحن نسمع ونقرأ ونشاهد، أن هناك من يقتل أخاه العربي الإنسان من غير ذنب ومن غير سبب سوى التنازع على اهواء واطماع السلطة والحكم، فلا توجد حرمة لا للمساجد ولا إنسانية الإنسان، ولا البيوت ولا الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ – الكهول.

ونتيجة لذلك وفق العسلي: صار كل فريق يقتل ولا يتورع عن القتل واستباحة الاعراض وهتك الحرمات والدوس على كرامة الإنسان من أجل السلطة والحاكم، ولا يحد من القتل إلا قدرة القاتل على القتل.
وحد قوله الأبشع من ذلك أن يحدث كل هذا وذاك من القتل والتدمير والاستباحة والهتك للإنسان والكرامة والحرمات و.... إلخ، أن يدعي القائم بذلك زوراً وبهتاناً عظيما أنه ينفذ أمر الله ويعمل بشريعته، ويعمل لإرضاء الله وإنفاذ شريعته السمحة، وهنا يصدق في هؤلاء قوله تعالى في[سورة الأعراف: الآيات 28- 30] {وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)}.  

ونحن نقول ونجزم إن ذلك افتراء على الله الكذب، ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ۚ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) من الآية 91إلى 94.

وختم حديثه للجزء الأول بالقول رغم يقين القول بأن بريء مما يفعلون ويدعونه، إلا أنه يتم تضليل الأمة ودفعها بقبول هذا الفحش وهذا البغي وهذا الأفك والزور والبهتان العظيم، على أن ذلك عملاً لأوامر الله ونواهيه، وعلى أن ذلك من أجل الحياة الأخرة، ومن أجل الحفاظ على العادات والتقاليد الحسنة، ومن أجل ذلك ولصالح الأمة والشعب وكذلك لكون ذلك في حقيقة الأمر كاذب لا أصل له، فإننا في الحلقة القادمة من " العالم العربي والثقب الأسود.. الفساد السياسي"، سنقوم بتفنيد كل هذه الادعاءات الكاذبة واحدة تلو الأخرى.
والله من وراء القصد.
تنويه: تباعاً نواصل في الجزء الثاني من حديث البروفيسور سيف العسلي حول " العالم العربي والثقب الأسود.. الفساد السياسي" وادعاء الحكم لتنفيذ أوامر الله وشريعته، والذي خص به "صحيفة الرأي برس الإلكترونية".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص