- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
لم يكن قرارًا سهلًا على باكستان أن ترفض، وإن بلباقة، الطلب السعودي بالانضمام إلى التحالف الذي يقاتل الحوثيين في اليمن من خلال المشاركة بقطع بحرية وطائرات مقاتلة وقوات برية.
ولذلك تعمدت حكومة محمد نواز شريف أن تُظهر أنها غير حاسمة في موقفها من هذه القضية الجوهرية.
ونظرًا لأن باكستان شاركت في تحالف دولي لمحاربة الاتحاد السوفيتي في الثمانينات من القرن الماضي، وبعدها بعقد دعمت الولايات المتحدة للإطاحة بنظام طالبان في أفغانستان، فإنها قد خَبِرت بشكل واضح جدًّا أمرين اثنين: أولهما: أن إرسال القوات العسكرية إلى أي بلد يُعدُّ أسهل وأسرع من إخراجها من هناك، وثانيهما: أن النتائج غير المتوقعة للحروب في دول الجوار قد قوَّضت استقرار المجتمعات وأنشأت قوى عسكرية فاعلة من غير الدول من الصعب هزيمتها.
وبدا أن هذين الدرسيْن كان لهما تأثير ووزن في قرار كلٍّ من الجيش والحكومة بإحالة هذه القضية إلى البرلمان القومي.
علمًا بأن الحكومة من الناحية الدستورية تمتلك صلاحية اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية، غير أن السبب الذي دفعها لإحالة القضية إلى البرلمان تمثل برغبتها في أن تُظهِر لحلفائها الخليجيين عدم قدرتها على تحقيق إجماع لتلبية طلب الدعم العسكري.
كما أن افتقار الحكومة لدعم الجيش في هذه القضية، دفعها لاستخدام البرلمان كغطاء يُبرر رفضها الطلب السعودي.
دفعت جملة من الأسباب باكستان إلى أن تمتنع عن الانضمام إلى الحلف الذي تقوده السعودية في اليمن؛
أولها: أن القوات الباكستانية مشتتة حاليًا بين الجبهة الشرقية حيث تواجه الهند منافستها التقليدية، وبين حدودها الغربية مع أفغانستان حيث يقاتل الجيش حركة طالبان باكستان.
وثانيها: أنها تخشى انقسامات محلية خطيرة إذا ما انضمت إلى التحالف، وذلك على صعيد الفصائل الدينية ذات الميول الطائفية وعلى صعيد الأحزاب السياسية.
وأخيرًا، تخشى باكستان من إلحاق الضرر بمصالحها القومية إن هي انخرطت في صراعات الشرق الأوسط.
وفي الإجابة على الطلب السعودي، صرَّحت باكستان بأن أي تهديد "لسيادة ووحدة أراضي السعودية سيثير ردًّا قويًّا من باكستان"، وبهذا فإن إسلام أباد لم تتخذ موقفًا واضحًا وأبقت على موقف مبهم يحتمل كثيرًا من التفسيرات، أثار الكثير من الجدل في وسائل الإعلام وعلى منصة البرلمان القومي وبين الأحزاب السياسية ما ولَّد انطباعًا بأن المشهد المُسيطر يدعو إلى أن تتجنب باكستان دخول هذه الحرب. وبينما تُعير باكستان اهتمامًا للسعودية وتبدي مخاوفها حيال ما يحدث في اليمن وبقية الدول العربية التي تتنازعها الولاءات القبلية والطائفية والدينية، إلا أن التوجه العام في البلاد يرى أنه لا يتوجب على باكستان أن تقع في الشَّرَك نفسه وأن تنأى بنفسها بالتالي عن الصراع في المنطقة.
وفي سياق محاولة شرح هذه الورقة لأسباب تردد باكستان في تقديم العون للسعودية في اليمن، إضافة إلى الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بهذه الأزمة، لابد من التأكيد على مقدمة منطقية تقول: إن العديد من جولات الصراع في أفغانستان وتدخل باكستان المباشر وغير المباشر لأكثر من ثلاثة عقود أخذت تشكِّل واقعية جيوسياسية جديدة ترتكز على ثلاثة من التحولات؛ أولها: أن على باكستان أن تُسوِّي ما يهدد أمنها على الصعيد المحلي ممثلًا بالتطرف والطائفية والإرهاب، وثانيها: أن عليها أن تتبع سياسات سلمية في التعامل مع جيرانها- أفغانستان وإيران والهند، وأخيرًا: أن السلام والاستقرار والأمن على مستوى الإقليم سيفيد باكستان بقدر ما يمكن لغيابها أن يضرَّ بمصالحها.
الاعتماد المتبادل
يربط كلًا من باكستان والسعودية علاقاتٌ تعد من بين الأوثق على مستوى المنطقة، كما أنها علاقات دائمة ومتماسكة واختُبِرت على امتداد العقود الماضية؛ فباكستان تلقَّت مساعدات سخية من السعودية في كل وقت واجهت فيه الأولى أزمات اقتصادية خانقة أو ضغوطات خارجية.
وفي المقابل ردت باكستان هذه الخدمات عبر توسيع مساعداتها الأمنية للسعودية في مناسبات عديدة.
وعلاوة على العلاقة التي تجمع الدولتين، تحظى السعودية باحترام كبير وتبجيل على المستوى الشعبي في باكستان وفي أوساط المجموعات الحاكمة في البلاد حيث تستضيف السعودية الكتلة الأضخم من القوى العاملة الباكستانية في المنطقة، والتي ترسل كل عام حوالات مالية تقدر بمليارات الدولارات.
كما تُعزِّز المشاعر الدينية على المستوى الشعبي الأهداف المادية والاقتصادية لباكستان، وأضاف الدفء الشخصي بين قادة باكستان والسعودية بُعدًا اجتماعيًّا ومنح درجة جيدة من التأثير لحكام السعودية في البلاد. فالسعودية لم تتوسط فقط في عقد صفقة بين برويز مشرف الذي أضحى فيما بعد الحاكم العسكري للبلاد، وبين عائلة شريف من أجل إطلاق الأخير من السجن، ولكنها أيضًا استضافت أفراد عائلة شريف لما يقرب من عقدٍ من الزمان.
فضلًا عن أن الحكومة السعودية قدمت منحة ضخمة بقيمة 1.5 مليار دولار في عام 2014 لتثبيت الاقتصاد الباكستاني المتداعي في السنة الأولى العصيبة من حُكم رئيس الوزراء شريف.
وبناءً على كل هذه الأسباب، يذهب التقدير في باكستان إلى أن شريف قد أُجبر على نحو كبير على أن يقول: لا. حيث يبدو أنه قد خيَّب آمال حلفاء باكستان في الخليج بعدم اتخاذه لموقف واضح في دعمهم في اليمن.
إلا أن هناك العديد من الأعمال الأمنية التي تستطيع باكستان فعلها، وفي مقدمتها إرسال الأسلحة والذخائر التي تُصنِّعها باكستان، إضافةً إلى المستشارين والمدربين العسكريين.
ورغم أن الدعم الباكستاني يبدو محدودًا في الوقت الحالي، إلا أنه ربما يتوسع اعتمادًا على الطريقة التي سيتطور فيها الصراع في اليمن؛ ففي حال اختراق أية مجموعة مسلحة أو بلد لسيادة الأراضي السعودية فإن ذلك من شأنه أن يُقحِم باكستان بشكل مباشر في الصراع، غير أن هذا يبقى مرهونًا بتوافق كلٍّ من القيادة المدنية والعسكرية للبلاد.
وفي الوقت الحاضر، فإن كلتا القيادتين لا تريان تهديدًا مباشرًا للسعودية، ولا ترغب باكستان باستدراجها لصراع متعدد الأبعاد في اليمن يجمع بين عوامل قبلية وطائفية ودينية وإقليمية، لاسيما وأن اليمن في هذا النزاع يعد مسرحًا للتنافس الشديد بين إيران والسعودية، وهذه الحقيقة دفعت باكستان إلى الامتناع عن الانضمام إلى التحالف خشية التداعيات الخطيرة على نفسها وعلى المنطقة، خاصةً أن البلاد عانت مشاكل طائفية أضرَّت بها خلال العقدين الماضيين.
ومع ذلك، فإن الرأي الذي يحظى بالإجماع في باكستان يؤكد وجوب تقديم العون للسعودية عبر كل الوسائل المتاحة، ومن ضمنها إرسال قوات مقاتلة، في حال تعرض وحدة أراضي وأمن المملكة لأي تهديد ملموس أو مباشر من داخل أراضيها أو من أية قوى خارجية.
الآراء المتصارعة في باكستان
بدا واضحًا من خلال إحالة المسألة إلى البرلمان -الذي ناقش الوضع اليمني وطلب السعودية للعون العسكري- أن الحكومة أرادت أن تتمهل وأن لا تندفع باتخاذ قرار قد يفتقر إلى دعم الجيش أو الأحزاب السياسية الرئيسية.
لذلك أراد رئيس الوزراء أن يتبنى سياسة التريث والترقب تجاه الصراع في اليمن؛ حيث اعتقدت الحكومة بضرورة منح فرصة للجهود الدبلوماسية وللتنسيق مع تركيا، كما أنها ترغب من محادثاتها مع إيران ومن خلال تركيا أن تحث إيران على استخدام تأثيرها على الحوثيين، الذين يُزعم تلقيهم الدعم الإيراني، من أجل إقناعهم بالذهاب إلى طاولة المفاوضات.
وفي هذه المرحلة، تأمل باكستان أن تلعب دور صانع السلام المحايد مع تأكيدها على التزام قوي بأنها لن تترك السعودية وحدها في حال تجاوز الصراع في اليمن حدودها. ففي حال تجاوزت أي من المجموعات الحدود السعودية فإن باكستان سترسل قواتها بما يتناسب مع التهديد، ومن هنا، ينتفي وجود أي غموض بأن باكستان ستهب للدفاع عن السعودية في حال اختُرِقت حدودها.
وفي باكستان، يعتقد كل من الجيش والأحزاب السياسية، بصرف النظر عن هويتها السياسية، بوجوب المبادرة إلى بذل الجهود الدبلوماسية والسياسية من أجل احتواء الصراع في اليمن من أن يتفاقم داخل البلاد أو يتطور إلى حرب إقليمية، كما يرون أن تدخل باكستان في هذه المرحلة، وإن من خلال الدعم، وتعجلها في اتخاذ موقف بمساعدة القوات المسلحة السعودية في هجوم بري من شأنه أن يجلب نتائج سلبية تلقي بظلالها على إمكانية التوصل إلى حل سلمي. وإلى حدٍّ ما، فإن تدخل باكستان المباشر أو غير المباشر سيُربك الدبلوماسية الإقليمية وسينتج آثارًا من عدم الاستقرار في البلاد نظرًا للانقسامات بين المجموعات الدينية المتصارعة المرتبطة بكل من إيران والسعودية.
لم تخدم حكومة نواز شريف نفسها من خلال نقاش القضية في البرلمان، ولكنها أنتجت قرارًا يحظى بالإجماع خلاصته أن باكستان يجب أن تبقى "محايدة" في الصراع اليمني. وهي وجهة نظر سعى بعض أحزاب المعارضة للدفع باتجاهها، ويبدو أنها نجحت في ذلك، غير أن الحزب الحاكم تمكن من الحصول على تنازل بأن باكستان ستتخذ دورًا قياديًّا في الدفاع عن الأماكن المقدسة ووحدة الأراضي السعودية إذا ما تعرضت لأي تهديد.
ومن الناحية الدستورية فإن قرار البرلمان لا يقيِّد الحكومة نظرًا لأن السياسة الخارجية تندرج ضمن صلاحيات الجهاز السياسي التنفيذي-الحكومة، إلا أنه مع ذلك أسهم بإيصال التوجه العام للبرلمان وموقف الأحزاب السياسية إلى المعنيين.
كما أن الغموض الذي يتضمنه القرار سيسمح للحكومة أن تفسره لتبرير أي تغيير في سياستها. وفي حال قررت أن ترسل قوات برية إلى السعودية، وهو أمر غير مرجح، فسيكون سبب ذلك "تهديد" أمن المملكة السعودية و"اختراق" حدودها.
مخاطر التصعيد والاستجابة الباكستانية
في حال استمر التصعيد ولم تجد التسوية طريقها لحل الصراع في اليمن قريبًا، وتفاقمت الأوضاع في عدن لتتطور إلى معركة برية حاسمة، فسيكون لذلك تداعيات قاتمة على الإقليم، وهو الإدراك الذي دفع باكستان إلى التريث وعدم التعجل في الانخراط في الصراع.
ومن هنا، فإن استجابة باكستان للصراع في اليمن ومتطلبات التعاون الدفاعي مع المملكة السعودية ستخضع للتقويم بشكل متدرج وبما يتناسب مع وضع الصراع.
وفي هذه المرحلة الأولية، ستكتفي باكستان بإرسال معدات القتال والمستشارين بدلًا من إرسال القوات أو المشاركة المباشرة في الحرب. وبالنسبة للسعودية، تُعدُّ هذه الحرب الأصعب والتي يمكن لها أن تهددها بشكل مباشر إذا ما تمكَّنت القوات المعادية من حُكْم اليمن.
ورغم أن السعودية لديها الموارد والإرادة؛ فضلًا عن دعم شركائها في التحالف العربي لمنع ذلك من أن يحدث، فإنها تريد من باكستان أن تكون جزءًا من هذا التحالف الآن وليس لاحقًا، لذلك فإن امتناع باكستان عن إرسال قواتها الآن، يمكن أن يكون له آثار خطيرة على علاقات باكستان مع السعودية ودول الخليج.
خلاصة
كشفت حرب اليمن عن أكثر الاختبارات صعوبة لسياسة باكستان في الشرق الأوسط؛ حيث إن الموازنة بين العلاقات بين كل من السعودية وإيران لا يُعد خيارًا سهلًا لباكستان. وتكمن صعوبة ذلك في الانقسامات الدينية والسياسية في البلاد وأولوية الجيش في ما يُسمى "محاربة الإرهاب".
وفي ذلك فإن "الحياد" ليس نهاية المطاف؛ إذ من المتوقع أن تغير باكستان موقفها إذا ما تطور الصراع في اليمن ليهدد السعودية بشكل مباشر وإذا لم تفعل ذلك، فإنها تخاطر بخسارة الكثير.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر