- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
دشنت المملكة العربية السعودية تحالفًا عربيًّا وإسلاميًّا أعلنت من خلاله انطلاق عملية "عاصفة الحزم" ضد المتمردين الحوثيين في اليمن وحلفائهم؛ وذلك لاستعادة الشرعية الدستورية والسياسية في البلاد، والتي تتمثل بالرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته.
ففي ساعةٍ مبكرةٍ من فجر يوم الخميس الموافق 26 من مارس/آذار 2015، أعلن عادل الجبير، سفير المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية من واشنطن عن بدء عملية "عاصفة الحزم"، بقيادة السعودية ومشاركة عدد من الدول الخليجية والإقليمية، وذلك بناءً على طلبٍ مباشرٍ من عبد ربه منصور هادي الرئيس الشرعي لليمن، الذي ناشد دول الخليج "بتقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة؛ لحماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران" ، وذلك كما جاء في الرسالة التي أرسلها للقيادات الخليجية.
ويأتي نجاح المملكة العربية السعودية في تشكيل تحالف عسكري "عشري" خلال فترة زمنية قياسية، كمؤشرٍ على أن الرياض في عهد الملك سلمان تسعى لأن تستعيد مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة تحفظ معادلة التوازن في المنطقة، وذلك بعد أن حُسم أمر دخول جيل أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز إلى منظومة الحكم، وتم بالفعل تطعيم القيادة السعودية بوجوه شابة، كان أبرز ممثليها "المحمدَيْن": الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد ووزير الداخلية، والأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي.
وقد أثارت "عاصفة الحزم" عددًا من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه العملية حربًا دفاعية أم هجومية، وما هية الأسباب المفسرة لمشاركة دول الخليج فيها باستثناء سلطنة عُمان، ونوعية الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها هذه العملية العسكرية، فضلًا عما أُثير بشأن الموقف الإيراني منها، والسيناريوهات المحتملة لمسار العمل العسكري والسياسي خلال الفترة المقبلة.
عليه، تسعى هذه الورقة إلى تقديم قراءة تحليلية في سياق وبواعث ومشروعية العملية العسكرية التي أُطلق عليها اسم "عاصفة الحزم"، والأهداف المرجوّ تحقيقها، ومن ثَمَّ سيتوقف الباحث عند قراءة مواقف الدول الخليجية من هذه العملية وصولًا إلى مساراتها المستقبلية.
"عاصفة الحزم": ضرورة دفاعية أم حرب استباقية؟
بعد استيلاء جماعة الحوثي على مفاصل الدولة اليمنية وإسقاط العاصمة صنعاء في قبضتهم وإعلانهم الدستوري في 6 من فبراير/شباط 2015 الذي يُعدّ انقلابًا على الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي ، ومحاولاتهم المتكررة الإطاحة بمدينة عدن "الرئة الجنوبية لليمن" التي انتقل إليها الرئيس هادي وعدد من معاونيه ووزرائه في 20 من فبراير/شباط 2015، وكذلك سعيهم الدؤوب إلى السيطرة على مضيق باب المندب المطل على البحر الأحمر، والذي يعدّ منفذ السفن الرئيس التي تعبر إلى ميناء العقبة في الأردن وقناة السويس في مصر، قام الرئيس الشرعي للبلاد وبشكلٍ رسمي بطلب جميع أنواع التدخل من دول الخليج بما فيها التدخل العسكري، وذلك بعد أن عجز المجتمع الدولي ممثلًا بهيئاته الدولية وعلى رأسها "منظمة الأمم المتحدة"، والمنظمات الإقليمية بما فيها مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، في إيجاد مخرج سلمي للأزمة اليمنية .
لم تنجح دول الخليج العربية قبل إعلان قوات التحالف بدء العمليات العسكرية في استصدار قرارٍ من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بشأن اليمن في منتصف شهر فبراير/شباط 2015؛ وذلك لفرض عقوبات على الجهة التي تعرقل عملية الانتقال السياسي في اليمن، ما سيقود بالتالي إلى إمكانية استخدام القوة العسكرية -في ظل الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة- ضد الاستيلاء غير الشرعي للحوثيين وحلفائهم على السلطة في اليمن.
ويبدو أن ما عجّل في تحديد ساعة الصفر من قِبل قيادة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية للبدء في عملية "عاصفة الحزم" هو المناورات العسكرية التي أجراها الحوثيون قبل أسبوعين من إطلاق "عاصفة الحزم" لعملياتها، وذلك بالقرب من الحدود الجنوبية للسعودية، والتي استخدموا فيها الذخيرة الحية والأسلحة المتوسطة والثقيلة (4)؛ ما جعل السعوديين يستشعرون خطر تهديد مباشر لأمن بلدهم وأمن جيرانه في منظومة مجلس التعاون الخليجي.
عليه، فقد كانت العملية العسكرية -بحسب حكومات دول التحالف- ضرورةً لابدّ منها؛ للحفاظ على الأمن القومي والإقليمي، بعد أن استشعرت تلك الدول خطرًا محدقًا بأمنها، لاسيما أن هناك سابقة؛ فقد هاجمت جماعة الحوثي الأراضي السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2009 (5). وبالتالي، يمكن اعتبار عملية "عاصفة الحزم" بمثابة حرب استباقية؛ تحسبًا من تكرار عدوان جماعة الحوثي على الأراضي السعودية قبل ستة أعوام.
تجدر الإشارة هنا إلى أن "عاصفة الحزم" أتت قبل أيامٍ قليلة من الموعد المتوقع (نهاية مارس/آذار الماضي) لتوقيع اتفاقية إطارية مهمة بين دول مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا) من جهة وإيران من جهة أخرى، بخصوص ملف طهران النووي. كما تزامنت هذه العملية أيضًا مع موعد الاجتماع الوزاري للدول العربية، والذي سبق اجتماع القادة العرب في قمتهم العادية التي عقدت في شرم الشيخ المصرية. وعليه، يمكن ربط تحديد موعد بدء العملية العسكرية في اليمن بهذين الحدثين، وذلك في إطار إمكانية التأثير على طبيعة المخرجات التي ستنتج عن تلك الاجتماعات.
عمل مشروع أم تدخل خارجي؟
رافق الإعلان عن بدء العمليات العسكرية من قِبل تحالف مجموعة من الدول العربية والإسلامية ضد جماعة الحوثي وحلفائها في اليمن، جدلٌ حول مدى مشروعية هذه الحرب.
فقد اعتبر الفريق المناهض لهذه العملية أنها "حرب هجومية" وتدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؛ بل ذهب البعض إلى أكثر من ذلك مستشهدًا بمواد دساتير بعض الدول الخليجية التي تحرّم الحرب الهجومية، وتنص على أن مبادئ سياستها الخارجية تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
غير أن دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج التي تشارك في التحالف، تعتبر أن "عاصفة الحزم" هي بمثابة حرب دفاعية؛ نظرًا لأن العواصم الخليجية ترى أن زعزعة الأمن في اليمن من خلال الانقلاب على الشرعية التي رسّختها المبادرة الخليجية في العام 2011، وتهديد جماعة الحوثي لاستقرار الأمن الوطني، سيؤثر دون أدنى شك على تهديد أمن دول الجوار، وبالتالي على الأمن والسلم الدوليين .
عليه، فقد استمدت قوات التحالف -وفقًا للقراءة الأولية للأحداث- مشروعية إعلان حربها على جماعة الحوثي من خلال أربعة مصادر قانونية على الأقل، هي:
المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة"، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالًا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورًا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال، فيما للمجلس -بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق- من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه".
معاهدة الدفاع العربي المشترك، حيث أنشأت جامعة الدول العربية في 13 من إبريل/نيسان عام 1950 معاهدة الدفاع المشترك، التي انضمت إليها جميع الدول العربية التي استقلت بعد الحرب العالمية الثانية. ووفقًا لهذه المعاهدة، تلتزم جميع الدول العربية بمساعدة أي دولة عضو تتعرض لتهديد أو اعتداء بجميع الوسائل، بما فيها الوسائل العسكرية.
الاستراتيجية الدفاعية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث أقرت قمة مجلس التعاون الخليجي في دورتها الثلاثين التي عقدت بالكويت في 15 من ديسمبر/كانون الأول 2009 الاستراتيجية الدفاعية التي كانت قد حظيت بموافقة رؤساء الأركان ووزراء الدفاع الخليجيين، مما شكّل نقلة نوعية في التعاون الدفاعي المشترك بين دول منظومة مجلس التعاون الخليجي، وترسيخ مفهوم بناء القوة الذاتية.
الطلب الرسمي الذي تقدّم به الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي في الرسالة التي وجّهها لقادة دول الخليج العربية، "بتقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة بما في ذلك التدخل العسكري؛ لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي، وردع الهجوم المتوقع حدوثه في أي ساعة على مدينة عدن" (11).
ينبغي أيضًا أن لا نغفل في هذا السياق، أن دول الخليج باستثناء سلطنة عُمان، وبعد أن أعلنت عن بدء العمليات العسكرية، لا تزال تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن والسلم الدوليين (12)، وذلك بعد أن أبلغت هذه الدول مجلس الأمن بالخطوات التي اتخذتها استنادًا لحقها في الدفاع عن النفس، وفقًا لنص المادة 51 من ميثاق المنظمة الدولية.
أهداف عملية "عاصفة الحزم"
يمكن لمراقب الأحداث المتسارعة في جنوب شبه الجزيرة العربية أن يصل إلى نتيجةٍ مفادها أن الأهداف التي أُريد تحقيقها من عملية "عاصفة الحزم" تتمثل في التالي:
ردع إيران كقوة إقليمية ومنعها من بسط هيمنتها على اليمن؛ من أجل جعلها منصة لنفوذها انطلاقًا من جنوب شبه الجزيرة العربية، لاسيما بعد أن نجحت طهران في التغلغل في دولٍ عربية أخرى بشكل مباشر كما في العراق وسوريا، وغير مباشر من خلال حلفائها في لبنان.
وقف تمدد جماعة الحوثي في أنحاء اليمن، ومنعها من الاستيلاء على "مدينة عدن" التي أصبحت تُسيّر منها أعمال الحكومة الشرعية بعد انتقال الرئيس هادي وعدد من أعضاء حكومته إليها، وعلى "باب المندب" الذي يعتبر بمثابة شريان الحياة لكلٍّ من ميناء العقبة الأردني وقناة السويس المصرية.
إعادة الشرعية إلى مؤسسات الدولة اليمنية التي استولى عليها الحوثي بعد اعتماده الإعلان الدستوري الذي يُعدّ بمثابة انقلاب على الشرعية في البلاد.
إجبار جماعة الحوثي على العودة إلى طاولة الحوار، وفق المبادئ التي اتفق عليها الفُرقاء اليمنيون في المبادرة الخليجية التي وقّعت في الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
مواقف دول مجلس التعاون الخليجي من "عاصفة الحزم"
أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي -باستثناء سلطنة عُمان- عن مشاركتها في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في حربها ضد جماعة الحوثي وحلفائها باليمن، فيما بات يُعرف بعملية "عاصفة الحزم".
وباغتت قوات التحالف جماعة الحوثي وحلفائها عند الإعلان عن بدء العمليات العسكرية في اليمن، في الوقت نفسه كان عنصر المفاجأة مرافقًا لهذه العملية، لاسيما لإيران التي كانت منشغلةً حينها في مفاوضات ملفها النووي مع مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، حيث كانت طهران قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاق إطاري مع الغرب في لوزان السويسرية.
في المقابل، لم يكن الرد الإيراني مزلزلًا ولا متسرعًا، بل على العكس من ذلك كان هادئًا وداعيًا إلى وقف العمليات العسكرية والعودة إلى طاولة المفاوضات، وبدا وكأنّ طهران تترك حليفها الحوثي يواجه مصيره في هذه المعركة تحت القصف الجوي لقوات التحالف، ثم أتت بعد ذلك دعوة إيران سلطنة عُمان للعب دور الوسيط في هذه الأزمة.
والسؤال المحوري هنا: كيف يمكن لإيران أن تردّ في حال لم تستجب قوات التحالف لدعواتها؟
وهنا يمكن وضع السيناريوهين التاليين:
إمَّا أن تسعى طهران إلى التحرك من خلال جبهات بعيدة من اليمن، وذلك بتحريك النعرات الطائفية في أماكن مختلفة، لاسيما في بعض دول الخليج التي يشكل فيها المكوّن الشيعي أحد عناصر المجتمع، كما في البحرين والكويت والسعودية.
وإمَّا أن تتحرك إيران من خلال طرف آخر كبعض الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، لاسيما روسيا والصين، وكلاهما عضوان دائمان في مجلس الأمن، وتربطهما بطهران علاقات وثيقة.
وهذا ما يمكن رصد بوادره من خلال مسودة القرار التي تقدمت بها روسيا إلى مجلس الأمن مؤخرًا بالتوازي مع مقترح القرار الذي تقدمت به الدول الخليجية الخمس المشاركة في التحالف العشري(20).
من جهة أخرى، يُستبعد في هذه المرحلة أن تقوم قوات التحالف بتدخل بري مباشر على الأرض لحسم المعركة ضد الحوثي وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح؛ ولكن قد تقوم بهذه الخطوة إذا ما استشعرت خطر سقوط مدينة عدن في قبضة الحوثي، أو إمكانية استيلائه على الموانئ البحرية المطلة على بحر العرب وعلى مضيق باب المندب، الذي يعتبر بمثابة أحد أهم الممرات المائية في العالم.
غير أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن قوات التحالف تسعى إلى تقديم الدعم اللوجستي وتسليح لجان المقاومة الشعبية والقبائل المناوئة للحوثي وللرئيس المخلوع علي عبد الله صالح؛ وذلك من أجل التسريع في حسم المعركة على الأرض. وبذلك قد يكون هذا هو الخيار الأكثر براغماتيةً، والأقل تكلفةً لقوات التحالف.
بينما يجب عدم إغفال التساؤل الذي يطرحه العديد من القوى السياسية في اليمن، وهو: هل سيكون الرئيس عبد ربه منصور هادي هو "رجل المرحلة" الذي يمكن دعمه والمراهنة عليه من قِبل المجتمع الدولي بعد "عاصفة الحزم"؟
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر