السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
يكافحن ذل الفقر ببيع الملوج والقات وأعمال شاقة لإعالة أسرهن.. نساء ماجدات في مهنة الشرف والكرامة
قوامات على الرجال
الساعة 17:00 (الرأي برس - خاص - محمد حفيظ)

 

     هي المرأة اليمنية الفقيرة العاملة والمكافحة من اجل العيش بكرامة في زمن ضاعت الكرامة فيه من الكثير نصادفها في أزقة وشوارع وأسواق جل المدن اليمنية، فمنهن المطلقة والأرملة، والأم.وجميعهن يمثلن نموذج المرأة اليمنية المكافحة وجميعهن دفعتهن الحاجة لستر الحال وخشية التسول بالشوارع والجولات وخوفا على تشتت الأسرة وضياعها بين مطلب يومي وشابة ليس لها معيل ولا حارس ومرب.

خروج المرأة من بيتها للعمل في مهن كانت حكرا على الرجال وأعمال شاقة مثيل يسرى بائعة الصحف التي تمارس مهنتها أمام إشارة المرور دون أن تأبه بلهيب الشمس طوال النهار في شوارع عدن وآمنة بائعة القات في سوق تعز ومثيل خديجة صانعة الخبز والملوج للبيع في شوارع صنعاء .

وأمثالهن من النساء العاملات بمهن أخرى ماهي إلا حالة من حالات الكفاح الذي تخوضه بعض النساء اليمنيات بقصد محاربة شبح الجوع والفقر، إضافة إلى أنها تعمل لتحرير أفراد الأسرة من ذل الاحتياج إلى الغير في ظل حالات غياب الرجل العائل للأسرة (رب الأسرة) أو تخليه في ظل وجوده عن ممارسة دوره تجاه أسرته، وأحياناً نادرة قد يكون الرجل موجوداً وعاملاً فتبادر المرأة للعمل إلى جانب زوجها أو أخيها وأبيها لمساعدته على تحمل أعباء الحياة الثقيلة في هذا الزمن.

نساء ماجدات

هذه المرأة قصة نضال حقيقي، تكسب ود زبائنها بتعاملها الطيب وكلامها الجذاب المحتشم. فمن أين ستطعم أيتامها ومن أين تجد لهم ضروريات الحياة من مأكل وملبس وتدريس صغارها، ولأنها ذات عزة نفس لم تنكسر ولم تلتجئ إلى احد.

 رضيت بالقدر ثم شمرت عن ساعدها و استجمعت قوتها واعدت عدتها من اليوم الأول لوفاة معيلها نحو إعداد الخبز والملوج في بيتها القريب من السوق للبيع والكسب الحلال.بهيجة امرأة تكد وتسعى طول النهار وحينا من الليل في حي مذبح من اجل أيتامها، امرأة مكافحة ترملت في شبابها وتولت المسؤولية دون ضيق أو ألم، رغم ضيق ذات اليد .

هذه بهيجة امرأة لازالت في ريعان شبابها رحل عنها الزوج إلى حيث سنرحل جميعا، فوجدت نفسها هكذا على حين غرة تحمل مسؤولية الحياة وأعبائها الجبارة التي أتعبت الرجال فكيف بالنساء، ترملت منذ ستة أعوام ارتضت العمل في سوق مذبح رغم ما يحفه من مشاكل حسب قولها، وتنتشر الكثير من بائعات الخبز خاصة في الآونة الأخيرة أمام المطاعم الشعبية وأمام مطاعم السلتة خاصة في صنعاء.

سعدية، أرملة وأم لخمسة أبناء أمضت 14سنة في بيع الخبز من دون تقاعد، كيف لها أن تتقاعد عن العمل وهي أم لخمسة أبناء لازالوا يتابعون دراستهم، توفى الزوج ولم يترك لها من حطام الدنيا أي شيء وليس لها من مصدر للعيش غير ما تربح من ريالات عجين الخبز البلدي.

 تعيش هذه المرأة رفقة أبنائها وبناتها الثلاث في بيت إيجار قريب من مطعم السلتة الذي تبيع على بابه الخبز، ورغم لهيب حرارة الشمس بالشارع إلا أن ما يثلج صدرها، حسب قوله، هو أن هذه الحرفة توفر لها العيش الحلال، وكانت قد عملت بكل المهن الشريفة من أجل لقمة العيش باعت بيض الدجاج، والخضر وباعت بعض السلع في السوق والشوارع واشتغلت خادمة بيوت.فلقمة العيش باتت صعبة في هذا الزمن فعليك أن تعيل نفسك قبل أن يلعنك الناس هذا ما ختمت به الكلام .

بيع الملوج

مهنة نسائية ونموذج آخر لكفاح نساء كثيرات، وحرفة اقتضتها ظروف الحياة وتعيش على عائداتها المئات من الأسر الفقيرة في عدد من المحافظات، إنها مشاريع اقتصادية صغيرة لا تمولها الحكومة، ولا تقدم لها البنوك قروضاً، بل تنفذها نساء يمنيات ناجحات في محاولة إيجابية منهن لمكافحة الفقر ومجابهة الحاجة.

بائعة الخبز هي من ضمن عشرات النساء العاملات في مختلف المهن من مقوتة وبائعة ملوج وخضروات وبخور وبيض ولبان وأخريات في بيع السمن والحناء وأدوات الزينة النسائية،  مثل الحمحم والشذاب وغيرها من المهن وفي مختلف المحافظات والأسواق الشعبية.

كل واحدة لها قصتها وقضيتها التي أخرجتها من حياتها الآمنة الدافئة إلى متاهات الكسب الحلال في الشوارع وأمام المطاعم والأسواق.تكافح بلا توقف أو هوان شظف العيش بل إن راحتها جنيها لمال تعيل به أسرتها وتربي أبناءها وتعلمهم وتعيل أسرتها كما يعيلها الرجال.

وكما أوضحت دراسة أجريت عن المرأة في اليمن أن نسبة العائلات التي تعولها المرأة اليمنية تبلغ 11.7%مقابل 88.3%يعولها الرجل ووصلت مساهمة المرأة اليمنية في القوة العاملة إلى 22% و85%منها من الريف مقابل 15% من الحضر.

ملكة القات

كذلك المهن التي كانت حكرا على الرجال لأنها شاقة ومتعبة وحالكة لا يمكن أن تكون إلا للرجال فقط لما لها من مراوغات ومهاترات كمهنة بيع القات بينما حاليا لو مررت إلى أقرب الأسواق لوجدت الكثير من النساء في هذه المهنة فقط بحثنا فوجدناها  هكذا بسهولة، آمنة الصبرية تعمل معنا في سوق القات هي امرأة تقول أنها من صبر هكذا دلني عليها أصدقاء يعملون في سوق القات بمفرق حبيش إب.

 حيث تحرص آمنة الصبرية على أن تكون عند الساعة الخامسة فجرا يوميا قادمة من تعز في رصيف هذا السوق، ملكة القات كان يناديها مزارعو القات المكتظين حولها، تقول آمنة (رافضة تصويرها):

اشتري القات من هنا من المزارعين ثم أبيعه في سوق بير باشا وسط تعز وآمنة التي ترتدي الزي الشعبي لصبر المألوف ذلك النوع الجميل (قميص العريض ذو الأكمام المهدرجة تقول حياتنا كانت صعبة ولقمة العيش لم نجدها في كثير من الأوقات فقررت أن (اطلب الله على نفسي وأسرتي) ولم أجد خياراً سوى العمل وهذه مهنة مشرفة وإن كانت شاقة إلا أنها أفضل من التسول في الشوارع وانتظار إعانات الآخرين.

 وأوضحت قائلة: قد بدأت عملي بصنع وبيع الجبن البلدي لكن دون فائدة (مافيش ربح)تقول خطر على بالي قبل 10 سنوات بيع القات مثل قريناتي من ذات القرية وشجعني الأهل على هذا العمل والآن تحسنت المعيشة لنعيل أنفسنا، وتضيف آمنة التي لم تتعلم (أن العمل هذا بات مريحاً أفضل من البداية التي كانت صعبة جدا) وأكدت الملكة (لا يمكنني التخلي عن العمل لأنه قوتنا وإلا سنموت جوعاً) فهذا العمل يعيل أسرتي كاملة المكونة من أب وأم وأخوين مريضين وأختين.

وأشارت آمنة بأصبعها إلى هناك (هذه إحدى أخواتي تساعدني في البيع والشراء) وتقر آمنة أن المجتمع بأسره غير متقبل لما تقوم به النساء والنظرة لنا سيئة من وجهت نظر الكثير لكن ظروفنا (أيش نعمل حتى لو نطلب ماحد با يشبعنا) وما نشتي نخرج نتبهذل بالشوارع إلا الحاجة.. مثيلات آمنة كثيرات في اليمن عاملات في بيع القات في كل أرجاء البلاد تتعب لتريح بالها وتشبع أبناءها ولتعيش بكرامة رغم قساوة العمل ومتاعبه.

كسب قليل ورأس مرفوع

خديجة أرملة أخرى  تبيع الخبز منذ ست سنوات تحضر ابنتها الخبز في المنزل القريب منها ويأتي محمد ابنها بالخبز من البيت إلى أمه لتقوم الأم بالترويج والبيع في آن بعقل مكتمل و ناضج كنضوج أقراص الملوج التي بين يديها بما تعنيه الكرامة والعيش الكريم و تحمل أسرة وتربية أطفال، خسرت خديجة صحتها بعد أن نهشتها لسعات البرد والوقوف لساعات متواصلة أمام المطعم الشعبي وسط التحرير بصنعاء لكنها في المقابل تعلن مبتسمة ربحت ما هو أهم لاستمرار حياتي، إنهم أولادي وتقول: ربيت أولادي أحسن تربية وأجاهد في تعليمهم، وتضيف الخبز نعمة من الله، أبيعه ورغم إني اكسب القليل فان رأسي مرفوع.

خديجة من النساء اللاتي لم ترمِ بهن أوضاعهن الاجتماعية في أوحال الرذيلة، جميعهن مقتنعات أنَ الفقر وإن كاد يكون كفراً لن يدفعهن إلى بيع أعراضهن، ومنذ نزولهن إلى الشارع وهن يتشبعن بفكرة أن الحرة تجوع ولا تأكل من ثدييها..

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً