الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
ذكرى الكرامة تتجدد.. وعدالة مفقودة
الساعة 20:09 (الرأي برس - المصدر اونلاين)

 

       توافق اليوم الذكرى الرابعة لمجزرة «جمعة الكرامة» التي ارتكبها مسلحون يتبعون الرئيس السابق علي عبدالله صالح بحق متظاهرين سلميين كانوا يحتشدون في فعاليات يومية في ساحة التغيير بصنعاء لإسقاط نظامه الذي حكم البلاد 33 عاماً.

  أدت المذبحة التي ارتكبت بعد صلاة الجمعة يوم 18 مارس 2011 إلى مقتل 51 متظاهراً على الفور، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة المئات برصاص القناصة الذين اعتلوا أسطح بنايات تقع في جنوب الساحة وصوبوا نيران أسلحتهم تجاه رؤوس وصدور المتظاهرين.  

وحتى اليوم، ما يزال مرتكبو المجزرة طلقاء، وأهالي الضحايا يطالبون بتحقيق العدالة، فيما أخفقت الحكومات المتعاقبة منذ 2011 إلى الآن والنيابة العامة في تقديم المتهمين الرئيسين للمحاكمة.  

ذكرى في زمن المليشيا تأتي الذكرى الرابعة واليمن تشهد حالة "انهيار مريع" على صعيد الحقوق والحريات عقب انقلاب الحوثيين على العملية السياسية في 21 سبتمبر من العام الماضي، بعد اجتياح صنعاء وصولاً إلى إحكام السيطرة على دار الرئاسة ومحاصرة الرئيس والوزراء في منازلهم.  

وأغلق مسلحو الحوثي، أمس الثلاثاء، الطرق والمنافذ المؤدية لساحة الجامعة، أو ما باتت تعرف بـ«ساحة التغيير» وسط صنعاء، وانتشروا بكثافة فيها وفي الشوارع المجاورة لها، تزامناً مع دعوة تبناها شباب الثورة السلمية إلى إقامة فعالية ثورية إحياءً للذكرى الرابعة لمجزرة جمعة الكرامة.  

اعتاد ثوار فبراير في السنوات الماضية على إقامة فعاليات جماهيرية ومهرجانات خطابية ومسيرات تعكس أهمية ذلك اليوم في تاريخ اليمن، كنقطة تحول في مسار الثورة ضد نظام صالح، رغم غياب العدالة، لكن تلك الفعاليات هذا العام بدت خافتة، تبعاً لفرض ميليشيات الحوثي هيمنتها على أجزاء كثيرة من البلاد، بما فيها صنعاء، والاعتداءات التي يمارسها مسلحوها على المحتجين، فضلاً عن تعرض كثيرين من قيادات الثورة للتضييق والاستهداف من قبلهم ما دفعهم إلى المغادرة خارج البلاد.   كان شارع الستين في العاصمة صنعاء يشهد في الأعوام السابقة زخماً جماهيرياً كبيراً وفاءً لشهداء الكرامة، وجميع شهداء ثورة فبراير، لكنه بدا هذا العام خالياً، ومحتكراً على فعاليات الحوثيين.  

مجلس "شباب الثورة" لم يهتم بالذكرى وتركها تمر مر الكرام، ولم يبقَ للشهداء والجرحى سوى طلاب جامعة صنعاء يحيون ذكراهم ويساندوهم ويطالبون بتقديم القتلة للعدالة.  

وأمس، نفذ المئات من طلاب جامعة صنعاء سلسلة بشرية  داخل حرم الجامعة، كما قاموا بمسيرة جابت العديد من الكليات إحياءً للذكرى الرابعة لجمعة الكرامة والمطالبة بسرعة محاكمة القتلة.  

ورفع الطلاب خلالها صوراً لشُهداء الكرامة وهتفوا بشعارات طالبوا من خلالها بسُرعة تنفيذ العدالة ورفع الحصانة عن قاتليهم ومحاكمتهم.   وطالب المحتجون بخروج مليشيات الحوثي المسلحة من الحرم الجامعي ومن المُدن اليمنية ومؤسسات الدولة متهمين الحوثي بالتحالف مع الرئيس السابق علي صالح لتمييع القضية.  

وفي سياق الممارسات الاستفزازية المألوفة للحوثيين في مواجهة المحتجين، نظ 'م عدد من المنتمين لجماعة الحوثي مسيرة داخل الحرم الجامعي محاطة بالأطقم العسكرية والمسلحين، فيما كان أفراد ميليشياتهم يستفزون الطلاب المتظاهرين بالمرور أمامهم بالأطقم المسلحة خلال تنفيذ وقفتهم.    وكان مسلحو الحوثي استبقوا ذلك بإغلاق البوابة الشرقية للجامعة التي كان من المفترض أن تبدأ السلسلة البشرية منها، وقاموا بتشديدات أمنية على المداخل المؤدية للجامعة.  

واكتفى العديد من الناشطين بإقامة معرض صور لشهداء مجزرة جمعة الكرامة في صالة فندق صحاري صنعاء القريب من الساحة.  

جمعة الكرامة .. محطة فارقة في مسيرة الثورة وتمثل جمعة الكرامة محطة فارقة في الثورة الشبابية الشعبية السلمية بعد أن هزت بشاعتها وجدان اليمنيين والضمير العالمي، لتشك 'ل نقطة تحول تاريخية بعد إراقة دماء الشهداء بطريقة وحشية تبعا للأفراد في الاعتداء الذي خلف عشرات القتلى من مختلف المحافظات، ومئات الجرحى ومن بينهم الطفل سليم الحرازي الذي فقد بصره جراء اختراق رصاصة قناص مقدمة رأسه.  

جاءت المبادرة الخليجية، بعد ذلك اليوم المشهود، بطلب من نظام صالح لإخراجه من تبعات المجزرة، لتبدأ رسم ملامح انتقال السلطة من الرئيس السابق، الذي اشترط تضمينها بنداً يقضي بتحصينه وأركان حُكمه من الملاحقة القضائية على جرائم حكمه مقابل التنازل عن السلطة.  

ورغم أن المبادرة نصت على أن يتم سن ' قانون "العدالة الانتقالية"، والذي يعتبر روحه الإنصاف للضحايا، وتعويض المتضررين، وإدانة الجرائم، تمهيداً للمصالحة الوطنية الشاملة.  

ولاقى قانون العدالة الانتقالية الذي أعد 'ته وزارة الشؤون القانونية في حكومة باسندوة مُعارضة حالت دون تمريره في قاعة البرلمان في جلسات متعددة. وينتظر أسر الضحايا انصافهم؛ حيث لا تزال "جريمة الكرامة" مفتوحة، ولم تبدأ إجراءات التقاضي فيها حتى اللحظة.  

الجريمة دون عقاب

وقال بيان صادر عن المنسقية العليا لشباب الثورة "إن ما يدعو للحزن أن تأتي الذكرى الرابعة لهذا اليوم المشئوم والجُناة والقتلة يسرحون ويمرحون في أملاكهم المنهوبة من خيرات الوطن ومقدراته بل ويعملون الفساد والفتنة بين أبنائه وينهبون مؤسساته ويفتكون بالشرفاء الذين قالوا لا لآلة القمع في لحظة خرج فيه صالح ونظامه عن كل معاني الإنسانية والقيم الدينية والاجتماعية فيما يظل شباب الثورة الأبرياء في المعتقلات والسجون.    

وأكد شباب الثورة استمرارهم في النضال حتى تخضع رقاب الجناة وأيديهم لمنصة العدالة، عم 'ا قريب ولن يطول بها الأمد لتستكمل ما تبقى من أحلام اليمنيين وكرامتهم".    

وأضاف البيان: "نعزي بكل حزن وأسف أسر كل الشهداء، ونواسي أسر المصابين في يوم الكرامة الأسود ونجدد لهم العهد بأن دماء أبنائهم هي دماؤنا، ولن يظفر القتلة والمجرمون بقتل اليمن مرتين؛ مرة بقتل خيرة شبابه ومرة بقتل حلمهم للحرية والكرامة والتغيير".   وقال شباب الثورة "إن الحشد الجماهيري والشعبي الثوري بعد جمعة الكرامة سيماثله حشد ثوري واجتماعي سيجتث قوى الفساد وتحالفاتها من جذورها وسيُؤسس لمرحلة سياسية جديدة لا يسود فيها غير القانون ولا يتحاكم بها إلا إلى الديمقراطية والمدنية.  

تخو'ف من اندلاع مصادمات من جهة أخرى، هناك تخو ف من اندلاع مصادمات بذكرى "جمعة الكرامة" بين شباب الثورة والقوى المناوئة لجماعة الحوثي المسلحة، وبين مسلحيها المتحالفين مع الرئيس السابق.  

ويعتزم الثوار تنظيم مسيرة مليونية في صنعاء إحياءً لتلك المناسبة وتعبيراً عن رفض الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي وانقلابها على الشرعية وسيطرتها على المؤسسات بقوة السلاح، واعتداءاتها على الناشطين.  

ونوه منظمون للتظاهرة المرتقبة أنها سترفع شعارات مطالبة باستعادة مؤسسات الدولة وإخراج ميليشيات الحوثي من العاصمة وكافة المُدن التي سيطرت عليها.  

مسيرة مضنية بحثاً عن العدالة وأياً تكن المبررات السياسية، فإن الإخراج الذي جرى على ضوئه الإفراج عن المتهمين أو إخفائهم بدا هزيلاً وصادماً، إذ من المعروف أن شباب الثورة قدموا العديد من الشهداء ليتمكنوا من اعتقال عددٍ من المتهمين، نُشرت نصوص التحقيقات مع بعضهم في وسائل الإعلام.  

وبين الاتفاقات السياسية والوضع الذي وصل إليه اليمن، بعد اربعة أعوام من الثورة، يبحث أهالي وذوو الشهداء عن العدالة وعن مصير المتهمين الطلقاء.  

ويبدو أن على اليمنيين أن يقطعوا المزيد من الأشواط قبل الوصول إلى دولة تحقق العدالة لأحيائها وأمواتها، وتحقيق أهداف الثورة التي ضحى أولئك بدمائهم من أجل مستقبل ينعم فيه أبناء وطنهم بالكرامة في ظل دولة نظام وقانون ومواطنة وعدالة اجتماعية.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص