الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
يعود إلينا ضيفاً متجدداً ليزين شوارعنا برائحته ولونه الزاهي رغم آلامه
يا فل .. من يشتريك ؟!
الساعة 15:36 (الرأي برس - خاص - محمد حفيظ)

 

      بعد غيابه منذ أواخر الصيف الماضي حضر اليوم بقوة وبأسعار زهيدة، حتى امتلأت برائحته الشوارع،واستنشقتها جولات المدن،وتقاطعات الطرق، وتزينت به أعناق الرجال قبل النساء، وتدلى في مقدمات السيارات، وسيطر على هدايا الحفلات العائلية والعامة،قادماً  إلينا  من  عروسة  اليمن (الحديدة)غرب اليمن ولحج الخضيرة في جنوبها.

انه الفل اليمني. تأريخ عريق ونوع فريد وثقافات موروثة، واستخدامات تراثية متعددة كنسخ للأجداد الأولين، ترويها ذاكرة اليمن بموروثها القديم المتجدد نحو الفل الذي بات جزءا من حياة أبنائها ولا يزال .

ما إن هبت رياح الصيف ورطوبتها الملحوظة حتى انتشت شجرة الفل اليمني لتداعب الصيف ويداعب أوراقها لتنبت رويدا رويدا، ولتهدي الناس رائحة زكية ودخلاً زهيداً،ولوناً ساطعاً يدخل الفرحة في نفوس الناس ويلطف أجواء حياتهم. فمنهم من اتخذ الفل سلعة للبيع،ليبيع معه رائحته وابتسامة، ومنهم من اتخذه رفيق الحياة الزوجية خصوصا،أيضا هناك من جعله أفضل هدايا للأحباب والأصحاب. بعد غياب ملحوظ للفل أثناء مرور فصل الشتاء، تجده اليوم بداية صيف جديد في أماكن متعددة، فما أن تقف بسيارتك عند إشارة المرور حتى يقبل باعة هذه الزهرة العطرة نحوك، يعرضون عليك عقودا من زهرات الفل ملفوفة بطريقة جميلة و فنية، يسبقهم إليك أريج فواح يغريك بجمال التجربة. وربما منذ تلك اللحظة ستصبح أحد الزبائن المدمنين على شراء هذه العقود. ذلك ما يؤكده الكثيرون ممن أضحوا زبائن دائمين مدمنين عند بائعي الفل.

رحلة الفل

وعلى الرغم من انتشار زراعة ''الفُل'' في محافظات باردة كمحافظة ذمار الشهيرة بطقسها البارد, إلا أن للفُل التهامي واللحجي ميزته الخاصة ورائحته العطرة . حيث وفي المناطق الحارة خصوصا تهامة في الحديدة والحسيني في لحج يصفون لك رواية زراعة الفل الأولى، بقولهم: إن الأمير احمد فضل القمندان وهو من مدينة لحج هو من أتى بهذه الشجرة من الهند وغرسها في بستان الحسيني ثم انتشرت إلى مناطق أخرى . وما أن تكون ثمرة الفل جاهزة تجنى حتى تغرد نساء المزارعين كالعصافير لتجنى الثمرة وتقوم المرأة أيضا بحياكتها ورص زهراتها في خيوط لتشكل نقشات وعناقيد متنوعة الأشكال والأحجام ثم يتم تصديره بشكل ذاتي من تجار ومزارعين إلى المحافظات عامة وبعض دول الخليج المجاورة، دون الاهتمام من الجانب الرسمي بهذه الثروة النباتية العظيمة، وما أن تغطى طلبات الأسواق في الداخل والخارج حتى تقوم النساء أيضا بجني مقدار مايكفي لتصنعه المرأة ذاتها في مصانع بسيطة لتعيده إلى مادة تسمى (الزباد) مادة عطرية تستخدمها النساء غالبا وفي أماكن متعددة من الجسم لإضفاء رائحة جميلة وتنعش حياة الزوجية برائحة الفل الجميلة.

استخدامات متعددة

وقد كشفت دراسة بحثية حديثة للباحث اليمني حسن خميس الفوائد الطبيعية لزهور الفل اليمني في علاج العديد من الأمراض مثل التهاب المفاصل وعرق النساء والربو وصعوبة التنفس وأمراض أخرى. وعلى الرغم من عدم الاهتمام الرسمي الكبير بشجرة ''الفُل'' العطرية، ومحاولة استثمارها في انشاء مصانع خاصة من أجل انتاج عطور يمنية فريدة, إلا أن كثيرا من باعة الفل يؤكدون أن سيدات يقمن بجمع ثمرات ''الفُل'' اليابسة منهم, من أجل خلطها وصناعة مادة أخرى يطلق عليها ''الزباد'' وهي مادة عطرية زكية تستخدمها المرأة كعطر خاص ،وتُدهن خلف الأذن ،وحول العنق من أجل إعطاء نشوة خاصة لأزواجهن''.

معاناة فل ..

ويشكو بائعو الفل من عدم استقرار أسعاره وعدم وجود قوانين تنظم أسواق خاصة لهذه الزهرة، لينتظم سعره حيث يقول (جهاد عمر 25عاما )بائع فل في جولة عصر بصنعاء إن سعر الكيلو الفل الآن في موسمه يصل إلى 2000ريال ولأنه موجود بكثرة ويصل اصغر عقد من الفل إلى 100ريال وقد تصل قيمة بعض العقود الخاصة إلى قيمة مرتفعة بعضها اثنا عشر الف ريال وبعضها أكثر ،بينما ستجد هذا الكيلو في أواخر أيام الصيف وبداية الشتاء يرتفع سعره إلى6000 ريال وهذا بدوره يضفي خسائر مادية للمزارع وهو أيضا ما نعانيه نحن والمزارعون حد قول جهاد عمر .

حياة الفل ..

ويقول الخبراء أن ''الفُل'' يحب الضوء, وينصح بزراعته في أماكن دائمة التعرض لأشعة الشمس، يتطلب رياً بشكل دائم قبل فترة الإزهار وخلالها لكونه لايتحمل العطش وتؤدي السقاية الصيفية الكافية والمنتظمة إلى زيادة في الازهار المتكونة, وهو ما يفسر تواجده بكثرة في سهول تهامة اليمنية, والمعروفة بصيفها اللاهب طيلة أشهر السنة. ويؤكد خبراء أن الفل يتطلب مناخا دافئا لكي ينمو ويترعرع وان أفضل درجة حرارة لنموه هي 52درجة مئوية .

على انه يتحمل الحر الشديد ولا يتحمل البرودة المنخفضة وهذا يعد سببا أساسياً لغياب الفل وارتفاع ثمنه ان وجد حتى يستطيع البسطاء الحصول عليه أثناء فصل الشتاء البارد.

وقد نبه أحد الباحثين والمهتمين بزراعة الفل الحكومة ليحثها على الاهتمام بهذه الثروة ،وقال إن الفل اليمني يزرع بمساحات كبيرة في كل من محافظتي لحج والحديدة وتتراوح قيمة الكيلو جرام الواحد حد قول الباحث ما بين 4الى 6 آلاف ريال ويوزع على مساحة تقع بنحو 16هكتاراً و33 فدانا موزعة على 1200 مزرعة متخصصة في زراعة الفل في كل من الحديدة ولحج ويجب الاهتمام من قبل المسؤولين ووزارة الزراعة بهذه الشجرة ولكن لا حياة لمن تنادي.

واقع

بينما الحياة باقية والفل باق واشتياق الناس للفل يزداد ولو لم تهتم الحكومة به، بل بالعكس كما يرى البعض، أن دخول الحكومة والمسؤولين هذا الجو العطر قد يغير رائحته الزكية إلى نكهات أخرى، من بينها النهب والسرقة والبيع سرا ، وقد لا نراه ثانية، ولكن لن تذهب عنا تلك الأغاني التي تغنت بالفل كالأغنية اللحجية التي تقول (يا ورد ياكاذي ..يا فل بالوادي )و غيرها. ولن تتوقف تلك الصباحية المعبرة عن النقاء والمحبة (صباح الفل ) التي باتت عادة يمنية معبرة عن النقاء ونعم العادات (صباحكم فل من وادي الحسيني).

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً