الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
كيف ينظر اليمنيون لقرار مجلس الأمن الأخير بشأن الأزمة الحوثية؟
مجلس الأمن الدولي
الساعة 18:54 (الرأي برس - الأناضول)

الشيء المؤكد بخصوص قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2201 لسنة 2015، والذي تم التصويت عليه يوم الأحد بالإجماع، هو انضمامه إلى لائحة طويلة من الجدل بين اليمنيين الذين لا يكادون يتفقون على شيء في الوقت الراهن، بين من يراه قرارا سيئا ولا يرقى لحجم الأزمة الراهنة، وبين من يراه جيدا ومعقولا.

ودعا المجلس، في قراره المشار إليه جماعة الحوثي إلى سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، ومن جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك في العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع الأفراد تحت الإقامة الجبرية أو من اعتقلوا، فضلا عن وقف جميع الأعمال العدائية المسلحة ضد الحكومة والشعب اليمني وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية.

"من الصعب حسم أي من الأمرين"، يقول الحقوقي والباحث السياسي عبد الرشيد الفقيه، ويتابع "إلا أن القرار الجديد لمجلس الأمن لم يضف شيئا جديدا لقراراته السابقة منذ العام 2011، والتي لم تمنع جميعها من انهيار العملية الانتقالية التي كان يرعاها".

وأضاف للأناضول: "صحيح أن المجتمع الدولي لا يتحمل وحده مسؤولية الانهيار إلا أنه شريك للأطراف السياسية المحلية في ذلك".

ويمكن القول إن هذا الرأي الذي عبر عنه الفقيه يلخص رؤى كثير من اليمنيين تجاه قرارات مجلس الأمن، ومنها قراره الأخير، إلا أن الأحزاب السياسية وكما هي العادة بادرت إلى الترحيب بالقرار، وإلى تقدير ما قالت إنها الجهود الخليجية والأممية في دعم ورعاية العملية السياسية الانتقالية في اليمن.

وبحسب بيانين مختلفين عن حزب المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وآخر عن حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض، فإن الحزبين قالا إنهما يرحبان بالقرار، وأنهما يلتزمان بالحوار بين الأطراف السياسية لحل الأزمة الراهنة، كما دعا إلى ذلك القرار، ووفق الاتفاقات السابقة (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة وملحقه الأمني".

ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد العلائي أن "مجلس الأمن عبر عن رؤيته لحل الأزمة في اليمن من خلال الحوار المحلي بين الأطراف السياسية ووفق الاتفاقات السابقة، ما يعني بوضوح أن المجتمع الدولي لن يعترف بأي إجراءات أحادية تفرضها جماعة الحوثي خارج هذا الإطار".

وذلك ما يبدو، بحسب العلائي في تصريحات للأناضول، أن "الأطراف السياسية المحلية فهمته من القرار، لتعيد التأكيد عليه في بياناتها المرحبة به"، إلا أن مشكلة تلك القوى من وجهة نظره أنها "لا تملك تفسيرا متقاربا لتلك الاتفاقات السابقة التي هي أصلا متناقضة ومتضاربة مع بعضها"، على حد قوله.

المشكلة الأخرى من وجهة نظر العلائي أن "الحوثي ونظرا إلى كونه مليشيات ولا يمتلك خبرة في إدارة الدولة، فإنه لن ينظر بعقلانية لما جاء في قرار مجلس الأمن كما تنظر إليه الدول والأنظمة السياسية، أو حتى الأحزاب السياسية".

ويضيف: "ما يقرر أن القرار الأممي كان جيدا أو سيئا هو الطريقة التي ستتعاطى بها جماعة الحوثي معه، كونها المعنية الرئيس به، وهي من يطلب منها إجراءات معينة كالانخراط في الحوار مع الأطراف الأخرى، والتوقف عن الإجراءات الأحادية، وفك الإقامة الجبرية عن الرئيس (عبد ربه منصور) هادي ورئيس الحكومة (خالد بحاح) والوزراء، والانسحاب من مؤسسات الدولة ومن العاصمة ومن المدن التي سيطرت عليها، والتوقف عن فتح حروب في مناطق أخرى من اليمن".

وحتى الآن لم يصدر بيان رسمي من جماعة الحوثي بشأن قرار مجلس الأمن الأخير، إلا أن القيادي في الجماعة عبد الملك العجري قال للأناضول: إن "القرار يعكس وجهة نظر دول الخليج المعادية للحوثي".

إلا أنه عاد وقال إن "القرار هو وجه صفعة لتلك الدول بدعوتها إلى عدم التدخل في الشأن الداخلي اليمني، وهو جيد أيضا لأنه لم يصدر تحت البند السابع الذي كانت تسعى إليه دول الخليج".

وبشأن موقف جماعته من القرار، قال العجري إنها لم تقرر بعد موقفا رسميا حياله، إلا أنها لا تزال تلتزم بثورة الشعب، وبالعملية السياسية بموجب الإعلان الدستوري المعلن من قبل اللجنة الثورية (التابعة للحوثي)"، وهو الإعلان الذي وصفه قرار مجلس الأمن بالإجراء "الأحادي والمرفوض".

ويتوقع الكاتب والمحلل السياسي ماجد المذحجي أن "تواصل جماعة الحوثي عدم الاكتراث بالمواقف الإقليمية والدولية الرافضة لإجراءاتها الأخيرة والتي كان آخرها قرار مجلس الأمن رقم 2201، مع مواصلة توسعها العسكري على الأرض في الوقت ذاته الذي تواصل فيه محاورة القوى السياسية الأخرى عبر المفاوضات التي يرعاها الوسيط الدولي جمال بنعمر.

ويضيف: "جماعة الحوثي جماعة سلاح وهي لا تفهم أي شيء غيره، ولأنها كذلك ستجد في خلو قرار مجلس الأمن الأخير من أي تلويح باستخدام القوة ضدها إغراء لها بمواصلة التوسع المسلح".

أما بشأن التلويح بالعزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية التي قد تفرض على اليمن، فإن قيادات الجماعة يردون: ليس لدينا ما نخسره.

وتابع المذحجي للأناضول: "يقولون ذلك وهم جادون، وهذا هو أكثر ما يخيفني، حين يكون اليمن ومستقبله رهنا بتصرفات جماعة طائشة ومقامرة".

ومع ذلك، يقول المذحجي: "إن كان من أمر جيد في قرار مجلس الأمن الأخير، فهو أنه لا يغري أي قوة سياسية أخرى بالذهاب مع الحوثي في ذلك الطريق المقامر، وقد بدا واضحا أن ذلك لن يكون مقبولا لا محليا ولا دوليا، وأي مجنون غير الحوثي يقبل قيادة بلد منهك وفقير ومنقسم كاليمن، وفوق ذلك يكون في عزلة دولية".

ويقول نائب رئيس تحرير يومية المصدر علي الفقيه "قد يكون القرار الأممي الأخير مخيبا لآمال الكثيرين في اليمن وفي الخليج وهو لا يتضمن أي إجراءات صارمة تجبر جماعة الحوثي على التراجع عن الانقلاب وعن الاستيلاء بالقوة على السلطة، والتي حرص على توصيفها بالإجراءات الأحادية وليس بالانقلاب كما يذهب إلى ذلك الخليجيون واليمنيون".

إلا أنه، وبحسب الفقيه للأناضول "عبر وبإجماع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بما فيهم روسيا والصين من ينظر إليهم كحلفاء لحليفة الحوثيين الكبرى إيران، عن رفضه وعلى نحو واضح لاستيلاء الحوثيين وبالقوة على السلطة في اليمن، وهذا الأمر لا يمكن التقليل من شأنه".

ومنذ 22 من شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، يعيش اليمن فراغاً سياسياً ودستورياً، بعد استقالة هادي وحكومته، وإعلان جماعة الحوثي، لاحقاً، ما أسمته "الإعلان الدستوري" الذي يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية، وهو الإعلان الذي رفضته أحزاب سياسية يمنية مختلفة، ودول عربية وغربية.

ومنذ ذلك الحين ما زال المبعوث الأممي، جمال بنعمر، يجري مشاورات سياسية مع عدد من المكونات السياسية بينها الحوثي، من أجل التوصل إلى حل للأزمة الراهنة، دون تسجيل أي تقدم يذكر حتى اليوم.

ومنذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، يسيطر مسلحو الحوثي، يعتنقون المذهب الزيدي الشيعي، بقوة السلاح على المؤسسات الرئيسية في العاصمة صنعاء، وبسطت سيطرتها على محافظات شمالية وغربية ذات أغلبية سنية.

ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية، إيران بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة بين إيران والسعودية جارة اليمن، وهو ما تنفيه طهران.

وتواجه جماعة الحوثي اتهامات بالعمل على إعادة حكم الزيدية المتوكلية، الذي بدأ في الشطر الشمالي من اليمن عام 1918 وانتهى في 1962، عبر تحرك مسلح بقيادة ما يطلق عليه "تنظيم الضباط الأحرار"، وهو ما تنفيه الجماعة، مرددة أنها تسعى إلى شراكة حقيقية مع كافة القوى اليمنية.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص