الاثنين 10 مارس 2025 آخر تحديث: الأحد 9 مارس 2025
«طريق إجباري».. سقوط في فخ الاداء والصورة وضياع القصة
مسلسل طريق إجباري
الساعة 21:34 (الرأي برس- كريم الخالد)

في ظل سباق الدراما العربية نحو الارتقاء بمستوى الحكاية والشكل، يظهر مسلسل "طريق إجباري" والذي توسمنا به الخير  كنموذجٍ فجّ .

على أن الإنتاج الضخم والتسويق المكثف لا يُعوِّضان فقر النص وضعف الحرفية الدرامية. 
العمل الذي استثمر في الإعلانات الممولة على منصات التواصل، مُعلِناً نفسه "حدثًا رمضانيًا استثنائيًا"، يسقط في فخ الصراع بين الشكل والمضمون، ليتحول إلى مثالٍ صارخ على كيف تُهدر الفرص الإبداعية عندما يطغى الاستعراض على الجوهر.  
  
منذ الحلقة الثالثه ، حيث تبدأ "عملية التمطيط" المكشوفة، يتحول المسلسل إلى سلسلة من الأحداث المُلفَّقة التي تفتقد لأدنى منطق درامي. 

الأمر الأكثر إثارة للسخرية هو تحويل الطبيبة أروى إلى بطلة خارقة تُحل كل المشكلات بنفسها، حتى لو تعارض ذلك مع المنطق.

في إحدى الحلقات، تقدم ذهبها لجمال قريبها لاستئجار سيارة لإنقاذ زوجته الحامل وتوعده ان تعطيه حساب المستشفى ، بينما هيا طبيبة المفترض في المستشفى نفسه ، وعلى معرفة مباشرة بصاحب المستشفى ، كانت  تستطيع الوصول الى المستشفى ودفع التكاليف وليس مقدما .
 لكين لكي يظهروا لنا أنها الانسانه الجدعه الطيبة الحكيمه صاحبة المواقف وتذكرنا بمياسلات  "محمد رمضان "او " نعمة الافوكاتو"  وبعد ذلك يظهرون لنا خساسة قريبها المستغل الشرير ايضا !

 هذه الثغرات السردية لا تُظهر إهمال الكاتب فحسب، بل تُشير إلى استخفافٍ بذكاء المشاهد، وكأن العمل يُوجَّه لجمهور غير قادر على التفكير النقدي .

 وعندما يأتي والد شروق بالمحامي أشرف الاشطر بالمحافظه وهو يطلب  من أروى الادله وهيا بثقه تخبره ان شروق ليس بها عيب فيزيائي او جسدي او نفسي مع العلم انها غير متخصصه  نفسيا 

معلومه للكاتب 
حسب الدراسات من ١٠ الى ١٥ ٪ الحوامل يدخلن في حالة اكتئاب قد تؤدي الى الانتحار ، وفوق هذا زوجها غانم وابو ه حارث وجدته يعيشون معها ومحبوسه هذه نفسيه لوحدها ، إذا استخدمها محامي غانم  أغلقت القضية وغانم براءه ، وهنا ساصفق للكاتب ، أنه سيخلق صراع جديد للبحث عن دليل غير الذي عند "بران ستارك" في مسلسل لعبة العروش الى أن يستيقظ 

بران ستارك الذي لم يتابع صراع العروش هو طفل وقع وحصله مثل اللي خصل للطفل هذا ، ولكن هل سيقبل القاضي ان يأخذ شهادة الطفل ، لأن اي محامي حتى الذي ظهر مع الدكتوره اروى ووالد شروق سيخرج البراءه لغانم بأول جلسة ،  الإ إذا فاجئنا الكاتب أن غانم في النهاية سيعترف على نفسه أو هناك من صور الحادثه 

وفي نفس السياق الدكتوره التي تتابع حالة شروق  تسأل الدكتور عياش عن حالة اخيها وتبكي إذا هيا طبيبه وفهمت البعد النفسي للمريضه الحامل لم تستطع قراءة الاشعة والتقرير .

 لنفترض أنها على حق ، أين دور المحامي ليراجعها ويبحث معها ومن ثاني مشهد للمحامي الدكتورة اروى لا تقتنع به ولا بأفكاره وتضيف لنا أن الصراع يجب أن يكون على حارث الاب  لكي فقط نوسع الدائرة  ، ماذا تتوقع بعد ذلك وهذا المحامي البارد الذي لن أئتمنه على تصوير ورق القضية ، لقد أظهروا لنا أن المحاميين لدينا سيئيين مثل القضاه مع أن اليمن تمتلك عباقرة في القانون والمشارعه أو كيف ؟؟؟ عندما تكون الكتابه مجرد بداية قصة والباقي بيصلح  .

أما "غانم"، الشاب المُفترض أنه متعلم، فيتحول فجأة إلى كيان شرير بلا أبعاد إنسانية، وكأن الشرَّ يُولد من العدم ،مع العلم انه يحب بنت عمته كاخته وتربى في منزل قاسم خال اروى على الحب كيف اصبح شرير مطلق . 

حتى مشهد مطاردة الزوج لزوجته الهاربة يُصبح مهزلةً عندما يعود البطل إلى منزله لـ"تبديل ملابسه" والثرثرة مع جدته، بينما الزوجة تظل تجري في دائرة مفرغة! لم تستطيع الوصول الى اي مكان ، وحتى لحظات رميها اين المشاعر اين الحب ياغانم ، او تريد ان تعيش  ذكريات ذكريات ذكريات لكي الجمهور يحس بالحب !!!!
هنا لا نعرف ما يستحق النقد أكثر السرد العبثي، أم الاستهانة الفادحة بعقول الجمهور؟  

والأب الظالم بكل المواصفات لا يوجد عنده أي حسنه  هل هذه عيلة الشيطان يا ترى ! حتى الشيطان في رمضان يكفينا شره ؟!؟!؟ في البداية قلنا ان الاسقاطات السياسيه تكون جزء من العمل ولكن بهذه الطريقه اصبحت ممله ورخيصة   . 

في مشهد المحكمة، الذي يُفترض أن يكون ذروة الصراع القانوني، نشهد عبثيةً غير مسبوقة هل هذا قاضٍ يا جماعه اين شخصية القاض ولبسه وقصة شعره أم هذا إسقاط جديد أيضا .

ملحوظه المتواجدين بمكتب القاضي المتهم وابوه وزوج عمته خال الدكتوره وخال شروق وابن خالتها وام أروى وابو شروق فين المحامي

 نعود لم نجد ضيف شرف أو ممثل ليقوم بدور قاض ، وطبعا العبثيه المطلقه في كل تفاصيل المحاكمه ، والام تدعي على غانم وابوه والبقيه يتفرجوا طيب ابو البنت المقتوله او خالها يتنحنحوا بس . 

يا جماعه لو كانوا مجتمعين في بيت شيخ ليكون الحكم بالاعراف سيكونوا اكثر تأدبا 

 والطبيبةٌ تُفترض أنها ذات تخصص طبي تُقدم الاتهامات والملفات عن طريق  تقارير طبية ولا يوجد أي دليل ملموس ! بما انه الكادر مصري الاخراجي هو المحامي فين ؟ وكأن الكاتب يُهين ذكاء المشاهد!

اختفاء الممثلين الآخرين عن ذروة الاحداث سحر الاصبحي وعبدالله الكميم واحمد و نجيبه عبدالله الذين كانوا ثقلا في اولى ٣ حلقات . 

الدراما الحديثة تجاوزت تصنيف الشخصيات إلى "ملائكة" و"شياطين"، لكن "طريق إجباري" يصر على إحياء النموذج القديم بكل سذاجته. 

الطبيبة "أروى" ليست إلا نسخةً مثالية مُبالغ فيها: تُحل المشكلات بابتسامة أو كلمة رنانة، بينما "غانم" ووالده هما نموذجان للشر المطلق، بلا أي ملمحٍ إنساني أو صراع داخلي.

حتى الممثل نبيل الآنسي، ذو الأربعين عامًا، يُقدَّم كشاب عشريني، مما يُفقد الشخصية أي مصداقية.

والأدهى أن العمل يُقدِّم مشاهد "استعطاف رخيص" مثل اضطرار الأباء لتزويج بناتهم ، وصياح غانم يبحث عن شروق ودموع كل حلقه ، أو قرارات غير منطقية الدكتور يحب أروى في عز المصائب وهي تبتسم وتتعايش وهو صاحب المستشفى ولا يمتلك سرير خاص او مكتب كبير به غرفة لراحته ينام على كنب خاطبوا العقل بما بعقل ،  والاخ الذي يفتح عينيه وهيا تسأله عن غانم مباشره كيف ذلك و لاننسى أنها طبيبه  ! هنا، يتحول النقد من كونه ملاحظة فنية إلى تساؤل وجودي: هل الكاتب يعيش في عالمٍ موازٍ؟  وهل الممثلين أقتنعوا بذلك ؟ 

الإخراج: بريق تقني يُغطي على روح مفقودة
رغم محاولة المخرج  عبد العزيز حشاد إضفاء احترافية على العمل، إلا أن النص الضعيف أحبط مساعيه. 

فالتصوير والإضاءة، رغم جمالية الألوان ، تُشوِّش الزوايا المُبالغ فيها تركيز المشاهد، بينما المؤثرات الصوتية التي اصبح دورها أن تجعل المشاهد يعيش في معاناه أصبحت من حالة ممتازه في البدايه الى سيئة .  

الحوارات : سطحية تُفاقم الملل 
الحوارات، التي يُروَّج لها كـ"سريعة وبسيطة"، تتحول في كثير من الأحيان إلى محاضرات أخلاقية مملة، بينما الكوميديا شبه معدومة، مما يجعل العمل ثقيلًا على المشاهد اليمني الذي اعتاد خليطًا من الجد والهزل.

حتى محاولة توظيف الكوميديا السوداء تفشل فشلاً ذريعًا، ليحل محلها مشاهد استعطاف تافهة تُذكرنا بمسلسلات الثمانينيات.  

الخلاصة: إهدار المال والوقت والفرص
"طريق إجباري" كان قادرًا على أن يكون نقلةً نوعية للدراما اليمنية، لكنه آثر أن يكون "منتجًا استهلاكيًا" يعتمد على الإثارة الرخيصة والتسويق المكثف بدلًا من العمق الفني.

النجوم الكبار أمثال نبيل الآنسي وسالي حماده يبددون موهبتهم في شخصيات غير مقنعة، مع اداء متميز دخل لمرحلة الغلو في الاداء.

بينما القصة التي بدأت بقوة تتحول إلى متاهة من الافكار  العبثية.

في النهاية، يطرح المسلسل سؤالًا مُحرجًا: هل الإبهار البصري وحده كافٍ لصنع عملٍ درامي؟ الجواب واضح في عيون المشاهدين الذين شعروا بأنهم "مجبرون" على ابتلاع كم هائل من التفاهات، بينما يغيب الإبداع الحقيقي.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص