الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الرئاسي اليمني.. مجلس حرب لمرحلة حاسمة (تحليل)
المجلس الرئاسي اليمني
الساعة 22:45 (الرأي برس - متابعات)

رحب أعضاء مجلس الأمن الدولي، الخميس 14 أبريل/نيسان 2022، بإعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، وفقًا لنقل السلطات الذي يعكس مجموعة أوسع من الفاعلين السياسيين، مشجعين مجلس القيادة الرئاسي المشكل حديثًا على مواصلة الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة.

وفي 7 أبريل/نيسان 2022، أعلن الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، تشكيل مجلس قيادة رئاسي، برئاسة رشاد العليمي، وزير الداخلية في نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، مكون من 7 أعضاء غالبيتهم قيادات عسكرية ميدانية وهم: سلطان علي العرادة (محافظ مأرب) وطارق محمد صالح (قائد المقاومة الوطنية) وعبد الرحمن أبو زرعة (قائد ألوية العمالقة) وعيدروس قاسم الزبيدي (رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي)، وهؤلاء قادة عسكريون خاضوا معارك ضد الحوثيين وسجلوا انتصارات ساحقة عليهم، إضافة إلى كل من عبد الله العليمي باوزير (مدير مكتب الرئيس السابق) وعثمان حسين مجلي (شخصية قبلية وبرلمانية) وفرج سالمين البحسني (قائد عسكري ومحافظ سابق لمحافظة حضرموت).

جدل قانوني
يقول الحوثيون الذين انقلبوا على الدستور اليمني، إن نقل الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي للسلطة إلى مجلس رئاسي جديد، غير شرعي ولا دستوري، لكنهم في نفس الوقت يقولون إن الشرعية سقطت رسميًا، قبل أن يعيد مجلس الأمن الدولي تأكيده واعترافه بهذا المجلس الذي يشمل كل المكونات السياسية في اليمن.


الحوثيون رفضوا ذلك وطالبوا مجلس الأمن الدولي بإسقاط الشرعية عن المجلس الرئاسي وتسليم البلاد لهم، متجاهلين قرار نقل السلطة الذي تحدث في ثناياه عن تشكيل فريق مصالحة بين مختلف أطياف الشعب اليمني وإنهاء الحرب في البلاد، في تجاهل واضح لدعوات المصالحة، وهو ما يرسم ملامح المرحلة القادمة، وإن كان الجميع متفائلًا بنهاية سلمية وشيكة لذلك.

العديد من النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبروا أن ما حدث انقلاب ثان على هادي، وهو ما ينفيه رئيس أعلى هيئة دستورية وقانونية في اليمن لـ"نون بوست".

قال رئيس المحكمة العليا، رئيس الدائرة الدستورية القاضي حمود الهتار إن الإعلان الدستوري لنقل السلطة صدر من ذي ولاية طبقًا للدستور والقانون وتترتب عليه آثاره، بناء على الأسباب والمبررات الواردة في الإعلان، والفقرة ب من المادة 7 والمادة 24 من الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، اللتين أكدتا استمرار ولاية الرئيس عبد ربه منصور هادي حتى تنصيب رئيس جديد طبقًا للدستور.

كيف جاء المجلس؟
يُعد إنشاء مجلس رئاسي جديد خطوةً إصلاحيةً كانت تحتاجها الحكومة منذ فترة طويلة، خصوصًا بعد رفض الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، احتواء كل الأطراف السياسية والتشكيلات العسكرية التي نتجت عن انتفاضة الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح ضد الحوثيين في 2 ديسمبر/كانون الأول 2018، وانتهت بمقتله.

نتيجة فساد مؤسسة الرئاسة واستحواذ فصيل معين عليها وإقصاء كل الشركاء، فَقَد الرئيس عبد ربه منصور هادي دعم كل الأحزاب تقريبًا التي أيدت المعركة الدائرة لاستعادة السلطة الشرعية، وفي عهده خسرت الحكومة مناطق مهمة لصالح قوات جماعة الحوثيين على مدى العامين الماضيين.

لقد تلاشت الشرعية اليمنية بمفهومها التقليدي، نتيجة لطريقة إدارتها للحرب في اليمن والعقلية التجارية التي طغَت على القيادات العسكرية المستفيدة من تلك الأحداث، وحل محلها المجلس الرئاسي اليمني، وفقًا لتوقعاتنا في مواضيع سابقة نشرت على منصات "نون بوست" مثلت المكوِّنات السياسية اليمنية المناهضة للمشروع الإيراني في اليمن.

يبدو أنه حدثت مراجعة عميقة من التحالف العربي الذي وقف أمام أسباب الفشل خلال السبع سنوات الماضية، وربما كان إطلاق عاصفة إعصار الجنوب التي قادتها ألوية العمالقة ضد الحوثيين في محافظة شبوة وتمكنت في عشرة أيام من تحرير ثلاث مديريات (عين وبيحان وعسيلان) ثم انتقلت إلى جنوب مأرب وحررت مديرية حريب، كانت خطوة أولى لمراجعة التحالف العربي لتلك الإستراتيجية. 

ثم أطلق التحالف العربي معركة شمال الشمال وجنوب المملكة العربية السعودية وتحديدًا في مديرية حرض التابعة لمحافظة حجة شمال غرب، وأوكل تلك المهمة للقوات الحكومية التي فشلت في تنفيذها، وتلك ربما كانت مقارنة أرادت أن تقيمها المملكة العربية السعودية وفاعلية الجيش اليمني والفصائل الأخرى التي تدعمها الإمارات العربية المتحدة.

كان هناك حراك دبلوماسي يقوده المبعوث الأمريكي والمبعوث الأممي إلى اليمن، بهدف الضغط على الشرعية اليمنية والتحالف العربي بتقديم تنازلات كبيرة بهدف تحريك المياه الراكدة منذ أربع سنوات، وكانت تلك الضغوط تذهب لصالح الحوثيين الذين يمتلكون نقاطًا تفاوضية أقوى، كونهم من يسيطرون على الأرض ويفرضون أمرًا واقعًا، وهو ما أشار إليه المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندركينج، في بداية العام 2022، أنه قد يتم التعامل مع الحوثيين كطرف معترف به.

ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وإدارة الغرب لتلك الحرب عن بعد، يبدو أن السياسيين في التحالف العربي، استعانوا بتلك الفكرة، وأرادوا أن يعيدوا الحرب إلى الداخل اليمني، وإدارتها سياسيًا وعسكريًا عن بعد، لكن ذلك يحتاج إلى عودة الحكومة اليمنية للداخل.

عودة هادي وحكومته إلى الداخل مع وجود خلافات عميقة مع المكونات السياسية اليمنية، كان شبه مستحيل، لذلك، سعى التحالف العربي لتوحيد كل المكونات السياسية اليمنية، وأجرى مشاورات كبيرة قبل أن يطلق المشاورات اليمنية - اليمنية في الرياض خلال الفترة 29 مارس/آذار وحتى 7 أبريل/نيسان 2022 بين كل المكونات السياسية التي اتفقت جميعها على أهمية إصلاح مؤسسة الرئاسة في اليمن.

مرحلة حاسمة
المرحلة تبدو حاسمة، سلمًا أو حربًا، والضغوط الدولية على كل الأطراف تقول ذلك، إن وقف الحرب قد حان، وهذا ما يتضح من خلال إزالة كل العراقيل التي كانت تعيق التقدم خطوة للأمام، نحو الحسم العسكري أو الحل السياسي.

كان السلام في وقت سابق، أمرٌ معقد للغاية، فالشرعية التي سيطر عليها فصيل سياسي واحد طيلة السبع سنوات الماضية، لم تستطع الحسم العسكري، لأن غالبية القوات الموالية لها غير متدربة على خوض الحروب وتكتيكاتها أو الدخول في مشاورات سياسية نتيجة تمسكها بموقف المرجعيات الدولية، إضافة إلى أن السلام في حال وقع مع الحوثيين سيكون منقوصًا، لأن الموقع سيكون بين فصيل في الشرعية والحوثيين، ولن تعترف به كل المكونات السياسية الأخرى.

المجلس الرئاسي الجديد ضم كل المكونات السياسية الفاعلة على الأرض وأصبح يمثل كل المكونات السياسية اليمنية عدا الحوثي، وأصبحت المواجهة الحاليّة سياسيًا أو عسكريًا بين جهتين (اليمن والحوثي)، وقد تبدأ المعركة السياسية أولًا.

في الحقيقة يبدو أن المجتمع الدولي والتحالف العربي، قد مهدا الأرض وأغريا الحوثي واستجابا لكل شروطه المتمثلة في إزاحة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه وإنشاء مجلس رئاسي وفتح مطار صنعاء وتخفيف القيود عن موانئ الحديدة ووقف الطلعات الجوية للتحالف العربي، حتى القرار الأممي 2216، تم تجاوز الحديث عنه، ولم يعد للحوثي أي حجة يمكنه أن يتحجج بها بهدف عرقلة إنهاء الحرب.

لذلك تبدو الأمور مهيأة والطريق معبدة للوصول إلى السلام العادل والشامل الذي يستعيد اليمن دولة ومؤسسات ومساواة، ويقطع مع أسباب الحرب ويمنع ارتهان الدولة لدى بندقية اكتسحت الإجماع ونصبت نفسها بديلًا عنهما، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل.

فرصة أخيرة
بالنظر إلى تكوين مجلس القيادة الرئاسي، فإن غالبية نوابه هم قادة عسكريون خاضوا مع الحوثي معارك كبيرة ولا يمكن أن يهادنوه طالما أصبح الأمر في متناول اليد، فلهذا يمكن القول إن هذا المجلس هو مجلس حرب، وقد منح الحوثيين الفرصة الأخيرة والنهائية، ولن يكون ما بعد 7 أبريل/نيسان 2022 كما قبله، فسيعمل مجلس القيادة الرئاسي على الالتزام بالهدنة الأممية من باب إعادة ترتيب وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، إضافة إلى تطبيع الحياة المدنية والاقتصادية في المناطق المحررة.

سيستفاد من الهدنة التي تمتد إلى شهرين وقد تزيد على ذلك بحسب حاجة المجلس إليها، مع منح الجانب السياسي فرصة كبيرة لإقناع الحوثي بالعودة إلى السلام، لكن الأخير سيراوغ، بهدف أيضًا الاستفادة من هذه الهدنة لعاملين رئيسين.

في 26 مارس/آذار 2022، قدم الحوثي هدنة وقبل بها التحالف العربي، ومن ثم أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن في الأول من أبريل/نيسان 2022، عن هدنة لمدة شهرين كاملين قابلة للتمديد، ويسعى كل طرف منهما للاستفادة منها، فالحوثي، يريد أن يلملم صفوفه المنهارة نتيجة تعرضه لهزيمة كبيرة هي الأولى من نوعها، وفقد فيها الكثير من أنصاره، لذا أراد الهدنة لتعويض الخسائر من خلال التعبئة العامة التي سيقوم بها خلال شهر رمضان، ومن ثم الدفع بآليات عسكرية حديثة وتحريك قواته إلى حيث ما يريد استعدادًا لجولة قادمة من الحرب.

ومن هذا المنطلق يتوقع أن يقبل الحوثي لمشاورات وهمية قادمة سيشارك فيها، والهدف منها مراقبة مدى تماسك المجلس الرئاسي لا سيما وهو كما يقول إعلام الحوثي، إنه مكون من مجموعة متناقضة يمكن أن يختلفوا في أي وقت، وحينها ستكون فرصة الحوثي لاستغلال ذلك الخلاف، للوصول إلى الهدف، وهو الانتصار الأخير.

لكن يبدو أن الفرضية الأخيرة التي يعتمد عليها الحوثي لن تنجح، لأن الخلافات بين المكونات السياسية تم إزالة أسبابها، والكل أصبح يبحث عن نهاية حاسمة لهذه الحرب، وقد اتفقوا على ذلك سلمًا أو حربًا.

الخلاصة
من خلال القراءة الواقعية للأحداث الجارية في اليمن، سيمنح المجلس الرئاسي الفرصة للمبعوث الأممي والتحركات الدولية، بهدف إقناع الحوثي أن يكون جزءًا أصيلًا من المكونات السياسية اليمنية، قد يصل ذلك إلى نهاية العام الحاليّ، لكن الحوثي سيصعد من مطالبه وشروطه للوصول إلى نصر حقيقي أمام الملأ وهذا لن يكون في حسبان المكونات اليمنية.

يُعد إنشاء مجلس رئاسي جديد خطوة إصلاحية كانت تحتاجها الحكومة منذ فترة طويلة، خصوصًا بعد رفض الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، احتواء كل الأطراف السياسية والتشكيلات العسكرية، وهو مجلس عسكري أكثر منه سياسي، وما أُعد إلا لمرحلة تنهي الحرب سلمًا أو حربًا والأخيرة هي العنوان الأبرز للمرحلة القادمة.

-------
عن نون بوست| الكاتب- محمود الطاهر

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص