السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
اليمن.. الحضور والغياب - عبدالعزيز المقالح
الساعة 19:03 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


في لساني يَمَنْ 
في ضميري يَمَنْ،
تحتَ جِلْدي تعيشُ اليمنْ 
خلفَ جَفْني تنامُ
 وتصحو اليَمَنْ،
صرتُ لا أعرفُ الفرقَ ما بينَنا..
         أيُّنا يا بلادي يكونُ اليمنْ؟!

*  *  *
حينَ تبكينَ
     أسقطُ دمعاً على راحةِ الحزنِ 
     يحملُني الحزنُ شارةَ حبٍّ، 
     يسافرُ بي لعصورِ الكآبةِ
والألمِ السَّرْمَدي 
     فأعودُ إليكِ على زورقٍ منْ شَجَنْ. 
حينَ ترتحلينَ يصيرُ دمي لغةَ الشوقِ
             يكتبُني الرّاحلونَ - المقيمونَ، 
أدخلُ فيكِ،
وتنحشرينَ - هنا - في تضاريسِ وجهي، 
تصيرينَ - أنتِ أنا - لغةَ الرَّفْضِ والمنْحِ
                        والدمعِ والضَّحِكاتِ، 
       تصيرينَ نافذةً للنجومِ التي تتغرَّبُ
                            باحثةً عن وطنْ.
حينَ تحتضرينَ أموتُ..
               يُصَدِّرُني الموتُ للعالَمِ الأسفلِ
المظلمِ القاعِ،
 يشربُني العَدَمُ المرُّ 
 يأكلُني..
        حيثُ لا قبرَ لي، لا وطنْ. 

*  *  *
الحضُورُ، الغيابُ 
الترابُ، الدَّمُ
الشمسُ، فاكهةُ الزمنِ المشتهاةْ، 
الجبالُ، النهودُ التي أنضجَتْها قرونُ
التَّشَهّي، 
منَ الرملِ تمتدُّ خاصرةُ الشمسِ
    حرفاً منَ (المسندِ) العربي.. 
منْ تُرَى صَيَّرَ الحرفَ حرفينِ
         فاغْتالَ أعلاهُ..
              صَيَّرَهُ أعجميّاً،
 يجيدُ التَّلاعبَ بالبنكنوتِ المزَيَّفِ، 
 في موكبِ (العَمِّ سامَ) يُطاطئُ هامتَهُ
               ويسيرُ بلا رأسٍ.. احْتزَّها الذُّلُّ، 
منْ أوقفَ المهْرَةَ / النّارَ عنْ زَحْفِها، 
     واستوى فوقَ عرشِ الخيانةِ
     يستمنِحُ (الفُرْسَ) جيشاً 
وأجنادُهُ في البراري حُفاةْ؟!
منْ يقدِّمُ (صنعاءَ) تُفّاحةً
فوقَ مائدةِ القتلِ؟
منْ يشتري بجماجمِ أبنائِها
            خَدَراً
     وسجائرَ للقادمينَ معَ اللَّيلِ؟ 
ماذا تقولُ المدينةُ؟
     لا شيءَ..
 ألْقَتْ بِجُثَّتِها للسَّكاكينِ
               واسْتَسْلَمَتْ،
        خَلَعَتْ في الرَّبيعِ أنوثتَها، 
         وبكتْ في انتظارْ الشِّتاءْ. 

*  *  * 
يمنٌ واحدٌ.. 
عشتُ أحملُهُ - راحلاً ومقيماً - 
              على ساحةِ العينِ.. 
ماذا يقولونَ؟ 
صارتْ مُجَزَّأَةَ القلبِ
 مكسورةَ الوجهِ، 
صارَ اسْمُها في المحافلِ (صنعاءَ) يوماً 
ويوماً (عَدَنْ). 
لا أصَدِّقُهم! 
   فَهْيَ واحدةٌ،
        كلَّما أثخنَتْ في الترابِ السَّكاكينُ..
       أدْمَى الترابُ السَّكاكينَ،
              وانْدَمَلَ الجرحُ 
              واسترجعَ الجسدُ اليمنيُّ الممزَّقُ أبعادَهُ،
  شكلَهُ 
          واستدارتَهُ،
  نهضَتْ منْ خرائبِهِ المقفراتِ اليَمَنْ.

 

نوفمبر 1972م

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص