- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
برزت دعوات لمواجهة "الحراف" لدى اليمنيين عبر قيام إدارة حكومية جادة للبلد تنتشل الوطن من براثن الفقر وتعيد لليمنيين ابتسامتهم، الحراف، أو الفقر بمعناه الاقتصادي حسب رأي الخبراء لم يكن ناتجاً عن ندرة الموارد الاقتصادية الطبيعية، فاليمن تمتلك موارد اقتصادية كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية الطبيعية، المعدنية والنفطية والزراعية والسمكية، إلى جانب موقعها الاستراتيجي الهام ووجود موارد بشرية إذا تم استغلالها سوف تسهم في تنمية المجتمع اليمني اقتصادياً وثقافيا والانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الغنية، ولكن سوء استغلال تلك الموارد الاقتصادية في ظل إدارة اقتصادية تقليدية ومتخلفة، والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان، والاستيلاء على عائداتها من قبل فئات صغيرة، وحرمان الجزء الأكبر من خيرات البلد كان سببا في تخلف الاقتصاد اليمني وانتشار الفقر والتخلف بين السكان.
على مدى العشرة الأيام الماضية عجز الشاب عادل محمد عن الحصول على مبلغ مالي لشراء دبة غاز، ويعتمد في شراء مستلزمات الأكل على الدَّيْن من البقالة القريبة من منزله، فيما واجه صاحب محل الحلاقة توفيق عجزاً في دفع الإيجار، وبالمقابل لم يكن أمام أبو الفضل صاحب محل بيع الخضروات سوى الاستدانة ليواصل العمل ويفتح محله أمام الزبائن.
الشاب عادل يشير إلى أن مستوى توفر مبلغ نقدي لديه أصبح مستحيلاً، فهو لم يحصل على فرصة عمل في مهنته ككهربائي طيلة تلك الأيام، كما أن راتبه كموظف مع الدولة لن يأتي إلا في اليوم الخامس من الشهر، فيما يعتقد صاحب محل الحلاقة توفيق أن الناس قد توقفت عن تقصير شعرها أو حلاقة ذقونها، إذ يجد نفسه متوقفا بالساعات في انتظار زبون ما، أما أبو الفضل فالديون له لدى الناس هي السبب في قرب إفلاسه حسب ما يقول، فالزبائن يشترون منه ويسجلونها ديناً ولم يعد يقبض كاش إلا ما ندر.
تلك ثلاث قصص لعينة من الناس في مجتمعنا اليمني أصبح ما يطلق عليه "بالحراف" محاصراً لها، فيما الموظف المعتمد على راتبه أصبح اليوم محور ارتكاز الحراف، حيث تقوده قلة الدخل إلى إعلان دخوله في هذا القفص شهريا وهو يتساءل: متى يمكن التغلب عليه والوصول لحياة معيشية مستقرة؟
تعريف وضع الناس تعريفاً اقتصادياً يتداولونه على المستوى الشعبي للحراف بأنه قلة دخل يصاب بها المواطن على مدى أيام أو شهور عدة يكون جيبه فارغاً من أي نقد ويتجلى ذلك من خلال عدم قدرته على الحصول على أي مبلغ مالي نتيجة لقلة فرص العمل أو الإنتاج أو توقف مصادر الدخل الأخرى، وهي أمور يجدها اليمنيون أمامهم الآن بقوة ضمن سلسلة من المتاعب التي يعانونها في حياتهم، دون أن تكلف القوى السياسية المتصارعة نفسها للبحث في هذا الوضع وتعقل عن التهور الذي تقود البلاد إليه.
القدرة الشرائية تدني القدرة الشرائية لليمنيين هي المعنى الاقتصادي للكلمة الشعبية "الحرَاف" أو "الطَّفَر" أو غيرها من المصطلحات، وتدهور هذه القدرة يعني أن المناخ الجديد للأسواق في اليمن يمثل مناخاً طارداً لشريحة كبيرة من المستهلكين، حيث لا تتمكن الشرائح الفقيرة التي أصبحت تمثل نسبة 44% من إجمالي السكان من الحصول على السلع والخدمات كما يجب، كما يقول الدكتور محمد الأفندي- أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء وعضو اللجنة الاقتصادية- مؤكداً حقيقة أن القوة الشرائية للمستهلكين اليمنيين قد مالت إلى التدهور خلال الأعوام الماضية دون شك .
مؤشرات
تقول دراسة للدكتور الأفندي إن 20% من السكان لا تتجاوز نسبة إنفاقهم سوى 8% من إجمالي الإنفاق العام في البلد، بينما الشريحة الأعلى إنفاقاً وهي تمثل 20% من السكان تنفق 41% من إجمالي الإنفاق.
وبمعنى آخر، فإن القدرة الشرائية للمستهلكين قد انخفضت إلى النصف تقريباً وقد انعكس هذا على معدل نمو الاستهلاك الفردي وتدهور بشكل ملحوظ.
انعكاسات
ضعف قدرة المستهلك الشرائية يجلب آثاراً سلبية على مستوى جودة السلع المقدمة بالسوق، لأن أسعارها المرتفعة نسبياً تكون خارج قدرة المستهلكين ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار سلع مستوردة ذات مواصفات أقل (سواء كانت مهربة أو جاءت عبر المنافذ الرسمية) كي تتوافق مع قدرة المستهلك اليمني الشرائية المنخفضة .
تتابع
وهناك تعريف آخر عملي للحراف ينطبق على الملايين من الناس ويتمثل في أن فرص حصولهم على سيولة نقدية لمواجهة نفقات حياتهم اليومية تكون في غاية التعقيد، فحين تتحدد مواعيد الحصول على راتب آخر الشهر يكون صاحبه في أكبر حيرة من أمره كيف يقوم بصرفه حيث الأبواب مفتوحة أمامه ويجد نفسه أنه يحتاج لراتبين إضافيين لحل مشاكله في الحدود الدنيا .
ويقول الخبير الاقتصادي عبدالمجيد البطلي في الوضع الحالي لليمن حيث لا يوجد فيها حكومة لن يكون للموظفين معها أي آمال أن تصرف مستحقاتهم إذا ما علمنا أن موظفي الدولة يعتمدون على ما تنفقه عليهم الحكومة ليستمروا في حياتهم المعيشية، خصوصاً وأن توقف أبواب الصرف لغير الراتب أصبحت شبه حقيقة وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على ميزانية الأسر والعاملين المستفيدين منها بوجه حقيقي.
ويضيف ليس المتضرر الأول هم الموظفون، فهناك بقية الشعب والذي يبلغ بالملايين يهيم على وجهه لكن نشاط القطاع الخاص وقطاعات الإنتاج التي يقودها في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات والمغتربين تعتبر المحركات الأكثر تشغيلاً لقطاعات العمالة وبالتالي تدور عجلة التنمية ويستفيد الجميع منها، وفي الحالة الراهنة هناك توقف للكثير من القطاعات إما نتيجة ارتفاع أسعار الوقود أو ضعف الطلب أو قلة السيولة النقدية وضعف التمويل كما هو حاصل في قطاع البناء والتشييد.
مشكلة
عند نزولنا الميداني وجدنا المئات من الأسر اليمنية تعيش حالة مزرية من "الحراف" نتيجة لتفاقم الأعباء المعيشية عليها منذ عدة شهور، حسب ما يقولون، فعلى مدى الثلاثة أشهر الماضية شهدت موازناتهم انحساراً لم يسبق له مثيل نتيجة لقلة الدخل، الأمر الذي جعلها لم تستطع توفير أي مبلغ من دخلها الصغير.
يقول مدرس الرياضيات خالد حسان إنه مديون للبقالة بـ30 ألف ريال، 12 ألف ريال منذ الشهر الماضي و18 ألف ريال منذ شهر ديسمبر، حيث لم يستطع الوفاء بأي التزامات منذ ذلك الشهر، منوهاً بأن احتياجات أسرته تتزايد فيما دخله ثابت عن 70 ألف ريال شهرياً، حيث ينفق منه الإيجار وبقية المصاريف.
خالد حسان كمثال لأرباب الآلاف من الأسر التي تعيش في العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية، حيث تجتمع عليه متاعب السكن بالإيجار وقلة الدخل وارتفاع الأسعار الأمر الذي يجعله في حالة ديوان متواصلة.
آثار سلبية يكشف تجار التجزئة والجملة الصغار والتجار في المستوى المتوسط عن تعرضهم لخسائر نتيجة انخفاض حركة تداول السلع نتيجة الخسائر التي أصيبوا بها لانخفاض الطلب وارتفاع تكاليف النقل وانخفاض هامش الربح ومن جهة أخرى، فقد زادت حدة الفقر في أوساط المزارعين في الريف نتيجة شدة المنافسة وارتفاع تكاليف الإنتاج وزادت الهجرة إلى المدينة، إضافة إلى تفاقم الفجوة الغذائية وزيادة الاعتماد على الواردات الزراعية وانخفاض نسبة الصادرات الزراعية .
وتشير الدراسة إلى ظهور سوق آخر، يمكن تسميته بسوق المهمشين وهو سوق غير منظم يتكون بصفة أساسية من أصحاب العربات والمتاجر الصغيرة المتنقلة من الرجال والنساء والأطفال، وهؤلاء هم شريحة فقيرة لا يملكون رأس مال كبيراً، وإنما يتاجرون بما يسد متطلباتهم البسيطة حيث يتم بيع فيه المواد الغذائية (كثير منها مهرب) والملابس المستعملة والفواكه والخضروات.
وخلصت الدراسة إلى أن الأثر السلبي على المستهلكين كان متفاوتاً، فقد أصاب الضرر بصورة كبيرة المستهلكين الفقراء وذوي الدخل المحدد من الموظفين والعمال والمزارعين، كما انخفضت الدخول الحقيقية لشريحة الطبقة الوسطى وانخفضت قدرتها الشرائية بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة .
توقعات هناك توقعات أن تظل الأسواق المحلية ضعيفة في القدرة التنافسية، وبالتالي فإن هذا النمط من الأسواق لا يخدم الناس خلال تلك الفترة، لأن الإشكالية هي أن اختلالات الأسواق المحلية هي بنيوية في الأساس وتحتاج إلى إعادة تأهيل وتطوير حتى تكون قادرة على المنافسة من جهة وخدمة الناس من جهة أخرى.
واعتبرت الدراسة أن تدخل الدولة من خلال إقامة البنى التحتية والخدمية والتسويقية الأساسية سيكون لها أثر إيجابي على تطوير دور الأسواق، إضافة إلى دورها الإشرافي والتنظيمي للسوق وبما يمكِّن من حماية حقوق المستهلكين والمنتجين على السواء، أما دور المنظمات الأهلية والخيرية فإن أولويتها الآن هو حماية الحقوق.
قلة الدخل
أصبحت قلة الدخل لدى اليمنيين مشكلة مزمنة، وهذا ما جعلهم إحصائياً في مستويات الفقر وتحت خط الفقر، حيث يقع نحو 50% في خط الفقر، وهو ما يعني أن تلك الأسر تعيش على دولارين في اليوم، أي 440 ريالاً، وهذا لا يمثل حتى قيمة رغيف الخبر في أدنى مستوياته.
وتشكو الأسر اليمنية خصوصاً منها المعتمدة على دخل محدود من الوظيفة مع الدولة أو المزارعين الموسميين في الأرياف من قلة الدخل خلال الشهور الماضية مقارنة بمستوى النفقات الباهظ، والذي التهم كل مداخليهم بسرعة، وتقول بعض الأسر إن مدخراتها أصبحت صفراً لأن الدخل لم يعد كما كان، وبالتالي هناك فجوة بين الدخل والنفقات بالسلب ما يعني تكدس الديون عليها لأجل غير مسمى.
أصحاب البقالات يؤكد أصحاب البقالات والسوبر ماركت أن الأسر اليمنية تعاني ضائقة مالية، وللتدليل على ذلك يوضح قاسم الحيمي، صاحب بقالة بالحصبة، أن زبائنه الذين يصلون إلى أكثر من 30 أسرة يعانون من قلة السيولة النقدية وهو ما أثر عليه، حيث لم يستطع الوفاء بالديون له سوى 60% فقط علماً بأنه يوفر لهم كافة المستلزمات اليومية من أول يوم في الشهر إلى نهايته، ويضيف: هناك من الزبائن من صارحني بأنه لا يستطيع دفع أيٍّ من الديون نظراً لضائقة مالية يمرون بها مما يجعلني في غاية الحرج والحزن والقلق.
الإدارة الكفؤة
في دراسته للفقر والفقراء في اليمن يؤكد الدكتور صالح عبده عبيد- الأستاذ بقسم الاجتماع جامعة صنعاء- أن الفقر في اليمن لم يكن ناتجاً عن ندرة الموارد الاقتصادية الطبيعية، فاليمن تمتلك موارد اقتصادية كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية الطبيعية، المعدنية والنفطية والزراعية والسمكية، إلى جانب موقعها الاستراتيجي الهام ووجود موارد بشرية إذا تم استغلالها سوف تسهم في تنمية المجتمع اليمني اقتصادياً وثقافياً والانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الغنية، ولكن سوء استغلال تلك الموارد الاقتصادية في ظل إدارة اقتصادية تقليدية ومتخلفة، والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان، والاستيلاء على عائداتها من قبل فئات صغيرة، وحرمان الجزء الأكبر من خيرات البلد كان سبباً في تخلف الاقتصاد اليمني وانتشار الفقر والتخلف بين السكان.
ويدعو الدكتور عبيد لفتح مجالات الاستثمار قائلاً: إن الاستثمار يعتبر أحد المكونات الرئيسية للاقتصاد الحر حيث يساعد على إيجاد فرص عمل تسهم في امتصاص البطالة، وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان في ظل توفر البيئة الاستثمارية الصالحة، واليمن أحد البلدان التي انتقلت إلى الاقتصاد الحر، ودعت الاستثمارات المحلية والعربية والعالمية إلى الاستثمار في اليمن، ولكن وفق خصوصية يمنية وظروف محبطة للاستثمار بفعل الإجراءات البيروقراطية التي كانت سبباً في هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وحرمان البلد من أي انتعاش اقتصادي، والقضاء على أمل الفقراء في تحسين أوضاعهم المعيشية.
دعوات
يقول خبراء الاقتصاد إن عدم استفادة الدولة في اليمن من الموارد البشرية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، هي إحدى المشكلات الرئيسية في المجالات التخطيطية، حيث يتم إهدار الطاقات والقدرات البشرية حتى المؤهلة وحرمان البلد من قدراتهم، وحرمانهم أيضاً من الموارد الاقتصادية التي تؤمن حياتهم.
ويؤكدون أن النمو السكاني في اليمن لم يعد مشكلة اجتماعية مقارنة مع حجم الموارد الاقتصادية التي تمتلكها اليمن، ولكن سوء استغلال تلك الموارد الاقتصادية والبشرية تحول النمو السكاني إلى مشكلة اجتماعية من وجهة نظر المخططين، لتخفي وراءها الأسباب الحقيقية في انتشار الفقر بين السكان في اليمن.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر