الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الاحتكام للسلاح في عدن يعقد حل الخلاف بين الجنوب والشمال
السلاح في اليمن
الساعة 17:31 (الرأي برس - متابعات)

تجددت الاشتباكات في مناطق متفرقة من محافظة عدن، مساء الخميس، بعد ساعات من الهدوء الحذر، وسط تحذيرات من أن الاحتكام للسلاح يعقّد مسار حل الخلاف بين الجنوب والشمال، وهو خلاف ذو جذور تاريخية عميقة ولا يمكن حسمه بالقوة لفائدة هذه الجهة أو تلك، فضلا عن كونه صراعا ثانويا قياسا بمهمة استعادة الدولة من قبضة الحوثيين المرتبطين بإيران، وهي المهمة التي يرعاها التحالف العربي ولا يسمح بتهميشها لفائدة أجندات مناطقية أو حزبية.

وحثت أوساط سياسية يمنية على ممارسة ضغوط قوية على حزب الإصلاح الإخواني، الذي تشير التقارير إلى أنه الطرف الرئيسي في تغذية التوتر والاستمرار فيه بالرغم من دعوات التهدئة والتدخل الحازم للتحالف العربي لوقف المواجهات.

وقالت مصادر محلية لـ”العرب” اللندنية إن مديريات التواهي وكريتر وخورمكسر شهدت اشتباكات هي الأعنف بين قوات تابعة للحزام الأمني وقوات الحماية الرئاسية.

واتسعت رقعة الاشتباكات لتمتد إلى مناطق وأحياء فرعية، بعد استخدام الحماية الرئاسية القذائف المدفعية في قصف معسكر جبل حديد الذي يضم مقر قيادة الألوية والوحدات العسكرية التي تدين بالولاء للمجلس الانتقالي الجنوبي.

ونجحت ضغوط مارسها التحالف العربي بقيادة السعودية، الأربعاء، في كبح جماح المواجهات التي اندلعت في أعقاب تشييع جثامين ضحايا الحزام الأمني، الذين قتلوا إثر الانفجارات التي استهدفت معسكر الجلاء ومركزا للشرطة، الخميس الماضي.

ووفقا لمصادر مطلعة، حال تدخل قيادة التحالف دون اقتحام المتظاهرين وقوات الحزام الأمني لقصر الرئاسة في معاشيق، بعد دعوة نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في كلمة قصيرة أنصار المجلس إلى “النفير العام” والزحف نحو قصر معاشيق وإسقاطه وطرد الحكومة.

وفيما تدفع الحكومة، ومن ورائها حزب الإصلاح الإخواني، الذي يهيمن بشكل كبير على مؤسسات “الشرعية”، إلى التصعيد، فإن مصادر يمنية مطّلعة تراهن على أن عودة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، أمس، إلى عدن ستقود إلى تطويق الأزمة.

وتتوقع المصادر أن يحتوي الزبيدي كل الملاحظات التي وجهت إلى نائبه هاني بن بريك، وهو ما سيساعد على إعادة الأمور إلى نصابها ويسحب البساط من تحت أقدام حزب الإصلاح الإخواني وسعيه الممنهج لتعطيل التهدئة.

وحمّلت الحكومة اليمنية، في بيان لها الخميس، المجلس الانتقالي ما أسمته بـ”العواقب الوخيمة للتصعيد المسلّح في عدن”.

ومع بداية النهار بدا موقف المجلس الانتقالي أضعف وهو ما فهم على أنه موقف سعودي داعم للحكومة، لكن مع التطورات المتسارعة وعودة الزبيدي وتوقف تحليق طائرات التحالف صار الوضع يميل لصالح الانتقالي.

وقال المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي، في بيان صحافي، مساء الأربعاء، إن القيادة المشتركة للتحالف تتابع وبقلق تطور الأحداث بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن.

ودعا تركي المالكي كافة الأطراف والمكونات اليمنية إلى “تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية والعمل مع الحكومة اليمنية الشرعية لتخطي المرحلة الحرجة وإرهاصاتها”، و”عدم إعطاء الفرصة للمتربصين من ميليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية كتنظيمي القاعدة وداعش والذين أوقدوا نار الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب اليمني”.

ولا يتوافق التصعيد المناطقي مع توجهات قيادة التحالف العربي، التي تعتقد أن إنهاء الوجود الحكومي في عدن يتعارض بشكل كلي وجوهري مع أهداف التحالف المعلنة، إضافة إلى إسهام التصعيد في تعقيد الأزمة اليمنية وخدمة المشروع الإيراني في اليمن.

وحذر خبراء سياسيون من استمرار حالة الاحتقان في المعسكر الداعم للحكومة، واستفزاز حزب الإصلاح الذي يتخفى وراء الشرعية لاستفزاز قطاع كبير من الجنوبيين، داعين التحالف إلى البدء في إجراء معالجات فورية للحوار الجاد بين الأطراف المناهضة للحوثيين وإعادة التوازن إلى مؤسسات “الشرعية” من خلال احتواء مطالب كافة الأطراف وطمأنتها وفي مقدمتها الحراك الجنوبي ممثلا في المجلس الانتقالي الذي يبدي مخاوف متزايدة من هيمنة جماعة الإخوان على الحكومة واستخدامها كأداة في الصراع وتصفية الحسابات.

وقال عزت مصطفى، رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، إن تصوير ما يحدث في عدن على أنه حدث آني أو أنه صراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية تسطيح لأبعاد الصراع في عدن والمحافظات الجنوبية، معتبرا أن القضية عمرها ربع قرن، وقد تطورت لتصل إلى صراع بين مجتمعي الشمال والجنوب.

وأشار مصطفى في تصريح لـ”العرب” إلى أن مجريات الأحداث الأخيرة في عدن كشفت عن صراع المجتمعين الشمالي والجنوبي، الذي برز في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما “دفع بالمجلس الانتقالي الذي يتصدر تمثيل القضية اليوم إلى الاستعجال بخطوة غير محسوبة كونه وضع تحت الضغط الإعلامي”.

وتابع أن المجلس الانتقالي كان بين خيارين إما أن يصعد استجابة لحاضنته الشعبية التي قد يفقدها بسبب ما سيعتبر تخاذلا منه؛ وإما أن يلجأ إلى السياسة حفاظا على تحالفاته الاستراتيجية خاصة مع دول التحالف العربي، وللأسف فإن الانتقالي الجنوبي وقف موقفا مرتبكا من الأمر فلا هو الذي صعد بشكل حاسم ولا لجأ إلى السياسة كليا، وهذا ما فاقم خطورة الوضع العسكري في عدن.

ويمتد الصراع الجاري في عدن إلى خلفيات تاريخية تعود إلى المواجهات ذات الطابع الجهوي والمناطقي التي شهدتها عدن في 1986 وانتهت لصالح تحالف جهوي سرعان ما خسر مكاسبه بعد اجتياح عدن في صيف 94 ومشاركة قوات جنوبية في المعركة.

وتغيرت المعادلة في أعقاب اجتياح الحوثيين لعدن في مارس 2015 ونشوء مقاومة جديدة، أفضت إلى عودة التيار الجنوبي الذي خسر المعركة في 1994، غير أن دخول عوامل سياسية جديدة في الصراع وتدخل أيديولوجيات حزبية ساهمت كلها في تأجيج الخلاف مجددا بين الفصائل الجنوبية التي يرى كل طرف فيها أنه يمثل القضية الجنوبية.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص