السبت 01 فبراير 2025 آخر تحديث: الثلاثاء 28 يناير 2025
ن …...والقلم
مراد ..وما أدراك ما مراد؟! - عبد الرحمن بجاش
الساعة 18:43 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



السبت 20 ابريل 2019
 

هنا وفي صفحته (( نجيب غيلان )) لمحت صورته ، مبتسما ، وسيم الملامح ، قل هو مراد …غبش الأربعاء احتلني ، فلم استطع مواصلة النوم ، فقمت اسكبه على السطور...
من العام 96 ، 23 عاما ولساني محشورا في فمي ، قل إنني اعتجمت ، فلم اقوى على شيء ، ضربتين على الرأس تؤلم كما يقال، كنت اسعى إلى شفاء نفسي مما أصابها حزنا ، فاذا بالضربة الأخرى رحيل أخيه ...يارب رحمتك …

من أين تكون البداية ؟ أحيانا يعجز قلمك على تحديدها ، أحيانا تأتي لحظة تكون فيها ضعيفا كإنسان ، قمة حزن نبيل تتشربك من اخمص قدميك حتى علو هامتك …
ماذا أقول وقدتفجرت المشاعرواجتاحني حزن لامثيل له اعجزني عن أن اقول شيئا طوال هذه الأعوام، من عام شهد ولادة ابنتي ورحيله ، هي الحياة ، تفرح هنا ، تنتكس روحك هناك …
قال : ياخال وقد التقيته في شارع الشرطة : امهلني ثلاثة أيام أذهب بالمندوب الذي معي إلى المدن الثلاث واعود إليك لنجلس لوحدنا ثلاثة أيام ، أنا شجن اسمع منك كل شيء ، قالها مبتسما : املأ رأسي سياسة ، قلت : سأنتظرك …
مازال المشهد في ذهني اراه كأنه حدث بالأمس….
ذهبت إلى شارع العدل ، جلست إلى صديق العمرمحمود شاهر عبد الرحمن وحدنا ، وعند الرابعة تقريبا ، لا أدري كيف تسرب القلق إلى نفسي ، فرحت اتصل هنا إلى باب اليمن ، إلى الحديدة ، إلى تعز : أين مراد ؟، وكل من رد ، لم يقنعني …
بيتي في بيت بوس لازالت لحظتها بعيده عن المدينة ، ظلام ، لاتليفونات ، تركت محمود وثمة شعورقاس تولاني (( لابدان شيئا ما قد حدث)) …

عند العاشرة ليلا ، سمعت طرقاعلى الباب ، من سيأتي في هذا الوقت ، اصخت السمع مرة أخرى،  ربما توهمت ، لكن الطرقة الثانية كانت أقوى ، جدته هناك في غرفة داخلية ، والاولاد نائمين، وامهما على وشك الوضع ...من ؟ - خليل ، قبل أن اقول : مالذي…...، رماها في وجهي واتجه إلى الداخل : مراد مات ، ثوان قاسية إلى درجة الهول ، رحت أسأل نفسي وبسرعة : هل أنا سمعت بالفعل خليل يقول : مات ، لالم يقل ، بل قال…. لحقته بسرعة ، قلت ….أشار إلي، قلت لاتتكلم ، طرق الباب مرة أخرى ، توزعت انتباها هنا وهناك ، من ؟ - أني ، اخت خليل ، فتحت بسرعة وعدت اهيئ الزوجه لسماع الخبر، الجدة هناك في الداخل تقول لخليل : قلبي حاسس أن ((اواليدي مدري موحصل لهم ))، أنا رميت في اذن خالته زوجتي: مراد ….و لم استطع ان اكمل….

انتحيت جانبا ، كلي يبكي بدون دموع، انتظرجحافل الليل أن تسحب الجزء الاكبرمن قواتها من امام الغبش الذي يزحف ، امتطيت راحلتي وإلى البحركان مقصدي…
وصلت إلى الحديدة ، كان الدفن قد تم ، حاولت السلام على عبد العزيزبمد اليد وتحاشي النظرإلى وجهه ، لكنه شدني إليه بقوة الألم والوجع اللذين سكنا لحظة هي اقسى لحظة شاهدتها على ملامح وجهه وانفاسه كالبركان تقذف المها إلى وجهي ، لم استطع حتى أن أشيرإلى أي شيء …
مرت اللحظات بطيئة ، حقيرة ، غالب يقف هناك يصلي الظهر، احسست بهول ماجرى على مشاعره كأب ، سمعت صوته يصلي الظهرعاليا ، أدركت انه الوجع الذي وصل إلى قاع الروح ..قالوا الحديدة خرجت كلها واولها الفقراء …

مراد غالب عقلان سعيد الغنامي ، فجأة تطلع إلى الحياة برغبة جامحة ، بعد موقف ذات ليلة من قبلي، تغيرت نظرته إلى الكون ، فجمح بتطلعه : ياخال اشتي اعرف اصحابك ، قلت : حاضر، وفي قادم ايام مابعد الطلب طفت به عند اكثرمن صديق ، : ياخال اصحابك رائعين ، اشتي اتعرف على المزيد ، قلت : حاضريامراد ، قال عبدالرقيب لاعب الجيل السابق وكان موظفا كبيرا في البنك : اخاف عليه ، يريدأن يعوض عن كل مامرفي حياته ، قلت أنا : دعه ياعبد الرقيب يصفي ذحل الايام ..يامهندس احمدسيف احسب كم تكملة الطابق الثاني لخالي وكلمني ، اسكت ، يذهب ، اعود للمهندس : أوبه تعمل اي تكلفه …ياخال ايش رأيك نعمل انا وانت حزب، ياخال نصدرجريده ، ياخال …..كأنه كان يستشعردنو الأجل ، حتى عندما يمشي بسيارته فبالسرعة القصوى التي تبلد مشاعرك ، كأنه يريد أن يلحق شيئ ما قبل الرحيل …

حرب 94 ، نزلنا إلى الحديدة لفترة العيد انا ود.قائد طربوش ، فؤاد سعيد فارع رحمه الله ، هناك احمد حميد المحامي ، وآخرين كثرمن الاصحاب ، اصرعلى استضافة الجميع يوميا : أشتي اسمع ياخال ، اشتي أشتي أشتي ، لاأدري هل وسط ذلك الجموح الجميل قالها : ياخال اشتي اعمل كل شيء فقد قرب موعد الرحيل …

صوته رحمه الله يدوي في ارجاء الروح ، هذه اللحظة بعد كل تلك الاعوام استطعت البوح ببعض ما اختزن في الذاكرة وفي النفس …صوت آخرصوت صديقه واخيه عبد العزيزيناديني كالعادة : ياإمام أين انت ؟ أنا وقد صحوت فجرا أتخلص من عبئ جثم على الصدرطويلا : اناهنا ، أين انتما ……

كاناأنبل اثنين تركا لي ولنا الوجع وغادرا بهدوء رحمهما الله ..مراد الغنامي ، عبد العزيز الغنامي ….لتنم روحهما بسلام

هل تخلصت او خففت من وجعي ؟ الجواب عند نجيب غيلان الذي اتصلت به : مثلما بكيت أمس إقرأ وإبكي ، والشاعرالجميل عبدالله عبد اللطيف الفقيه : عليه اليوم أن يبلل بحرعدن بدموع الحزن الانبل عليهما ….أويهطل مطرالغيث وجعاعلى احوال وشعاب الكدره ….

لله الامرمن قبل ومن بعد .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص