الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
هل تدعم الاستخبارات الأمريكية الحوثيين في اليمن؟
نقطة تفتيش للحوثيين في اليمن
الساعة 02:10 (تحليل - محمود الطاهر)

في الثالث والعشرين من نوفمبر من العام 2014، أجتمع ممثلين عن الحوثيين (الشيعة في اليمن) بقيادة علي العمادة مع مسئولين في جهاز الاستخبارات الأمريكية في واشنطن لمناقشة مستقبل اليمن، ومعرفة الفكر الذي تنتهجه جماعة "أنصار الله" (الجناح السياسي للمتمردين الحوثيين)، لأهداف وإستراتيجية أمريكية بعيدة المدى وفقا لتسريبات إعلامية أمريكية.

 

يأتي ذلك صبيحة يوم 22 نوفمبر عندما استضافت الولايات المتحدة الأمريكية وفدا يمنيا جمع قوى سياسية وقيادات حكومية، واجتمعت في أحد فنادق واشنطن لمناقشة مستقبل اليمن على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

 

ووفقا لما نقلته قناة الحرة الأمريكية، فإن أطرافا يمنية شددت خلال الاجتماع على أن المرحلة المقبلة «لا تقبل إلا الشراكة الوطنية»، وأشارت إلى أهمية «تحقيق السلم والتعايش السلمي والالتزام بعدم انتهاك الاتفاق الموقع بين الأطراف».

 

طي الكتمان

 لكن تلك الأخبار ضلت في طي الكتمان، ولم تحظى باهتمام إعلامي يمني أو من قبل جماعة الحوثي، لاسيما وأن الاجتماع جاء بعد ثلاثة عشرة يوما من قرار الأمم المتحدة، وأمريكا من فرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وقياديين اثنين من جماعة الحوثي هما  "عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم".

 

وبالرغم أن الاجتماع عقد سرا بين قيادات استخباراتية أمريكية وحوثية؛ إلا أن ذلك لم يدم طويلا بعد أن سربت وسائل إعلام أمريكية تلك الاجتماعات، وهو ما أثار حفيظة المحللين السياسيين عن أسباب تغاضي الولايات المتحدة الأمريكية تجاه أفعال المتمردون الحوثيون في اليمن، لاسيما وأن الجماعة تنادي دائما بـ"الموت لأمريكا وإسرائيل"، وهو ما يعتبر ذلك تناقضا، وغير منطقيا، وأثار تساؤلات عدة.

 

غير أن الأحداث التالية لتلك الاجتماعات والتغاضي الأمريكي تجاه أفعال المتمردون الحوثيون في صنعاء، ولدت قناعة لدى العديد من المحللين المهتمين بالشأن اليمني أن هناك بداية لتكوين و"رقة ضغط" جديدة ستستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية على المدى الطويل ضد جيران اليمن، وهو ما يعد خطرا حقيقيا يهدد أمن دول مجلس التعاون الخليجي.

 

السيطرة الحوثية

ضلت الولايات المتحدة الأمريكية تراقب  بصمت تطورات الأحداث في اليمن، منذ اندلاع المواجهات بين الحوثيون وقوات الحماية الرئاسية التي انتهت بهزيمتهم والسيطرة على التباب المطلة على دار الرئاسة يوم الاثنين 19 يناير الجاري، وتلاحقت بعدها الأحداث وهي فرض الإقامة الجبرية على الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد محفوظ بحاح.

 

في هذه الأثناء بعث السفير الأمريكي بصنعاء وفدًا إلى الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي محاولا إقناعه على تقديم استقالته وتسليم الحكم للحوثيين، وبعد ثلاثة أيام استجاب الرئيس اليمني لتلك الضغوط وقدم استقالته لمجلس النواب، وهو ما أثار أيضا بعض التساؤلات حول صمت الأمم المتحدة من الأحداث بالرغم أن الجمهورية اليمنية تحت الوصاية الدولية (البند السابع)، يحق لهم التدخل في أي وقت لإنقاذ الشرعية فيها.

 

دعم الحوثي

وفي 23 يناير أي بعد يوم واحد من تقديم الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي استقالته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست إنه “ليس واضحا” لإدارة اوباما ما إن كانت إيران لها سيطرة على المتمردين الحوثيين في اليمن، دون أن يزيد تفاصيل أخرى عن أسباب تصريحه في ذلك، وعدم إدانة ما يجري للرئيس اليمني، وهو ما أعتبره مراقبون سياسيون إنه مؤشرا لدعم التصرف الحوثي في اليمن.

 

ويوم الأحد 25 يناير أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الحرب على تنظيم القاعدة في اليمن تبقى أولوية للولايات المتحدة على الرغم من الفوضى السائدة في هذا البلد، مؤكدا أن هناك تنسيقا أمنيا للقضاء على القاعدة.

 

وقال أوباما في مؤتمر صحافي مشترك في نيودلهي مع رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي إن "أولويتنا هي الإبقاء على الضغط على القاعدة في اليمن وهذا ما نقوم به".

 

ودعا الرئيس الأميركي كافة الأطراف المعنية إلى احترام العملية الدستورية و"اللجوء إلى وسائل سياسية بدلا من العسكرية لحل خلافاتهم"، موضحا أن "اليمن لم يكن على الإطلاق ديمقراطية تامة أو جزيرة استقرار"، مشيرا إلى أن مكافحة الإرهاب يجب أن تجري في دول مضطربة أساسا"، وهو ما أعتبره محللون سياسيون أن ذلك أوضح الرضا الكامل للولايات المتحدة الأمريكية لما يحدث في اليمن.

 

علاقات استخبارية

ويعتبر محللون أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تكيفت مع صعود نجم الحوثيين في اليمن، حتى إنها تواصل هجماتها على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في غمرة أعمال العنف التي تشهدها العاصمة صنعاء.

وقالت الكاتبة باربارا سالفين في مقال نشره موقع "المونيتور" الإخباري -الذي يتخذ من واشنطن مقراً له- إن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقة استخباراتية مع جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء العاصمة.

وتأكيداً على وجهة النظر هذه، نقلت الكاتبة عن مايكل فيكرز مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الاستخبارات القول إن الحوثيين جماعة "تناصب القاعدة العداء، وهو ما ساعدنا على مواصلة تنفيذ بعض عملياتنا الخاصة بمكافحة إرهاب ذلك التنظيم خلال الأشهر الماضية".

ويعتبر محللون مهتمون بالشأن اليمني أن دعم الحوثيين الهجمات الأميركية ضد تنظيم القاعدة هو من قبيل تحالف المصالح، والجزء الصعب الآن يكمن في التفاوض بحصافة مع السعوديين وإقناعهم بالموافقة على أن يكون للحوثيين مزيد من النفوذ في الحكومة اليمنية".

 

ووفقاً للخبير في شؤون اليمن بمعهد الشرق الأوسط شارلس شميتز، فإن دور إيران "ليس أساسياً، وإن الحوثيين لا يتلقون تعليمات منها"، مضيفاً أن أجندة الجماعة المناوئة لتنظيم القاعدة تتوافق مع المصالح الأميركية والإيرانية معاً تماماً مثلما تقف الولايات المتحدة وإيران والمجموعات المدعومة من طهران جنباً إلى جنب في العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية".

ويرى شميتز أن دعم جماعة الحوثي الهجمات الأميركية ضد تنظيم القاعدة في اليمن هو من قبيل "تحالف المصالح"، قائلاً إن الجزء الصعب الآن يكمن في "التفاوض بحصافة مع السعوديين وإقناعهم بالموافقة على أن يكون للحوثيين مزيد من النفوذ في الحكومة اليمنية، ومؤكداً في الوقت نفسه أنه "ربما لا تكون للسعوديين خيارات كثيرة".

 

لماذا دعم الحوثيين؟

ويعتبر محللون سياسيون إن الولايات المتحدة الأمريكية وجدت أخيرا ضالتها في اليمن لتحقيق أهداف استراتيجة لها على المدى الطويل عن طريق الحوثيين (الشيعة)، لاستعمالها أولا ورقة ضغط تجاه الدول العربية خصوصا دول الخليج العربي، وثانيا لاستعمالهم في تنفيذ حرب طائفية قادمة في المنطقة بين السنة والشيعة بهدف تقسم منطقة الشرق الأوساط على أساس مناطقية ومذهبية.

وأوضح المحللون أن الهدف من ذلك أيضا هو الإبقاء على عدم استقرار المنطقة لخدمة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وتحقيق أطماعة، فضلا عن ذريعة أخرى لإبقاء التواجد الأمريكي في المنقطة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص