في يوم الـ16 من شهر نوفمبر الحاليّ، عقد مجلس الأمن جلسة خاصة لمناقشة الوضع الإنساني في اليمن، وكشف خلاله مارتن غريفيث أنه سيتم دعوة جميع أطراف الأزمة اليمنية في السويد قريبًا، دون أن يحدد الوقت لذلك.
وأضاف المبعوث الدولي أنه لا يجب أن يمنع شيء المجتمع الدولي من استئناف الحوار والمشاورات لتفادي الأزمة الإنسانية باليمن، وهو ما يلقى دعم من المجتمع الدولي والحكومة اليمنية والتحالف العربي بلا حدود.
المبعوث الأممي تعهد بالسفر إلى اليمن ومحافظة الحديدة مسرح الأحداث، وهي السبب الرئيس لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بدعوة من بريطانيا بغرض وقف تحرير محافظة الحديدة من مليشيات الحوثي الموالية لإيران.
ويوم الـ19 من نوفمبر، عرضت بريطانيا مشروع قانون على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدعو إلى هدنة فورية في مدينة الحديدة باليمن، ويضع مهلة للطرفين المتنازعين لإزالة جميع الحواجز أمام المساعدات الإنسانية، لكن لم يتم التصديق والموافقة عليه حتى الآن.
وينص المشروع على دعوة الأطراف التي لم يسمها إلى وقف الأعمال العدائية في محافظة الحديدة وعلى جميع الجبهات، ووقف جميع الهجمات على المناطق ذات الكثافة السكانية في اليمن، وهو يشير إلى التحالف العربي بغية إلزامه بعدم الهجوم الجوي على الحوثيين.
وبطريقة دس السم بالعسل طالب مشروع القرار بوقف الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة ضد دول المنطقة، وهي نقطة من شأنها مغازلة الدول الرافضة لأي مشروع جديد في مجلس الأمن بشأن اليمن دون أن يتم الضغط لتنفيذ القرار الأممي السابق.
تحدث المشروع عن وقف الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة ضد دول المنطقة، بمعنى أنه يريد الاعتراف بحديث الحوثيين الذين دائمًا ما يتحدثون أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت في مرماهم، وأنهم يقصفوها وفقًا لما تعلنه وسائلهم الإعلامية.
المشروع بقدر ما ينادي باسم الحالة الإنسانية ويدعو إلى وقف إطلاق النار، لكنه مليء بالألغام الموقوتة، وقد يشكل خطورة على مستقبل الحكومة اليمنية الشرعية
مشروع القرار ذاته، دعا جميع الأطراف لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية والأدوية والوقود، وحث المجتمع الدولي لدعم التمويل والدعم المستمر للعمليات الإنسانية في اليمن.
في حال التصديق على هذا القرار، فسيكون بمثابة التصعيد ضد التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية وممارسة الضغوط للقبول بالوضع السياسي الحاليّ، والإبقاء على الحوثيين كقوة تضاهي حزب الله في شبه الجزيرة العربية، لتستخدمها مستقبلًا الدول للضغط على دول الخليج، كما هي الآن تبتزها بسبب إيران.
المشروع بقدر ما ينادي باسم الحالة الإنسانية ويدعو إلى وقف إطلاق النار، لكنه مليء بالألغام الموقوتة، وقد يشكل خطورة على مستقبل الحكومة اليمنية الشرعية.
الحوثيون لم يلتزموا بالقرار 2216، ومع ذلك ستلتزم الحكومة اليمنية بأي قرار أممي جديد، وسيكون نتائجه لصالح الحوثيين، ولن يلتزموا بأي مشروع جديد أو قديم وسيستمرون بتجريف كل ما هو أمامهم، وطمس الهوية اليمنية الإسلامية المعتدلة، وتحويل هوية الشعب اليمني إلى هوية شيعية متطرفة، وهم قادرون على ذلك إن لم يتم وقف مشروعهم التدميري.
موقف الحكومة اليمنية
دائمًا ما تعلن الحكومة اليمنية الترحيب بأي مبادرات بهدف وقف الحرب وفقًا للمرجعيات الثلاثة (قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني)، وهي ملزمة بذلك كون اليمن عضو في الأمم المتحدة وموقع على كل الاتفاقيات، لكن المليشيات الحوثية لا يمكن أن تلتزم بأي قرار، لا سيما أنها ترفض الاعتراف بأي قرار دولي ما لم يكن مصدره إيران.
وأعلنت الحكومة اليمنية، الإثنين، موافقتها على المشاركة بالمشاورات المقرر عقدها في السويد.
دعا البيان، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم من أي تعطيل قد تقوم به المليشيات الحوثية لتأخير أو عدم حضور المشاورات في موعدها المحدد
وأوضحت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان نشرته الوكالة الرسمية، أنه تم إبلاغ المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، أن توجيهات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قضت بتأييد جهوده، ودعمه لعقد المشاورات القادمة.
وقال البيان "سيتم إرسال وفد الحكومة للمشاورات بهدف التوصل لحل سياسي للأزمة، مبني على المرجعيات الثلاثة المتفق عليها، والمتمثلة في: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2216"، ودعا البيان، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم من أي تعطيل قد تقوم به المليشيات الحوثية لتأخير أو عدم حضور المشاورات في موعدها المحدد.
موقف الحوثيين
أعلنت مليشيا الحوثي يوم السبت وقف إطلاق الصواريخ البالستية على المملكة العربية السعودية، معتبرة أن إعلانها يأتي لإثبات حسن النوايا وتعزيزًا لتحركات المبعوث الأممي مارتن غريفيث لإحلال السلام في البلاد.
ووفقًا لما جاء في البيان، فإن الحوثيين أوقفوا إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على دول السعودية وأمريكا والإمارات وحلفائهم في اليمن، لكنهم لم يعلنوا وقف إطلاق النار في الجبهات، لكنهم أبدوا نية لوقفها دون أن يكون هناك مؤشر على نية الحوثي لوقفها.
الحوثيون لم يلتزموا بما أعلنوه وأطلقوا صاروخين بالستيين أحدهما في اتجاه المملكة العربية السعودية والآخر على قوات الجيش اليمني الموجودة في صحراء ميدي، وأطلقوا قذائف الكاتيوشا على مستشفى 22 مايو في الحديدة التي تكتظ بمئات المرضى من أبناء الحديدة
تلاعب الحوثيون في ألفاظ بيانهم ليوهموا العالم بأن الحرب بين اليمن والمملكة العربية السعودية والإمارات، لكي يخرجوا أنفسهم من الاعتداء على الشعب اليمني وعمالتهم لطهران وفقًا لمراقبين في الشأن اليمني.
لكن الحوثيين لم يلتزموا بما أعلنوه وأطلقوا صاروخين بالستيين أحدهما في اتجاه المملكة العربية السعودية والآخر على قوات الجيش اليمني الموجود في صحراء ميدي، وأطلقوا قذائف الكاتيوشا على مستشفى 22 مايو في الحديدة التي تكتظ بمئات المرضى من أبناء الحديدة.
وسبق للحوثيين أن نقضوا سبع هدن معلنة بينهم وبين الحكومة اليمنية، وصعدوا عملياتهم العسكرية.
وفيما يخص مشروع القرار الأممي الجديد اعتبره الحوثيون مخيبًا لآمالهم، ومشرعنًا لما أسموه العدوان.
لماذا أعلن الحوثيون قبولهم وقف إطلاق النار؟
أعلن الحوثيون قبولهم لوقف إطلاق النار ليس حبًا لأبناء اليمن ولا من أجل إيقاف الحرب، وإنما بعد أن وجدوا أنفسهم في وضع المتقهقر والمنهزم في الجبهات كافة، وجاء مجلس الأمن بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذهم، فسرعان ما أعلنوا قبولهم لأي حوار سياسي من شأنه إنهاء الأزمة السياسية والإنسانية في اليمن، إلا أن للحوثيين أمد آخر من وراء هذا الإعلان.
عندما أعلنت الحكومة اليمنية وقف إطلاق النار وتوقفت المقاومة الوطنية المشتركة داخل أحياء المدينة دون أن تستكمل الزحف نحو ميناء الحديدة الذي يبعد عن المقاومة اليمنية المشتركة نحو 4 كيلومترات، سارعت المليشيات الحوثية بالبحث عن عناصرها المفقودين والهاربين، وأجبرتهم على العودة إلى المتارس، فضلاً عن اقتحامها الأحياء السكينة التي ما زالت تحت سيطرتها، وألقت القبض على العديد من المواطنين بحجة مساعدة قوات المقاومة اليمنية المشتركة.
لفرض السلام في اليمن، لا بد من الضغط على المليشيات الحوثية عسكريًا، وإجبارهم على الاستسلام، لا سيما أنهم الآن في وضع حرج، وأحصنتهم تتهاوى في كل جبهات القتال
لم تكتف المليشيات الحوثية بالإجراءات في محافظة الحديدة، بل عملت على التحشيد من مختلف أبناء اليمن، تحت ذريعة الانتصار (لمولد رسول الله) وقتال "إسرائيل وأمريكا التي ستحتل الساحل الغربي لليمن"، ودفع اليمنيين إلى محافظة الحديدة التي أصبحت تشبه المحرقة للقوات الموالية للحوثيين، وهو ما يعني أن المليشيات الحوثية لا تنشد السلام، وإنما تنشد من خلال إعلانها الموافقة على وقف إطلاق النار، لملمة صفوفها والعودة مجددًا للحرب.
رفض الحوثيون كل فرص السلام لأن مشروعهم يقوم موضوعيًا على الحرب، وهو ما يعني أن السلام الذي يؤمن الاستقرار لليمن حاليًا يتعارض مع مشروعهم، ولن يقبل الحوثيون بالسلام إلا إذا فرض عليهم فرضًا، ويجب أن يفرض السلام، لا من أجلهم، ولكن لإنقاذ اليمن.
ولفرض السلام في اليمن، لا بد من الضغط على المليشيات الحوثية عسكريًا، وإجبارهم على الاستسلام، لا سيما أنهم الآن في وضع حرج، وأحصنتهم تتهاوى في كل جبهات القتال، لكون المليشيات الحوثية لها مشروع الموت، ومن يمتلك هذا المشروع لا يمكن أن تستجدي منه السلام، وأول طرق السلام تحرير الحديدة من مليشيات الحوثي.