الخميس 21 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
اعترافات متلفزة تحت التعذيب
الساعة 20:44 (الرأي برس _ المشاهد)

لم يكن ظهور الناشط علي الشرعبي، على قناة “المسيرة” التابعة لجماعة الحوثي، عشية الخامس من أكتوبر الجاري، بمحض إرادته، وهو يدلي باعترافات قسرية أنه من خطط لثورة الجياع، وحدد يوم الـ6 من أكتوبر الجاري، كموعد للتظاهرة في العاصمة صنعاء، وأن التحالف العربي بقيادة السعودية، والأحزاب السياسية المؤيدة للشرعية، من يقف وراءه، ولا علاقة لها بجوع ومعاناة الناس، غير أن مقطع الفيديو الذي ظهر فيه الشرعبي يؤكد أن اعترافاته كانت تحت التعذيب.


الفيديو الذي احتوى على 12 مشهداً، مع حركة منقلة للكاميرا، لمدة 2:25 دقيقة، لم يتضمن اعترافاً حقيقياً بأي شيء، وتبدو محاولة الحوثيين انتزاع اعتراف منه، واضحة، لكنهم أخفقوا على ما يبدو، ولم ينجحوا إلا في تسجيل الفيديو.


ويثبت اختلاف درجة الإضاءة بين المشاهد، أن هناك فترات متباعدة أثناء تسجيل الفيديو، ما يعني أنه كان يرفض الحديث، فيتعرض للتعذيب، إذ بدا ظهوره في الثانية 19 بملامح متغيرة في وجهه، وتسريحة شعره مختلفة، يظهر عليه آثار اعتداء جسدي، وفي الدقيقة 01:05 سمع له حشرجة بكاء، أخفق المخرج في إخفائها.


وأدان التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، الذي ينتمي إليه الشرعبي، في بيان له في 9 أكتوبر الجاري، اعتقال المناضل الشرعبي، الذي طالب سلطة الحوثيين بسرعة إطلاق سراحه، مؤكداً على بشاعة ووحشية هذه السلطات التي مارست على المناضل علي الشرعبي صنوفاً من التعذيب والترهيب، وتلفيق الفيلم من عدد من الجلسات لإخراج مادة ترويجية مفبركة من مقاطع متعددة تبدو واضحة للعيان، وتبين حالة الإرهاق بادية على وجه وجسم الأخ الشرعبي.


وأشار البيان إلى أن الشرعبي اعتقل قبل أسابيع من إطلاق الدعوات للتظاهر في العاصمة صنعاء، ولم تكن حينها ثورة الجياع في الحسبان، الأمر الذي يكشف زيف تلك الادعاءات، منوهاً إلى أنه تم عرض تلك المادة التسجيلية على لجنة فنية متخصصة فضحت تلك الأساليب الرخيصة الموروثة من الأجهزة الأمنية للنظام القمعي الذي أسسه علي عبدالله صالح.


وشهدت العاصمة صنعاء، في 6 أكتوبر، مظاهرة محدودة، واجهها مسلحو جماعة الحوثي بالقمع والاعتقال لطالبات جامعة صنعاء، قبل أن يتم الإفراج عنهن في اليوم التالي.


وأكد ناشطون وحقوقيون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الشرعبي كان يتحدث بالفيديو بما يملى عليه تحت وطأة التعذيب، ولا يمت لقناعته ومبادئه بأية صلة.


واعتقل علي الشرعبي، منتصف سبتمبر الماضي، في حي السنينة (غرب صنعاء)، من قبل مسلحي جماعة الحوثي، الذين لفقوا له تهماً بأنه يعمل لصالح ما سموه “العدوان السعودي الإماراتي”، وهو ما نفاه الشرعبي في معتقله بالبحث الجنائي بصنعاء.


ويؤكد حقوقيون أن إلقاء التهم بالعمالة والارتزاق والتخوين، وأخذ اعترافات من المعتقلين تحت التعذيب، هي أبرز الأساليب التي تستخدمها جماعة الحوثي لتصفية خصومها والتخلص منهم.
وتؤكد رابطة أمهات المختطفين ”، أنها أجرت لقاءات مع 100 شخص من المفرج عنهم، أكدوا أنهم أدلوا باعترافات تحت التعذيب بتهم ليس لهم علاقة بها، أبرز هذه الاعترافات أنهم ينتمون لخلايا منظمة تعمل لصالح التحالف، وأنهم قدموا إحداثيات للتحالف، بالإضافة إلى الاعتراف بأنهم قاموا بتفجيرات وزرع عبوات ناسفة واغتيال شخصيات حوثية، وتم أخذ بصمات بعضهم على أوراق لا يعرفون ما بداخلها، وهو ما أكدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في تقريرها للعام 2017، موضحاً أن الزيارات الميدانية التي قامت بها فرقها لبعض السجناء الذين أطلق سراحهم بعد اعتقالهم، أثبتت أن جماعة الحوثي أجبرتهم على الاعتراف بتهم وجرائم لم يقوموا بارتكابها.


ويؤكد تقرير اللجنة أن المعتقلين يعانون من أوضاع نفسية وصحية سيئة، بسبب قسوة التعذيب الذي تعرضوا له.


وبلغ عدد المختطفين والمحتجزين قسراً في سجون الحوثيين، 14 ألف شخصٍ، خلال 4 سنوات من انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية، توفي منهم 73 شخصاً تحت التعذيب، بحسب بيانات وزارة حقوق الإنسان التابعة للحكومة الشرعية، التي أكدت أن الحوثيين حولوا أكثر من 400 مرفق حكومي وخاص إلى أماكن للاعتقال والاحتجاز والتعذيب.


وبحسب إحصائيات الرابطة، فإن 12636 معتقلاً تم توثيقهم منذ 21 سبتمبر 2014م حتى 31 ديسمبر 2016م، وتم توثيق 5347 حالة اختطاف خلال عام 2017م، فيما تم الإفراج عن 1816 مختطفاً.
ويعد التعذيب للحصول على اعترافات من أبشع الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات اليمني.
ويقول المحامي هائل الهلالي، إن القانون اليمني شدد في نصه العقابي على جريمة التعذيب، واعتبرها من الجرائم الجسيمة، حيث نصت المادة 166 من قانون العقوبات، على عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على 10 سنوات، لكل موظف عام عذب أثناء تأدية وظيفته أو استعمل القوة أو التهديد بنفسه أو بواسطة غيره، مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها، وذلك دون إخلال بحق المجني عليه في القصاص أو الدية أو الأرش.


القانون اليمني يبطل كل أثر أو إجراء أو دليل مترتب أو تم الحصول والوصول إليه تحت وطأة التعذيب، ولا تترتب أية حجة قانونية أو قضائية لأي اعترافات أو أقوال انتزعت من شخص تعرض للتعذيب، فالإرادة الحرة تعد ركناً وشرطاً أساسياً لصحة أي تصرف قولي أو فعلي صادر من المتهم، بحسب ما قاله المحامي الهلالي .


ويعرف القانون الدولي الإنساني الذي يعتبر التعذيب جريمة حرب، في المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب 1984، على أنه أي عمل متعمد من شأنه أن يلحق بشخص ما ألماً أو معاناة شديدة، سواء كانت بدنية أو عقلية، وذلك لأغراض مثل الحصول منه أو من طرف ثالث على معلومات أو اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في ارتكابه من قبله هو أو من قبل طرف ثالث، وذلك عندما يكون هذا الألم أو المعاناة قد أُلحقت بالشخص بتحريض أو موافقة أو إذعان من مسؤول رسمي أو شخص آخر يمثل سلطة رسمية، ولا يشمل التعذيب الألم أو المعاناة الناشئة عن عقوبات قانونية أو جزء منها أو مصادفة لها.


حاول محرر التواصل مع حقوقيين ومسؤولين حوثيين للتحدث عما جاء في التقرير، لكنهم لم يردوا على اتصالاته المتكررة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص