الخميس 21 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الموت المزروع على شواطئ عروسة البحر الاحمر أرقام واحصائيات
الساعة 18:38 (الرأي برس - المشاهد)

لم تعد شواطئ الخوخة والدريهمي والتحيتا الساحرة, بمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، مزروعة بأشجار النخيل الباسقة فقط، فثمة ألغام مدفونة في رمالها الذهبية التي كانت ذات يوم متنفساً لأبناء المحافظة، والمحافظات الأخرى, حولتها الى حقول موت تتربص بالأبرياء.

وتحولت شواطئ الحديدة (عروس البحر الأحمر) من مكان حالم وساحر يستقطب السياح المحليين خصوصاً في فصل الشتاء من كل عام بسبب مناخها المعتدل، وطبيعتها النقية الخلابة, إلى أرض مزروعة ببذور الموت والهلاك خلفت عشرات الضحايا.


وبات الخوف والقل يحاصر حياة آلاف السكان في في محافظة الحديدة بعد مقتل العشرات من المدنيين، بسبب الألغام التي زرعها الحوثيون في مناطق متفرقة على طول الشريط الساحلي مامنع الصيادين والمزارعين من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بسبب انتشار الألغام والمواد المتفجرة في الشريط الساحلي.

 

جراح غائرة

لاتزال جراح ضحايا الألغام في محافظة الحديدة وذويهم غائرة، ولم تنس أسرة الصياد عادل محمد الشنيني مصابها بفقد معيلها في مقتبل عمره حين قاده قدره إلى لغم مدفون في رمال ساحل الفازة بمديرية الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة حين كان في رحلة صيد مع أصدقائه في 29 من إبريل الماضي.


وتختزل قصة المواطن سعيد حسن بحيري مأسآة آلاف الأسر البسيطة في الساحل الغربي للحديدة, ففي الثاني من نوفمبر الماضي, كانت حصة البحيري من رحلة صيد “لغم أرضي” عثر عليه في ساحل مديرية الخوخة وعاد به إلى منزله المتواضع في قرية القطابا ظناً منه أنه سيقوم ببيعه أو الإستفادة منه بأي شكل من الأشكال.


وبعد ساعات من وصول رب الأسرة كانت الكارثة فقد اانفجر اللغم بسكان المنزل مما أدى إلى مقتل الأب البحيري (55 عاماً)، وطفليه رياض (8 أعوام)، وإدريس (10) أعوام، فيما أصيبت زوجته زوجته حجة توم (40 عاماً) وبناته، ندى (15 عاماً)، وفاطمة (8 أعوام)، ومريم (9 أعوام)، وبشائر (7 أشهر)، ونجله توفيق (11 عاماً).


و لقي 8 صيادين مصرعهم في انفجار لغم بحري زرعه مسلحو جماعة الحوثي على سواحل ميدي (غربي اليمن) فيما لقيت إمرأة تدعى عبادل عبدالله مصرعها في يونيو الماضي بانفجار لغم أرضي زرعه مسلحو جماعة الحوثيين في ساحل قرية الغويرق بمنطقة المتينة في مديرية التحيتا الساحلية جنوب محافظة الحديدة.


وبحسب سكان محليين, خرجت المرأة الأربعينية الى ساحل القرية لجمع الحطب من أغصان الأشجار لطهي الطعام عوضا عن الغاز المنزلي الذي لايستطيعون شراءه فانفجر فيها اللغم الذي زرعه الحوثيون في مناطق يرتادها السكان كونها ممرا للصيادين الى البحر ومناطق لجمع الأحطاب.


وفي السادس من أكتوبر الماضي, قتل الشاب منصور يحاني أحد سكان مدينة الصليف جراء انفجار لغم أرضي زرعه الحوثيون بالقرب من مبنى بيت الشباب على الشارع العام في المديرية، والذي حوله الحوثيون إلى مقر لمسلحيهم.


وانفجر لغم أرضي بسيارة تقل عائلة بساحل الكويزي، بمديرية الدريهمي التابعة لمحافظة الحديدة، غربي اليمن, في منتصف مارس 2016مما أدى إلى إصابة كافة من كان على متن السيارة، بينهم طفلة حالتها حرجة، جراء تعرضها لشظية في الرأس.


وفي الثامن عشر من ديسمبر الجاري, قتل 7 جنود وأصيب 3 آخرون في انفجار لغم أرضي بعربتهم العسكرية في مديرية الخوخة، وجرى تقديم الإسعافات الأولية للجرحى، قبل نقلهم إلى عدن لاستكمال العلاج.

عشوائية زراعة الألغام

تمنع القوانين الدولية جميع الدول من زراعة الألغام الأرضية إلا ضمن حقول وخرائط قد تقدم للخصوم في الحروب بعد إنتهاء المعارك، إلا أن جماعة الحوثي تعتمد على الزراعة العشوائية للألغام في المناطق المحيطة بها والمناطق التي تضطر للانسحاب منها، وذلك بغية إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية وهذا يعتبر من أكبر التحديات التي تواجهها قوات الجيش الوطني.


وتحولت حقول الألغام في الساحل الغربي لمحافظة الحديدة إلى ساحة موت متنقلة، تحصد أرواح عشرات المدنيين وتتربص بمئات آخرين، نتيجة العشوائية في زراعة الألغام في ظل غياب أي خريطة لدى الحوثيين يمكن الاستناد إليها لإزالتها.


وبات الحوثيون لايعرفون خرائط توزيع الألغام، ويقعون أحياناً ضحية لزراعتها، كما حصل قبل أشهر، عندما قتل 18 عنصرا من الحوثيين وأصيب 8 آخرون بعد دخول طقمين عسكريين بالخطأ في حقل ألغام زرعه مسلحو الجماعة في منطقة يختل الساحلية جنوب محافظة الحديدة.


وزرع الحوثون حقول الغام كثيفة في مناطق السواحل الجنوبية في مديريات الخوخة والتحيتا والدريهمي وبيت الفقيه ومناطق الجاح والنخيله، جنوبي الحديدة, تحسبا لأي تقدم للجيش الوطني او انزال برمائي في هذه الشواطئ.


وحذر معهد واشنطن المتخصص بشؤون الشرق الأوسط, في تقرير سابق من خطر تلغيم المياه الدولية في باب المندب، وأوصى بضرورة القيام بمهمات مشتركة لإزالة الألغام البحرية بالمنطقة، عادا تحرير كل السواحل اليمنية من سيطرة الحوثيين الحل الجذري لهذه المشكلة.

 

شهادات سكان

تشير شهادات السكان المحليين في الساحل الغربي بمحافظة الحديدة أن الحوثيين قاموا منذ وقت مبكر بعد سيطرتهم على المحافظة في عام 2014 م بزراعة آلاف الألغام كما فعلوا في محافظات أخرى من خلال نشرها في جميع المحاور التي يحتمل أن يمر منها السكان المدنيون بهدف التحصن أو الانتقام.


وأكد سكان محليون في مديريتي التحيتا والدريهمي جنوبي الحديدة " أن مسلحي جماعة الحوثي يمنعون الصيادين من ممارسة عملهم على في السواحل، فضلا عن منع لمزارعين من الدخول إلى أراضيهم حيث ينشط مسلحو الجماعة في زراعتها بالألغام المتنوعة.


أحد ملاك الأراضي في مديرية الدريهمي الساحلية، والذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية, قال أن الحوثيين أجبروه العام الماضي على إخلاء المزارع والأراضي التي يمتلكها بحجة أنها منطقة عسكرية مؤكداً أنهم قاموا بتفخيخ الأراضي الزراعية في المنطقة بالمئات من الألغام.


التفخيخ لم يقتصر على أراضي الساحل الغربي فقط بل قام مسلحو جماعة الحوثي بتفخيخ البحر وزراعة وتلغيم الأماكن المحيطة بميناء الحديدة بهدف إلحاق الضرر بالسفن والمراكب التي تمر عبر باب المندب، مايشكل تهديدا صارخا لسلامة الملاحة البحرية الدولية.

 

المزيد من ألغام الموت

بالتزامن مع اطلاق الجيش الوطني معركة تحرير الحديدة وسيطرته على الخوخة, أولى مديريات محافظة الحديدة في السابع من ديسمبر الجاري يواصل الحوثيون جرائمم في زراعة الألغام في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرتها، ما يسبب مخاطر جمة على المواطنين العُزل، بينهم النساء والأطفال، ويعيق تقدم قوات الجيش والمقاومة الشعبية.


وتعتمد جماعة الحوثي على عملية زرع الألغام في المناطق الخاضعة لسيطرتها لعرقلة تقدم قوات الجيش الوطني المسنودة بقوات التحالف العربي وعرقلة إعادة إعمار المناطق المحررة التي فر مقاتلوها منها تحت ضربات قوات الجيش الوطني, كمديرية الخوخة الساحلية.


ومنذ أيام تواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبإسناد كبير من قوات التحالف العربي تمشيط الشريط الساحلي للخوخة ومناطق في شرق المدينة من حقول الألغام التي زرعها الحوثييون لإعاقة تقدم القوات شمالاً صوب مديرية التحيتا, في ظل محاولات مستمرة من الحوثيين للتسلل وزرع ألغام وعبوات ناسفة في الطرقات الرئيسية في المناطق المحررة.

أرقام كبيرة

الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان كشفت في تقرير حديث لها أن الحوثيين قاموا بزرع أكثر من نصف مليون لغم مضاد للأفراد في أنحاء متفرقة من اليمن مما أدى لمقتل أكثر من 700 شخص، بينما نجح مهندسون تم تدريبهم على يد التحالف العربي في نزع وتفكيك 40 ألف لغم.


وكشف التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (غير حكومي يضم عدة منظمات حقوقية) في إحصائية أخيرة صادرة عنه، أن جماعة الحوثي المسلحة ارتكبت 2258 حالة انتهاك، بزراعتها للألغام في 16 محافظة.


وذكر التحالف أنه وثق 2258 حالة تضرر بشرية ومادية خلفتها الألغام التي زرعها جماعة الحوثي منذ بداية الحرب، تنوعت بين: قتل، إصابة، تفجير منشآت، تفخيخ مركبات وجسور، مزارع وآبار.
ووثق في تقريره الذي حمل عنوان “الألغام القاتل الخفي” 924 حالة إصابة جراء انفجار الألغام، بينها 160 طفلا، و36 امرأة، فيما وصل عدد الجرحى المدنيين إلى 682 شخصا.


وبلغت حالات القتل جراء حوادث الألغام 615 حالة، بينها 101 طفلا دون سن السادسة عشرة، و26 امرأة، فيما بلغ عدد القتلى المدنيين 533 فردا، و82 حالة قتل في أوساط العسكريين.
ودعا التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الانسان المجتمع الدولي الى ادانة وتجريم عملية زرع الالغام الي تقوم بها جماعة الحوثي والضغط عليها لوقف عملية زراعة الالغام ومساعدة الحكومة اليمنية الشرعية في تبني مشروع متكامل لمواجهه خطر الالغام.v

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص