الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
حرض .. بوابة الفساد والفقر والمرض
الساعة 18:03 (الرأي برس -محمد المقري)

تعتبر مديرية حرض, منفذاً حدودياً وحيوياً هاماً ذا أهمية استراتيجية واقتصادية وسياسية للبلاد, نظراً لموقعها الهام كمنطقة حدودية بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية.

رغم أهمية حرض ورغم ما ترفد به الدولة من مليارات الريالات بالعملة الصعبة من دخل جماركها اليومي إلا أنها تعيش مهملة مهمشة بالمشاريع ولا خدمات وبنى تحتية ولا تفرق من الدول إلا الأخذ منها فقط، أما أن تعطي لها الدولة شيئا, فذلك مالم تحصل عليه حرض منها حتى اليوم.

في حرض لم نجد أي شيء جميل غير "فتة الموز" الحالي بمطعم عبدالله جني، وبعدها ذقنا مرارة أوضاع حرض.. لمتابعة تفاصيل أكثر عن حرض ووضعها المبعثر رافقونا في التقرير التالي:

لمحة عن حرض

تعد حرض أهم مدن ومديريات محافظة حجة وترتبط بحدود دولية مع الجارة الشقيقة السعودية، وحدود محلية إدارية مع مديريات ميدي وحيران وعبس ومستبأ، والملاحيض التابعة لمحافظة حجة.

يقدر عدد سكان حرض بحوالي 90000 الف نسمة يعمل بعضهم في الزراعة وتربية وبيع المواشي والبعض الآخر يعملون في السعودية عن طريق التهريب.

مشاكل عدة وجدناها في حرض منها تردي شوارع حرض الفرعية وعدم سفلتتها، وانتشار القمامة وتكدس أكوامها في منطقة تعتبر واجهة البلد أمام الوافدين إليه من الخارج، وغياب الكهرباء، التهريب والمهربين وشكاويهم من قمع وقتل حرس الحدود السعودي، وغيرها من المشاكل والقضايا التي سنتطرق لها بالتفصيل..

 

مرحباً بكم في مقديشو

حين تدخل إلى حرض يخيل لك أنك تلج إلى مدينة مقديشو الصومالية لكثرة ما تجده أمامك من أعداد هائلة من اللاجئين الصوماليين الذين يتواجدون داخل مدينة حرض وبكثافة ويتوافدون إليها وبشكل يومي بمجموعات كبيرة تكاد تكون تغرق المدينة باللون الأسود.. تدفق ضخم للاجئين الأفارقة من جميع الجنسيات وفي حرض توجد لهم مخيمات واحواش خاصة بهم، لكن وكما لاحظنا لا يوجد أي دور لمنظمة شؤون اللاجئين، وأصبح هؤلاء اللاجئون يشكلون عبئاً اقتصادياً على اليمن البلد الفقير المنهك، وارحبي يا جنازة فوق الأموات.

أمراض خطيرة ومعدية يقوم بنقلها هؤلاء اللاجئون من القارة الأفريقية إلى اليمن وفي مقدمتها فيروس الأيدز القاتل.

في حرض توجد منظمات تدعي الاهتمام باللاجئين الأفارقة ولكن لا وجود لأي دور ملموس لها على أرض الواقع ووفقاً لشكاوى اللاجئين فإن المسؤولين عن هذه المنظمات مهتمين بمتابعة القات الفاخر والتخزينة داخل فندق "مراد علمدار" الواقع في مدخل مدينة حرض.

نازحو الحوثي

النازحون من حروب الحوثي هم أيضاً يشكلون هماً وعبئاً على حرض, فمخيم المزرق يمتلئ بأعداد كبرة من الذين شردهم الحوثي ودمر منازلهم وعطّل مزارعهم وأجبرهم على الخروج من ديارهم، هؤلاء النازحون أصبحوا اليوم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء, معتمدين على ما يصلهم كل ثلاثة أشهر من معونات لا تسمن ولا تغني من جوع, تقدمها لهم الدولة.

مخيم المزرق المليء بالنساء والأطفال والكبار يعاني من حالة إنسانية تستدعي من الجهات المختصة القيام بدورها في معالجة أوضاع هؤلاء النازحين والعمل على إعادتهم إلى ديارهم وبناء منازلهم المدمرة وتعويضهم مادياً ومعنوياً ومساعدتهم في محنتهم التي كان السبب الرئيسي فيها مليشيا جماعة الحوثي..

التهريب والمهربون

كل ما لا يخطر على قلب بشر تجده في حرض، فهي تعتبر عاصمة للتهريب ومجمعا للمهربين، تهريب المخدرات والحشيش، وتهريب القات، وتهريب المواشي وصغار الإناث منها، وتهريب الأطفال والبنات والتجارة بهما، وتهريب الرجال والنساء أيضاً من كبار السن للشحت والتسول بهم داخل المملكة، وتهريب الحمال الباحثين عن عمل، وحتى السمك والعسل والشمة والمساويك وعصير الجلجلان "السمسم" يتم تهريبها إلى داخل السعودية عبر منفذ حرض, يمثل التهريب استنزافا شرسا للثروة القومية للبلاد وخاصة تهريب المواشي الذي يتم وبشكل يومي وعلى مدار الساعة ليلاً ونهاراً والمواشي بكافة انواعها الابقار والاغنام والضأن والكباش والأبل وصغار الإناث منها أكثر تهريباً من ما شكل خطراً على الثروة الحيوانية في بلادنا التي بدأت تقل وبشكل مخيف، فكان زمان قبل أكثر من ثلاثين عاما لا يوجد شخص في أي قرية من قرى اليمن إلا معه بقر وغنم ونحل ودجاج، أما اليوم فقد تدهورت الأحوال ونادراً ما تجد شخصا معه بقرة أو ضأن في القرى بسبب الفقر وبسبب عدم تشجيع الدولة على الاهتمام بتربية المواشي وعدم دعمها للمواطنين على ذلك كطريقة مثلى لمكافحة الفقر.

 التهريب وعلى الرغم من ما يكبده من خسائر فادحة للاقتصاد الوطني إلا أن الدولة لم تسارع للقضاء عليه كآفة تعمل على قتل الوطن وأبنائه.

شكاوى المهربين

يشكو المهربون من المعاملة السيئة والقاتلة التي يتعرضون لها على يد حرس الحدود السعودي الذين قالوا إنه يقوم بإطلاق الرصاص المباشر عليهم ويقتل العديد منهم حتى وإن كانوا لا يحلمون أي شيء وقالوا إن هناك العديد من الشباب قتلهم حرس الحدود السعودي بسبب دخلوهم عن طريق التهريب للبحث عن عمل داخل السعودية وأكدوا أنهم لا يمر أسبوع والحرس السعودي يقوم بقتل شخص أو شخصين دون أن تحرك الدولة ساكناً.. وقالوا إن العسكري السعودي يقتل المواطن اليمني وكأنه يقتل دجاجة وأضافوا إن المصيبة الكبرى أن العساكر السعوديين بعد قتلهم للمواطن يأخذون جثته ويرفضون تسليمها إلا بعد أن تقوم أسرته ببيع كل ما تحتها وما فوقها من أجل الدخول للسعودية لمتابعة الحصول على جثة ابنهم القتيل.

وطالبوا من الدولة أن تناقش هذا الموضوع الهام مع قيادة المملكة حتى لا يكون دم اليمني رخيصا إلى هذا الحد.

هارب من الموت ملاقيه

يهرب المواطن اليمني من الموت السريري الذي يعيشه في بلاده في ظل البطالة وتردي الأوضاع المعيشية التي يعاني منها يهرب باتجاه السعودية باحثاً عن فرصة عمل ولم يعلم بأن الموت منتظر له عبر رصاصات قاتلة يطلقها عليه حرس الحدود السعودي, فهل آن الأوان بأن تثار هذه القضية على أعلى المستويات حتى يلتزم الجيران الأشقاء باحترام الجوار والأخوة أم سيستمرون في قتلنا وهم يصيحون "يمني خسيس"!

تراكم القمامة

شارع مدينة حرض العام والرئيسي وشوارعها الفرعية تمتلئ وتتكدس بأكوام القمامة في منظر مقزز وروائح كريهة تنبعث منها, فأين هو صندوق نظافة و تحسين مدينة حرض ولماذا لا يقوم بمهامه في تنظيف وجه المدينة وإزالة الأوساخ والقاذورات ومعالجة تسرب المجاري إلى شوارع المدينة.

الزائر لمدينة حرض يشعر وكأنها ليست مدينة وإنما أصبحت مستنقعا للأوبئة والأمراض, مستنقعا للأوبئة والأمراض والفساد المالي والإداري وتردي الخدمات بكافة المجالات.

شوارع المدينة الفرعية وعرة وترابية وغير مسفلتة وحرض لا تعرف الإسفلت إلا بالشارع الرئيسي المار منها عبر السعودية, أكثر ما يثير انتباه الزائر لحرض تكدس أكوام القمامة فيها وانبعاث روائح المجاري الطافحة.

الكهرباء في حرض لا توجد إلا عبر مولدات الضغط العالي والمواطير التي يمتلكها أصحاب المحلات والتجار ومشائخ حرض إما المواطن البسيط والفقير فكهربائه فوانيس وهذا هو حال الكهرباء داخل مدينة حرض, أما أريافها وقراها فهي لا زالت تعيش في غياهب الظلام والحرمان والإقصاء والتهميش والمياه البدائية.

جمارك الطوال

يقول أهالي حرض إن جمارك الطوال التابعة للمديرية تدخل فلوسا يومياً وبمبالغ هائلة, ولا يعلمون إلى أين تذهب؟ فالمديرية لا تستفيد منها بشيء, وقالوا إن مئات القاطرات و الشاحنات المحملة بالبضائع التجارية بالإضافة إلى المئات من السيارات الوافدة كلها تمر وتعبر من جمارك الطوال وتدفع الرسوم المقررة عليها, لكن- وبحسب ما قالوا- فإن هناك- داخل الجمارك- فساد مالي وإداري كبير أدى إلى عدم استفادة حرض وأهاليها من دخل هذه الجمارك.

مستشفى حرض

مستشفى حرض العام يشكو الأهالي من عدم تقديمه الخدمات الصحية السليمة, وافتقاده إلى بعض وأهم الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة, وعدم قدرته على معالجة معظم الحالات المرضية مما يضطر بالأهالي إلى إسعاف مرضاهم إلى مستشفيات مدينة الحديدة الخاصة.

يعاني أبناء حرض من انتشار الملاريا, ويعود سبب تواجدها لكثرة تواجد المستنقعات والأحواض والبرك المائية المكشوفة, وافتقاد المدينة وعزلها وقراها لشبكات الصرف الصحي بالإضافة إلى عدم قيام وزارة الصحة بواجبها اللازم في مكافحة الملاريا بالشكل السليم والصحيح.

 وقال الأهالي إن الصحة تكتفي بإرسال فرق رش الملاريا نادراً وهذه الفرق لا تؤدي دورها على ما يرام, وأكدوا ان الملاريا تبسط هيمنتها وبقوة في كافة أنحاء المديرية.

أبناء حرض طالبوا من الدول بتفعيل وتشغيل مستشفى والمتخصصة حتى يكون قادراً على تقديم الخدمات الصحية للأهالي لا كما هو وضعه حالياً عاجزاً عن إنقاذهم من الموت من أبسط مرض يصابون به.

90% فقراء

90% من أبناء حرض فقراء ويفتقدون إلى الضمان الاجتماعي الذي يذهب خلسة إلى جيوب غيرهم من الذين لا يستحقونه.

يعيش أبناء حرض في فقر مدقع على الرغم من موقع مديريتهم الاستراتيجي الهام إلا أنهم- وحتى اليوم- لا يعرفون خير الدولة ولا حتى خير منفذهم الحدودي الذي يذهب دخله وعوائده إلى مصلحة الفاسدين.

خلف الحدود

تحتاج حرض اليوم إلى إيجاد حلول دقيقة من الدولة تعالج بها مشاكلها وقضاياها على أرض الواقع, و تحتاج إلى دور حكومي ملموس يعمل على إيصال كافة المشاريع والخدمات إليها فهل يا ترى سيتم الالتفات لحرض أم ستظل كما هي مرمية خلف الحدود؟.

 

المصدر/اخبار اليوم

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص