- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
- المكتب السياسي للمقاومة يشارك احتفالات الجالية في امريكا بعيد ثورة ٢٦ سبتمبر
- 120 خبيرًا سعوديًا وعالميًا يناقشون مستقبل التعلم مدى الحياة في مؤتمر "LEARN" بالرياض
عوامل تهديد متعددة تحدق بالنسيج الإجتماعي في اليمن، منذرة بتمزقه جراء التأثيرات السلبية التي تخلفها الحروب الدورية في هذا البلد، والتي ما يزال آخرها مستمراً إلى الآن. تأثيرات ليس أكبرها تعزّز العصبيات التقليدية، وتولّد عصبيات جديدة لم يعتد عليها المجتمع اليمني، في ما قد يؤدي إلى تفكك المجتمع وانهيار منظومته وسيادة شريعة القوة الهمجية، كما يقول ابن خلدون.
في هذا السياق، تحدثنا الباحثة اليمنية، ميساء شجاع الدين، الحاصلة على درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية في القاهرة عن رسالتها حول «الراديكالية في الزيدية»، عن انعكاسات الصراع الراهن في اليمن وتأثيره على النسيج الإجتماعي اليمني. تشير إلى أن «الصراع الحالي، ككل الحروب الأهلية، أدى لتمزق النسيج الإجتماعي في اليمن، فالمسألة تتجاوز التقسيم التقليدي للشمال والجنوب، بل تتعداه لانقسام الشمال بين صنعاء من جهة ومأرب وتعز من جهة ثانية، أما الجنوب فأيضاً طفى على السطح فيه الصراع التقليدي بين أبين والضالع. وبالطبع أخذ الصراع بعداً مذهبياً بشكل متزايد بين زيود وشوافع، لكن يظل البعد المناطقي هو الأكثر حسماً باليمن، لكن من المهم معرفة أن هذا الصراع فوقي على السلطة وينعكس على المجتمع».
وفي هذه المسألة، من المهم بحسب الباحثة، ملاحظة عدة أمور، أولها أن هذا الصراع تعبير عن «إخفاق اليمنيين المستمر في بناء سلطة وطنية مبنية على أسس ديمقراطية ودستور يضمن فرصة متساوية للجميع للوصول للسلطة، هذا الإخفاق موجود بالشمال والجنوب بالتالي لا يزال الوصول للسلطة محكوم بالقوة، أي منطق الغلبة والعصبية التي تحصر الحكم بمنطقة ما أو قبيلة معينة، الأمر الذي غالباً ما يؤدي إلى تفجير الصراع من وقت لآخر».
ثانيها، وفقاً لشجاع الدين، «الهويات المناطقية التي لا زالت عاجزة عن بناء مشروع سياسي بهوية سياسية بديلة عن الهوية القومية، وهذا تعبر عنه حالة التخبط لدى الكثيرين، خاصة أصحاب الجنوب العربي الذين حولوا مشكلة الجنوب من قضية سياسية لقضية هوياتية، وصاروا يبنون مطالب الإنفصال على أسس تمايز هوياتي حقيقةً غير موجود، فكيف يمكن اعتبار شبوه أقرب لعدن منها لمأرب مثلاً؟ وهكذا. بالتالي المشكلة باليمن لا زالت تدور حول غياب مشروع سياسي وغلبة التيارات الدينية».
وحول خصوصية الوضع في الجنوب، ومطالبة مكوناته السياسية بالعودة إلى وضع ما قبل الوحدة في العام 1990، بفعل ما فرضه نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، من إقصاء وتهميش للجنوبيين على مدى الأعوام التي تلت الوحدة، تنبه شجاع الدين إلى أن «نظام صالح جرف النخب شمالاً وجنوباً بالفساد أو الخوف أو التطفيش»، مستدركة بأن «وطأة الأمر كانت أشد في الجنوب، لأنه يعلم أنه أمام إرث دولة، وبالتالي النخب القديمة ظلت مسيطرة تجتر فشلها وثاراتها، وهي نخب بلا مشروع سياسي، بعضها انتقل من أقصى اليسار لأقصى اليمين، وتطورت طبيعتها المأزومة مع تكرار إخفاقاتها السياسية وتعاظم ثاراتها، وصار الأسهل بالنسبة إليها تبني خطاب الهوية لا السياسة، فخطاب الهوية سهل وشعبوي، ويجعل الجماهير مستقطبة بأسس الهوية، وبالتالي أكثر تسامحاً مع فساد وفشل السياسيين المحسوبين على عصبيتها».
وفيما يخص القبيلة ومدى تأثيرها على نسيج المجتمع اليمني، تلفت شجاع الدين إلى أنه «في العادة، يتم تعريف المجتمع اليمني بأن معظمه قبلي، وهذا صحيح نسبياً، لأن نسبة سكان الحضر لدينا بسيطة، لكن وضع القبيلة ضمن المسلمات لا أراه صحيحاً تماماً، لأنني أعتقد أن القبيلة ضعفت باليمن كثيراً، سواء بسبب تنكيل الدولة بها بالجنوب، أو عملية التحايل عليها واحتوائها والتي قام بها الرئيس السابق صالح في الشمال، ما أدى إلى فكفكة القبائل بالشمال».
شجاع الدين: الهويات المناطقية لا زالت عاجزة عن بناء مشروع سياسي
وتضيف: «بالطبع، لا زالت المناطق القبلية بالشمال أقل معاناة من الصراع، لأنها قادرة على فرز آلياتها البديلة لغياب الدولة، كما أن الصراع فيها محكوم بأطر العرف القبلي، مما يخفف من حدّته، مع الوضع بالاعتبار تراجع القيم القبلية، وصراع المشيخات القبلية الذي خلقته سلطة صنعاء من وقت طويل، وكذلك ضعف التزام الأجيال الشابة. بالطبع بديل القبيلة والدولة هو الجماعات الدينية، والمعاناة من غياب الدولة تبدو في أشدها في كل من عدن وتعز، حيث يتحكم في صنعاء حزامها القبلي، كما أن الحوثي أكثر تنظيماً من بقية الفصائل بغض النظر عن طبيعة حكمه الفاسدة والمستبدة».
أما عن تأثير النزعات الطائفية الطارئة على العلاقة بين المجتمعين الجنوبي والشمالي، ترى أن لذلك «علاقة بتصاعد دور الجماعات الدينية، بحكم أنها أدوات مفضلة للقوى الإقليمية باليمن، وبالتالي تتلقى دعماً أكثر من غيرها، وهنا التقسيم سيأخذ شكلاً مذهبياً مناطقياً بين يمن أعلى زيدي ويمن أسفل شافعي».
وبالنسبة لدور الأحزاب السياسية اليمنية، تعتبر شجاع الدين أن «الأحزاب السياسية لم تعد موجودة باليمن، لأنها لم تستوعب طبيعة تغييرات المرحلة منذ عام 2011م، وتعاملت مع الصراع بفوقية، وبعضها صار يعول على جماعات دينية خالصة أو على قوى إقليمية خارجية، وليس على كيفية إعادة تنظيم كوادرها ومراجعة أولوياتها وسياساتها. بالطبع البديل الحالي هو الجماعات الدينية التي لا تعمل وفقاً للسياسة ومعطياتها، بل وفقاً لتصوراتها المستندة على مفاهيم دينية متطرفة وجامدة لن تفيد المجتمع الذي يضيق منها لكنه لا يجد بديلاً يعمل في إطاره».
وعن دور النخب اليمنية ومدى تأثيرها على النسيج الإجتماعي، تشير إلى أن «النخب اليمنية لا زالت أسيرة إفرازات الإستبداد والفساد، وانعكاساً لها، وبالتالي هذا التمزق الإجتماعي هو الذي يضمن بقاءها، لأنها تريد مجتمعاً قائماً على عصبيات ومخاوف متبادلة بين المناطق المختلفة، حتى لا يصبحوا مساءلين عن فسادهم، ويتم القبول بهم لمجرد أنه ابن المنطقة الفلانية أو من جماعتنا».
ولدى الحديث عن الجماعات الدينية ومدى توغلها في المجتمع اليمني، تقول إن «هذا الأمر هو انعكاس لأزمة هذه النخب، وانعكاس لثقافة الإستقطاب. فبخصوص السلفيين، فإن نظام الشمال تحالف مع الإسلاميين كضد طبيعي لليسار بالجنوب، وكانت الشمال دولة حاجز وصد لشيوعية الجنوب. السلفيون والإخوان كانوا مؤثرين جداً بالتعليم في الشمال، عن طريق المعاهد العلمية والمناهج الدينية وجامعة الإيمان في صنعاء. كل هذا يدلل على حضورهم القوي شمالاً».
وتتابع: «كانوا أيضاً قوة سياسية وعسكرية مهمة في مواجهة الحزب الإشتراكي بداية الوحدة وحرب 94، وبالتالي استخدم الخطاب الديني ضد الجنوبيين وتم وصفهم بالكفار. وبعد حرب 94، صار التوجه نحو الجماعات الدينية توجهاً مجتمعياً في الجنوب، بدأ من كارثة 86 لملئ فراغ الأيديولوجية اليسارية، وصولاً إلى حالة الإحباط العامة خاصة بعد حرب 94، وأيضاً كان انعكاساً لتوتر الهوية بسبب فشل الوحدة وتنامي الرغبة في البحث عن هوية جنوبية مقابلة، وبالتالي صار الدين يعبر عن أزمة الهوية هذه، وكان هذا التوجه المجتمعي مدعوماً من سلطة صنعاء التي أطلقت الحرية للسلفيين والجماعات الدينية بالجنوب، ثم جاء تلاعبها بقضايا مثل القاعدة وغيرها».
وحول تأثيرات حربَي 94 و2015 على العلاقة المجتمعية بين الشمال والجنوب، تلفت إلى أن «حربي 94 و2015 ككل صراعات اليمن، تخلق انقسامات جديدة، وتحيي ثارات قديمة، حيث يبدو الصراع في اليمن دائرياً وغير محسوم. يعود الشمال لصراع بين الإمامة ومعارضيها، والجنوب لصراع بين الضالع وأبين، وكأن الساعة توقفت في اليمن عند ذات الدائرة والنقطة، وهذا كله نتيجة طبيعية لغياب أي تصورات مستقبلية واضحة للبلد، وبالتالي نسترجع الماضي بشكل ثأري أكثر عنفاً من سابقه في كل مرة. فزادت الفجوة بين الشمال والجنوب فِي كلا الحربين اللتين شنهما الشمال على الجنوب باستخدام الخطاب الديني، لكن في الأخيرة كان الأمر أشد وطأة لأنها حرب خلت كلياً من السياسة».
توضح ذلك بالقول أنه «في 94 كان هناك نمطان سياسيان وما يشبه دولتين متصارعتين، وكان هناك انقسام داخل الجنوب بسبب حرب 86 وطبيعة الصراع، فظل تكفير الجنوبيين حاضراً لكنه ليس أساسياً. أما في هذه المرة، فقد كانت أدوات الحرب مذهبية وقبلية ومناطقية بشكل أكثر وضوحاً من قبل الشمال، وللأسف رد الفعل الجنوبي كان مشابهاً مع تصاعد السلفيين وطبيعة الصراع الإقليمي بأدواته المذهبية، وعصبية الشمال الجاهزة قيادةً وقوةً عسكرية منظمة وإرثاً تاريخياً وقبيلة أكثر حضوراً. أما عصبية الجنوب فقد كانت ضعيفة لا تمتلك قيادة القوة العسكرية، وغير منظمة فالإرث التاريخي هو إرث دولة وليس إرث عصبية، ونتجت من ذلك فجوة يصعب ردمها، حتى بدا وكأن الساعة دارت دورتها الكاملة، الشمال معزول والجنوب غارق في تدخل خارجي، ليعود الوضع وكأنه ما قبل ثورتي أكتوبر وسبتمبر. وكالعادة الشمال أكثر تخلفاً والجنوب أكثر انقساماً».
وبشأن تدخلات القوى الخارجية ومدى تنميتها وتفعيلها للهويات والانتماءات الفرعية في اليمن، تجيب شجاع الدين بأنه «بالرغم من أن الإستبداد يضعف مناعة الشعوب تجاه التدخل الخارجي، وكما رأينا الطرف الأضعف عسكرياً (القوى الجنوبية) وجد نفسه بين خيار الإستسلام لقوة أقوى منه عسكرياً ومتعجرفة (قوى الحوثي وصالح) أو قوة خارجية يتحامى بها (التحالف)، لكن هذا يظل عابراً، لأن اليمني في النهاية لن يقبل بالتبعية المطلقة سواء لاحتلال الداخل أو الخارج، لذا لن تستقر الأمور باليمن قريباً».
وتختم شجاع الدين حديثها بأنه «بالرغم من تراجع الهوية اليمنية التاريخية بسبب صعود الهويات الصغيرة، إلا أن هذه الهويات لم تنجح في خلق بدائل للهوية القومية التاريخية، بسبب طبيعة التداخل في المجتمع اليمني، حيث تغيب الإنقسامات القطعية، كما أن الأسس التاريخية للهوية اليمنية قوية جداً، ومن الممكن إحياؤها بسهولة مع أي مشروع سياسي وطني ديمقراطي».
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر