الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
نازحو طور الباحة: من جحيم الحرب إلى مأساة «الطرابيل»
الساعة 20:42 (الرأي برس - عربي )

3 أعوام قضاها النازحون في مديرية طور الباحة بمحافظة لحج وسط خيام متهالكة، يطحنهم العوز والفقر بعيداً من اهتمام السلطات والجهات المعنية، التي تتذرع بعدم توفر الإمكانيات، فيما يغيب طيف المنظمات الإنسانية عن هؤلاء الفارين من جحيم الحرب في مناطقهم بمحافظة تعز. تحت أكواخ من «طرابيل» غير صالحة للعيش الآدمي، يتقاسم النازحون الفقر والمرض، ويجمعهم الحزن واليأس الذي خيم، كذلك، على استقبالهم لأيام الأضحى.

الهروب من الجحيم للجحيم
يقول مندوب النازحين في مديرية طور الباحة، نعمان شائف، لـ«العربي»، إن الأسر تم استقبالها وتوزيعها في ثلاثة مخيمات، هي الورش والهاجرية والمستشفى، لافتاً إلى أن تلك الأسر تعيش في خيم تفتقر إلى الدعم. ويشير، كذلك، إلى وجود أكثر من 520 أسرة تعيش في منازل إيجار في القرى، أو عند الأقارب، وهذه لم يُقدم لها أيضاً أي دعم أو مساعدات من أي جهة. ويلفت إلى «(أننا) تواصلنا مع المنظمات الداعمة، لكنهم أكدوا أنهم يستهدفون مخيمات النزوح، وليس النازحين بالقرى نتيجة تباعدهم، علماً أنه يوجد نزوح داخلي نتيجة الحرب الدائرة في حدود طور الباحة»، مطالباً «جميع المنظمات العاملة في مجال الإغاثة وفاعلي الخير بالتدخل لإغاثة النازحين وتخفيف معاناتهم».
مندوب النازحين في طور الباحة، نعمان شائف 

المواطنة سميرة فارع تعيل 8 أبناء. تعجز عن التعبير عن حالها وسوء وضعها المعيشي. تكتفي بالقول: «أنا وزوجي نكافح لتوفير لقمة العيش لأبنائنا، هو يشتغل حمالاً عضلياً، وأنا أتسول، ورغم كل هذا الجهد لم يكف المال الذي نجمعة في سد رمقنا، والحمد لله عيدنا بعلبة تونة».


المواطن أحمد علي عقلان لديه فتاتان معوقتان. أثناء زيارتنا للمخيم، وجدنا إحداهما مربوطة من رجلها إلى الخيمة حتى لا تهرب وهي وحيدة. ولدى سؤالنا عنها أفاد أحد جيران الأسرة بأن والدها ذهب إلى السوق ليتسول، وأخذ أختها المعوقة، على أن يعود إلى الخيمة وقت الظهيرة، وقد جمع لهما فتاتاً من الخبز لأجل أن يطعمهما. ويستمر الوالد على هذه الحال بشكل يومي.


الطفلة المعوقة التي يربطها والدها قبل ذهابه ليتسول - العربي

أما الشاب علي نعمان فيقول «(إننا) لم نستطع دخول الخيمة وقت الظهيرة من شدة الحر والرياح والمطر، وفي كل يوم نذهب لنجلس جوار المباني المرتفعة ونستظل جوارها، وقد أصبحت أنام في الخيمة بالمساء وأحياناً نغادرها بسبب المطر».


النزوح يعيدهم للحياة البدائية
النزوح أعاد النازحين إلى الحياة البدائية، حيث يستخدمون الحطب في تجهيز الشاي والأطعمة كالأرز والخبز، ويغسلون ثيابهم فوق أحجار مسطحة، وينامون وسط خيم شبة متهالكة. يشير مندوب النازحين، نعمان شائف أحمد، في حديثه إلى «العربي»، إلى أن الدعم الذي تلقاه النازحون في المديرية عبارة عن سلل غذائية لا تفي بالغرض وبشكل غير متواصل، لهذا بات وضعهم في أسوأ حال من ناحية السكن والغذاءـ حيث يعيشون في خيم لا تقيهم البرد وحرارة الشمس، ويعانون أكثر عند هطول الأمطار، إذ تتبلل أشياؤهم في الخيم بمياه المطر، وتتلف أطعمة لديهم مثل الدقيق والسكر والملح وغيره.
 

أمراض متفشية
لا وقاية في مخيمات النازحين، فساكنوها عرضة للأمراض بعيداً عن العناية الطبية. تستسلم أجسادهم للأمراض بسهولة، وإن وجدوا من يسعفهم إلى المستشفى لم يجدوا من يسدد قيمة العلاج، فيدفعون بأطفالهم ونسائهم إلى التسول في الشوارع حتى يتمكنوا من توفير قيمة العلاج. يقول مدير مكتب الصحة في طور الباحة، عبد العزيز الأصنج، إن «الأمراض أنهكت أجساد النازحين، إلى جانب أن ظروفهم لا تمكنهم من شراء قيمة إبرة فولتارين، وعند الحالات الإنسانية الصعبة التي تنقل إلى مستشفى ابن خلدون بعاصمة المحافظة، نبذل جهوداً بالتواصل مع مدير المستشفى لإعفائهم من رسوم الفحوصات، لكن تبقى على كاهل المريض قيمة فاتورة العلاج على حسابه الشخصي».


ويضيف «(أننا) اضطررنا أن نستقبل نازحين في حرم مستشفى طور الباحة ومبنى مكتب الصحة، رغم أن تواجدهم يشكل ازدحام بداخله»، لافتاً إلى أنه «في إحدى المرات أصيب أحد النازحين بشلل، ولم تتمكن أسرته من إسعافه كونها لا تملك المال، وعندما تم التواصل بي قمنا بجمع المال من أصحاب ملاك المحلات التجارية وأجرينا له الإسعافات الأولية، وما تزال حالتة حرجة وبحاجة إلى نقله لمستشفى متخصص، ونتيجة ظروفه تمت إعادته إلى الخيمة وما زال يصارع المرض بمفرده».
المواطنة دم الهناء سعيد صالح نزحت من مديرية حيفان في تعز إلى طور الباحة. تقول: «بعد أن نزحت واستقريت بخيمتي تعرضت لألم شديد في رجلي، ونقلوني إلى مستشفى ابن خلدون، وصعدوا بي إلى الدور الثاني لإجراء كشافة، وعند نزولي منه سقطت في الدرج، وتعرضت لكسرين في رجلي، وخعضت للإسعافات الأولية، وقرر لي الطبيب عمل عمليتي عظام، ولكن ظروفي لم تسمح لي، فأعادوني إلى طور الباحة بخيمتي». وتتابع أن «حالتي غير مستقرة، ولم أستطع المشي على أرجلي، وفي الصباح جيراني يحملونني من خيمتي إلى جوار مبنى صغير لكي أستظل تحت المبنى، وأعود إلى خيمتي، وعلى هذه الحال لأكثر من عام». وتناشد دم الهناء «فاعلي الخير وأصحاب القلوب الرحيمة أن يتعاونوا في علاجها حتى تتمكن المشي على قدمها».


المواطنة دم الهنا -المياه معاناة أخرى
أكثر من عام عاش النازحون فيه معاناة مع جلب المياه إلى خيمهم، فقد جندوا الأطفال والنساء لجلبها من مناطق بعيدة تصل إليها عبوة المياه (عشرين لتراً) بشق الأنفس. في أبريل 2017م، بادرت منظمة الهجرة الدولية إلى توفير خزانات مياة بسعة 3000 لتر، وأبرمت عقداً مع مورّد مياه، يقول النازحون إنه سينتهي أواخر سبتمبر من هذا العام، الأمر الذي بعث في نفوسهم مخاوف من أن تتخلى عنهم المنظمة، وتعود معاناتهم من جديد في ظل غياب البديل.


المواطنة لطيفة عنتر تقول: «كنا استقرينا في نقل المياه، لكن الآن يراودنا الخوف من متاعب نقلها في حال توقفت المنظمة عن دعمنا في مشروعها، سأكون أنا وأولادي مسخرين لجلب المياه تحت أشعة الشمس، ولا يوجد لدينا وقت للراحة».

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً