الجمعة 22 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الحدّ من «الكوليرا» بجهود مجتمعية في ابين
الساعة 20:15 (الرأي برس - عربي )

أوضاع إنسانية صعبة تعيشها محافظة أبين جراء تردي الخدمات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه والصحة والنظافة، أدت في مجملها إلى انتشار الأمراض والأوبئة بين الأهالي، خصوصاً الالتهابات الجلدية والإسهالات المائية ووباء الكوليرا، الذي أخذ يتفشى في المديريات الواقعة في الجهة الشرقية من العاصمة زنجبار، والتي تعرف بالمرتفعات الوسطى كلودر ومودية والوضيع.


بدأ انتشار المرض مطلع شهر مايو الماضي، وسُجلت العديد من الحالات في مديرية خنفر في يونيو، وكذلك وفاة العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ. مدير عام مكتب الصحة والسكان في محافظة أبين، الدكتور علي منصور، أشار، لـ«العربي»، إلى أن المحافظة «عانت من إنتشار الاسهالات المائية الحادة منذ 12 مايو الماضي، وذلك بظهورها في المناطق الوسطى، لودر ومودية والوضيع أولاً، ثم في خنفر»، لافتاً إلى أنه «تم إتخاذ الكثير من الاجراءت حينها لاحتواء الوباء، وتم تفعيل فرق الترصد الوبائي بالمرافق الصحية والمديريات والمحافظة بشكل عام، وكذا الإستجابة السريعة التي ساعدت في المتابعة».


وأضاف أنه «تم إنشاء غرف العمليات لمتابعة الوضع الصحي بمديريات المحافظة، وكذا غرفة العمليات بالمحافظة برئاسة محافظ المحافظة، إلى جانب عقد إجتماعات لمتابعة الوباء». وأوضح أن «الحالات كانت تنتشر بشكل سريع في مديرية مودية ويليها لودر، ومن منتصف يونيو كانت أكثر المديريات التي انتشر فيها الوباء، هي مديرية خنفر، وتليها لودر، وثالثتهما مودية، والمديريات الأخرى كانت الأرقام فيها متفاوتة ولكنها ليست مزعجة».


وتابع أن «عدد الوفيات في المحافظة وصل يوم الأحد الماضي، 6 أغسطس، إلى 34 حالة وفاة، وتحتل المرتبة الأولى خنفر بـ11حالة، تليها مودية بـ9 حالات، ولودر بـ6 حالات، وزنجبار بـ4 حالات، والوضيع بـ3 حالات، والمحفد بحالة واحدة»، في حين «بلغ إجمالي الحالات المصابة بالإسهالات المائية في أبين، إلى 5 أغسطس 2017، خمس عشرة ألفاً وثمانمائة وثمانين حالة (15880)».


مدير الصحة بأبين: 34 حالة وفاة سجلت في المحافظة و15880 حالة إصابة

وزاد أن «هناك الكثير من الجهود التي بُذلت وتُبذل لمجابهة الوباء وللحد من الإسهالات، حيث توجد 3 مراكز علاجية تعمل في ثلاث مديريات: خنفر ولودر ومودية، وتم كذلك تفعيل المستشفيات الأخرى بالمديريات، وأكثر من 51 موقعا تعمل في جميع المديريات، وهي زوايا الإرواء بدعم من منظمة اليونيسيف، و35 موقعاً تنفذها المؤسسة الطبية الميدانية».


وعن برامج التدريب لمواجهة الوباء، قال إنه «تم تدريب الكادر لعلاج الحالات، وهناك فرق مجتمعية عملت وتعمل في جميع مدن وقرى المحافظة للتوعية بالوقاية من الكوليرا، كما تم رش الكثير من مصادر المياه بالكلور، وكذا توفير الأدوية للمواقع الصحية»، مضيفاً أنه «يتم حالياً عمل خطط مع القطاعات الأخرى في نقل القمامة والمخلفات والرش كذلك ضد النواقل وردم المستنقعات، وكذلك المتابعة والنزول للمطاعم والبوفيات وغيرها، بالتنسيق مع صحة البيئة، وهناك أعمال مستمرة و ستستمر الجهود للحد من الإسهالات المائية».


مشرف قسم الإسهالات في مستشفى أبين العام، الدكتور نايف عمر جويل، تحدث، من جهته، لـ«العربي»، عن نشاط القسم، شاكراً «تلمسنا الواقع الصعب لحياة السكان في أبين مع وجود الحرب من جهة، ووباء الكوليرا والإسهالات المائية الحادة من جهة أخرى، والتي بالإمكان أن تُفقد المريض حياته خلال مدّة لا تتجاوز الساعتين الى أربع ساعات، وذلك بسبب الفقدان السريع لماء ومعادن الجسم الآدمي والناتج من الإسهال والطرش (التقيؤ)، في مضاعفات تُعتبر الصورة السريرية النموذجية لحالات الإسهال المائي الحاد وخاصة مرض الكوليرا منها».


وذكر أنه «في بداية معرفتنا لمثل هذه الحالات، كانت عن طريق بعض البلاغات الشخصية بوجود أكثر من 15 حالة إسهال يصل فيها المريض إلى حالة الجفاف الشديد خلال ساعات قليلة»، مشيراً إلى أن «منظمات المجتمع المدني وإدارة مستشفى الرازي في محافظة أبين لعبت دوراً كبيراً، وكانت المنبه الأول لخطورة الوضع، وخصوصاً مع وجود حالات كثيرة في المحافظات المجاورة كمحافظة عدن، وبعدها بدأنا العمل في تأسيس قسم في مستشفى أبين لاستقبال مثل هذه الحالات، وكان بجهود مدير مكتب الصحة في أبين وبدعم المحافظ، أبو بكر حسين، الذي حثّ المنظمات الدولية ممثلة بمنظمة الصحة العالمية والكثير من الجمعيات الخليجية والإقليمية على توفير الأدوية ومواد النظافة المطلوبة، وتم عقد الدورات الخاصة، والاتفاق على بروتوكول العلاج... إزدادت الحالات المصابة بهذا الوباء المخيف لتصل إلى 1507 في محافظة أبين، ووصل إجمالي عدد الوفيات إلى 34 حالة وفاة». وختاماً توجّه جويل إلى «جميع العقلاء والفرقاء لترجيح صوت العقل، وإيقاف العبث بأرواح السكان ومقدرات الوطن، ومد يد العون لإخوانهم في محافظة أبين اليمنية لمواجهة وباء الكوليرا والاسهالات المائية الحادة ووضع حد لمعاناة أبنائها جميعاً».


الممرض حسني صالح مبروك، أحد العاملين الصحيين في قسم الإسهالات بمشفى أبين، تحدث، بدوره، عن جملة من الصعوبات التي رافقت عملهم في بداية انتشار الإسهالات، تمثلت في النقص الحاد للأدوية، وعدم سعة القسم نتيجة تزايد الحالات في بداية انتشار المرض، لافتاً إلى أن «دعم المنظمات وفاعلي الخير خفف عن المريض عبء شراء الدواء، الذي قُدم مجاناً لجميع المرضى».
انتشر الوباء أول ظهوره في لودر ومودية والوضيع وخنفر

وعن خطورة المرض والمعاناة التي يعانيها المريض، تروي أم فؤاد صالح، وهي إحدى المصابات بهذا المرض، معاناتها، لـ«العربي»، مؤكدة أنها «فقدت الأمل في الحياة، فالإسهال الحاد والتقيؤ المستمران شلا حركتي، ورأيت الموت أمام عيني، فلولا قدرة الله، وجهود الأطباء والممرضين الذين أنقذوا حياتي بالمغذيات الوريدية ومحلول الأرواء والمضادات الحيوية لفارقت الحياة».وأضافت: «وصلت المستشفى وأنا جثة، فأنعشتني المغذيات الوريدية، حقيقة أدركت أن وباء الكوليرا خطير، ويحتاج رعاية صحية وإشرافاً صحياً، وأنصح من تظهر عنده أعراض المرض من إسهال مائي حاد وتقيؤ بأن لا يهمل نفسه، لأن كمية السوائل التي يفقدها الجسم كبيرة وإذا لم يتم تعويضها بالمغذيات الوريدية ومحلول الإرواء فهذا يعني وفاة مؤكدة».


وأكدت شريحة واسعة من أهالي المحافظة أنه على الرغم من تردي الخدمات الصحية في عدد من مديرياتها، وكذلك الخدمات العامة من كهرباء ومياه وصرف صحي وبيئي، إلا أن المحافظة استطاعت أن تتغلب على هذا الوباء، بجهود مجتمعية تكلّلت بتعاون السلطة المحلية والجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية التي دعمت القطاع الصحي بالدواء، ونفّذت حملات تثقيفية كان لها مردود إيجابي في الحد من انتشار الوباء، وتقليل عدد ضحاياه.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص