الجمعة 22 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
رمضان عدن: نزوح هرباً من الحرّ والغلاء
الساعة 22:46

خواء في الأسواق، غلاء في الأسعار، وموجة حرّ شديد زاد لهيبها انقطاع التيار الكهربائي. تلك هي ثلاثية المعاناة في مدينة عدن. ثلاثية أجهضت تطلعات العدنيين إلى الظفر باستقبال لائق لشهر رمضان المبارك، وتركت بصماتها على حال أبناء المدينة الذين ملّوا من كثرة الشكوى وانتظار الحلول.


يقول المواطن إسماعيل بكري،   «(إننا) استقبلنا شهر رمضان مع موجة حر شديدة ضاعفت أوقات انقطاع التيار الكهربائي التي تجاوزت 4 ساعات، مقابل ساعة يعود فيها التيار، أي بنسبة انقطاع 18 ساعة في اليوم، لدرجة أننا أصبحنا لا نثق في وعود الحكومة في معالجة أزمة الكهرباء، لأنها حكومة باتت بلا مصداقية، ما أجبر العديد من الأسر على مغادرة عدن في نزوج شبه جماعي باتجاه مناطق الريف المجاورة، فيما فضلت أسر أخرى السفر إلى محافظات أخرى كحضرموت الأفضل حالاً من عدن في كل شيء تقريباً».


يتدخل الحاج زكي بانصر، ويشير بأصابعه صوب الأسواق التي بدت خاوية على عروشها، قائلاً: «هكذا عدن بالله عليك يابني؟ يدخل رمضان والناس مش لاقيين حق كسرة خبز، شوف كيف الأسواق ما فيها ازدحام ولا حركة، طبعاً بسبب موجة الإرتفاع الجنوني في أسعار السلع الضرورية، والغلاء مش في عدن بس، في كل المحافظات التي يسمّوها محررة، شكلهم ناويين يحولوها لسوق حرة، وكله من كيسك يا مواطن».


سألنا بائعاً في محل كبير في مدينة كريتر عن أسباب الركود في أسواق عدن هذه الأيام، إبتسم قبل أن يجيب: «معظم الناس بلا مرتبات، القوى العاملة بالدولة والمتقاعدون يشتكون من عدم انضباط صرف معاشاتهم، مصدر الرزق الذي يعتمد عليه أبناء مدينة عدن تحديداً. وأضيف لك أن ضعف السوق الشرائية للتجارة في القطاع الخاص أدى للاستغناء عن عدد كبير من العمالة. كله تسبب في عدم قدرة المواطن علی الشراء بنفس الوتيرة السابقة».


تعيش أسواق عدن ركوداً كبيراً هذه الأيام

عدد من المواطنين أكدوا، لـ«العربي»، أن ارتفاع الأسعار ناجم عن «جشع التجار» وارتفاع صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، وعدم تفعيل الرقابة علی صرف العملة من قبل الدولة. وهم يرون أن التداخل في الحسابات السياسية أدى إلى افتعال الأزمات لصالح قوی سياسية معينة كان لها الأثر الكبير في مضاعفة معاناة المواطن.


اقتضت جولتنا في الأسواق عقد مقارنة بين عدد من السلع الإستهلاكية الأساسية للمواطن، والتي شملها قفز الأسعار إلی الضعف في عدن، عن أسعارها ما قبل الحرب. من تلك السلع مادة القمح (الدقيق) التي كان الكيلو منها يُباع قبل الحرب بـ80 ريالاً، بينما ارتفع سعره حالياً إلی 200 ريال. أما كيلو السكر فكان بـ200 ريال ليرتفع إلى 300 ريال. الأرز أيضاً، والذي يعد أهم مادة غذائية يعتمد عليها المواطن وخاصة في عدن، ارتفع سعر الكيلو منه إلى 400 ريال، بينما بيع قبل الحرب بـ200 ريال. أسطوانة الغاز كانت تباع قبل الحرب بـ1500 ريال، ويترواح سعرها اليوم ما بين 3000 و4000 ريال مع انعدام وجودها في الأسواق بين الحين والحين.


هذه الزيادة في الأسعار، والتي وصلت إلى الضعف أحياناً، جاءت في ظل عدم وجود أية زيادة في مرتبات موظفي الدولة، أو حتى انتظام استلام مرتباتهم، مما أثقل كاهل المواطن في عدن والمحافظات «المحررة».


يقول جلال محمد العماري، من أبناء مديرية المنصورة، وهو يمارس مهنة صيد السمك: «كنا نتوقع بعد انتهاء الحرب في عدن أن الحكومة الشرعية ستعمل علی استقرار الأوضاع المعيشية وتحسين خدمات الكهرباء والماء، لكن ما حدث العكس، غلاء في أسعار المواد الغذائية، انهيار في البنى التحتية، ما أعتبره تعسفاً علی أبناء مدينة عدن المسالمة».


مدير مكتب مأمور مديرية المعلا، أيمن أحمد الشحيري، وصف، في حديث إلى «العربي»، معاناة أبناء عدن مع استقبال شهر رمضان بأنها بمثابة «حمل أثقل من جبل شمسان»، لافتاً إلى أن «المواطن العدني مواطن بسيط جداً، ترتكز حياته ومعيشته على راتبه الشهري فقط، وهنا تأتي الطامة لأنه لم يتحصّل حتى على راتبه، إضافه إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني».


وتابع: «نحن كسلطة محلية مهمتنا هي أن نطالب ونضغط على كافة الجهات الرسمية لتخفيف العبء على المواطن، والأخذ بعين الإعتبار الوضع المادي الذي يعاني منه أبناء عدن والجنوب بشكل عام».
ويرى العماري أن «المعالجات في ظل هذه المرحلة تحتاج جهوداً كبيرة، والجميع يعلم أن انهيار الريال أمام صرف الدولار له أسباب كثيرة أهمها الحرب، ومؤخراً طباعة عدة مليارات من العملة، وهذه العوامل كلها سبّبت ضعفاً اقتصادياً جعل التجار يسارعون برفع الأسعار خصوصاً في المواد الغذائية والاستهلاكية».


واعتبر أن المعالجات الأولية تكمن في تفعيل دور الرقابة بوضع حدود لارتفاع الأسعار بشكل عشوائي، إضافة إلى ضرورة اتخاذ قرارات رئاسية وحكومية لرفع الأجور، وتوفيرها لتتماشى بتوازن مع مسألة ارتفاع الأسعار في الوقت الراهن.


ودعا العماري دول «التحالف» إلى «مدّ يد العون وإرسال المساعدات الغذائيه العاجلة»، معبّراً عن تفاؤله بقدوم محافظ عدن، عبدالعزيز المفلحي، الذي يرى أنه لن ينجح في مهامه إلا إذا كنا جميعاً «سنداً وعوناً له».

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص