الجمعة 22 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
«دبي العالمية»: قفّاز «أسبرطة الصغيرة»
الساعة 20:47 (الرأي برس - عربي )

ترقب «المقاومة» في محافظة تعز المواجهات في الساحل الغربي باهتمام بالغ، وتشعل مواقع التواصل الإجتماعي مع كل تقدم تحققه «المقاومة الجنوبية» والقوات السودانية في جبهة المخا وموزع، معلقة آمالها في «تحرير» المحافظة من «أنصار الله» على الإمارات التي تتولى إدارة المعارك في الساحل والمديريات الغربية، دون الإستعانة بأي مقاتل من أبناء تعز.


أوقفت الإمارات، منذ أكثر من عام، القوات السودانية في كرش، المدخل الشرقي لتعز وحدها الإداري مع محافظة لحج، لكنها دفعتها مع «المقاومة الجنوبية» للتقدم من الساحل صوب معسكر خالد بن الوليد في مديرية موزع. هذا التناقض مثل المدخل لكشف حقيقة الدور الإماراتي الذي تقوم به في اليمن والمنطقة، والذي يتجاوز قوة دولة قوام جيشها 50 ألفاً، وتقدمها أمريكا للعالم كـ«أسبرطة الصغيرة»، وهو اللقب الذي منحها إياه وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، وقبل ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، لعب دور الملك ليونيداس، وإن بجيوش مستأجرة.


قفّاز أمريكا؟
ساحل الحديدة وميناؤها هو ما تبقى للإمارات التي تبدو ظاهرياً كواجهة التحكم في التجارة البحرية بين القارات، بعد أن صارت حصة شركة «موانئ دبي العالمية» 9 % من إجمالي حركة شحن الحاويات في العالم، بتشغيلها 77 ميناء ومحطة بحرية في 40 دولة في 6 قارات، بينها 6 موانئ في الولايات المتحدة.


صعود مثير للدهشة في سنوات معدودة، لكنه يتبدد مع الكشف عن تواجد 3500 جندي أمريكي في قاعدة الظفرة الإمارتية، التي قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إنها القاعدة العسكرية الوحيدة التي تملك مقاتلات «أف 22» ولم يتم تعريف القاعدة من ضمن القواعد المتوفرة لدى الأمريكيين، لخشية حكام الإمارات من غضب المواطنين.


كما نقل مراسل الصحيفة، راجيف تشاندرز، عن القائد السابق للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، أنطوني زيني، قوله: «إن الإمارات العربية المتحدة انطلقت بشكل كامل، وإن علاقة الولايات المتحدة معها تعد الأقوى مع أي دولة في العالم العربي اليوم».


مركز تدريب
خلال أقل من عامين، تمكنت الإمارات من بسط نفوذها في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي: السيشل، ومدغشقر، وجزر القمر، والمالديف، وموريشوس. إستحكمت على موانئ عدن والمكلا والمخا وجزيرة سقطرى. كما استأجرت مينائي عصب في إريتريا وبربرة في إقليم أرض الصومال، لتشديد الحصار على اليمن، وأصبحت قاعدة عصب التي أنشأتها أخيراً مركزاً لتدريب آلاف اليمنيين والسودانيين الذين تدفع بهم تباعاً إلى ميناء المخا، للسيطرة على ساحل الحديدة.
تقصف الإمارات السواحل والجزر اليمنية بالمقاتلات الأمريكية الحديثة: F16 وF35، والأباتشي والتشينوك والبلاك هوك التي تنطلق من مطار عصب.


وتساند قطعها البحرية قبالة السواحل اليمنية حاملتا الطائرات الأمريكية «يو. أس. أس. بونس» و«يو. أس. أس. ميسون»، التي قصفت مواقع لـ«أنصار الله» في المخا وموزع، منتصف أكتوبر 2016، بصواريخ كروز، عقب ضربها للسفينة «سويفت» التي استأجرتها الإمارات من البحرية الأمريكية قبالة باب المندب.


كما طالب السفير الأمريكي السابق لدى اليمن، جيرالد فاير استاين، بدعم «التحالف» والقوات الحكومية في السيطرة على ميناء الحديدة. وقال في جلسة لمجلس النواب الأمريكي في مارس الماضي: «إن من شأن ذلك إرغام الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، وجماعة الحوثي المسلحة على القبول بالحل السياسي وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 الذي لا يزال الحوثيون يضربون به عرض الحائط».


بعيداً من «التحرير»
إستقدمت شركة «موانئ دبي العالمية» حفاراً بحرياً لتعميق رصيف ميناء المخا، وبدأت بتركيب كارينات لإفراغ حمولات السفن تمهيداً لإغلاق ميناء الحديدة. غلفت الإمارات نشاطها في ميناء المخا بطلاء الجدران بألوان الطيف التي لم تتمكن من إخفاء جروح الحرب المفتوحة والدمار الذي خلفه طيرانها. تفسد صواريخ «أنصار الله» مشروع الإمارات في استغلال الميناء، في وقت ارتفعت فيه الهجمات والكمائن على القوات التي استعانت بها للسيطرة على الشريط الساحلي من باب المندب إلى المخا، ما دفعها إلى خوض معركة للسيطرة على السلسلة الجبلية في العمري وذباب وكهبوب ومعسكر خالد في مديرية موزع.


تقاتل «المقاومة الجنوبية» كما هو معهود في خطابها من أجل «الإستقلال»، لكنها تجاوزت حدود ما قبل العام 1990م وسيطرت مع القوات الإماراتية والسودانية على المخا، وتوغلوا جميعاً في مديرية موزع بدون الإستعانة بأي «مقاوم» من محافظة تعز.


خطّة الساحل
بالتزمن مع المعركة التي تتولاها الإمارات لاستكمال السيطرة على ذباب والعمري وكهبوب ومعسكر خالد، تدرب 5 آلاف من أبناء محافظة الحديدة في قاعدة عصب بإريتيريا، والتي قالت مصادر موثوقة لـ«العربي» إن عبد الرحمن شوعي حجري، قائد «الحراك التهامي»، هو من تولى استقطابهم من الحديدة وإيصالهم إلى عدن، وهناك أقلتهم سفن إماراتية من رصيف عائم في خور العميرة إلى قاعدة عصب. المصادر كشفت عن وصول 800 من أبناء الحديدة إلى مدينة المخا، بقيادة العميد أحمد الكوكباني، الذي كلفته الإمارات بقيادة لواء «النخبة التهامية» وزودته بعربات مدرعة وأسلحة حديثة.


في الوقت نفسه، وبحسب المصادر، أوصلت الإمارات 400 ضابط وجندي من أبناء تهامة إلى ميدي، بعد شهور من التدريب في قاعدة عصب، يقودهم العميد عمر جوهر، الذي أصدر الرئيس هادي قراراً بتعيينه رئيساً لعمليات المنطقة العسكرية الخامسة.


بمقتضى الخطة، فإن العميد جوهر مكلف بالتقدم في الشريط الساحلي من ميدي إلى ميناء الحديدة مسافة 220 كم، مقابل تقدم العميد الكوكباني من المخا إلى ميناء الحديدة مسافة 130 كم، على أن تتولى الإمارات السيطرة على جزيرة كمران، بعد أن أكد لـ«العربي» مصدر عسكري في المنطقة الخامسة الموالية لهادي أن الإمارات سيطرت على جزر عقبان والفوست وبكلان وزقر وحنيش الصغرى والكبرى وهمر، والتي تتبع إدارياً محافظة الحديدة.


رقابة صارمة
سيطرة شبه كاملة لـ«التحالف» و«موانئ دبي» على البحر الأحمر، لكن ميناء الحديدة لا يزال موضع تهمة بتسريب الأسلحة إلى «أنصار الله». رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر، أبو بكر إسحاق، قال لـ«العربي» إن هذه التهمة «سخيفة وباطلة»، مؤكداً امتثال ميناء الحديدة للمنظومة الدولية لأمن الموانئ «ISPS» وخضوع كل السفن التي تصل إلى الميناء لإجراءات رقابية صارمة من قبل الأمم المتحدة، ولا تدخل إلى اليمن إلا بعد تراخيص تُمنح من قبلها، فضلاً عن عملية التفتيش والتصاريح الأولية من «التحالف».


ويشير إسحاق إلى أن الميناء يتعرض لتدمير ممنهج، فالرافعات الجسرية والمستودعات ومعدات تداول الحركة جميعها قصفت وأصبحت 60 % من قدرة الميناء مشلولة، ومع ذلك فإن 70 % من الواردات تدخل من ميناء الحديدة، لافتاً إلى أن الحديث عن تحويل خط السفن إلى أي ميناء آخر سيرفع تكاليف التأمين والنقل وسترتفع معها أسعار السلع وتتفاقم معاناة المدنيين.


حرب «العروبة»؟
يخوض «التحالف» حربه في اليمن كعرب في مواجهة إيران كفرس، ومحور سني في مواجهة شيعة، لكن ما الذي تبقى لإيران من نفوذ في البحر الأحمر بضفتيه أمام تغول «موانئ دبي العالمية» التي تنشىء بجوار كل ميناء قاعدة ومطاراً عسكرياً.


كما إن هذا «التحالف العربي» هو الداعم لتنفيذ سد النهضة الإثيوبي لتجويع أكبر الدول العربية، مصر، وخلال الشهور الستة الماضية زار إثيوبيا مستشارُ الملك السعودي، أحمد الخطيب، وأمير قطر، تميم بن حمد. كما استقبل ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام. وبحسب ما تسرب للإعلام من هذه الزيارات فقد عرضت الإمارات والسعودية وقطر طرح رؤوس أموال طائلة للاستثمار الزراعي في الأراضي المحيطة بسد النهضة، وتمويل الأعمال الإنشائية في السد، والتي تنفذها شركة «ناحل» الإسرائيلية التي اعتمدت دراسة مركز الإستصلاح الأمريكي لمشروع «سد النهضة الإثيوبي الكبير»!

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص