- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
- المكتب السياسي للمقاومة يشارك احتفالات الجالية في امريكا بعيد ثورة ٢٦ سبتمبر
- 120 خبيرًا سعوديًا وعالميًا يناقشون مستقبل التعلم مدى الحياة في مؤتمر "LEARN" بالرياض
بخطىً وثّابة متمرّدة، وحسٍ فنّي مرهف، وأحلام طفولة مخنوقة، كسرت الفنانة التشكيلية والكاتبة اليمنية، سبأ عبد الرحمن القوسي، حواجز الصد أمام بنات جيلها، متجاوزة المألوف، في بيئة قبلية ومجتمعية وسياسية متخمة بالقيود. وإلى رحاب الفن التشكيلي، إنسحبت مدرّسة اللغة الألمانية، والمدير العام في السلطة المحلية بأمانة العاصمة، من صخب وضوضاء اللحظة العدائية، كواحدة من تداعيات الصراعات الجارية، لتؤدّي هناك، في منطقة مغايرة تماماً، مناسك أحلامها متطلّعة إلى صناعة بيئة جمالية مفعمة بالأمل والحياة والإنسانية.
شاركت سبأ القوسي في العديد من المعارض الفنية منذ 2004، وأقامت معرض "أطلق سراحك منك" عام 2014، ومعرض "ألف وردة للسلام" عام 2015م، ولها مشاركات فاعلة في إعداد أوراق عمل وبحوث إقليمية حول المرأة القيادية في اليمن. في حوارها التالي، تتقمّص سبأ القوسي أدوار ضحايا غارات طيران "التحالف"، فتروي حكاية حمامة الكفيف مصطفى (مركز المكفوفين)، وحلم إشراق المعافا (تلميذة نهم)، و"سيلفي" الرئيس هادي في الصالة الكبرى، وتكشف سر حضور المرأة اللافت في أعمالها الفنية، متحدثة عن اختلاط أوراق، ونزعة أنانية لنخب مثقفة، تم توظيفها لتجميل صورة "العدو البشعة".
في ظل الإنقسام السياسي الحاصل والحروب الداخلية والخارجية، كيف يمكن تقييم دور المثقف والفنان اليمني في هذه المرحلة؟
المثقف والفنان هو من يدرك المعنى الخفي من وراء صياغة مفاهيم الوضع الراهن بخطاب وعناوين لها أثرها في خلق الوعي بالوقائع سلباً وإيجاباً، على قدر المصداقية والموضوعية والدقة في أمانة التوصيف. فالانقسام السياسي ظاهرة طبيعية في كل المجتمعات، وحتى على مستوى منظومة العملية السياسية سلطة ومعارضة، وينبغي عليهما (الفنّان، المثقف) فهم قضايا ومشاكل السياسة والمجتمع بطريقة واعية متعمقة في جذور المسائل وخلفياتها وأبعادها، لا بالتسطيح المسهل لتسويق المعلومات والوقائع للجمهور، فعليهما بذل جهد الوصول والاقتراب من الحقائق قدر الإمكان.
برأيك، كيف يمكن توصيف الحالة التي تشهدها اليمن منذ مارس 2015م؟
في ظل العدوان الذي بُلينا به، علينا التمييز والتأكيد على تصنيفه ليس كحرب خارجية وأخرى داخلية، أو حتى للمقارنة بينهما ووضعهما في سلّة واحدة؛ فأمر الصراعات البينية ليس بالجديد في مجتمعنا اليمني على مستوى القبيلة، وعلى مستوى النظام السياسي. للأسف، مثلما تم توجيه صراعات الأحزاب والتيارات السياسية والدينية لخدمة العدوان، فقد تم أيضاً توظيف نخبنا المثقفة بإمكانياتها المؤثرة لإخفاء حقيقة الصراع البيني وتشويهه، ولإذابة الأسباب الحقيقية للعدوان على الوطن، وتجميل صورة العدو البشعة.
ولكن البعض يرى أن وسط "النخب المثقفة" منقسم مع وضد؟
مقابل هذا الخذلان الكبير من هذه النخبة، تولّد حسّ وطني مضاد لهم، من قبل نشء من المثقفين ومحبي الوطن ومبدعيه، حركوا كل أدواتهم الإبداعية لمناهضة العدوان بالسلاح والريشة والقلم والإنشاد. وأمام تحالف بهذا الحجم والإمكانيات، فإن المواجهة جعلت من المبدع أكثر إبداعاً والمثقف أكثر حماساً، لاسيّما أمام النّبرة المتنمّرة من المثقفين المنحازين لدول العدوان، الذين مهما أبدعوا في خلق التبريرات المختلفة المشرعة للعدوان، فهم ليس إلا مشرّعين للعدوان لردود فعل خاصّة أو إغراءات.
وأين دور فريق مناهضي "العدوان"؟
كمثقفين وفنانين تحت جناح الوطن ورايته، فنحن في عمق النضال، من أجل السعي المتفاعل لمواجهة ومناهضة العدوان، في ضوء كرامة الأرض والفرد وصون سيادتها، وحتى نصل إلى السلام العادل والحقيقي، وليس سلام الوهم وسلام الفضفضة للتتويه عن حقيقة النوايا والمقاصد وجوقة الفساد، التي تجد لنفسها بيئة خصبة تتضلل بها باسم السلام وكل المعاني النبيلة لتخادع الآخرين.
البعض يتهم النخب الثقافية والفنية بالانزواء والتعالي عن الواقع ومعاناة الناس بسبب الحروب، إلى أي حد يبدو ذلك صحيحاً؟
من الواجب على هذه النخب أن يكون لها حضور في المشهد اليمني، حضور متصل بالواقع في فهمه، وفي إحداث تغيير فيه، بدلاً عن الخمول وإعادة إنتاج تحليلات مستهلكة جامدة أو خبيثة مثبطة. وللأسف فهذه النخب تضع نفسها في مربع الشبهة بهذه العزلة غير الموفّقة في توقيتها؛ فالمثقف والفنان يجب أن يزيل أي مظاهر للأنانية والنرجسية قد تتقمصه، ويذوب في الوطن ومتطلباته، ويوظف نفسه لذلك، ولا يضع نفسه في قصر عاجي والكل في خدمته، وأنه صاحب الألفاظ والأقلام والريش السحرية المقدسة.
واقع المشهد الثقافي العام في اليمن، كيف يمكن قراءته خلال عامين ماضيين في ظل استقطاب سياسي حاد وصراع مسلح متداخل؟
مشكلة البعض أنه لا يحسن فهم وتوظيف التنوع الفكري الثقافي والسياسي كتفاعلات تُثري وتطور رسالة الحياة، وتوجز معاناة المجتمع، وتقرب مسافات الخطابات المتقاطعة. فهذا التنوع مكفول في إطار خدمة الوطن والمصلحة العليا للوطن، لا أن يكون الوطن وكل مصالحه العليا في خدمة فكرة المثقف والمفكر أو السياسي أو الحزب أو الجماعة. ومن هذا المنطلق، تنظمت طبقة نخبوية ثقافية إبداعية في تجمعات وتشكيلات لمواجهة العدوان، أو في تبني فكرة الرفض لسلطة الأمر الواقع، وربط موقفها من العدوان بموقفها من سلطة الأمر الواقع، فخلطت أوراق كثيرة، وتقزّمت الجهود، لأن البعض أراد أن يوصل رسالته الضيقة بعاطفته الجهوية للجماعة وللمنطقة والقبيلة، من خلال هذه التشكيلات، لتتحول من جبهات تستقطب وتحشد في مواجهة العدوان، أو في توضيح أي رؤية كانت نحو أداء سلطة الأمر الواقع، إلا أنها بهذا المنهاج وهذا الأداء ضمرت وانكمشت على نفسها وعزلت نفسها عن الجمهور الواسع.
الحركة التشكيلية بشكل خاص، كيف يمكن تقييم حضورها خلال هذه المرحلة لوحات وفنانين ومعارض؟
بدأت ملامح ثقافة وسلوك مستجد للشعب اليمني، تتركز في انتخائه لذاته الإنسانية من خلال الوعي لطبيعة المؤامرة، التي تستهدف كيانه الوطن والدولة في سياق مماثل لمخاطر جلية في بعض أقطار عربية تعيش نفس المحنة. يمكن القول أيضاً إن اليمن شهد حراكاً تشكيلياً فنّياً متنوّعاً، مصحوباً بكم نوعي من الفعاليات في معظم المدن اليمنية، وبالذات العاصمة صنعاء، على مدار العامين، وفي أصعب الظروف حتى الأمنية، لا يمرّ شهر ولا أسبوع ولا حتى يوم، إلا والفعاليات والتفاعل معها في سياقه الطبيعي ولو بحده الأدنى في هذا الظرف.
هل يمكن اعتبار هذا الحراك نوعاً من المقاومة؟
هو الشعب ينتصر لنفسه ولوطنه، وسيصنع السلام والأمان والاستقرار، وسيقول لكل من أجرم من أبناء وطنه أو من خارجه: لن يمرّوا ولن نُدفن، وستحلق بنا الذكريات في قمم الأعالي، وتسطع بنا نجوم السماء لتعلن أن هنا أرضنا وتاريخنا ومجدنا ومستقبلنا القادم، وهم سيدفنون في مزبلة التاريخ، مثل كل شيء ضخم استخدم للتكسير وللتدمير، لكنه في النهاية تحول إلى خردة وزبالة أكلتها عوامل التعرية، وعاشت الشعوب وستعيش حرة مجيدة مهما طال الظلم والطغيان.
إلى أي المدارس التشكيلية تنتسب لوحاتك؟ وما مميزات هذه المدرسة؟
لم أثبت نفسي في مدرسة تشكيلية واحدة محددة، لأن الرسم في حياتي كان هواية انتهجتها، ليس دراسة أو نظرية شعرت بالميلان إليها، كانت روح الرسم فيّ هي ما تختار ملامح اللوحة، فمن تجريدية إلى واقعية إلى سريالية، وطبعي الشغف والشره لتجربة كل تنوعات الحياة انعكس على لوحاتي وتجاربي الفنية جميعها.
حضور المرأة اللافت في لوحاتك، بم يمكن تفسيره؟
في مجتمع حمل ثقافة تهميش المرأة، وإزاحة ظهورها تحت مبررات عدة، كان حضورها في لوحاتي لفرض مساحتها الشفافة بكل هواجسها ومشاعرها، بكل أمانيها وخيالها، حضور لأحلامها الخيالية والواقعية، حضور لكشف ملامحها الجميلة، وهي تشغل كل موقع لها في الحياة، وبالطبع لن يعوض ذلك ما تعرضت له من إقصاء بالحد الكافي، ولكن يبقى في الذاكرة أن المرأة هي العنصر الأهم في كل حيوات الدنيا.
لوحة "حمامة السلام" في يد الطفل مصطفى الكفيف، ولوحة التلميذة إشراق، نماذجان لضحايا عمليات قصف الطيران. الملاحظ أن عناصر اللوحتين مفعمة بالحياة، فما الذي أرادت سبأ القوسي قوله في اللوحتين/ الضحيتين بالضبط؟
أرادت سبأ أن تفكك تلك الصورة الواقعية المؤلمة، وتعيد بناءها في مشهد سلام حقيقي يجسد الخلود بعد الألم. هي دموع الريشة حين تحاول أن تبرئ إجرامية الألوان، حين تنحت الدمار والخراب وسفك الدماء، هي رموز لمعاني الخلود ومقاومة للإبادة. تعصرني ألماً كل تلك الصور الدموية، وأجد نفسي عاجزة عن القيام بما يمنع تكرارها أو إيقافها، ولطالما يلازمني شعور يحملني مسؤولية العجز أمام ما يحدث. عشت مشاعر الكفيف، أحاول تصور هول المنظر وتخيلت ما يطمئنه من حراسة إلهية وحفظ رباني، لاسيما بعد أن اختبر الموت في برودة طائره الميت، فبزغت لي الفكرة بنبض الحياة في سيناريو الحمامة البيضاء، وما تحمله من دلالات، ولم أتصور أن تتحول تلك اللوحة إلى حقيقة جعلتني أعيش فرحة طفولية متزامنة مع سعادة مصطفى الكفيف الذي أهديته الحمامتين.
وبالنسبة للوحة الطفلة إشراق المعافا؟
بالنسبة لإشراق المعافا، الطفلة التي تقمصني حلمها، وهي في طريقها إلى المدرسة تحمل القلم الرصاص، كسلاح علم وأمنية مستقبل، لا زال مشروع حلمها قائماً حالما أصابتها شظية القصف وأردتها قتيلة مدماة على الأرض، وقد فقدت قدمها الطاهرة ولفظت روحها البريئة، وهي شاخصة العينين إلى حقيبتها المدرسية. ماذا لو كنت أنا في ذات السن وذات الحلم؟ تخيلتها تواسي جسدها المظلوم لترتقي بروحها إلى صف زملائها الآخرين في جوقة ملائكية تحفها الملائكة بأنوارها القدسية، لتعيش خلودها الموعود بعد هذا الوجع. كل تلك الأرواح صارت تعيش معي بابتسامة ومواساة تمنحني لذة وامتناناً كبيرين، يسقطان عني شعور تأنيب الضمير الذي يعشعش بداخلي ولا علاقة لي به.
لوحاتك هذه التجسيدية لوقائع الحرب في اليمن، ماذا أضفت على تجربتك الفنية؟
الفن هو من وسائل النضال والمواجهة لتجسيد الفعل للذات الحرة، وجزء من الإدراك لحجم ومفهوم الإنتماء للبيئة والمجتمع والوطن. فقد أضافت لي لوحاتي قيماً خفية في أعماقي تكشفني وتواجهني أمام "الأناء" التي كنت أعيشها بمزاجية الفنان الغامضة، ذات النزوع النرجسي للذات والعزلة. ولأن الإنسان بطبيعته التشكيلية وحده هو معيار لصدق جمالية عمله، فقد وجدتني مرتبطة جداً بالأرض وطناً وإنساناً وحضارة، وعليها تجلت لي مشاعري الإنسانية ذات طابع أمومي شديد الخوف والشراسة على وليدها، تثير حفيظتها أي تدخلات أو محاولات طمس تشويهية.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر