الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"حبيبي داعشي"... الرواية الأولى لتنظيم "القاعدة"
الساعة 19:06 (الرأي برس - عربي )

برواية "حبيبي داعشي"، تكون "منظمة القاعدة" قد دشنت باكورة أعمالها الروائية بعمل سردي، إن لم يكن قوياً بالمعايير الفنية، فهو مثير بالمعايير الأيديولوجية والسياسية. شكلياً، تتوفر الرواية، إلى جانب قدر من المباشرة والتسطيح والسذاجة، على نوع من الحبكة والتعقيد الدرامي لا يخلو من التوتر والتشويق، بما يدخلها عالم الأدب بعمل هو - كبداية - عمل قصصي ملفت.


على جانب المضمون، وهو مقال المقام هنا، تحمل الرواية فكراً جهادياً، ورؤى سياسية متطرفة؛ فهي بشكل مباشر تروّج لمنظمة "جبهة النصرة لأهل الشام" التابعة لمنظمة "القاعدة" في سوريا، في مواجهة النظام العلماني "الشرير" للأسد، والأهم في مواجهة تنظيم "داعش" العدو اللدود الذي حاربها، وسحب من تحتها البساط في أماكن كثيرة في العراق والشام.


من العتبة الأولى، تتذرع الرواية إلى المتلقي بمفارقة عنوانية مثيرة في السياق الثقافي العام: "حبيبي داعشي"؛ فالحب أبعد ما يكون عن "داعش"، حيث السلخ والقتل والرعب، فأن تحب البطلة أحد مقاتلي "داعش"، هذه حالة استثنائية تثير الفضول، وتستحق الإهتمام والمتابعة.


تبدأ الرواية بقصة حب عاصف، حب بالحلال، بين البطلة وزوجها، وكلاهما ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية الثرية، لتتدرج القصة في التعقيدات، وصولاً بهذه العلاقة إلى الطلاق، والتوغل في جوانب وأبعاد "معاناة المطلقات في المجتمع". قضية المطلقات - لا القمع، ولا الفقر، ولا أي قضية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أخرى - هي القضية التي وضعتها الرواية كثغرة يستخدمها "داعش" لاستقطاب المجندات، وكخلفية نفسية اجتماعية شكلت الدافع الجوهري لالتحاق البطلة بـ"داعش".
من العتبة الأولى، تتذرع الرواية إلى المتلقي بمفارقة عنوانية مثيرة في السياق الثقافي العام

عبر لوبيات وطرق وعرة، سافرت البطلة مع رفيقاتها من مصر إلى تركيا، ثم تفرقن في الثغور الجهادية، وكان نصيب البطلة أن تعمل مترجمة لقيادي "داعشي" كبير، في قصر كبير، في الرقة، عاصمة دولة "داعش". تعرف البطلة، حتى من قبل، كل ممارسات "داعش" من قتل وتشريد وإبادات جماعية، وتخلف وبدائية وعنف، وتتعامل معها كأمور عادية. فقط عندما عرفت أن إحدى صديقاتها ذهبت ضحية لجهاد المناكحة، شعرت بالصدمة، وعصف بها الذعر والهلع تجاه "داعش"!
"الداعشي" الذي أحبته هناك، وهو قيادي يعمل تابعاً لقيادي أكبر، هو الآخر، تحدث لها بفخر عن مشاركته في إبادة الأزيديين في العراق، كأمور عادية. وفقط عندما تم تكليفه بإعدام امرأة أمام طفلها، شعر بالصدمة والعار، وبدأ يحقد على "داعش" بالسر! إذن، فقط: جهاد المناكحة، وقتل امرأة أمام طفلها، لا غير، كشفا عن الوجه القبيح لـ"داعش"، ودفعا الإثنين لكرهها، والتخطيط للهروب.


بعد اكتشاف "داعش" بهذا الشكل المرعب، تكتشف البطلة أن حبيبها "الداعشي" المصري كان يحبها من فترة الجامعة، فتحبه، ويساعدها على الهروب، أو بدقة، يساعدهما جهادي نبيل في صفوف "جيش النصرة" في سوريا على الهروب من "داعش"، والسفر إلى اليمن ثم السعودية، وطوال ذلك يبرز جهادي "النصرة" هذا كملاك مخلص، ونموذج بديع رائع للاسلام المعتدل الجميل بكل المواصفات المثالية.


البقية تفاصيل، يتزوج الرجل بالبطلة، وتلاحقهما "داعش"، وتصفي الزوج بعد فترة من عودته إلى مصر، وفي نهاية الرواية تعود البطلة إلى زوجها الأول.


ما يخرج به القارئ من هذه الرواية، إن لم يكن الإنحياز لمنظمة "القاعدة"، هو ملاحظة الفرق بينها وبين "داعش"؛ وهو أن "القاعدة" - وإن حملت نفس رؤى، ومارست نفس ممارسات "داعش" - إلا أنها لا ترغم النساء على ممارسة جهاد المناكحة، ولا تقتل النساء أمام أطفالهن. الفرق بينهما فقط هو في معاملة المرأة؛ "القاعدة"، أو "جبهة النصرة"، تحترم كرامة المرأة، أو بالأدق لا تهين كرامتها بنفس الدرجة، وهو فرق محدود ساذج في سياقه، لكن المؤلفة لا تنفك طوال الرواية عن تهويل هذا الفرق الكمي، وكأنه فرق نوعي جوهري بين المنظمتين الإرهابيتين.


ملاحظات:
- رواية "حبيبي داعشي" هي الرواية الأولى للمؤلفة الشابة، هاجر عبد الصمد، مصرية الجنسية، من مواليد 1989م.


- قد لا يكون للمؤلفة علاقة مباشرة بتنظيم "القاعدة"، ولا بـ"جبهة النصرة" في الشام، ولا حتى بجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، لكن القضية قضية رؤية وفكر، لا قضية تنسيب وتنظيم، وهذا الفكر وهذه الرؤية يحملها معظم "الإخوان المسلمين" والوهابيين تجاه قضايا المنطقة.
- بشكل خاص، هذه الرواية نموذج أمين لفكر "القاعدة"، في اختلافها المحدود عن فكر "داعش" من جهة، وفي رؤيتها للقضايا السياسية والاضطرابات التي تعصف بالمنطقة منذ سنوات، من جهة أخرى.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً