الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مؤتمر حضرموت... غير الجامع؟
الساعة 20:27 (الرأي برس - عربي )


لا يبدو، حتى الآن، أن "مؤتمر حضرموت الجامع" سيكون جامعاً مثلما كان يعول عليه البعض من أبناء هذه المحافظة، التي تُعد الأكبر لا من حيث المساحة فحسب، بل من حيث الثروة أيضاً؛ إذ ترفد ميزانية الدولة بعائدات مهولة، أغلبها من تصدير النفط الخام. فـ"الجامع" الذي انطلقت التحضيرات له أوائل نوفمبر 2016م بتشكيل لجنة تحضيرية ولجان فنية متخصصة في عدة مجالات، دخل في دوامة من الخلافات اللامتناهية التي قد تعصف به وتهدد مساره، لاسيما في ظل الحملة المعارضة التي يتبناها تيار ما يعرف بـ"تصحيح المسار" الذي وجه جملة من الإنتقادات للمؤتمر المزمع إقامته قريباً.


الانتقادات التي تدور حول آلية عمل اللجنة التحضيرية وكيفية اختيار أعضائها وأعضاء اللجنة الإشرافية، ونسب التمثيل الخاصة بالمكونات، تطالب بإعادة النظر في وثائق وأدبيات المؤتمر. وبالرغم من خوض كلا الطرفين سلسلة من الإجتماعات والنقاشات الجادة بهدف التوصل إلى قواسم مشتركة وحلول توافقية تضمن مشاركة أوسع لجميع الأطياف والمكونات، إلا أن جهود الوساطة لاحتواء الخلاف بين الطرفين باءت بالفشل، مؤخراً، لاسيما بعد خروجها من طور الإنتقاد البناء والموضوعي إلى طور التراشق الإعلامي وتبادل الإتهامات بين الأطراف المؤيدة والمعارضة.

 
معايير
ومع إعلان اللجنة التحضيرية انتهاء اللجان الفنية من عملية إعداد "وثيقة حضرموت" الشاملة مطلع يناير، والانتقال إلى مرحلة التحضير لعقد المؤتمر عبر طرح مسوّدة مشروع المعايير الخاصة باختيار أعضاء اللجنة العليا للمؤتمر، والمكونة من 345 عضواً يشكلون ربع أعضاء مندوبي المؤتمر، لقيت مسوّدة المعايير المطروحة حالياً للنقاش موجة انتقادات تتعلق بطريقة صياغة وتحديد المعايير التي يعتبر كثيرون أنها جاءت فضفاضة وعصية على القياس، مما ينفي عنها سمة المعيار، كأداة للقياس وميزان ضابط له، علاوة على كون الصياغة ركيكة على مستوى المبنى والمعنى، وكذا على مستوى اختيار الألفاظ والمفاهيم والمصطلحات. 


ويشمل مشروع المسوّدة المعلن عنه، مؤخراً، أسس ومعايير اختيار الهيئة العليا والمندوبين لـ"مؤتمر حضرموت الجامع"، سعياً نحو توسيع الشراكة، بحيث تتضمن كل ألوان الطيف الحضرمي في الداخل والخارج، وذلك وفقاً للأهداف المشتركة والأسس والمبادئ التي تضمنتها مختلف الرؤى المقدمة من المكونات الحضرمية في الداخل والخارج. وشددت اللجنة التحضيرية للمؤتمر على "الالتزام بالحيادية التامة والشفافية والنزاهة في وضع الأسس والمعايير الواجب اتباعها في اختيار الهيئة العليا والمندوبين للمؤتمر، بحيث تشمل كل أبناء حضرموت بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم في الداخل والخارج"، لافتة إلى أن المشاركين في أعضاء الهيئة العليا ومندوبي المؤتمر يمثلون "كل شرائح المجتمع الحضرمي في الداخل والخارج، مع الأخذ بعين الإعتبار الكثافة السكانية والجغرافيا، علاوة على تمثيل الجاليات في الخارج حسب كثافتها السكانية في كل دولة، بموجب انتماءاتها لمديريات حضرموت، وينطبق ذلك على كل التجمعات الحضرمية في باقي المحافظات".


معايير غير جامعة
وبهذا الصدد، يرى المحامي، أحمد عبد الله باحشوان، أن مسودة المعايير المتداولة تعتبر في مجملها "معايير غير جامعة، ولا تصلح للمحافظة على اللحمة الحضرمية، فهناك غموض وتناقضات وعدم تحديد لما سمي بمقترح أسس ومعايير اختيار الهئية العليا والمندوبين للمؤتمر الجامع لحضرموت، بصورة يصعب الإلمام بها. فمن تولى إعداد تلك الوريقات لا يعلم عن أهداف المؤتمر العامة، وماهية مقاصده وتوجهاته الاستراتيجية التي يسعى لتحقيقها، وماهي مهام ما سمي بالهيئة العليا للمؤتمر ومهام المندوبين وماذا سيكون عليهم القيام به". لقيت مسوّدة المعايير المطروحة حالياً للنقاش موجة انتقادات
وفي معرض انتقاده للمسودة، يتساءل باحشوان: "هل معايير اختيار الهيئة العليا للمؤتمر هي ذاتها معايير المندوبين؟... من هو الحضرمي؟ وكيف سيثبت أن لديه القدرة على التواصل والحرص على مصالح حضرموت؟ وهل سيكون عليه تقديم تقرير طبي لإثبات سلامته العقلية والذهنية؟ وأنه ذو مكانة ونزيه ويتمتع بسمعة حسنة؟ وعليه أن يقدم صحيفته الجنائية؟ ومن هي الجهة التي ستفصل في ذلك؟ أو ستبت بالطعون إن وجدت بشأنها؟ وأين هي المعايير التخصصية العلمية والعملية والخبرة؟ ولماذا يتوجب على من يحمل شهادة جامعية أن لا تقل نسبته عن 80%؟ وكيف سيتم تحديد الكثافة السكانية؟ وبموجب ماذا؟ وهل إفراد وتخصيص نسبة للسادة والقبائل والمشائخ فقط يحفظ الوئام للحضارم؟ أو أن ذلك إثارة للتفرقة ونزعة عصبية وطبقية عنصرية؟ وما هو مصير بقية شرائح المجتمع الحضرمي؟".


ويختتم باحشوان انتقاده لـ"المؤتمر الجامع" بالقول: "أعتقد جازماً أن ما هو مطروح لا يمكن تسميته حتى بمقترح لمعايير مؤتمر، والأهم أنها تفتح الباب على مصراعيه لإثارة الإختلافات والنزاعات والكراهية وخلق شرخ عميق جداً في المجتمع الحضرمي، لا يعلم إلا الله وحده ما سينتجه وسيلحق بحضرموت ومصالحها وحقوقها بسببه في المستقبل القريب. لذا فإن الحل وتجاوز تلك الخروقات يكمن في التروي وإسناد الأمر لأهله ذوي الكفاءة والخبرة، والابتعاد عن إعادة إنتاج الجهل والعصبية والطبقية، إن كنا ننشد الرقي والتطور والوصول لمصاف المجتمعات والدول المدنية".


تساؤلات
وفي السياق، يضع الإعلامي، أحمد بن زيدان، عدة تساؤلات حول طبيعة عمل لجان المؤتمر والعلاقة بينها، إضافة إلى آلية تحديد المعايير وسبل تطبيقها بالنسبة لمقترح مسودة المعايير. إذ " يجب أولاً أن توضع المعايير لتناسب الأهداف، فأين الأهداف؟ ثم كيف سيتم تطبيقها على الواقع؟ ومن سيطبقها؟ هل اللجنة التحضيرية الحالية هي من ستختار أسماء اللجنة العليا وفق معايير، وهي التي أصلاً جاءت من غير معايير؟ وإذا افترضنا أن الأمور تمت كما ورد في مسودة المعايير، فأين يتمثل دور اللجنة العليا واللجنة التحضيرية الرئيسة؟ هل سينتهي دورها أم ستستمر بالوصاية على اللجنة الجديدة؟ وأخيراً أين اللوائح المنظمة للعلاقة بين اللجان وكذلك للجنة العليا؟". ويختتم بن زيدان حديثه باقتراح "تشكيل لجنة قانونية وتحكيمية وفق معايير دقيقة وبعناية بالغة، تعطى لها صلاحيات كاملة لترتيب وتنظيم العملية برمتها، والحل والفصل في أي خلافات تبرز، وحسمها بشكل نهائي".


"تصحيح المسار"
بدوره، يعتقد عضو لجنة "تصحيح المسار"، الوكيل المساعد في وادي حضرموت، عبد الهادي التميمي، أن الرؤية المطروحة غير صحيحة، "بدليل أن بعض من ينادي بتصحيح المسار هم أعضاء في اللجان لكن غير راضين عن طريقتها. لذا يجب الإعتراف بالآخر للتوصل لحلول، فما تم من أعمال اللجان ليس مفروضاً على الناس، ويمكن تعديله من خلال جلوس الطرفين. ومن أهم ما كان يطرح لتصحيح مسار المؤتمر أن لا تكون السلطة راعية فقط ولا مشرفة على المؤتمر". ويضيف التميمي أن تياره يطالب بـ"تطعيم اللجان بكفاءات نوعية متخصصة وفق معايير يتنافس عليها من تنطبق عليه هذه المعايير، وتأجيل موعد انعقاد المؤتمر حتى يتم انتهاء اللجان من عملها ليحدد حينها الموعد، وإشراك ممثلين عن الجهات المقصية، ولكن عدم الإصغاء للنصح يضع العملية برمتها محل شكوك الكثير، إضافة إلى اختيار لجنة قضائية توافقية أحكامها نهائية في أي خلاف، وتتولى إعداد لوائح منظمة لتسيير ما تبقى من إجراءات حتى انعقاد المؤتمر. كما ويجب اختيار اللجنة العليا وفق المعايير المطروحة، بدعوة هيئات الحلف دون استثناء لإقرار الأسماء بشكل نهائي، وحل كافة اللجان السابقة، لتتولى اللجنة العليا قيادة القطار للمضي قدماً نحو انعقاد المؤتمر الحضرمي الجامع".


"التحضيرية": لا إقصاء
في المقابل، قال نائب رئيس اللجنة التحضرية لـ"مؤتمر حضرموت الجامع"، د. محمد بامقا، في معرض رده على بعض الإنتقادات: "نحن لا نقصي أحداً، وليس بالضرورة أن يشارك الجميع لأن هذا صعب، ولكن قدموا نقداً بناءاً في إطار حضرموت وليس في إطار نشر الغسيل، فحضرموت عانت، ولا نريد لتلك المعاناة أن تتكرر في حياة الأجيال الحضرمية القادمة، لذا يجب أن تكون الحقوق السياسية لحضرموت واضحة وتطرح للرأي العام".


وحول طبيعة عمل اللجان أضاف بامقا أن "هناك لجنة رئيسية ولجنة للصياغة ولجاناً سياسية واقتصادية واجتماعية. أما بالنسبة للوثائق السابقة فهي مكملة لعمل المؤتمر وقد تمت الإستعانة بمتخصصين أكاديميين بغض النظر عن الإنتماءات. مخرجات المؤتمر ستكون مسودة دستورية ترسم خارطة مستقبل حضرموت، وقد تمت مراعاة معايير التوزيع الجغرافي والمؤهلات والمدن الرئيسية والمكونات السياسية والجانب المدني والشباب والمرأة بقدر الإستطاعة".


تطمينات
على خط مواز، يؤكد عضو اللجنة السياسية في "مؤتمر حضرموت الجامع"، محمد باتيس، تقبل أعضاء المؤتمر لأي وجهات نظر "تنتقد بشكل بناء". وفي ما يخص مسوّدة عايير اختيار اللجنة العليا للمؤتمر واختيار المندوبين، يشير باتيس إلى أن "المسودة في صيغتها الأولية، وتم طرحها لعامة الناس وكافة المكونات والشرائح المجتمعية لوضع ملاحظاتهم، وإغنائها بالآراء والتوصيات والمقترحات لتنزل في صيغتها النهائية. والمؤتمر وجد ليجمع شتات الحضارم لا ليفرقهم، فكل ما سيفرقنا يجب إلغاؤه، وكل ما يجمع عليه الكل فهو المطلوب، وسنعض عليه بالنواجذ. لذا فعلى من لديه ملاحظات طرحها وطرح البديل لها أيضاً، بما يراه مناسباً لذلك، وهذا هو الغرض والهدف من النقاش، لكي نصوب ونصحح هذه المعايير، وبعد كل هذه الجهود سترفع كل الملاحظات والآراء والمقترحات للجنة الفنية، وسيتم الأخذ بالاعتبار جميع وجهات النظر، قبل إخراج النسخة النهائية حسب ما يرتضيه المجتمع".

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً