السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
مهد ثورة فبراير: الكثير تغيّر يا تعز
الساعة 22:20 (الرأي برس - عربي )

الحالمة تعز، قلب اليمن النابض، القابضة على مفاتيح التغيير السياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي، عنوان المحبة والسلام ومهبط الوسطية والتعايش، المحافظة التي يصفها البعض بأنها أسطورة الأبهة وملكة البساطة في آن واحد، موطن إنجاب كبار المثقفين والمبدعين وعمالقة الفن والأدب، كانت وما زالت تتصدر المشهد اليمني ممثلة في أسبقية التعليم وتقدم الوعي والكثافة السكانية والموقع الاستراتيجي، الذي دفعها نحو الإسهام بقوة في الثورات التغييرية.


فكما أن الآلاف منها شاركوا في صناعة ثورة 26 سبتمبر والانتصار لصنعاء الثورة في حصار السبعين يوماً، شارك الآلاف منها كذلك في صناعة ثورة 14 أكتوبر المجيدة وإنجاحها، لتجني بذلك تعز ثمار الثورتين مع تصدر عدد من أبنائها المشهد السياسي في دولتي الشطرين إلى أن حان قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 لتبقى بأبنائها لاعباً سياسياً مهماً بعد الوحدة، حسب ما تفيد الشواهد التاريخية.


كما أن الانطلاقة الأولى لثورة 11 فبراير 2011 أيضاً كانت من تعز، وساهم بعض أبنائها في إشعالها في كل الساحات داخل المدن اليمنية، كل ذلك وغيره الكثير لم يشفع لها من حرب شرسة حولت جمال تعز ومآثرها إلى هولوكست، وجعلت الحزن يسكن زواياها ويستوطن ملامحها الجميلة.
اليوم، وبعد ست سنوات على انطلاق شرارة ثورة التغيير بتعز، تغيرت أشياء كثيرة، إلا أن رياح التغيير جاءت بخلاف ما اشتهته مدينة الثوار الحالمين بالأمن والاستقرار. فمدينتهم اليوم تتعرض لشبح حرب أهلية وتشظٍ على المستويات كافة، جعلها تقف عاجزة عن فهم ما يجري، فبعد أن كانت تبحث عن الأفضل، أصبحت اليوم تعيش الخوف من الأسوأ، في مشهد متحرك لا تُعرف نهايته.


وبما أن التاريخ لا يمكن أن ينفصم عن الواقع، فإنه مهم أن نعيد قراءته عبر مراقبين للبحث عن السبب الذي جعل تعز دون غيرها تكتوي بنار حرب شبت فيها منذ أن خرجت تهتف "الشعب يريد إسقاط النظام"، ولم تنطفئ حتى اليوم، هل هي تدفع ضريبة إشعال الفتيل الأول لثورة 11 فبراير؟ أم أن أطراف الصراع السياسي اتفقت على معاقبة تعز فنقلت الحرب من بقية المحافظات إلى تعز؟... لماذا تعز؟


الناشط السياسي، وعضو منسقية الثورة الشبابية السلمية، ماجد البكري، يجيب على السؤال، في حديثه إلى "العربي"، قائلاً: إن "دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية قادت ثورة مضادة علی الثورة المغدورة بها، 11 فبراير، وذلك لتأديب الشعب ولكي تجعل بلدان الثورات عموماً عبرة لغيرها، وعلى وجه الخصوص تعز اليمن التي أشعلت شرارة ثورة 11 من فبراير، التي هي اليوم تدفع الثمن الأكبر بسبب حقدهم على تعز التي تقود دائماً شرارة الثورة منذ القدم".
ويتابع: "تم نقل المعركة من صعدة وصنعاء إلى تعز، بأوامر سعودية وتحت إشراف هادي، لتأديب تعز، التي أصبحت اليوم ضحية بسبب الجميع، وهي اليوم تدفع الثمن باهظاً". 


ويضيف: "واليوم معانا شلة مداليز يشتوا يعملوا احتفال بتعز في 11 فبراير، اربطوا غزوان أول، تحتفلوا بأيش؟ ممكن يحتفلوا بالجرح، وغني لهم يا أبو اصيل حفظك الله: احتفل بالجرح". 


في المقابل، يذهب مراقبون إلى أن أحداث ثورة فبراير كشفت عن العمق السياسي الذي تحمله تعز، حيث كانت من أكثر المحافظات التي تعرضت للحرق والإبادة ضريبة لنضالها السلمي.


الصحافي والناشط الحقوقي، محمد الأحمدي، يرى في حديث إلى "العربي" أن "تعز تمثل كتلة سكانية معيقة لمشاريع الاستبداد السياسي والطائفي على حد سواء، ولذلك ألقى صالح والحوثي بثقلهم على معركة تعز، لسحق الروح الثورية لأبناء هذه المدينة، الذين يتكئون في نضالهم اليوم ضد مشروعي الاستبداد السياسي العائلي والسلالي الطائفي على إرث نضالي ممتد ضد هذه المشاريع التدميرية القاتمة، ولذلك هي اليوم وبعد ست سنوات مضت منذ أن أشعلت شرارة الـ 11 من فبراير تدفع الثمن عبر حرب إبادة تعرضت لها أكثر من أي محافظة من المحافظات اليمنية، نتيجة لنظالها السلمي".


تتعدد الآراء في وصف الواقع المأساوي الذي تعيشه تعز، وتوصيف مآلاته، ولكن الثابت الوحيد أن الكثير قد تغير منذ 2011، أيام اعتصامات الشباب وتظاهراتهم واحتجاجاتهم السلمية، هنا، في مهد الثورة، ومعقل شرارتها الأولى.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص