الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
اعترافات وفضائح..
الاتصالات المجهولة.. أسلوب جديد لخلق المشاكل بين المجتمع اليمني
مكالمات مجهولة
الساعة 16:00 (الرأي برس - الجمهورية)

يلجأ الكثير من الشباب إلى العبث بأرقام الهواتف عشوائياً، لتكوين أرقام هاتفية، والاتصال مباشرة، فإذا ساد صمت فإن فتاة علقت في شباكهم ، وإذا تم الرد من قبل رجل، يكون السؤال جاهزاً، “فلان” وما أكثرها الأسماء التي تخطئ في جوالي يومياً.

لكني طوال هذه الفترة لم أصادف أن بنتاً قد أخطأت في طرق هاتفي، ونادراً ما يحصل هذا.

كانت الفرحة كبيرة بتعدد شركات الاتصالات النقالة من أجل تخفيض قيمة المكالمات في أسواق الاتصالات اليمنية، لكن هذه الفرحة صاحبها مشاكل جسيمة يشتكي منها الكثير من الأفراد والأسر، وخاصة البنات .

ضربات الحظ

(أ. ع .م): واحد من الذين يتخصصون في ضربات الحظ، قال إنه يلجأ إلى دق أرقام عشوائية أو متقاربة بدليل أنه رقم ذهبي، أو قريب من رقم هاتفه، ويبدأ حظه كما يقول “إذا جاوب أحدهم أذكر له أي اسم، وما أكثرها الأسماء التي تتبادر لذهني،فإذا كان الشخص محترماً يرد غلطان، فأقول له عفواً، وإذا كان ممن قد مر بالتجربة نفسها يلجأ إلى السب مباشرةً”.

وقال إنه في كثير من الأوقات يتعرض للسب لكنه يرد بالمثل وأكثر، مما يلجأ الشخص الآخر إلى إغلاق هاتفه.

القائمة السوداء

يضيف: “ذات مرة اتصلت برقم عشوائي وجاوبتني بنت، فبدأت أكلمها، فسكرت الخط، وظللت أتصل برقمها مرات ومرات لكنها لم تجب، أدخلت رقمي بالقائمة السوداء، فلم أستطع الاتصال بها لكني لجأت إلى أسلوب الرسائل، وبدأت أرسل لها رسائل غزلية كل يوم أربع إلى خمس رسائل، لكنها اتصلت بي ذات يوم وبدأت توبخني وتنعت عرضي وشرفي وبأني كذا وكذا، وأنا أرد لها بكلام غزلي، وفي النهاية قالت لي لو أنت ابن ناس لا ترسل لي رسائل، حرام عليك أنا مخطوبة، وأغلقت الهاتف”.

يتابع :بعد أيام اتصلت بي وبدأت تعتذر، وطلبت معرفتي، ونحن الآن على تواصل .

مثل هذه الأفعال التي يندى لها الجبين كفيلة بأن تفكك أسراً وتعرض الكثير منها لمشاكل لا تحمد عقباها، وقد تصل بالكثير منها للطلاق أو الابتعاد.

مكاشفة

يتعرض الكثير من المشتركين لاتصالات من قبل أرقام غريبة لكنهم لا يردون عليها، ويستمر هذا الرقم بالاتصال حتى ساعات متأخرة من الليل، إلى أن يتم الرد، يقول (أ.ع.م ): إن الأرقام التي لا ترد احتمال كبير بأنها أرقام بنات، وهو ما يشجعني على مواصلة اتصالي بها، إلى أن تجيب، أنا شخص فاقد حنان وعطف، وأحتاج إلى أي شخص يفهمني ويؤاسيني، أنت تعلم جيداً شرط المهر وتكاليف العرس، وأنا لا أقدر على ذلك، الزواج في هذه الظروف صعب جداً.

ذات مرة وقع هذا الشخص ضحية لرقم غريب أفزعه من نومه، أخذ يجاوبه لكن الآخر يسأله فلان – نفس المسرحية التي يؤديها يومياً -، “بدأت أسب له سبا، كيف تفزعني آخر الليل تبحث عن فلان، مما اضطر لإغلاق الخط، وفي الصباح اتصلت به وبدأت أوبخه”، لكني أخبرته أن، “هذا تناقض عجيب، في مواقفك، كيف محلل لك مؤذاة الناس ومحرم عليهم مؤذاتك”.

أسماء بنات

تقول “أ .ف .” 23 عاماً، تلقيت رسالة مفادها “أني صديقتك سحر”، بعدها بقليل تلقيت مكالمة من نفس الرقم، جاوبت: أهلين سحر، لكنها لم تكن سحر، كان رجل على الخط، وبدأ يحدثني بكلام أسود (قبيح) فأغلقت الخط مباشرةً في وجهه، استمر هذا الرقم يتصل بي يومياً من الصباح حتى الثانية عشرة ليلاً بمعدل أربع مكالمات على الأقل في اليوم، وأحياناً يفزعني من النوم الساعة الثالثة فجراً.

تضيف، “في اليوم الثاني كان هناك أرقام إضافية تتصل بي وصلت إلى ستة أرقام، كان الأول يتصل ويبدأ الثاني إلى النهاية، عرفت أن هذا الشخص سرب رقمي إلى أصدقائه، ليستمروا جميعاً في مؤاذاتي، وكانت تصلني كل يوم مجموعة من الرسائل التي تخدش الحياء حقيقةً، هذه إشكالية بمعنى الكلمة”.

مشاكل إضافية

لم تكن الاتصالات العشوائية المشكلة الأهم بالنسبة لــ “أ .ف.”، لكنها تعدت ذلك، لتصل إلى توريطها بمشاكل أمام أسرتها ،”ذات يوم اتصل بي أحد هؤلاء، وكان إلى جواري أخي الأكبر ،لم أستطع أن أترك الهاتف يرن كما أفعل دوماً؛ خوفاً أن يتسلل إلى ذهنه أشياء أخرى ،قلت: هذا رقم غريب، وأعطيته الهاتف ليرد..! لكن ليتني لم أفعل.

حين فتح الخط بدأ هذا الشخص، “كيف أنت حبيبتي…،”.. حينها شعرت أن كل شيء تغير في أخي، ملامح وجهه، عينيه، هيئته، وبدا شخصاً آخر تماماً، كنت في موقف لا يحسد عليه؛ خاصة وأني مخطوبة من أحد الأشخاص.

كان أخي يعتقد أن من كان على الخط هو خطيبي، وأنني على تواصل معه، خاصة أنه بدأ بمثل هذا الكلام، كنت أقسم له أن هذا الشخص مؤاذ ويؤاذيني يومياً، لكني لم أفلح إلى أن جئت له بالرقم وطلبت منه أن يتواصل معه.

حين اتصل به من تلفونه، كان يرفض دائماً، وظللت في حالة حيرة كيف أقنع أخي بهذا الأمر، حاول معه مرات ومرات إلى أن جاوب: كيفك، أين أنت؟” في باب اليمن”، يمكن نتقابل بمكان كذا، فرد عليه “لا أستطيع”، فهدده “انتبه على نفسك يمكن يومين ويلقاك أحدهم مقتول” من حينها لم يتصل بي، لكن الأرقام الخمسة من زملائه ضلوا يؤاذونني، فكرهت الشركة، كنت أحاول الاتصال بخدمة العملاء في الشركة، لأخبرهم بهذا الأمر، لكن التلفون يظل يرن ولا أحد يرد، فلجأت إلى تغيير رقمي”.

دائرة الشك

مشاكل عائلية لا تحمد عقباها، تبدأ برنة مجهولة المصدر لتنتهي بمشاكل هم في غنى عنها، يقول أحمد سعيد 28 عاماً (متزوج): هذه من أصعب المشاكل التي يلاقيها الناس في منازلهم، وتسبب دماراً كبيراً في انتزاع الثقة بين الطرفين، قد تكون مكالمة مجهولة، لكنها تخضع كثيراً للتأويل، فإذا كان رجل أبدأ أتساءل، وتبدأ عملية الحساب في رأسي ،من يكون، من فين جاب الرقم، ترى هل تسرب من أرقام زميلاتها، أو شيء من هذا القبيل.

هل أخذه أحد من أصدقائي من هاتفي عندما، هل..، لا تزال الكثير من التساؤلات تدور في رأسي.

أساليب جديدة

أحدهم اتصل بي ذات يوم، وبدأ يكلمني كصديق قديم، لكنه فجأة بدأ يسألني هل يوجد معك رقم أي بنت، استغربت من السؤال وسألته من أنت، قال ليس ضرورياً، لكن هل يوجد معك، قلت له لا، فأغلق الخط.

حينها عرفت أنه من جملة الأرقام التي تطرق هواتفنا يومياً بحثاً عن بنات، لكني استغربت من الطريقة التي بدأ الحديث بها، وكيف أصبحت مثل هذه الأفعال تتطور وتأخذ وسائل رقي في عملية البحث عن ضحية جديدة كل يوم.

يخبرني صديق أن رقماً غريباً اتصل به، ومنذ أن فتح الهاتف بدأ يحدثه كشخص مستعجل، “يا محمد خذ الفلوس حق القات واتبعني، أنا منتظرك عند الجسر”، قال صديقي الذي يعمل في محل اتصالات، هذه وسيلة جديدة لتجنب الإحراج إذا طلع رجل، قلت له قد يكون غلطان فعلاً، قال الغلطان يعرف من نبرة صوته.

لكن الأكثر طرافة حين رن هاتفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وقد كنت نائماً، استيقظت فرأيت رقماً غريباً، فتحت التلفون، وبدأ حديثه، “السلام عليكم ،معك إذاعة هولندا ،برنامج ما يطلبه المستمعون، أيش تحب تشرب، وصحح غلطه أيش تحب تسمع”.

كان المتصل شاباً يبدو من ذلك من نبرات صوته، حين سمعت كلامه عرفت أنه يبحث عن بنات طبعاً.

ومن غبائه أن إذاعة هولندا التي استعار اسمها، لم يوجد فيها أصلاً برنامج ما يطلبه المستمعون، مثل هذه البرامج موجودة في الإذاعات اليمنية، كنت تلك الليلة هادئا فأجبته ببرود، “أولاً رتب الحبكة كويس وبعدين اتصل”، فأغلق الخط فوراً.

مثل هذه الطرق أصبحت منتشرة وبدأت تنتشر، بعد أن تعرضوا للإهانة في أسلوبهم القديم، وهذا يعد وسيلة أخرى للوصول لهدفهم بدون تعرضهم للمضايقات.

لكن المجتمع بدأ يفهم تلقائياً مثل هذه الأساليب وأصبح يرد عليها تلقائياً كلُ بطريقته.

تصنيف القضية

المهندس بوزارة الاتصالات مختار الثابتي قال: تصنف القضية على أنها مؤذاة عندما يصل إجمالي المكالمة إلى ربع ساعة (15 دقيقة) من قبل رقم غريب.

سألته طيب إذا كان الشخص هذا يستمر بمضايقتك يومياً ما الإجراء الذين تتخذونه، قال: هذا إجراء تقرره الشركة نفسها، شركة “إم تي إن” أخذت بهذه القضية وهي ترسل رسائل تحذيرية للشخص المؤاذي.

وأضاف: هناك شكوى قدمت للوزارة بمثل هذه القضايا وعند تتبعنا سلسلة الاتصالات بين الرقمين، وجدنا أن هناك اتصالات كثيرة من قبل الطرف المؤاذي لهذا الرقم (مكالمات لم يتم الرد عليها)، لكن وجدنا عملية تلقي مكالمة واحدة لمدة ثلاث ساعات لهذا الرقم، وهو ما يؤكد أن عملية تواصل كانت بينهما ،لذلك لم نفعل لهذه القضية شيئاً.

يضيف: “عملية النمو السريع لشركة الاتصالات في اليمن، تجعلها أمام تحد صعب للتحكم في سير الخدمة اليومية بين المشتركين، لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك عملية اهتمام وتنظيم لمثل هذه الأمور”.

تجربة الرقم الوطني

في السودان لم تعد مثل هذه القضايا موجودة، لأن السودان تجاوزت قضية البطاقة الشخصية إلى الرقم الوطني، الذي يتم بموجبه كل التعاملات الرسمية واليومية، فإذا أردت أن تقطع (شريحة)، يتطلب منك إبراز الرقم الوطني الخاص بك ،ليتم إضافة كل الأعمال التي تقوم بها إلي ملفك الشخصي.. قال المهندس بوزارة الاتصالات، ويضيف:

“عملية الاتصال مكشوفة هناك، حيث تلجأ الشركات إلى إنزال دليل سنوي بقائمة مشتركيها كتطبيقات مجانية لمشتركيها، وبهذا يستحيل عليك أن تقوم بأي عملية مؤذاة لأن رقمك سيكون معروفاً من خلال البحث عليه في هذه التطبيقات، وهناك قائمة سوداوية تصدرها شركات الاتصالات السودانية بأسماء الأعضاء الذين ارتكبوا المخالفات”.

وأكد المهندس بوزارة الاتصالات، “نحن في الوزارة نسعى إلى استصدار مثل هذه الأمور، لكن هذا يتطلب من الدولة أولاً أن تقوم باستبدال البطائق الشخصية بالرقم الوطني من أجل أن نبدأ بعملنا.

وعن تجربة دليل الهاتف “يمن فون” قال: تعد خطوة أولى، لكن هناك الكثير من الأرقام يتم شراؤها ببطائق أشخاص آخرين، فاذا كانت عندي صورة من بطاقتك الشخصية أستطيع أن اقطع بها وأقوم بكل الأعمال المخلة بالأدب من مؤذاة وغيرها دون علمك، وهو ما يعرض هؤلاء الأبرياء إلى مشاكل، إذا الرقم الوطني هو الحل.

الرقم الوطني

هي خدمة تعطي لكل مواطن رقماً هاتفياً خاصاً يطابق رقمه الوطني المقيد في بطاقته الشخصية في كافة شرائك الاتصالات اليمنية المتنقلة والثابتة، ومن مميزات هذا الخدمة أنها ستعفيك من حمل تلفونين في وقت واحد، حيث ستوفر شريحة واحدة لكل شخص يستخدمها في كافة عملياته الاتصالية ،عبر خدمة تمكنك من الانتقال بين الشرائح، واستخدام الشريحة التي تريد، وفي عملية تعبئة الرصيد ستخصص لكل شركة رقم خاصا بها، ولن يحدث أي إشكالية في ذلك.

سيكون الرقم خاصاً بك، ولا يحق لأي فرد استخدامه، كما لا يحق لشركات الاتصالات إلغاؤه إذا قررت التخلي عن عملية الاتصال يوماً ما، كون هذا الرقم معروف باسمك في كل مكان، لكن ما فرص نجاحه في بيئتنا وهل نحن قادرون على تطبيق مثل هذه الخدمة في سوق الاتصالات اليمنية؟.

يرى المهندس مختار الثابتي من وزارة الاتصالات اليمنية، أن هذه الخدمة سيكون أمامها مشكلة تخلي المواطن اليمني عن أرقامه الخاصة، التي اشتراها ودفع بها الكثير من الأموال كالأرقام المميزة وغيرها، لكنه يرى أن هذه الخدمة ستمكننا من تجاوز مشاكل الأرقام العشوائية التي أحدثت الكثير من المشاكل، كما أنها ستكون فرصة لمراقبة تلفونات الأرقام المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية.

لكن هل سيتقبل المواطن اليمني مثل هذه الأمور، أم إن الأمر يتطلب فرض أمر واقع كما فعلت الكثير من الدول في هذا الجانب.

رقم شكاوى

على شركات الاتصالات أخذ هذه القضية بمحمل الجد، كون القضية تمس عملاءها وأعضاءها، لذا يتطلب من هذه الشركات تخصيص لجنة لمراقبة سير التواصل اليومية للمشتركين، ووضع رقم شكاوى خاصة يتم إبلاغ المشتركين عن هذه الخدمة عبر رسائل قصيرة حتى يتم معرفة الأمر من قبل جميع الأطراف، وبهذا سيتم استهداف الأشخاص الذين يقومون بمثل هذه الأعمال وتوصيل رسائل تحذيرية لهم.

وإذا قام أحدهم بالشكوى، على الشركة أن تتأكد من خارطة الاتصالات اليومية لهذا الشخص وإذا ثبت أنه متورط حقيقة بالاتصال بهذا الرقم، تبعث له برسالة تحذيرية مفادها أن عليه شكوى من قبل أحد الأشخاص بأنه قام بمؤاذاته، وإذا تكررت الشكوى بهذا الرقم مرة أخرى، على الشركة أن ترسل رسائل تحذيرية تهدده بفصل خدمته في حال استمر بمثل هذه الأعمال وبهذا سيشعر المؤاذون بالخطورة من هذا التوجه الجاد، وسيبدؤون ترك هذه الأفعال السيئة تدريجياً.

يقول الثابتي: “القانون الجديد للاتصالات، سيفي بالغرض، وسيمكن الشخص من حق الدفاع عن نفسه وتقديم الشخص المؤاذي للمحكمة إذا كرر مؤاذاته، كأن يقوم الشخص بالإبلاغ عن المؤاذي لشركة الاتصالات الخاصة به، وهي تنظر في الأمر، واذا استمر يحق لهذا الشخص أن يرفع قضيته في المحكمة واستصدار حكم، يطلب من الوزارة إعطاء تفاصيل عن عدد المكالمات أو الرسائل التي قام بها هذا الشخص من دليل المكالمات الهاتفية”.

انتهاكات

ليس كل شيء منوطاً بالسلاح – في زمن الفضاء المعلوماتي المفتوح – لتدافع عن شرف العائلة إذا انتهك أحدهم هاتف أحد قريباتك؛ فقط وحدها التشريعات والقوانين تنفع ،فهل سنشهد تجاوباً من قبل الجهات المختصة لوضع حد لهذا الانتهاك الصارخ لخلوة الآخرين وحرياتهم الشخصية، بقانون أو بتوصيات من وزارة الاتصالات اليمنية لشركات الاتصالات؟ أم إن الأمر لا يحتاج كل هذه الضجة كما سيقولون سلفاً.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص