السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
"المرابطون" على جولات صنعاء... بحثاً عن وجبتين
الساعة 10:33 (الرأي برس - عربي )

تحمل نجاة (21 عاماً) عدداً من عبوات الماء البلاستيكية (لتر "صحّة")، كلما توقفت إشارة المرور، لتبيع منها سائقي السيارات في أحد التقاطعات بالعاصمة صنعاء، فيما سناء (30 عاماً)، أرملة انقطع راتب زوجها المتوفى، فاضطرت إلى بيع "السندوتش" أمام إحدى المدارس، بينما عمرو (10 سنوات) وشقيقه، طفلان أصيب والدهما بجلطة أقعدته في المنزل، فاضطرا إلى مغادرة المدرسة والعمل في بيع الماء عند الجولات. 


وتعد نجاة وسناء وعمرو ثلاث حالات ضمن طوابير من البائعين ينتشرون في التقاطعات الرئيسية ونقاط الازدحام والأماكن الحيوية بالعاصمة صنعاء، بما فيهم نساءٌ وأطفال، ازداد عددهم بصورة لافتة في الأشهر الأخيرة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بحياة المواطنين، مع استمرار الحرب والحصار المفروض على البلاد، ومع النزوح إلى العاصمة من محافظات أخرى. 


وتقول نجاة لـ"العربي" إنها "تربح يومياً ما بين 1000 و1500 ريال"، لكنها ترفض بشكل قاطع التقاط صورة لها أثناء البيع، على الرغم من أنها ترتدي الخمار، وتبحث عن "دخل للأسرة"، وترفض أن يعرف عنها الآخرون أي شيء، ومثلها أختان تقفان بنفس الجولة، ولكن من جهة أخرى، وتبيعان علب "الفاين" لأصحاب السيارات.


تعويض الراتب
سناء ناصر (30 عاماً)، أرملة ولديها طفل، تبيع "سندوتشات" أمام بوابة مدرسة للبنات. تقول لـ"العربي" إنها كانت تصرف على نفسها وعلى طفلها من راتب زوجها المتوفى، لكنها منذ توقف صرف الرواتب اضطرت إلى الخروج لبيع "السندوتشات" بعد ما كانت أسرتها التي تعيش معها ترفض خروجها، لكن لما اشتدت الأوضاع الاقتصادية لأسرتها وتوقف الراتب وافقت أسرتها على أن تعمل. 


وتضيف أنها "غير متعودة على العمل" وأنها "تجلس في الشارع من الساعة 7 صباحاً حتى الساعة 11، وبعدها ترجع للبيت لتفقد طفلها، ثم تعود إلى بوابة المدرسة تبيع لطالبات الفترة المسائية"، وقالت وهي تبكي إنها "مقصرة في حق ابنها لأنها تتركه فترة طويلة عند والدتها الكبيرة في السن دون رعاية أو حنان، لكنها مضطرة للخروج حتى توفر احتياجاتها واحتياجاته". وتتابع بألم أنها كانت "معززة ومكرمة في أسرتها"، وبسبب الوضع فقدت إحساسها بأشياء كثيرة.


البقاء على قيد الحياة
من جانبه، عمرو الشوكاني (10 سنوات)، يبيع علب الماء البارد في إحدى الجولات، ويسابق إشارة المرور حتى يستطيع بيع أكبر كمية من الماء. يقول لـ"العربي" إنه خرج من المدرسة بسبب أنه غير قادر على دفع تكاليف المدرسة، واضطر إلى أن يبيع في الجولة لأن والده أصيب بجلطة تسببت بشلل نصفي، وهو وأخ له أصغر منه يعملون في بيع الماء حتى يتمكنوا من تزويد أسرتهما بالمواد الغذائية للحفاظ على حياتهم، ويقول إنه وأخيه ورغم ما يفعلانه إلا أنهما لا يتمكنان من تزويد أسرتهما المكونة منهم الاثنين ومن خمس أخوات وأم وأب (مشلول) إلا بوجبتين، وجبة الإفطار ووجبة الغداء، وغير قادرين على شراء علاج لوالدهم أو دفع إيجار المنزل. 


وقال عمر إن حياتهم كانت مختلفة تماماً عما هي الآن، ويتابع: "كنا نسير المدرسة ووالدي بيشتغل وهو بكامل صحته لكن من وقت العدوان أصيب والدي بجلطة أدت لشلل نصفي واحنا تركنا المدرسة واشتغلت أنا وأخي في الجولات بين الشمس الحارة ونظرات المتعاطفين عند رؤية من يعرفنا من قبل وحالنا الآن". 


سوق متنوع
تتنوع الأدوات التي يعرضها البائعون في الجولات ونقاط ازحادم السيارات، ابتداء من علب الماء المعدني، مروراً بمختلف أدوات الزينة الخاصة بالسيارات والمقتنيات، كالأدعية، وكذلك الصور الملصقات التي تعبر عن الولاءات السياسية والشخصيات التاريخية من رؤساء ورموز مختلفة وسيديهات الأغاني والأناشيد، ويصل الأمر إلى بيع الملابس الشتوية، كالكوفيات على الرأس وبدلات أطفال، وكذلك بيع خضروات منها الجزر والليمون، وغير ذلك من السلع والأدوات المتنوعة والمتعددة من كل ما يمكن حمله وبيعه. 


ولدى لقاءات خاصة  مع بائعين آخرين، لوحظ أنهم ينتمون إلى محافظات مختلفة، بعضهم من الأسر النازحة إلى العاصمة صنعاء من محافظات أخرى، أبرزها حجة وتعز، اضطروا بسبب غياب مصادر الدخل أو انقطاع رواتب عن بعض الأسر، إلى البيع في الجولات ومناطق الازدحام. 


حالات مزعجة 
ومع ارتفاع أعداد الباعة المتجولين، أصبحت الظاهرة مزعجة لبعض السائقين والركاب في السيارات، بسبب الأساليب التي يتبعها بعض البائعين، ومنهم من الأطفال والنساء، حيث يقومون بإحراج السائقين أو من بجانبهم بمحاولة إقناعهم بالشراء لأشياء ليسوا بحاجة إليها أو لا تسمح ظروفهم المادية بشرائها، ويضطر بعضهم لرفع زجاجات السيارات، تجنباً للإحراج. 


وعلى الرغم من ذلك، لا يعدم المتعاطفون مع البائعين ممن يقومون بالشراء ليس للحاجة دائماً، بل لتشجيع البائعين وبعضهم يجعل منها "صدقة" غير مباشرة، في الجولات خصوصاً، أما المناطق المزدحمة، كأبواب المدارس والمستشفيات، فلها أهميتها بالعادة، حسب السلعة المقدمة للبيع.ش

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص