الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
صعدة... قنابل وطماطم!
الساعة 18:50 (الرأي برس - عربي )

تغطي المحميات الزراعية معظم القيعان في محافظة صعدة، باستثناء المناطق الحدودية مع السعودية
فرضت الحرب طوقا من العزلة على محافظة صعدة، حيث يحكم "أنصار الله" قبضتهم على كامل مديرياتها. ويخوض مسلحوها القتال على امتداد شريطها الحدودي مع السعودية، التي تمطر مديرياتها بالقصف الجوي والمدفعي والصاورخي ليل نهار. لا يتسرب من صعدة إلا ما يصرح به لعدسات الإعلام الحربي من جبهات القتال، لكن مايعتمل في الداخل يبعث على الدهشة. زحام في الأسواق وسكان من كل محافظات اليمن لا يحملون السلاح ولكنهم وجدوا في صعدة سلة غذاء لا يتهددها شبح الجوع. لقد اكتست القيعان ب"البيوت الزراعية". مخيمات بلاستيكية تتجاور بالعشرات، لا تأوي النازحين من جحيم الحرب ولكن تحتمي الطماطم والخيار والفراولة بداخلها من تقلبات المناخ، وتخرج من بطونها يوميا آلاف السلال الغذائية التي تصل إلى كل محافظات اليمن.


تزهر الحياة في صعدة من بين ركام القذائف؛ ففي الوقت الذي تتبعثر فيه 500 عبوة ناسفة من كل قنبلة عنقودية يلقيها طيران "التحالف" الذي تقوده السعودية على صعدة، يجني الفلاح من 500 - 600 سلة طماطم من كل محمية زراعية.


نهضة زراعية
مدير مكتب الزراعة في محافظة صعدة، عبدالله الوادعي، قال ل"العربي" إنه "خلال عامين من الحرب شهدت صعدة نهضة زراعية كبيرة؛ ففي العام 2014 كان عدد البيوت الزراعية أو ما تسمى بالمحميات 20 ألفا، واليوم وصل عددها إلى 45 ألف محمية بحسب آخر إحصائية في شهر نوفمبر الماضي". ولفت الوادعي إلى أن "المحميات الزراعية ساهمت في الحد من استنزاف المياه، وحققت للمزارعين أرباحا جيدة، ويعمل فيها أكثر من 150 ألف عامل من معظم محافظات اليمن".لم تتوقف السعودية عن استخدام القنابل العنقودية في حربها على اليمن


الكثير من المزارعين الذين يمتكلون المال توسعوا في شراء المحميات، وصار لدى الكثير منهم ما بين 30 - 80 محمية. محمد النهاري من محافظة ريمة يعمل لدى مزارع في مديرية سحار بصعدة، يشير، ل"العربي"، إلى "(أنني) أتعهد ثلاث محميات بالزراعة ومدها بالمياه ورش المحاصيل بالمبيدات، وأتسلم من المالك 40 ألف ريال شهريا إلى جانب السكن والغذاء اليومي". ويفيد النهاري بأن "محمية الطماطم بطول 40 مترا تكلف صاحبها 600 ألف ريال يمني، يجني المزارع منها خلال 6 أشهر أكثر من 500 سلة تتراوح قيمتها في السوق ما بين 2000 - 6000 ألف ريال يمني".


حقول ألغام
تغطي المحميات الزراعية معظم القيعان في محافظة صعدة، باستثناء المناطق الحدودية مع السعودية في مديريات باقم والظاهر وشداء وكتاف البقع، التي تتعرض لما يقارب العامين لقصف بري وجوي من قبل "التحالف" الذي تقوده السعودية، ونزح منها أكثر من 120 ألف مدني وفق تقديرات الهلال الأحمر اليمني في صعدة. وتقول منظمة العفو الدولية إن "المناطق الحدودية بمحافظة صعدة قد أصبحت بمثابة حقول ألغام بسبب الذخائر الصغيرة المميتة، الناجمة عن القنابل العنقودية وغيرها من الذخائر التي لم تنفجر".


7 أنواع من العنقودية
في تقرير حديث، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنها ومنظمة العفو الدولية وثقتا "استخدام التحالف الذي تقوده السعودية 7 أنواع مختلفة على الأقل من الذخائر العنقودية المحظورة دوليا من الجو أو من الأرض، مصنوعة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والبرازيل". وأقر "التحالف: باستخدام ذخائر عنقودية أمريكية وبريطانية الصنع في هجمات في اليمن.


كما أعلنت السعودية، في 19 ديسمبر الماضي، أنها قررت إيقاف استخدام القنابل العنقودية البريطانية من طراز "BL-755" في اليمن، إلا أن "هيومن رايتس" رأت أن الرياض "تركت الباب مفتوحا أمام إمكانية مواصلة استخدام أنواع أخرى من الذخائر العنقودية في اليمن".


محاصرون بالموت
لم تتوقف السعودية عن استخدام القنابل العنقودية في حربها على اليمن؛ ففي ال22 من ديسمبر الماضي قال فريق تابع للمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام إن طيران "التحالف" ألقى قنابل عنقودية على مديرية الصفراء بصعدة. وأكد الفريق" أن صاروخا محملا بذخائر عنقودية من طراز "أستروس" برازيلي الصنع سقط في منطقة نقعة بالمديرية، وتناثرت من داخله أكثر من 500 قنبلة. وشكا الفريق محدودية الإمكانيات وصعوبة نزع الكميات الهائلة منها، متحدثا عن تمكنه من رفع ثلاثة أطنان من القنابل العنقودية في مديرية الصفراء، مؤكدا بقاء الألآف منها في المديريات الحدودية.


مسفر القطابري الذي نزح من منطقته في مديرية شدا بعد مقتل 2 من أطفاله بإنفجار قنبلة عنقودية، يقول "لن أتمكن من العودة إلى منطقتي، فالقنابل التي تلقيها السعودية قتلت 2 من أطفالي مع 7 من الأغنام". ويضيف: "كنا نضطر إلى إزالة القنابل بأنفسنا خوفا من أن يلتقطها الأطفال أو أن تصيب ماشيتهم، ولكن تزايدت أعداد الضحايا ونزحت مع معظم سكان المديرية بعد أن حاصرتنا القنابل، فلا نستطيع رعي الأغنام ولا تتمكن النساء من الإحتطاب، وفي كثير من الأيام كنا نجد قنابل عالقة في الأشجار بالمزارع".


تركة مميتة
كبيرة مستشاري الأزمات في منظمة العفو الدولية، لمى فقيه، نبهت إلى أنه "بدون جهود منسقة تكفل توقف قوات التحالف بقيادة السعودية عن استخدام الذخائر العنقودية، وبدون مساعدة دولية عاجلة لتطهير المناطق الملوَّثة، فإن تلك القنابل العنقودية وغيرها من مخلفات الحرب من المواد المتفجرة سوف تظل على مدى السنوات القادمة تمثل تركةً مميتة في اليمن، وتشكل خطراً على أرواح المدنيين، وتجلب الخراب للاقتصاد المحلي".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً