السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قصة الأمن المفقود في عدن
الساعة 21:40 (الرأي برس - عربي )

منذ أكثر من عام، تُتخذ عدن كـ"عاصمة مؤقتة" لحكومة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، بعد حرب استمرت عدة أشهر مع جماعة "أنصار الله" والقوات الموالية لهم. عاشت المدينة عقب ذلك على وقع سلسلة من العمليات الإنتحارية، التي استهدفت مؤخراً تجمعات جنود الأمن أمام معسكر الصولبان. وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عن تفجيرين انتحاريين طالا المعسكر، سقط على إثرهما العشرات ما بين قتلی وجرحی. وجاء الهجومان بعد تحسن أمني في عدن أعقب حملة نفذتها وحدات من القوات الموالية لحكومة هادي وشرطة عدن ضد تجمعات للعناصر المسلحة في المدينة، الأمر الذي زاد من حدة المخاوف من استمرار الإنفلات الأمني، بما يخرج عن سيطرة الأجهزة الأمنية.


وتتباين الآراء بشأن الأوضاع الأمنية في عدن؛ وبينما يتحدث البعض عن استقرار هذه الأوضاع، يرى آخرون أنها في تدهور مستمر. ويعتقد الكثيرون من أوساط العامة أن الوضع الأمني في عدن "خطير جداً وينذر بكارثة ما لم يتم تدارك الأمر بأسرع وقت"، فيما يعرب البعض عن مخاوفهم من انتشار العناصر الإرهابية القادمة من محافظات أخرى، في وقت لا تزال فيه السلطات عاجزة عن مكافحة العمليات الإرهابية والحد منها.


أحد المجندين من الدفعة الجديدة في سلك وزارة الداخلية - عدن، فضل عدم ذكر اسمه، يقول لـ"العربي" إن "أقسام الشرطة في المدينة تعيش أوضاعاً سيئة، إذ تشكو من نقص السلاح وقلة العناصر فيها، كما يتم تجنيد عناصر جديدة في إدارة أقسام الشرطة في المدينة والاستغناء عن كفاءات سابقة من كوادر الأمن والشرطة يمتلكون الخبرة الكافية في مجال الأمن، مما يحد من دور الأجهزة الأمنية في حفظ الأمن". 


بدوره، يلفت أحد ضباط الأمن المتقاعدين في عدن، مقبل علي صالح بن مسعود، إلى أن "هناك أموراً كثيرة أدت إلى عدم الإستقرار الأمني، وهي حقيقة مقلقة. وباختصار شديد وموجز، هي أولاً الميراث وما آلت إليه الحالة بعد الحرب من تعدد الجهات والقوى المسلحة الموجودة على الأرض، والتي لا تجمعها استراتيجية أمنية مشتركة لحفظ الأمن، وعدم توحد ما تسمى الأجهزة الأمنية تحت قيادة موحدة وربطها بعمليات مشتركة. القيادات الأمنية التي تم اختيارها انطوت على الجانب السياسي والمناطقي للأسف، وليس للكفاءات القادرة على استيعاب المرحلة والخبرات من ضباط الأمن والعسكريين ذوي الخبرات، الذين سرحوا بعد صيف 94م. ومن المعروف أن الصراع الحالي والمعركة تحولت إلى صراع أمني استخباراتي في اعتقادي، بل أجزم أن هناك أيضاً اختراقاً استخبارياً من بعض الجهات المعادية في صفوف التكتلات الأمنية الموجودة على يعتقد كثيرون أن الوضع الأمني ينذر بكارثة ما لم يتم تداركه الأرض". ويشير مقبل، كذلك، إلى "عدم رسم الخطط والمصادر وفحص المستوعبين ومن يتم تعيينهم في مواقع أمنية حساسة، وتعدد أجندات الدعم غير الموحد وغير المدروس من قبل دول التحالف"، مضيفاً أن "هناك أجندة مسلحة فرضت أثناء الحرب، وتم دعمها بالسلاح، وللأسف منها قوى متطرفة وعابثة، وهناك من ما يزال يدعمها"، متحدثاً أيضاً عن "عدم تنظيم مراكز الشرطة والإستفادة من ذوي الخبرات في أقسام التحري والبحث والتحقيق، وهذا الواقع يشمل جهاز الأمن السياسي والأجهزة الإستخبارية الأخرى، وعدم تأمين المعسكرات، وكذا عدم وجود قانون استثنائي يجيز حمل السلاح، وقد وصل الحال إلى حد أن بعض التشكيلات تحمل شكل المليشيات، حتى أن البعض لا يستطيع تمييز تبعيتها".


ويعتقد المحلل السياسي والأكاديمي، الدكتور علي جارالله اليافعي، من جهته، أن "من الأسباب الرئيسية لعودة العمليات الإرهابية في عدن وتنفيذ عمليات انتحارية أدت إلی خسائر بشرية كبيرة في عمليتين انتحارية لا تفرق بين الأولی والثانية سوی أيام قليلة وفي موقع واحد، هو نتاج عدم تطبيق الإنضباط في صفوف الأجهزة الأمنية؛ فالوضع الأمني يحتاج إلی دمج الأجهزة الأمنية تحت جهاز أمني يتبع وزارة الداخلية حتی نستطيع تحميل جهاز وزارة الداخلية أخطاء الفوضی الأمنية"، متابعاً أن "عدم وجود جهاز أمني واحد مع تعدد الأجهزة الأمنية يعني استمرار الفوضی الأمنية من قبل الإرهابيين كما حدث في الأيام الأخيرة في عدن، بل هو يدفع باستمرار إلى تخلي الأجهزة الأمنية عن تحمل أخطائها الأمنية بل يدفع نحو تحميل الأجهزة الأمنية بعضها الآخر تبعات فشل الوضع الأمني في عدن".


ويلفت اليافعي إلى أن "هناك مشكلة أخری تواجه الأمن في عدن، وهي فنية تخص الأمن، وهي تفعيل دور الإستخبارات وجهاز المعلومات"، إضافة إلى "عدم عودة الأجهزة الأخری كجهاز القضاء المساعد لوزارة الداخلية في الفصل بين المتهمين في قضايا الفوضی والإرهاب في المناطق المحررة، وكذلك تفعيل دور كافة أجهزة الدولة في المناطق المحررة وخاصة في العاصمة عدن يعد من العوامل الرئيسة في استتباب الأمن والشفافية. كما أن التقصير غير المبرر من قبل السلطات المعنية في عدن في التلكؤ وتأخير صرف رواتب العسكريين وعناصر الأجهزة الأمنية يسبب عدم الإنضباط والتشتت وانعدام التركيز في رصد المعلومات الأمنية".


وتصاعدت مخاوف المواطنين في محافظتي عدن وأبين في الفترة الأخيرة، بسبب تواتر أخبار عن انسحاب عناصر عدد كبير من نقاط التفتيش التي تقع عند مداخل ومخارج مديريات محافظة أبين، وهو ما سيؤدي إلی تسهيل تحرك العناصر الإرهابية، وتمكنها من دخول عدن لتنفيذ عملياته، بينما لا تُسمع سوی تصريحات لمسؤولي السلطة المحلية والأجهزة الامنية بالتوعد بتقديم مرتكبي جرائم الإغتيالات والقتل إلی أجهزة القضاء دون أن يتم ذلك، بحسب ما يقول مواطنون. إلا أن هناك من لا يزال يحدوه التفاؤل بـ"الدور الشعبي" المساند لأجهزة الأمن في عدن في التصدي والقضاء علی الإرهاب كلياً.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً