السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"الجزيرة" و"السلاح المنهوب"... والنصف المفقود
الساعة 21:34 (الرأي برس - عربي )

في الـ17 من أبريل الماضي بثت قناة "الجزيرة " فيلم "خيوط اللعبة"، عن خبايا "أنصار الله" في الاستيلاء على أسلحة الجيش اليمني. وفي الخامس من مايو بثت وثائقياً عن سقوط عمران ومعسكر اللواء 310، بعنوان "الطريق إلى صنعاء". وفي الـ 25 من ديسمبر الجاري بثت حلقة بعنوان "السلاح المنهوب". إختلفت العناوين وتكررت الكثير من العبارات والصور والمشاهد. فما الجديد في "صندوق الجزيرة الأسود" عن السلاح المنهوب؟ 


غير منطقية
3 مكالمات بثتها "الجزيرة" في تحقيقها، أجراها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قالت إنه أجراها خلال فترة يوليو - سبتمبر 2014، قبل سيطرة "أنصار الله" على معقل أسرة آل الأحمر في مديرية حوث بمحافظة عمران، وكذا اللواء 310 الذي كان يقوده العميد حميد القشيبي. 


الأولى: مكالمة قالت إنها بين صالح والشيخ كهلان أبوشوارب، وفيها وصف الأول القشيبي بـ"كلب العرب الوسخ والأعرج". مصدر مقرب من الشيخ أبوشوارب قال إن المكالمة غير صحيحة، وإن الألفاظ التي وردت في المكالمة على لسان صالح لا تتسق مع المنطق، ويسأل المصدر: "كيف القشيبي كلب العرب؟"، ولم يستبعد أن يكون صاحب الصوتين الكوميدي في قناة "سهيل"، محمد الحاوري، الذي اشتهر بتقليد الأصوات، خصوصاً صوت صالح! 


التلفون حرفة صالح
المكالمة الثانية قالت "الجزيرة" إنها بين الرئيس السابق والصحفي المقرب منه نبيل الصوفي، وفيها يطلب صالح من الصوفي أن يبلغ أمين عام "حزب الحق"، حسن زيد، الذي كان حينها وزيراً لشؤون الدولة في حكومة باسندوة: "قل لحسن زيد أنتم هيكلتوا الجيش ونحن سنهيكلكم". نبيل الصوفي علق على المكالمة وكتب في صفحته في "فيسبوك": "التلفون هي حرفة صالح، ما تراقبوا من كلامه إلا اللي يشتيكم تسمعوه. لما يشتي يوصل لكم شي يختار الرقم اللي هو عندكم لمراقبته ويتصل به لأي شخص يقول اللي يشتي ويقفل"، وأضاف الصوفي ساخراً: "40 سنة وأنتم ولا عرفتم طبيعة شغل صالح، والله إنها شهادة كافية إنكم مجرد كراتين وتجميع خردة".


لاجديد
المكالمة الثالثة قالت "الجزيرة" إنها بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح والشيخ القبلي مبخوت المشرقي. وجاء فيها:
"صالح: أيوه مبخوت.
مبخوت المشرقي: حيا بك أهلاً وسهلاً.
صالح: أين هوه علي حميد.
المشرقي: في السبيع.
صالح: قالوا كان في المواقع وبعدا انسحب وانسحبوا بعدة مئتين أو ثلاث.
يعني الآن أنتوا ياحاشد أنتوا أصلكم قبايل شيخ تبع أم شيخ ما فعل الشيخ إحنا بعدة... طيب وبعدا أين جاء علي حميد.
المشرقي: في السبيع.
صالح: أيوه لأنه بيطلعوا الإشاعة والاتصالات إنه أنت اللي بتتصل بالناس.
المشرقي: أنا اتصلت بالناس أصحابنا الذين هم قريبين لنا.
صالح: أنت بتتصل ببني صريم كلها.
المشرقي: اتصلت بالظاهر واتصلت بأهلا بالحسين.
صالح: تتصل ما بتقول لهم.
المشرقي: نشوف ما يريدوا نقول لهم. الحوثي هو ذا قد هو في حوث ما رأيكم ياخبره: ما انتوا قادمين عليه. هل باتتفاوضوا معه با تتحاوروا معه، باتتضامنوا معه أو كيف؟ على أساس هم أصحاب القرار. أحسن مما ندخل في مشاكل مع الحوثي إذا ما بيخطوا من الطريق الصح.
صالح: لحظة لحظة يا مبخوت أنت وعلي حميد جليدان ما بتفعلوا بعد عيال الأحمر بالدبابات والطائرات. والموازنة السعودية والموازنة الخليجية وموازنة علي بلسن (يقصد علي محسن) وموازنة الدولة وما فعلوا شيء. ويش باتسووا أنتوا.
المشرقي: على الأقل نقول له يا أخي ما دام وأنت هكذا ما تريد منا. تريد تخطي الطريق الله يفتح عليك.
صالح: من هوه.
المشرقي: الحوثي مثلاً ما نفعل الآن. ها ما نفعل.
صالح: كيف ما تفعلوا. تعادوا الناس لأجل عيال الأحمر. عيال الأحمر هم الذي يعالجوا مشاكلهم.
المشرقي: كان ما نفعل.
صالح: أنا ما اشتي تدي وجهك أنت. أنا حريص عليك.
المشرقي: ما اشتي أدي وجهي. لمن أدي وجهي الحوثي لا نعرفه ولا نصرفه.
صالح: لا حوثي ولا غيره خلي علي حميد هو بيأخذ البقشات (المال) أخذ من هناك ثلاثين ومن هناك عشرين. وبعد هو عاد عقليته من عند الفريق العمري. به بقش شوية ذخيرة ولا هو مفكر. هو لا يفكر في حاجة يفكر في فلوس.
المشرقي: ذلحين ما نفعل أين نجي؟ 
صالح: خلاص بتخرج؟
المشرقي: عد أخرج ما عد أفعل.
صالح: أخرج أخرج قلهم إحنا الصاحب من صاحبه. لكن عيال الأحمر ما يشلونا إلا في الدبور وما يشلونا إلا وقت ما يشتونا." 


عقب بث "الجزيرة" لتحقيق "السلاح المنهوب" أجري اتصالاً بالشيخ مبخوت المشرقي للتحقق من صحة المكالمة، فكان رد الشيخ المشرقي: "ما الجديد الذي تريد قوله الجزيرة ومن خلفها الإخوان المسلمين؟ لم يتغير موقفنا منذ كان الحوثيون في حرف سفيان، فالكل يعلم في حاشد وعموم اليمن أن قبيلة بني صريم ونحن والشيخ علي حميد جليدان على رأسها وقعنا اتفاقاً بالتزام بني صريم الحياد، فنحن قبيلة ولسنا دولة ولا جيش ومسؤولية الدولة. والقائد العام للقوات المسلحة حينها هو عبد ربه منصور هادي وهو الذي سهل دخول الحوثيين إلى عمران وصنعاء ووجه هو ووزير دفاعه، محمد ناصر أحمد، الألوية العسكرية بالتزام الحياد وعدم مواجهة الحوثيين فكيف يريد حزب الإصلاح أن تخوض حاشد القتال ضد الحوثيين والجيش وهادي ووزير دفاعه يلتزمون بالحياد". وأكد المشرقي لـ"العربي": "لا توجد خصومة لنا مع أحد والدولة غائبة منذ العام 2011 لم نغدر بأحد ولم نسئ لأحد ولسنا وكل ما قمنا به في العام 2014 أننا جنبنا قبلية حاشد الزج بها في صراعات وتصفية حسابات لا ناقة لنا فيها ولا جمل". 


تصفية حسابات
في المكالمات الثلاث المنسوبة لصالح يتضح بحث "الجزيرة" عن أدلة تثبت أن الرئيس السابق سهل سيطرة "أنصار الله" على محافظة عمران والوصول إلى صنعاء، ولكن المكالمات أكدت غضب صالح من العميد حميد القشيبي وكراهيته لـ"حزب الإصلاح"، ولم تثبت تورطه في مساندة "أنصار الله" إلى ما قبل اندلاع الحرب الأخيرة التي تقودها السعودية، بدليل أن الفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية التي كان يقودها اللواء علي محسن الأحمر كان لها 7 ألوية عسكرية في محافظة صعدة، و4 ألوية في مديرية حرف سفيان، بحسب ما كشف عنه لـ"الجزيرة" في تحقيقها عن السلاح المنهوب، رئيس الأركان اللواء محمد علي المقدشي، ولم تحرك هذه الألوية ساكناً في مواجهة "أنصار الله"، بالرغم من أن قادتها الـ 11 موالون للجنرال محسن، وليس لصالح.


وليس ذلك فحسب، فما أغفلته "الجزيرة" ومعدو التحقيق عمداً هو أن العميد حميد القشيبي لم يخض المعركة مع "أنصار الله" دفاعاً عن الوطن، ولكن دفاعاً عن نفوذه ونفوذ آل الأحمر و"حزب الإصلاح". عدد من ضباط وجنود اللواء 310 الذي كان يقوده القشيبي قالوا لـ"العربي" إن فروع "حزب الإصلاح" في محافظة عمران تسلمت أسلحة وذخائر من معسكر القشيبي لقتال "أنصار الله"، وأن فروع "الإصلاح" في العامر 2014 تحولت إلى ثكنات للسلاح، وأشرف على توزيعها الشيخ أحمد عافية وعبد الرحمن الصعر والبكري وعبد المحسن دبيه، وجميعهم قيادات في "حزب الإصلاح". 


في العام 2011، كان اللواء 310 الذي يقوده العميد حميد القشيبي معسكراً تدريباً للمئات من "حزب الإصلاح" من المحافظات كافة، والذين هاجموا بسلاح الفرقة الأولى مدرع واللواء 310 معسكرات الحرس الجمهوري شرق العاصمة صنعاء في الصمع وفريجة وبيت دهرة وقتلوا العشرات من الضباط والجنود في معارك قادها منصور الحنق القيادي في "حزب الإصلاح". أحد ضباط اللواء 310، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال لـ"العربي": "لقد قاتلنا الحرس بسلاح الفرقة ومعسكر القشيبي"، وأضاف: "في العام 2014 قدم إلى معسكر عمران مئات السلفيين من البيضاء وأبين وشاركوا في قتال الحوثيين إلى جانب القشيبي". وبهذا يتأكد بأن الصراع منذ العام 2011 لم يكن من أجل الوطن، ولكن تداخل فيه المذهبي بالحزبي بالمناطقي. 


جزء من النص مفقود
لم تكشف "الجزيرة" عن سر، ولم تأت بجديد عن "السلاح المنهوب". القيادي في "أنصار الله"، صادق أبو شوارب، قال": "أي سلاح منهوب تتحدث عنه الجزيرة؟ ما تبقى من السلاح يواجه به الجيش إلى جانب اللجان الشعبية العدوان السعودي ومرتزقته". وأضاف أبوشوارب: "السلاح اليوم في الجنوب ومأرب وتعز بيد القاعدة وداعش وما تتحدث عنه الجزيرة مغالطات مفضوحة يعرفها القاصي والداني".


الوثيقة الوحيدة التي نشرتها "الجزيرة" في تحقيقها وقالت إنها واحدة من أهم الوثائق، سبق لـ"العربي" نشرها بتاريخ 1 ديسمبر 2016، نقلاً عن "ويكيليكس"، وهي تلك المتعلقة بإيضاحات طلبها الملحق العسكري الأمريكي في اليمن، راندولف روزين، من رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء أحمد علي الأشول، في فبراير من العام 2013، بشأن تاريخ وكيفيّة نقل بعض المعدات الأمريكية الصنع، التي تشمل مدفعي "Howitzer" عيار 105، 155 ملم، على التوالي، و3 طوّافات من نوع "Bell" (من طرازات 206، 212، 214)، إلى جانب طائرة مقاتلة من نوع F-5، وطائرة نقل عسكري من نوع C-130.


وبحسب الوثيقة، قال المسؤول العسكري الأمريكي، روزين، إنه جرى إبلاغه مراراً بأن المعدّات المذكورة هي عبارة عن هبات ومساعدات جرى تقديمها من السعودية، لجارها الجنوبي، ولكنه أصر على أن يعرف تفاصيل إضافية حول الأرقام التسلسلية لتلك المعدات، وتاريخ وصولها إلى اليمن، ومن أي بلد قدمت، وشروط وظروف عملية نقلها إلى البلاد، إلى جانب ضرورة إبراز أي وثائق، لا سيما تلك المتعلقة بوجود طرف ثالث أو ما شابهها، وقد حدد روزين موعد 20 آذار/ مارس 2013 كموعد نهائي للرد على استفساراته. 


يتضح من الوثيقه أن الأسلحة المذكورة مصدرها السعودية وسلمت لليمن كهبة ومساعدات، لكن "الجزيرة" لم تكشف هذا في برنامجها بل أوردت جزءاً منها وسوقته كدليل إدانة على دعم إيران لـ"أنصارالله".


صورة من النص الأصلي
بالرغم من أن تحقيق "الجزيرة" عن "السلاح المنهوب" إلا أن نصف البرنامج خصص للحديث عن دعم إيران لـ"أنصار الله" بالسلاح، وقالت إن البرنامج استغرق وقتاً طويلاً وتنقل معدوه بين أمريكا والمغرب ولندن وأكثر من بلد عربي وأجنبي من أجل التحقق من شحنات أسلحة إيرانية وصلت للجماعة! وفي هذا الصدد لم تكشف "الجزيرة" عن جديد، بل كان النص الأصلي لتحقيقها تحقيقٌ نشرته وكالة "رويترز" بتاريخ 20 أكتوبر 2016، وقال مسؤولون أمريكيون وغربيون للوكالة إن "إيران صعدت عمليات نقل السلاح للحوثيين الذين يقاتلون الحكومة اليمنية وذلك في تطور يهدد بإطالة أمد الحرب التي بدأت قبل 19 شهراً واستفحالها". لم تذكر "الجزيرة" تحقيق "رويترز" كأحد مصادر معلوماتها، بل أجرت عدداً من اللقاءات على ضوء التحقيق ولم تخرج بجديد. 


الناشط السياسي المقرب من "أنصار الله"، أحمد المؤيد، قال لـ"الجزيرة": "لا توجد وثائق تثبت دعم إيران لأنصار الله بالسلاح". والناشط السياسي علي البخيتي قال: "لا أعتقد بصحة تواجد خبراء من إيران ولبنان في اليمن لمساندة الحوثيين وتطوير الصواريخ الباليستية، ولكن ما أعرفه أن كوادر شابة من اليمن زارت إيران ولبنان بتنسيق مع أنصار الله، وربما تلقوا تدريباً هناك". منسق العقوبات في الأمم المتحدة، أحمد حميش، قال لـ"الجزيرة": "فريق العقوبات تتبع أقوال الصحافة واستجوب ضباطاً يمنيين وتوصل إلى أن أفضل الوحدات وأفضل الجيش في اليمن من حيث القيادات تحارب إلى جانب الحوثيين". وبشأن سفينة الأسلحة المضبوطة "جيهان 1" هي أمريكية إيرانية، لم يتم التأكد من ذلك. لكن تأكد لـ"العربي" أن شحنة السفينة التي قيل إنها إيرانية اختفت قبل شهر من قاعدة العند، ولم يعرف مصيرها. ضابط رفيع في الحرس الجمهوري، امتنع عن ذكر اسمه، قال لـ"العربي": "تشتري أنصار الله شحنات الأسلحة من السوق السوداء في أفريقيا ودول شرق أوربا وتصل إلى اليمن عبر التهريب بزوارق على امتداد الساحل اليمني، بما في ذلك السواحل الخاضعة لسيطرة القوات الموالية لهادي".


في وضح النهار
بثت "الجزيرة" 4 مكالمات قالت إنها لقيادات من "أنصار الله" لم تورد أسماءهم، ولكنها أشارت لهم بالرقم 1 و2. في إحدى المكالمات يسمع صوت يتحدث عن نقل خيول وسيارات لم تكن من معسكرات الجيش بحسب ما ذهبت إليه "الجزيرة"، ولكن مصادر "العربي" قالت إن "الخيول تم نقلها من منزل الشيخ عبد الله الأحمر في منطقة الجنات بالقرب من مدينة عمران إلى صعدة مع عدد من السيارات التي كانت في المنزل قبيل تفجيره من قبل الحوثيين". وعن الأسلحة التي نهبها مسلحو "أنصار الله" قالت المصادر: "لقد استولى الحوثيون على مخازن معسكر الفرقة الأولى مدرع واللواء 310 بعمران ومعسكر الصباحة في صنعاء، ونقلوا الأسلحة الثقيلة إلى المعسكرات في صعدة وحرف سفيان في وضح النهار"، لافتة إلى أن "أنصار الله"، ومنذ العام 2004، "يقاتلون الدولة بسلاح الدولة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً