السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
هل تستطيع السعودية قيادة معركة السيطرة على الساحل الغربي لليمن؟
ترقب لموجة جديدة من العنف في اليمن
الساعة 08:25 (الرأي برس - محمود الطاهر)

ما زالت طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية لإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى سدة الحكم مرة أخرى بعد أن أطاح به الحوثيون في 21 من سبتمبر 2014، تلقي منشوراتها الورقية إلى المواطنين القاطنين بالقرب من الساحل الغربي لمدينة تعز، تطالبهم بمغادرة مناطقهم، وتحذرهم من الوجود بالقرب من المناطق العسكرية والاستراتيجية في تلك المناطق (التي تقول إنها ستكون مسرحًا لعمليات عسكرية).

تلك المنشورات تحديدًا وصلت إلى أبناء مناطق بني علي وعشملة والكمب والبرح في المناطق الغربية لمدينة تعز، بالقرب من الساحل الغربي لليمن.

تلك المنشورات تأتي متزامنة مع تقارير إعلامية تتحدث عن استكمال الحكومة المعترف بها دوليًا صفقة شراء أسلحة من السودان، تحضيرًا لمعركة تحرير محافظة تعز من قبضة مسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

حقيقة، منذ أن بدأت عاصفة الحزم، أعلنت قيادتها أن منطقة صعدة المعقل الرئيسي لجماعة الحوثيين في اليمن، منطقة عسكرية، وأعقبت ذلك الإعلان بهجوم شرس على المدينة البعيدة عن أضواء الإعلام، وتم تدمير كل البنية التحتية فيها، وبعد ما يزيد على 20 شهرًا حاولت القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مدعومة بغطاء جوي، اجتياحها عبر المنافذ الحدودية المشتركة مع المملكة العربية السعودية، إلا أنها لاقت مقاومة شرسة في البقع ومنفذ "علب" الحدودي، دون أن تستطيع تسجيل أي نصر على الأرض.

إعلان الحكومة في الوقت الحاليّ أنها تستعد لما تسميها "تحرير تعز" والساحل الغربي، وتسريب أخبار عن حصولها على صفقة أسلحة من السودان، دون التحالف العربي، أمرٌ يثير الريبة، فلماذا لجأت الحكومة لشراء أسلحة من السودان دون أن تحصل عليها من دول خليجية؟

طمأنة الحوثيين

لهذا الأمر تفسيران، الأول هو أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يواجه أزمة حقيقة مع المملكة العربية السعودية بسبب منعه من العودة إليها، ومطالبته بالبقاء في عدن لإدارة المعركة أو الحوار السياسي من أراض يمنية حتى لا يتم توريطها في الحوار المباشر مع الحوثيين، أو لا ينظر إليها على أنها طرف خصم، كونها تسعى لتحسين صورتها في الفترة الأخيرة كطرف محايد وتريد الإصلاح بين الأطراف السياسية فقط.

التفسير الثاني، هو أن الإمارات العربية المتحدة وقفت كعائق شديد أمام تزويد فصائل المقاومة الشعبية في تعز بالأسلحة تخوفًا من أن تصل إلى أيدي الجماعات المتشددة التي تتحكم بمناطق عديدة، لا سيما الإخوان المسلمين الذين تعتبرهم الإمارات عدوها الرئيس في البلدان العربية، ولهذا أراد هادي أن يقول للإمارات العربية المتحدة إنه قادر على أن يأتي بالأسلحة من أي مكان دون دعم منها.

وفي كلا الحالتين، يعتبر خبر شراء اليمن سلاح من جمهورية السودان في ظل وجود التحالف العربي وما يمتلكه من تقنية وسلاح حديث، خبر يطمئن تحالف الحوثي وصالح، عن أن هناك أزمة بين التحالف والحكومة المدعومة دوليًا، وأن الحرب في اليمن أصبحت حرب مصالح وليست من أجل إعادة الرئيس هادي، ومسألة بقاؤه في السلطة مسألة وقتية، ولهذا سيعمل تحالف الداخل بالحفاظ على مناطقه التي يسيطر عليها بقدر ما يستطيع، حتى لا يتم مساومته في الحل السياسي الذي يبدو أنه قد يطول.

لنفرض جدلًا أن المنشورات التي تسقطها طائرات التحالف العربي إلى سكان الساحل الغربي لليمن، في ظل الاستعداد العسكري للحكومة المعترف بها دوليًا، تسبق العملية البرية التي يسعى إليها الرئيس هادي، فهل تحقق النصر؟

يعتبر الحوثيون والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح تعز محورًا مهمًا في أي مباحثات سياسية قادمة، وسقوطها يعني سقوط محافظة إب القريبة منها، (هاتان المحافظتان يقطن بهما ما يقارب 6 ملايين يمني من أصل 26 مليون هم عدد سكان اليمن يتوزعون على 22 محافظة)، وهو ما قد يسهل على التحالف تضييق الخناق على العاصمة اليمنية صنعاء.

سقوط محافظتي تعز وإب قد يتبعه انهيار متسارع لقوات الحوثي وجماعة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وربما يتبعه انشقاقات في صفوف القوات الموالية لهم في وسط العاصمة صنعاء، وقد يغير موازين القوى على الأرض وهو ما يفرض عليهم القبول بشروط وإملاءات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

لكن مقارنة بعشرين شهرًا والحديث عما حققه التحالف العربي، ونظرة سريعة إلى المناطق التي أعلن عنها الجيش الموالي للرئيس هادي، فقد أعلن في تاريخ 7 من يناير 2016 سيطرته على ميناء ميدي، وتأمينه تمامًا، واحتفلت وسائل الإعلام حينها.

من المواجهات بين الحوثيين والقوات الموالية لهادي في مدينة ميدي الساحلية

بعد ما يقارب الشهر، تبين أن تلك الأخبار غير حقيقة، وأن ما حدث هو تقدم طفيف للتحالف العربي والقوات الموالية لهادي على مداخل الجزيرة، وكأنه جزء من الحرب الإعلامية والنفسية ضد تحالف صنعاء.

ففي تاريخ 20 من فبراير، تحدثت وسائل إعلام عن انسحاب القوات المولية للرئيس هادي من المداخل الرئيسية لمدينة ميدي الساحلية بعد معارك عنيفة استمرت ثلاثة أيام وسيطرة الحوثيين عليها، وحاولت بعد ذلك  القوات الموالية لهادي وبإسناد جوي من قبل التحالف استعادة السيطرة عليها إلا أنه لم يحقق أي تقدم حتى كتابة هذا الموضوع.

كذلك الحال في ميناء المخاء بتعز حيث تحاول القوات الحكومية إحكام السيطرة على هذا الميناء لكون الحوثيون يتلقون أسلحة من هذا المنفذ الاستراتيجي المهم، والمطل أيضًا على باب المندب، ومن خلاله يستطيعون رصد تحركات السفن الحربية والتجارية، والسيطرة على هذا الميناء كإسقاط قلعة من أهم القلاع الحربية لدى تحالف الحوثي وصالح، إلا أنهم مستميتون في الدفاع عن هذه المنطقة رغم القصف الشديد الذي تتعرض له، ومحاولات عدة للسيطرة عليه باءت بالفشل.

هذا الميناء يمتد أيضًا إلى محافظة تعز ذات الطابع الجبلي والتضاريسي الصعب جدًا، والذي يقول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إنه مستعد لتحريرها، بعد ما يزيد عن عشرين شهرًا من سيطرة الحوثيين عليها، ومحاولات عدة من المقاومة الشعبية في تعز لطرد الحوثيين منها وجميعها باءات بالفشل.

وبالمقارنة بينها وبين ميناء المخاء ومدينة ميدي وساحل الحديدة، فمن المتوقع أن القوات الموالية للرئيس اليمني المدعوم دوليًا لن تستطيع الحسم، فخلال ما يقارب العامين لم تستطع السيطرة على مدن ساحلية مكشوفة، وبالتالي لن تقوى على التغلغل في المناطق التضاريسية والجبلية الصعبة لكسب معركة في أشهر.

تلك الأنباء التي تتحدث عن استعدادات عسكرية تبدو أنها مجرد محاوﻻت لتحقيق أي نصر، وهي أيضًا مؤشر لاشتداد المعارك لرغبة طرف الحكومة المدعومة دوليًا في تخفيف الضغط أو تغيير الخطة الأممية المقدمة من ولد الشيخ بناء على أفكار جون كيري الذي سيعود إلى المنطقة لإحيائها مرة أخرى وأخيرة.

اليمن مقابل حلب

السعودية أحبطت تقاريرًا دولية تتهمها بارتكاب جرائم حرب في اليمن

تعرضت حلب المدينة السورية إلى حرب شرسة، وتعرض سكانها إلى إبادة في ظل صمت دولي وخليجي خصوصًا، وهو أمر ينبئ أن ذلك الصمت سيتبعه عاصفة مشابهة يتم توجيهها إلى اليمن.

السعودية استطاعت أكثر من مرة إيقاف تقارير منظمات حقوقية دولية تدينها لانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب في حملتها العسكرية على اليمن، إلا أنها تتراجع في استخدامها القوة المفرطة أحيانًا نتيجة لضغوط دولية، لكن صمت العالم على الجرائم التي ارتكبت في حلب السورية، قد يشجعها مرة أخرى لارتكاب مجازر أخرى في اليمن، لمساندة القوات الموالية للرئيس اليمني بتحقيق أي تقدم ومن ثم تعمل على دفع التسوية السياسية بشروطها المعلنة في بنود أسباب "انطلاق عاصفة الحزم".

استعداد الحوثيين وصالح

في المقابل، يبدو أن الحوثيين وجماعة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، في تشكليهم لحكومة "الإنقاذ" مستعدون لجميع السيناريوهات المحتملة، وما تلك الأسماء التي خرجت بها التشكيلة الحكومية إلا من سمات المرحلة المقبلة.

في 28 من نوفمبر أعلن رسميًا في صنعاء تشكيل حكومة وحدة بين الحوثيين وصالح، بعد شهر و26 يومًا من تكليف صالح بن حبتور بتشكيل الحكومة، في خطوة تبدو أنها تمثل عقبة إضافية أمام جهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في البلاد.

وبالتمعن في أسماء الشخصيات التي أوكل إليها الحقيبة الوزارية، اعتمد المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه والحوثيون على ترشيح أهل الثقة وتفضيلهم على أهل الكفاءة، فضلاً عن أنه تم اختيار وزراء ومسؤولين قبليين من أهل الشخصيات التي تتمتع بنفوذ قبلي كبير لدى القبائل اليمنية في الشمال والجنوب.

كان تشكيل الحكومة يُنذِر بتغيرات كثيرة مقبلة، وبالأخص في ظل رفض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لأكثر من مُبادرة، مما يعني سد أي مجال أمام حوار سياسي بين حكومة هادي والحكومة الداخلية (حكومة صنعاء)، كما يُعد تصعيدًا عسكريًا ضد المملكة العربية السعودية، وهو ما يبدو أنهم مستعدون لأي احتمالات قادمة عسكرية كانت أو سياسية فقط مع المملكة العربية السعودية.

فمنذ أن وافق البرلمان اليمني على منح الثقة لحكومة صنعاء، توجه غالبية الوزراء إلى قبائلهم لا سيما تلك التي رفضت الاستجابة للنفير العام ورفد الجبهات الداخلية بالمقاتلين أو من فضلت الحياد، للحشد العسكري، وهناك من يقول إن أعضاء من الحكومة الحاليّة استطاعوا إقناع قبائل في مأرب لتغيير موقفها ضد الحوثيين، وهذا يوضح مدى استعدادهم لأي عملية عسكرية قادمة.

وهذا ينذر بأن هناك خطط عسكرية قادمة، حيث سيباغت "تحالف الداخل" حكومة هادي، بعملية عسكرية سريعة، ويعمل على استعادة محافظة تعز بالكامل إضافة إلى محافظة مأرب، ويحدث ارتباكًا للتحالف العربي مع بداية استلام ترامب السلطة رسميًا.

في المقابل وعلى الصعيد الخارجي، قد يصعد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الحرب في جبهات الحدود، ويزيدون من سعير إطلاق الصواريخ البالستية نحو المواقع العسكرية الاستراتيجية السعودية، يرافق ذلك ضغطًا دوليًا على المملكة العربية السعودية للقبول بالتسوية السياسية التي تدعو الجميع لتقديم تنازلات من أجل استقرار البلد المطل على أهم ممر ملاحي دولي.

الخلاصة

الحديث عن الاستعدادات عسكرية وإلقاء المنشورات التي تطالب المدنيين بالابتعاد عن المواقع العسكرية، تبدو أنها مجرد محاوﻻت لتحقيق أي نصر، ومؤشر لاشتداد المعارك لرغبة طرف الحكومة المدعومة دوليًا في تخفيف الضغط أو تغيير الخطة الأممية المقدمة من ولد الشيخ بناء على أفكار جون كيري.

والقادم يبدو أنه قد يشهد معارك عنيفة في كل من مأرب ونهم وميدي وحرض وتعز وباب المندب والمخاء والحديدة في وقت واحد، بهدف إرباك حكومة صنعاء، يقابله عنف مضاد، دون أن يتم تحقيق أي مكاسب على الأرض سوى مزيد من التدمير وسفك الدماء.

المصدر: نون بوست

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً