السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
كيري يعود إلى التوسط: إنعاش التسوية بالتعديلات
الساعة 18:30 (الرأي برس - عربي )

تسريب أنباء عن موافقة وزراء خارجية الرباعية على تعديل طفيف في الخطة المقترحة للسلام
من جديد تتحرك كرة المشاورات والمفاوضات بشأن السلام في اليمن، ولكن من ذات الزاوية السابقة، وبذات الروتين الدبلوماسي غير الجاد وغير الباعث على الاطمئنان. وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، يعود مرة أخرى إلى واجهة الملف اليمني وإلى تسجيل موقف تبدو مؤشرات نجاحه ضئيلة، هذه المرة إلى الرياض وليس إلى مسقط، حيث بحث كيري مع الحكومة السعودية ووزراء الخارجية لمجموعة الدول الراعية للسلام اليمني إمكانية الحلول السياسية للصراع في اليمن.


وفي حين يكرر كيري محاولاته، يكرر المراقبون السياسيون القول بأن كيري، وقبل مغادرته منصبه، يسعى لتحقيق نجاح في اليمن بعد فشله في تحقيق أي نجاح في مكان آخر. مع هذه العودة إلتقى وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات، الذين يشكلون الرباعية الدولية بشأن اليمن، أمس الأحد، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة خطة السلام الخاصة باليمن، والتي ترفضها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في محاولة لإدخال تعديلات غير جوهرية على مضامينها، ما يسمح باستئناف محادثات السلام استناداً إلى نصوصها.


وشارك في الاجتماعات المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الموجود حالياً في الرياض، والذي يتمسك، وفق مصادر، بخطة السلام بصيغتها الحالية، ويرفض ما يقال إنها تخالف المرجعيات المتفق عليها، وهي الخطة التي وافقت عليها "أنصار الله" وعلي عبد الله صالح. إجتماع الرباعية سيمارس المزيد من الضغوط على هادي


الحكومة اليمنية التي عادت إلى عدن بهدف اللجوء إلى الحسم العسكري والاشراف على معركة تعز كما تقول، تظهر غير قادرة على الوفاء بما تقول، وعاجزة عن تحريك الورقة العسكرية، خصوصاً أنه ومنذ عودة الرئيس هادي إلى عدن وبعض أعضاء الحكومة لم تشهد تعز أي تقدم يذكر لصالح "الشرعية" كما وعدت، الأمر الذي جعلها تعاود خطابها للأمم المتحدة والمبعوث الأممي بخارطة طريق جديدة تلبي طموحاتها وتتناسب مع مواقفها التي تبدو متمسكة بها وتختصرها بالمرجعيات الثلاث التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2216. ولكن الرؤى والمواقف الدولية كما يبدو قد تجاوزت الطرح الذي لم يعد الرهان عليه مجدياً في مسألة إحلال السلام، حيث يرى المجتمع الدولي أنه لا بد من تقديم تنازلات، ولا مفر من تغيير بنود اتفاق السلام بطريقة يجعل أمر إيقاف الحرب ممكناً.


وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، التقى المبعوث الدولي ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي، وطالب بتعديل الخطة، واتهم جماعة "أنصار الله" وحليفها "المؤتمر الشعبي العام" بالاستهانة بكل الجهود الدولية لإحلال السلام، وقال إنهم لم يقدموا أي مؤشرات حقيقية إلى رغبتهم في وقف إطلاق النار "وإنهاء الانقلاب أو الانسحاب وتسليم السلاح"، وأكد أن ذلك يتطلب وجود ضمانات قوية وفعلية للتثبت من جديتهم واستعدادهم لسلام "حقيقي ومستدام" يبدأ "بالانسحاب وتسليم السلاح".


كما طالب المخلافي المبعوثَ الأممي والدول الراعية باتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الإجراءات "الانقلابية" التي تقوض السلام "خاصة مع استمرار الحوثيين وحلفائهم في اتخاذ خطوات تصعيدية، آخرها إعلانهم عن تشكيل حكومة في صنعاء".


الرئيس هادي كان قد استبق وزير خارجيته، وأكد أن الحكومة لا تزال تنتظر من ولد الشيخ أحمد خطة سلام جديدة تتضمن تصوراً واضحاً وفقاً للملاحظات التي قدمتها له على الورقة السابقة التي ترى أنها لا تتوافق مع المرجعيات الأساسية.


ومع تسريب أنباء عن موافقة وزراء خارجية الرباعية على تعديل طفيف في الخطة المقترحة للسلام، وبالذات ما يتصل بنزع صلاحيات الرئيس هادي لصالح نائب رئيس يتم التوافق عليه، تؤكد مصادر حكومية أن مبعوث الأمم المتحدة لم يقدم خلال عودته الى الرياض أية مبادرات جادة تلتزم بالمرجعيات، وهذا يعني أن العملية السياسية متعثرة.


ووفقاً لمصادر سياسية فإن اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع سيعمل على ممارسة المزيد من الضغوط على حكومة الرئيس هادي للقبول بالعودة الى المحادثات استناداً إلى اتفاق مسقط الموقع بين "أنصار الله" وحلفائها ووزير خارجية الولايات المتحدة الشهر الماضي، والذي نص على وقف إطلاق النار، واستئناف المفاوضات، والقبول بخارطة الطريق والتسلسل الزمني لبنودها واعتبارها أساساً للمشاورات، من أجل التوصل إلى تسوية شاملة، والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل في صنعاء كعاصمة آمنة قبل نهاية العام الجاري.


كيري، وعلى العكس من المرات السابقة، أظهر قدراً من الليونة ربما في حديثه عن خارطته التي كان طرحها وسار عليها المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. إذ قال وزير الخارجية الأمريكي إن "الخطة الجديدة التي طرحتها الأمم المتحدة (لحل النزاع في اليمن) ليست اتفاقاً نهائياً، ويمكن التفاوض بشأنها لتعديلها". وشدد كيري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي، عادل الجبير، في الرياض، اليوم الأحد، على أن "أي اتفاق بشأن اليمن يجب أن يرتكز على المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحور الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216". وأكد أن "الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل العمل مع السعودية من أجل التوصل إلى سلام في اليمن"، لافتاً إلى أن "المباحثات التي أجراها مع المسؤولين في المملكة هدفت إلى دفع عملية السلام باليمن".


ومع كل ذلك لا يبدو أن هذه التحركات ستتمكن من اختراق جدار الأزمة، وأنها ستعمل على تحريك ملف اليمن من حالة الركود والجمود الذي يمر به، فهناك من يرى أن هذه التحركات لها أبعاد سياسية إقليمية ودولية، خصوصاً فيما يتعلق بترتيب الإدارة الأمريكية الجديدة العديد من الأوراق في الشرق الأوسط.


ويعتقد سياسيون أن كيري من خلال زيارته إلى الرياض يحاول تطمين المملكة العربية السعودية بشأن حلب، ومناقشة موضوع تسوية سياسية وعسكرية في اليمن، وربما كانت الزيارة في سياق "التطمين والتعويض" للسعوديين بعد "خسارة" حلب. ويرى مراقبون أن زيارة كيري إلى السعودية هي آخر ما تبقى من أوراق للإدارة الديمقراطية، للضغط بشأن المسألة اليمنية، لدى السعودية، قبل تسليم الملف للإدارة الجمهورية التي صار ترامب على بعد خطوة من تسلم رئاستها فعلياً، والأرجح أن لدى الإدارتين أولوياتهما في عدة قضايا شرق أوسطية.


وتأتي هذه التطورات السياسية في ظل استمرار التطورات العسكرية على الأرض، وفي ظل تصعيد عسكري جوي من قبل "التحالف العربي" منذ قرابة أسبوع، وهو تصعيد لا يمكن احتسابه في تحريك ورقة الأزمة نحو الانفراج بقدر ما يحتسب نوعاً من العبث والتدمير في ظل انعدام هامش تغيير الموازين العسكرية. فاليمنيون باتوا مدركين تماماً اليوم أن هذا التصعيد العسكري لا يمكن له أن يحقق نصراً أو يحسم المعركة عسكرياً، ولا يمكن لأحد اعتبار ذلك خارج سياق العبث وعملية الترهيب للمدنيين من نساء وأطفال وغيرهم. ولو أن الأمر ليس كذلك، فعلى "التحالف العربي"، وفق مراقبين، أن يجيب على أسئلة حول الهدف من هذا التصعيد، ومن هذا التجدد الذي يطال المدن والمؤسسات والقطاعات الخدمية؟ وما الذي يمكن أن يقوله "التحالف" عما حققه، ليس خلال هذه الفترة فقط، بل خلال عامين من عمله؟


لماذا كل هذا العبث وهذا الاستمرار في الدمار، وجميع الدوائر الدبلوماسية الدولية تؤكد على أنه لا يمكن للحرب أن تنتهي إلا بالحل السياسي الشامل ووفق ضمانات دولية لكل الأطراف. ألا يدرك "التحالف العربي" بقيادة السعودية أن الآثار المُدمرة والكارثية ستستمر في تأدية مهامها على أكمل صورة، فآلاف الأسر فقدت من يعولها، والآلاف فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم الوحيدة، كما أن شوارع هُدّمت بسبب الحرب، ناهيك عن السقوط الاقتصادي المريع الذي فاقم الوضع الإنساني وأحدث فجوة لم تُردم بعد على مستوى البلاد، فتفشت المجاعة وانتشر العوز وسط تزايد مريع لنسب الفقر المدقع في كل المحافظات اليمنية.

وبالنسبة لمواقف الطرفين حتى الآن، كل من جماعة "أنصار الله" وحكومة الرئيس هادي، يبدو أنهم لا يريدون إيقاف الأمور، بمعنى أن الجميع مراوح في المربع نفسه: لا حسم ولا سلام، فيما يقول سياسيون إنه لا قرار لهذا الرئيس (هادي) كما يبدو واضحاً، والأمر مقتصر على ما ستقرره السعودية حقيقة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص