السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
الأحمر في حضرموت: الأمر لي
الساعة 19:24 (الرأي برس - عربي )

تراجع الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، عن قراره، الصادر الإثنين، القاضي بتعيين الجنرال أحمد حسين الضرّاب رئيساً لأركان المنطقة العسكرية الأولى. جاء ذلك تحت ضغوط ردة فعل مجتمعية غاضبة جوبه بها القرار في محافظة حضرموت. وصدر، الأربعاء، قرار رئاسي آخر بتعيين العميد يحيى أبوعوجاء رئيساً لأركان المنطقة العسكرية الأولى. وسُربت قبل صدور القرار الجديد بساعات أخبار عن موافقة هادي على العدول عن قراره بتغيير الضراب، خلال اتصال هاتفي جرى بينه وبين الوكيل الأول في حضرموت، رئيس "حلف القبائل"، عمرو بن حبريش، الذي أبدى معارضة شديدة لعودة الضراب إلى حضرموت.


أحمد الضرّاب
وأثار قرار تعيين الضرّاب ردود فعل غاضبة في الشارع الحضرمي، لسجل الرجل "الأسود" في قيادة ألوية حماية الشركات النفطية في هضبة حضرموت منذ العام 1994م. ويقول الأهالي في حضرموت إن تاريخ الضراب يحفل بأعمال "القمع والعنف" ضد أبناء مناطق الإمتياز النفطي وبخاصة منطقة غيل بن يمين، التي عانى سكانها لسنوات من "بطش" ألوية الضرّاب، والتي تولت قمع جميع الفعاليات المعارضة للفساد المالي والإداري والتلوث البيئي المعتمل في أراضي حضرموت. ويصف الأهالي الضراب بأنه كان بامتياز "عرّاب" سياسة النهب والفيد للعديد من المتنفذين والمسؤولين اليمنيين. كما يُتهم الرجل بقتل المقدم، سعد بن حبريش، مطلع ديسمبر العام 2013م، من خلال إعطاء الأوامر لنقطة عسكرية في مدينة سيئون بإطلاق النار على الرجل الذي أدى مقتله إلى اندلاع حركة احتجاجات مسلحة، عُرفت بـ"الهبة الشعبية" التي تزعمها "حلف قبائل حضرموت". 


ويعتقد مراقبون أن قرار إعادة الضراب إلى حضرموت جزء من صفقة تصدير النفط و الغاز من محافظة مأرب، عبر ميناء الضبّة النفطي في حضرموت، إلا أن كثيرين يرون صعوبة تمرير قرار عودة الرجل إلى هذه المحافظة، نتيجة للغضب الشعبي العام الذي قوبل به من قبل الأهالي، والذي قد يتسبب باندلاع "هبة شعبية" أخرى ضد الرئيس هادي.


ردود فعل
واستنكر "المجلس التنسيقي لقوى تحرير واستقلال الجنوب" في حضرموت تعيين الجنرال أحمد الضرّاب، واصفاً القرار الرئاسي، في هذا الإطار، بـ"المستفز لأبناء حضرموت الذين عرفوا المذكور بصفته واحداً من جنرالات الإحتلال اليمني الذين عاثوا نهباً وفساداً وقتلاً وتنكيلاً في حضرموت، وحولوا مناطق إنتاج النفط إلى معتقل فظيع وإقطاعية خاصة برموز سلطات الإحتلال الغاصب". وفي بيان صادر عنه، طالب المجلس بإلغاء القرار، مشدداً على ضرورة "تقديم الضرّاب كأحد أبرز الضباط الفاسدين المطلوبين للعدالة".


وكانت "اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحضرمي الجامع" نظمت، الثلاثاء، وقفة احتجاجية ضد قرار إعادة الضابط أحمد الضراب إلى حضرموت، أمام مبنى المؤتمر في مدينة المكلا، بحضور رئيس "حلف حضرموت"، الوكيل الأول في محافظة حضرموت، عمرو بن حبريش. وطالبت الوقفة هادي بالعدول عن قراره "كون الضراب مرفوضاً من قبل أطياف المجتمع الحضرمي كافة".


آراء
ويرى الإعلامي، محمد اليزيدي، أن قرار الرئيس هادي بشأن العقيد الضرّاب "يستخف بالمعاناة التي عاشها أبناء حضرموت على أيدي المجرم الضرّاب، الذي لا تزال سجون الإعتقال الخاصة به شاهدة على جرم ما اقترفت يداه". وفي منشور على صفحته في "فيس بوك"، أضاف اليزيدي أنه "لا يزال صدى أنين ضحايا هذا المجرم يسمع بوضوح في جبال وهضاب المنطقة الوسطى بحضرموت، فالعار كل العار لمن يقبل بعودته إلى حضرموت". أثار قرار إعادة الضراب إلى حضرموت ردود فعل غاضبة دفعت هادي للتراجع عنه


بدوره، يصف الناشط السياسي، خالد سالم باعييس، تاريخ الضرّاب في حضرموت بأنه "تاريخ أسود، لا يشرف أحداً على الإطلاق، لذا أخرجته الهبة الشعبية من فوق عرشه، وقد كان في مقدمة القادة العسكريين الذين وقفوا ضد مطالب الشهيد المقدم، سعد بن حبريش، فهو رجل سيئ الصيت والسمعة، يمتلك من الهناجر والسجون الكثير، والتي كان يزج فيها كل معارض أو مطالب بحقوق الأهالي من الشركات النفطية، فعُذّب بسببه الكثير، عندما كان قائد حراسة الشركات في حضرموت منذ العام 1994م".


ويعتقد المواطن، حسن عيديد، أن هناك "أطرافاً وقوى قد عملت وتعمل إلى اليوم لإجهاض أي دور لحضرموت يحقق طموحات وآمال الحضارم. وهذا ملاحظ وواضح لمن يتابع ويفسر ويحلل الأحداث، فهناك من عمل على تفكيك اللحمة في النسيج المجتمعي لحضرموت، حتى يصير أبناؤها أداة بيد الطامعين".


قرارات
وأطاحت قرارات هادي بالجنرال عبد الرحمن الحليلي، قائد المنطقة العسكرية الأولى، وقضت بتعيين العميد صالح محمد طيمس بدلاً عنه، فيما عين العقيد أحمد حسين الضراب، القائد السابق لقوات حماية الشركات النفطية، رئيساً لأركان المنطقة الأولى (ألغي القرار الأربعاء). وجاءت القرارات العسكرية الثلاثة التي تخص حضرموت ضمن سلسلة تغييرات عسكرية طالت محافظات أخرى، بيد أن قرارات هيكلة المنطقة الأولى في سيئون تبقى الأبرز من حيث دلالاتها السياسية و العسكرية وتوقيتها الزمني، علاوة على كونها إجراءات غير بعيدة عن سياسة التوازنات والمصالح والحسابات وصراع التيارات الحزبية. 


وتشير طبيعة القرارات إلى أنها جاءت على ضوء توافق بين الرئيس ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر، و خرجت إلى حيز الوجود بفعل التطورات التي فرضتها الظروف الراهنة على الملف اليمني، سياسياً وميدانياً.


"بريمر" حضرموت
وإن طوت هذه القرارات حقبة عشرين عاماً من حكم اللواء عبد الرحمن الحليلي لحضرموت كما يرى البعض، إلا أن البعض الآخر يرى أنها لم ترق لمستوى تطلعات فعاليات حضرمية مطالبة بإخراج جميع المعسكرات والألوية التابعة لـ"القوات الشمالية" من الرقعة الجغرافية للمحافظة، في حين يرى فريق ثالث أن تلك القرارات ليست إطاحة بـ"بريمر حضرموت" كما ينعته مناوئوه، بقدر ما هي تهيئة للرجل السبعيني الذي يجيد اللعب على "رؤوس الثعابين"، للمشاركة في عملية التسوية السياسية المرتقبة في اليمن.


إذ تشير التوقعات إلى احتمالية اختيار الحليلي، الذي تردد اسمه كثيراً خلال الفترة الأخيرة، من بين الشخصيات العسكرية التوافقية المرشحة لتولي مهام الإشراف على تنفيذ بنود التسوية الأممية المقترحة، لا سيما فيما يتعلق بعملية تسليم السلاح وهيكلة الجيش. احتمالية تعززها مواقف الرجل شبه الحيادية خلال الحرب، وعلاقاته الواسعة مع رجال القبائل في محيط صنعاء. 


طيمس 
وخلف اللواء صالح محمد طيمس الكازمي، اللواء عبد الرحمن الحليلي، في قيادة المنطقة العسكرية الأولى في حضرموت، والتي تتخذ من مدينة سيئون مقراً لها، إضافة إلى قيادة اللواء 37 مدرع بالخَشْعة. القائد الجديد (مواليد 1960م) الذي ينحدر من محافظة أبين الجنوبية، محسوب على تيار الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، إبان حرب العام 1986م، حيث فرّ إلى صنعاء عقب الحرب الأهلية الطاحنة في الجنوب، ومكث فيها عدة سنوات، ثم استعان به الجنرال علي محسن الأحمر في تدريب قوات الفرقة الأولى مدرع، فعينه في منصب ركن تدريب بالفرقة، وأثناء حرب صيف عام 1994م تم تعيينه قائداً لأحد الألوية العسكرية في مديرية حرف سفيان بصعدة، فتمكن من دخول محافظة شبوة عبر محافظة البيضاء. 


ويتمتع الرجل الحاصل على درجة البكالوريوس من الكلية الحربية الأردنية بقدرات ومهارات عسكرية، إضافة إلى خبراته المتراكمة في هذا المجال، بوصفه قائداً عسكرياً مخضرماً، تقلد عدة مناصب عسكرية في قاعدة العند ووزارة الدفاع والحرس الجمهوري (1996-2012م)، كما شارك ضمن قوات الردع العربي في الحرب الأهلية اللبنانية بالسبعينات. ويحظى طِيمس بشعبية كبيرة وعلاقات واسعة بأهالي الشريط الصحراوي في حضرموت، توطدت من خلال قيادته لألوية حرس الحدود في منطقة رُماه، شرق المحافظة، فكان له دور كبير في عملية ترسيم الحدود مع السعودية العام 2000م. 


فهمي محروس 
ويعزز تعيين مدير أمن حضرموت السابق، فهمي حاج محروس الصيعري، قائداً للواء الحادي عشر حرس حدود، علاقة نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، بتمرير مثل هذه القرارات بالتفاهم مع هادي، لا سيما وأن محروس معروف بانتمائه للتيار السلفي القريب من خط "الإخوان المسلمين"، حيث استمر الرجل في منصب مدير أمن حضرموت حتى العام 2014، قبيل سقوط مدينة المكلا في قبضة تنظيم "القاعدة" بعام واحد، ثم غادر بعدها إلى الرياض، ليعود اليوم كقائد عسكري لحرس الحدود، خلفاً للواء صالح طيمس الذي كان يشغل هذا المنصب.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً