السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
عدن... تضيق بـ"الغرباء"
الساعة 19:04 (الرأي برس - عربي )

منذ آلاف السنين كانت المئات من الأسر والعائلات المنتمية لمناطق شمال اليمن تقطن محافظة عدن
منذ آلاف السنين كانت المئات من الأسر والعائلات المنتمية لمناطق شمال اليمن تقطن محافظة عدن، وهي متعايشة ومنسجمة مع المجتمعات المحلية المكونة لتلك المدينة ذات التعدد العرقي والديني والمذهبي. وبعد قيام الوحدة اليمنية في العام 1990، زاد عدد المواطنين الشماليين الذين كونوا مئات العائلات، واعتبروا عدن وبعض مناطق الجنوب موطنهم الطبيعي بحكم الوحدة الإندماجية والتقارب التاريخي، حالهم كحال بعض العائلات الجنوبية التي عاشت في صنعاء سنين عديدة. 


إستمر الوضع هكذا حتى اندلاع الحرب منتصف مارس 2015، خلالها تمكنت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي وقوات من "التحالف العربي" من السيطرة على عدن، وعقب تلك الأحداث غادر آلاف الشماليين عدن وبعض المناطق الجنوبية عائدين إلى المناطق التي أتوا منها.


فؤاد الهلالي، من منطقة بني مطر في صنعاء، عاش في عدن طيلة عشر سنوات فائتة، هو وزوجته وأولاده. يقول، لـ"العربي"، "نحن لم نغادر عدن بمحض إرادتنا، نحن هجرنا، أخرجنا من ديارنا بقوة السلاح من قبل عناصر متطرفة من الحراك الجنوبي اعتبرونا أننا موالون للحوثيين وجواسيس لهم، رغم أنه لا علاقة لنا بما حدث، نحن كنا عائشين في خير ونعيم مع عائلاتنا، ولا علاقة لنا بالأشخاص الذين نهبوا عدن وسرقوها".


"متسلطون وليسوا بمواطنين"
الناشط في الحراك الجنوبي، سالم النعماني، يرى، في تصريح ، أن "من يتحدثون اليوم على أنهم هجروا من عدن هم مجموعة من الضباط والجنود وعائلاتهم، الذين أرسلهم نظام صالح للهيمنة على الجنوبيين والتحكم في مصيره ومصير أبنائه طيلة السنوات الماضية، وبالتالي لا يمكن لهم أن يتحدثوا عن التهجير لأنهم لا يملكون شيئاً، هم مجموعة من المتنفذين الذين سلمت لهم أراضي ومنازل جاهزة ليسكنوا فيها ويمارسوا التسلط على الجنوبيين عبر المناصب التي عينوا فيها"، مضيفاً أنه "لا يمكن أن يتحدث أتباع الحوثي وصالح عن التهجير، وهم من مارسوه بأبشع صوره عندما قاموا بتهجير يهود آل سالم في صعدة، وتهجير السلفيين في قرية دماج في صعدة، أما عدن فقد كانت مفتوحة لكل اليمنيين والتاريخ يحكي ذلك سواء قبل ثورة 14أكتوبر وحتى قبلها بكثير".


"لن نترك حقوقنا تضيع"
ويُقدر عدد الذين يقولون إنهم هُجروا من عدن وبعض المناطق الجنوبية والشرقية، منذ إخراج القوات الموالية لـ"أنصار الله" وحلفائها منها وسيطرة القوات الموالية للرئيس هادي عليها، بأكثر من 4000 مواطن مع عائلاتهم، بحسب ناصر الرداعي، رئيس لجنة "الدفاع عن حقوق المهجرين قسراً من المحافظات الجنوبية والشرقية"، والتي أنشئت مؤخراً في إطار "جمعية الإخاء والترابط". يشدد محامون على ضرورة إدراج قضية المهجرين في أي مفاوضات


يعتبر الرداعي، في حديث إلى ، أن "ما حصل من تهجير ممنهج للشماليين من عدن ومناطق جنوبية لم يكن نابعاً من قناعة الناس، وليس سلوكاً لأبناء المحافظات الجنوبية، ونحن نحمل جميع أطراف الصراع مسؤولية ما حصل من تهجير، ولكن على إخواننا الجنوبيين ألا يسكتوا، هم يعرفوننا جيداً كيف كانت علاقتنا بهم، علاقة أخوة ونسب، لا بد من أن نعود إلى منازلنا في عدن ونمارس حياتنا بشكل طبيعي"، لافتاً إلى أن "منازلنا نهبت ومحلاتنا وكل ما نملك نهبته العصابات"، مؤكداً "(أننا) لن نسكت عن حقنا، سنخرج في تظاهرات وسنرفع قضيتنا الحقوقية، وأقول حقوقية لأنها كذلك وليست سياسية. سنرفع قضيتنا في المحاكم المحلية والدولية، وقد رفعنا بمذكرة احتجاج لمكتب الأمم المتحدة في صنعاء لمعرفة مصيرنا. وأنا هنا أقول وبالذات لمن يقول إنه لا يمكننا العودة إلى منازلنا في عدن، أقول لهم أنظروا إلى الدول الأوروبية كيف تستقبل العرب والأجانب وتمنحهم الجنسية لأنهم عاشوا بضع سنين في تلك الدول. أليس حرياً بنا ونحن أبناء وطن واحد أن لا نتعامل مع بعضنا بكراهية وترسيخ للأحقاد التي جلبتها الصراعات المناطقية المقيتة؟".


"رأي القانون"
المحامي عصام محمود، يؤكد، أن "التهجير قسراً يُعتبر من المحرمات في الأديان السماوية والمواثيق والصكوك الدولية، ويندرج ضمن جرائم الحرب ضد الإنسانية وفق قاموس القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ووفق نظام روما الأساسي، وأيضاً وفق اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، والبروتوكولات الملحقة بها عام 1977م، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (1674) لسنة 2006م بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة؛ فجميعها تنص على حظر التهجير القسري وإدانته واعتباره من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم". 


ويشدد محمود على أنه "في كل الأحوال فإن التهجير القسري والممنهج والذي يمارس على أساس الهوية مدان بشدة، لذا يجب إدراج قضية المهجرين من المناطق الجنوبية والشرقية ومن سبقهم من المهجرين في أي منطقة من مناطق اليمن ضمن أي مفاوضات وفي أي حوارات آنية ومستقبلية، ويجب أن تولي الأطراف المتنازعة والجماعات والأحزاب والنقابات والمنظمات الحقوقية والقانونية المحلية قضية المهجرين اهتماماً بالغاً".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً