السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
إستراحة المتحاربين مؤقّتة... حتّى هدنة بقرار أممي؟
الساعة 19:19 (الرأي برس - عربي )

تظل تعقيدات الأزمة اليمنية على إرباكاتها، ضمن تطورات المسار السياسي مؤخراً، وذلك بعد تعثر الهدن المتتالية التي أعلنتها الأمم المتحدة، وآخرها الهدنة التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، لوقف الأعمال القتالية والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون أي عوائق إلى المناطق كافة، في خطوة اعتبرها البعض استراحة محارب لجولة جديدة من الحرب، وفقاً لانهيار ست محاولات لعقد اتفاقات لوقف إطلاق النار في اليمن خلال وقت قصير من قبل، من بينها هدنة الثلاثة أيام في شهر أكتوبر، انهارت حال بدء تطبيقها. 


يبدو الطريق شاقاً وسط الحاجة إلى الكثير من الجهود الداخلية أولاً، والإقليمية والدولية ثانياً، لوضع الأزمة على سكة الحل. وكما هو واضح لا يمكن للنار التي اشتعلت لمدى 19 شهراً أن توقفها هدنة واحدة، أو تمددها لأيام أخرى، ولا يمكن إحالة موضوع تعثر الهدنة إلى جهة، أو تشخيص المتسبب بعينه، فضلاً عن أن هذا البحث لا يعني اليمنيين الذين يعانون من الويلات، وتبقى مسألة متروكة للمحاكم الدولية والتاريخ، إنما الانشغال بالمعاناة وأوضاع إنسانية صعبة تكمن لـ 21 مليون يمني (80% من السكان)، الذين هم بحاجة إلى مساعدات وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.


ويرى مراقبون أن لا جدوى من إعلان الهدن في ظل المشهد الضبابي لمسار إعادة الأطراف لطاولة واحدة وتوقف العمليات القتالية في اليمن، مع تقاذف الاتهامات بين الأطراف، وتحميل كل فريق مسؤولية الخرق للآخر، خصوصاً أن الإعلان جاء نتيجة اتفاق بين جماعة "أنصار الله" و"المؤتمر الشعبي العام" وقيادة "التحالف" بصورة رئيسية، وتهميش حكومة هادي، ورفضها في بادية الأمر. علاوة على ذلك، يرى آخرون أن مجلس الأمن لم يصدر قراراً ملزماً بوقف إطلاق النار والاعلان عن هدنة، مثل القرارات التي تصدر بشأن سوريا وليبيا، وما حدث لا يعدو كونه مجرد اتفاق متبادل بين الأطراف دون آلية أممية لمراقبة الانتهاكات والخروقات، واكتفت الناس بما تنشره وسائل الاعلام التابعة للأطراف. مجلس الأمن لم يصدر قراراً ملزماً بوقف إطلاق النار والاعلان عن هدنة


الصحفي في رئاسة الجمهورية سابقاً، مختار الرحبي، في تصريحه ، يعرب عن اعتقاده بأن "هدنة كيري ولدت ميتة"، وأنه "إذا لم تصمد الهدنة فلن يكون هناك حوار قادم، وإن تم فلن يكون أكثر من نسخة أخرى من مشاورات جنيف والكويت، مع ذلك هناك ضغوط كبيرة من المجتمع الدولي لإنهاء الحرب في اليمن والدخول في تسوية سياسية". 


في الوقت الذي تسير فيه وتيرة الحرب والقتل والدمار بصورة متسارعة، بعد خارطة الطريق المقدمة من قبل أمريكا والسعودية ولندن بشأن الأزمة اليمنية، وعدم تمكن الهدن المتتالية حتى الآن من اللحاق بها ولو لمرة واحدة، تثار الكثير من التساؤلات حول هدنة الـ 48 ساعة ومبادرة كيري، التي لا تبدو وفقاً لمؤشرات أكثر من مجرد اجتهاد لا يمس صميم الواقع المتغير بفعل سياسات المصالح، وبالذات لدولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية. فتحليل دهاليز صنع القرار الأمريكي يرسم خارطة طريق لما يجب أن تكون عليه سياسة الرئيس القادم تجاه منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص المملكة العربية السعودية، يقابلها مصر وتركيا، وما هو حاصل وفقاً للمعطيات ما هو إلا نتاج طبيعي لمتغير السياسة الأمريكية.


المحلل السياسي ياسين التميمي في تصريحة ، يرى أن "الدور الأممي تراجع كثيراً لصالح الأدوار المؤثرة، الدولية والإقليمية، وبالتحديد الدور الأمريكي الذي يتناغم مع قناعات كل من أبو ظبي ومسقط. وهذه الأدوار اليوم هي التي يبدو أنها تقرر مصير الأمور في اليمن، فمبادرة كيري الأخيرة أعلنت بعيداً عن المبعوث الأممي وعن السلطة الشرعية، هناك تطورات تتعلق بإغلاق الملف اليمني ليس على حل دائم بل على ترتيبات تعيد تلغيم المنطقة بصراعات طويلة الأمد".


ويؤكد بأن مشكلة الأمم المتحدة أنها رهنت دورها لإملاءات واشنطن، ولهذا ظهرت الأمم المتحدة غير محايدة أبداً وضعيفة ولا تمسك جيداً بالملف اليمني.


من جانبه، الصحفي نبيل الشرعبي يقول لـ"العربي" إن "مقتضى مصالح السياسة الأمريكية فرض المراوغة والدفع بكيري لما يشبه تقصي حقائق عن مدى تعافي الحليف الايراني- الحوثي في اليمن، يعقبه تملص الولايات المتحدة الأمريكية عما أقدم عليه كيري، واعتباره توجهاً شخصياً لا يمثلها".
ويضيف "لا أحد ينكر أن كيري نفذ المهمة بنجاح يتسم بصفة امتياز، إذ غاص في عمق منظومة ائتلاف الحوثي صالح وأحدث ثقباً خطيراً في جدار التحالف هذا، والذي يتآكل من الداخل، واستخلص نتائج هامة للغاية، لا تدركها الأطراف، والتي لا يمكن مقارنة تكتيك ساساتها بدهاء كيري، ولذلك لا جديد في ما أقدم عليه كيري، لكونه امتداداً لخارطة طريق تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية لضمان استمرار تدفق المصالح عليها من جهة، وتقليص التمدد الروسي في الشرق الأوسط عبر إيران حليف روسيا". ورأى الشرعبي أن "اليمن بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ما هي إلا مجرد وعاء يجب أن ترمى إليه أي صراعات تستهدف الخليج، ليظل الخليج مستقراً تتدفق منه مصالح أمريكا، وفي المقابل تظل الوعاء المستوعب". 


ويرى مراقبون أنه لا يمكن أن تنجح هدنة دون اتفاق سياسي وموافقة الأطراف على أهم خيارات الحلول، بعيداً عن ما يقوم به كيرى والأمم المتحدة من عروض بلا جدوى، كذلك أي هدنة لا يمكن أن تعلن دون تحديد آلية واضحة للرقابة على الخروقات من طرف مقبول من الجانبين.


المحلل السياسي ياسين التميمي يقول إن التصرفات التي قام بها المبعوث الأممي "تدل على أنه دبلوماسي مكلف من لندن وواشنطن وليس مبعوثاً للأمم المتحدة، وهاتان العاصمتان قررتا على ما يبدو دعم وتمكين الانقلابيين وضمان دور مؤثر لهما في المستقبل، هناك الكثير مما يقال عن تسوية وعن إجراءات لإنفاذ هذه التسوية، لكن من الواضح أن الهدف هو إزاحة الحكومة الشرعية، وغض الطرف عن كل ما سيقوم به الانقلابيون الذين ربما يتحولون إلى حكام في صنعاء بالشروط المقبولة أمريكياً وسعودياً وإماراتياً".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً