السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
في "مركزي" إب... سجناء القضبان والجوع والخوف
الساعة 20:30 (الرأي برس - عربي )

بين أربعة جدران تحيط بهم من كل جانب، يعيش الآلاف من نزلاء السجون اليمنية أوضاعاً كارثية بسبب تدهور الإقتصاد اليمني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والنفطية، وقلة دخل الفرد، وتأخير صرف الرواتب للموظفين. كل هذه الأوضاع المأساوية يضاف إليها إهمال "سلطات الأمر الواقع" وقوات أمن السجون للنزلاء. 


في 23 أكتوبر الماضي، قام نزلاء السجن المركزي في العاصمة اليمنية صنعاء بأعمال شغب واسعة، احتجاجاً على عدم توفر الماء والغذاء والأدوية، وعلى المعاملة اللاأخلاقية من قبل القائمين على السجن، ولكن سرعان ما تدخلت جماعة "أنصار الله" وقوات حراسة السجن لفض الإحتجاج بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المحتجين.


أما حال نزلاء السجن المركزي في مدينة إب فهو أسوأ بكثير، وذلك لتواجد أكثر من أربعة آلاف سجين يعانون من عدم توافر أبسط الخدمات. تحدث أحد نزلاء السجن المركزي في إب، طالباً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي"، قائلاً "نحن نجوع ونمرض ونعاني من رداءة الخدمات ونخاف من أزيز طائرات التحالف من استهداف السجن كما حدث قبل شهر للسجن المركزي في مدينة الحديدة، وإذا تكلمنا يتم الإعتداء علينا بالضرب والتعذيب". ويضيف "(أننا) نعيش أسوأ أحوالنا هذه الأيام حيث لا يوجد الماء والدواء، أما غذاؤنا فهو وجبة الغداء رز فقط، وتأتي متأخرة أحياناً، ويتضارب عليها السجناء فالبعض يحصلون عليها والبعض الآخر لا يستطيعون الحصول عليها، مما يضطرهم لشرائها من المطاعم إن لديهم فلوس أو يموتون جوعاً". ويتابع "أما عن وجبة العشاء والصبوح عبارة عن ثلاث كدمٍ صغيرة لا تُغني ولا تسمن من جوع، حيث لا تكفي ونحصل على القليل من الفول والفاصوليا والشاهي، ويتم اعتماد 5% يأكلون على الشاهي، 30% على الفول والفاصوليا، وبقية السجناء يعتمدون على أنفسهم من المطاعم والمحلات". ويزيد أنه "في الآونة الأخيرة انتشر العديد من الأمراض كالجرب وأمراض جلدية بسسب عدم النظافة وعدم قيام إدارة السجن المركزي بمهامها؛ حيث لم توفر لنا أدوات النظافة ولم توفر لنا بعض الأدوية كالمضادات الحيوية المضادة البكتيريا".


وتشتد معاناة السجين اليمني يوماً بعد آخر، فيما يبدو القائمون على السجون في سبات عميق حيال تلك المعاناة. في هذا السياق، أكد سجين آخر في السجن المركزي بمدينة إب، طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي"، "(أننا) نقوم يومياً بالإعتصامات والوقفات الإحتجاجية للمطالبة بحق مشروع، وذلك بتوفير الكدم والمياه وبعض المستلزمات الطيبة لكن لا أحد ينقل معاناتنا إلى خارج السجن"، ويشير إلى أن "رجال الأمن وبعض المستلمين بالسجن من السجناء الذي تم تخويلهم مباشرة من إدارة السجن بالتحكم علينا يستخدمون ضدنا العنف والعنجهية والإهانة لكرامتنا". يعاني أكثر من 4000 آلاف سجين في إب من عدم توافر أبسط الخدمات


ويتهم بعض السجناء جماعة "أنصار الله" بأنها لا تعترف بحقوق السجين، "في ظل صمت المجتمع اليمني المغلوب على أمره". وفي هذا الإطار، يقول السجين ناصر الجرادي، "(إننا) في ذمة المجتمع الصامت على أوضاعنا والمتقاعس عن المطالبة بحقنا في المعاملة الجيدة والضغط على الجماعة بتوفير احتياجاتنا"، لافتاً إلى أن "أوضاعنا تعددت بين القفر والجوع والمرض. إننا نعيش في ظلم وقهر وتجويع واعتداء ومعاملات عنصرية وسب وشتم من قبل العصابة داخل السجن"، متسائلاً "لماذا يقومون بالإعتداء علينا والمشاجرة معنا بصورة مستمرة؟ لماذا يضربوننا بوحشية وقساوة حتى لا نستطيع الحركة وأكثرنا طريحو الفراش إما جوعاً أو ضرباً؟ لأننا طالبنا بتوفير الكدم والفول ونتظاهر من أجل أبسط الحقوق؟".


حتى من هم خارج السجون لعدم ارتكابهم جنحاً أو جنايات لا يأمنون على أنفسهم من الدخول إلى ذلك المجهول. فهذا وليد قاسم الخولاني الذي كان يريد أن يغادر اليمن إلى أرض الغربة باحثاً عن عمل يسترزق منه في دول الجوار تم أسره وهو متجه إلى منفذ الوديعة الحدودي مع المملكة السعودية، وأخذه إلى السجن في مدينة رداع ليوم واحد، ومن ثم ترحيله إلى السجن المركزي في مدينة إب ومعه ثمانية أشخاص، وتم الإفراج عنه بعد سبعة أشهر من السجن. يروي وليد، أنه "تم التعامل معي أثناء التحقيق بالسجن في مدينة رداع بطريقة غير قانونية وغير أخلاقية، حيث قاموا بخلع جميع ملابسي الخارجية والداخلية ما عدا (النكس) ـ أعزّكم الله ـ وذلك من أجل أن أعترف لهم بأنني شاركت في القتال مع ما يُسمونهم ـ الدواعش ـ أي أنصار الرئيس هادي". ويتابع الخولاني "(أنني) عندما قلت لهم بأنني بريء استخدموا معي كل وسائل التعذيب كالضرب واللطم والكهرباء، حتى أنني بقيت أسبوعاً بعد التحقيق لم أستطع النوم من شدة الألم". ويدعي أن "الأسرى في السجون يأخذون منهم الجوالات والبطائق وكل شيء موجود لديهم". أما عن حالته النفسية فيقول إنه "قاب قوسين أو أدنى من الجنون، وذلك عندما يرى بعض المسجونين الذين عليهم قضايا قتل يفرجون عنهم بالرشاوي والوساطات، وأنا الذي سجنوني بلا قضية أفرجوا عني بعد سبعة أشهر وخسارتي أكثر من ثمانمئة ألف ريال". 


عن تلك المحسوبيات يتحدث لـ"العربي" أيضاً السجين صقر الهاملي، موضحاً أنه "تم اعتقالي وأنا متجه إلى مكان عملي في سوق الفاخر مع زملائي، وتم تحويلنا إلى البحث الجنائي ومن ثم إلى السجن المركزي بالمدينة"، ويزيد "أكثر من ثلاثة أشهر وأنا ما زلت أقبع في السجن وقد دفعت أكثر من مائة ألف ريال يمني للمشرفين والمشائخ بالمديريات ولكن لم يتم الإفراج عني حتى اليوم، وما زلت كما ترون هنا بالسجن". ويلفت إلى أنه "وجد أسرى من حزم العدين وخاصة من عزلة الشعاور والأهمول وهما العزلتان اللتان قاومتا الحوثيين بشراسة في محافظة إب، وأغلب الأسرى في محافظة إب من هذه العزلتين وعليهم بلاغات، وأي شخص يحمل بطاقة من الشعاور أو الأهمول يتم القبض عليه".


‏في القانون اليمني ثمة مادة تنص على أنه "يجب معاملة الأسير (السجين) معاملة كريمة واحترام كرامته وإنسانيته". معاملة لا يستشعرها السجناء في ظل سلطة "أنصار الله".


وفي ذلك، يروي الجرادي، أن "أول كلمة قالها المحقق في البحث الجنائي نحن مسيرة قرآنية ونحن مع الحق واعترف لنا بما نريد بأنك شاركت في القتال ضد اللجان الثورية والجيش، ومن لم يعترف نوسعه ضرباً وعذاباً أليماً، وهذا ما حدث معي، حتى أنني لم أستطع النوم أو الجلوس لأكثر من أسبوعين من شدة التعذيب الذي تعرضت له".


ويناشد السجناء المنظمات الإنسانية والحقوقية النظر إلى أحوالهم ومعاناتهم، التي تشتد يوماً إثر يوم بسبب سوء التغذية وانتشار أمراض الجرب والسل وغيرها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً