السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
ذمار... منارة الأدب في زمن الحرب
الساعة 18:57 (الرأي برس - عربي )

أحرقت الحرب كل آمال الأدباء والمبدعين في الإنتصار للأدب، وخفضت صور الجثث وأصوات الإنفجارات والقذائف منسوب الإنتاج الأدبي اليمني حتى وصل إلى الجفاف. وحدها مدينة ذمار الإستثناء في هذا كله. يوميات الحرب حضرت في تفاصيل الحياة الثقافية والأدبية، لكنها لم تمنع المدينة من مواصلة السير في تبني الأنشطة الثقافية والأدبية والإحتفاء بإصدارات مبدعيها كحالة ثقافية مختلفة ومثيرة للإستغراب.


لا يمر أسبوع دون حدث ثقافي أو أدبي، يتم تنظيمه في مكتبة البردوني والمركز الثقافي ومقرات بعض المؤسسات المدنية أو جامعة ذمار، مع ذلك ليس هناك أي دعم مادي لهذا الحراك وكل الأنشطة تنفذ بجهود ذاتية من الأدباء. ينظر مدير عام مكتب وزارة الثقافة في محافظة ذمار، محمد العومري، إلى الواقع الثقافي في المحافظة بتفاؤل، مؤكداً أن "هذا الحراك ليس وليد اليوم، بل كان ثمرة لعمل استمر لأكثر من عشرة أعوام للدفع بالعمل الثقافي والأدبي إلى المقدمة". ويشير العومري، لـ"العربي"، إلى أن "المحافظة شهدت في الفترة الماضية حركة ثقافية مشهودة، ورغم المعاناة وظروف الحرب إلّا أن الأنشطة تسير والإبداع يتوهج بإمكانيات ذاتية".


تلك الحالة يرى فيها رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في ذمار، عبد الحوثي، "انتصاراً على الواقع"، وسيطرة لروح الأدب الجميلة على روح الحرب البشعة". ويلفت الحوثي، في تصريح له  إلى "أننا نؤمن بأنه كلما صار وهج الثقافة أسطع، زاد الوعي والتسامح بين المواطنين، في اتجاه تمهيد الطريق لمصالحة وطنية شاملة، وتصالح مع العصر والحياة". ويعتبر أن استمرار الفعاليات الثقافية في ظل الحرب يؤكد "رفضنا لهمجية ووحشية الحروب التي أكلت الأخضر واليابس، فضلاً عن الحفاظ على البقاء في السعي الدائم للتوفيق بين المتناقضات والإقتراب من مناطق المعاناة والتعب الإنساني". وشدد الحوثي على استمرار الفعل الثقافي "إلى أن تكتسب معناها وأهميتها وقدرتها على خلق موطن متسامح مع الكثير من الأفكار والآراء المتصارعة مع قناعاته، وصولاً إلى تأسيس قواعد راسخة لبناء دولة مدنية حديثة تحافظ على قيم الحرية والعدالة والمساواة". تجاوز عدد الفعاليات الثقافية في محافظة ذمار منذ بداية الحرب الـ 66 فعالية


66 فعالية ثقافية
تجاوز عدد الفعاليات الثقافية في محافظة ذمار منذ بداية الحرب الـ 66 فعالية، موزعة بين صباحية، أمسية شعرية وقصصية، ندوة، معرض تشكيلي، مسرح، قراءات نقدية، وورشة أو جلسة أو حلقة نقاش إبداعية، وحفل توقيع لإصدار ثقافي جديد. بينما وصل عدد الإصدارات إلى 8 كتب موزعة بين الشعر والقصة القصيرة، لأسماء عبد العزيز، نجمة الأضرعي، أسماء المصري، نبيهة محضور، صادرة عن دور نشر في القاهرة، ومحمد إبراهيم الغرباني من صنعاء والقاهرة، وكذلك لحفصة مجلي، ولسلمى الخيواني ولعصام المؤيد من صنعاء.


أمر يعتبره الروائي اليمني ورئيس نادي القصة، محمد الغربي عمران، مبشراً بغد أجمل، لأن "ذمار قلب نابض بالعطاء والحرية"، مضيفاً "بعد حرائق الغابات تتخصب الأرض، وتنمو الحياة من جديد، وبعد مرور العواصف تتفاعل الكائنات وتنسج خيوط الحياة، وبعد عرض ملوك القبح لعوراتهم يعي الشعب بأنهم لا يفكرون إلا بأنفسهم، وأن تلك الشعارات الدينية والوطنية زائفة، ولذلك تزهر العقول من جديد، وقد سقطت أقنعة القبح، ليكتب الكاتب ويرسم الفنان ويعزف المبدع للحياة والجمال".
الغربي عمران روائي له إسهامات كبيرة في المشهد الثقافي اليمني والعربي، صدرت له مؤخراً رواية عن "دار الهلال" في القاهرة، تحمل عنوان "مسامرة الموتى"، أشار إلى أن "الإبداع بيئة للسلام والتسامح فوق المذهبية والمناطقية والعنصرية". وقال "الثقافة لا تموت، يموت القتلة والمتسلطون ويتعفن المستغلون وتبقى الثقافة لأنها إرادة الشعوب، وروحها وجوهرها الإنساني".


ذمار منبع مهم للأدب اليمني
يفخر مدير عام مكتب وزارة الثقافة في محافظة ذمار، محمد العومري، أن ذمار لم تعد في هامش الفعل الثقافي بل باتت في صميم هذا الفعل على مستوى اليمن. ويلفت العومري إلى أن "التفاعل والنشاط الذي فرض نفسه، أتاح فرصة للشباب لإنشاء جماعات ثقافية ومنتديات وراوابط وجمعيات، حيث بلغ عددها أكثر من 15 ومنها رابطة البردوني ومنتدى الرهام ومنتدى الحضراني ومنتدى 17 يوليو ومنتدى ذمار، إضافة إلى الجمعيات، المسرح، المندشين، الفنانيين، وجمعية الفن التشكيلي".
وقال إن وجود مكتب الثقافة والمركز الثقافي ومكتبة البردوني وجامعة ذمار، كمؤسسة رسمية، والعشرات من الجماعات الأدبية والثقافية بالمحافظة "سخرت كل إمكانياتها لتلك الأنشطة الثقافية وعملت على إظهار المواهب والإبداعات وفتحت المجال للتفاعل والتنافس بين الشباب والمنتديات والجمعيات والفرق".


الحراك الثقافي في ذمار مفعل منذ سنوات طويلة، ويعود ذلك بحسب الناقد ثابت المرامي إلى "دور بعض المؤسسات، في مقدمتها مكتبة البردوني بقيادة الأديب عبده الحودي، ونادي القصة برئاسة القاصة نبيهة محضور، واتحاد الأدباء وبعض الروابط والمنتديات الثقافية والأدبية في المحافظة".


وأضاف المرامي   أنه "صحيح أن واقع الحرب طغى على كل شيء في البلاد، لكن ذمار حاولت الحفاظ على توهجها الثقافي من خلال الأنشطة الثقافية التي تنفذها". ورداً على سؤال لماذا لا تزال ذمار رائدة الحياة الثقافية في اليمن؟ أجاب رئيس "رابطة البردوني الثقافية"، مراد عيسى "لأنها أرض الشاعر عبد الله البردوني، لأنها مدينة الوسطية والاعتدال، ومنبع من منابع الأدب في اليمن".


وأضاف عيسى في تصريح " أنه "ليس غريباً على مدينة انتهجت السير في تفعيل العمل الثقافي كمسار في كل الظروف والتحديات التي اعترت البلاد منذ العام 2011 أن تستمر في ظل هذه الظروف التي هي الأقسى".


واعتبر أن تكاتف أدباء ذمار "وعملهم الجاد البعيد عن المماحكات والصراعات التي عادة ما تصيب شريحة القائمين على العمل الثقافي أن ينتقلوا بذمار من الهامشية إلى المركزية لتصبح مركزاً ثقافياً يستقبل الكثير من شعراء وكتاب اليمن أن يوقعوا أعمالهم الشعرية والسردية في هذه المدينة".


مراد عيسى، الشاعر، أكّد أن "جيل الشباب حملوا على عاتقهم مسؤولية الصحوة الثقافية والتنوير لا التدمير الذي أصبح الكثير من المثقفين ينتهجونه ويخدمون مشاريع لا تخدم المجتمع". وقال "كانت الفعاليات لا تقام في ذمار إلا في المناسبات الوطنية وقلما تقام فعالية بدون مناسبة وطنية، لكن بجهود بعض النخب الثقافية والشبابية صدع نجم ذمار".

واستذكر عيسى بعض الأسماء التي كان لها الأثر الكبير في سنوات التأسيس للمشهد الثقافي النادر، منهم القاص ماهر عطاء، الأديب عبده الحودي، مدير عام مكتب الثقافة في المحافظة، محمد العومري، الروائي محمد الغربي عمران، حسان العنسي، الشاعرة خديجة، الشاعر حميد الميثالي، الفنان التشكيلي احمد القيسي، الشاعر عبد الرحيم البازلي، القاص محمد عصبه، القاصة أسماء المصري، القاصة حفصة مجلي، الشاعرة هيفاء البردوني، القاصة سلمى الخيواني، الفنان التشكيلي والشاعر محمد المنيفي، والكثير من الأسماء التي تحتاج لتكريم وليس لذكر فحسب.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص