السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الرياض تسير بخطّة ولد الشيخ... وهادي متمسّك برفض نقل الصلاحيات
الساعة 18:37 (الرأي برس - عربي )

تحظى خطة السلام الأخيرة للمبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بدعم دولي وإقليمي واسع النطاق. ووسط ضغوطات دولية كبيرة، يواصل المبعوث الدولي إلى اليمن مباحثاته مع الأطراف اليمنية، ومنذ يومين يجري الرجل مباحثاته مع أطراف صنعاء بهدف الوصول إلى اتفاق على الخطة التي من المتوقع أن يقبل بها هذا الطرف على العكس من المرات السابقة. سبق لهذا الطرف أن تحفظ في مواقفه من الخطة التي كانت رفضتها الحكومة اليمنية، وعلى إثرها غادر ولد الشيخ باتجاه مجلس الأمن الدولي بهدف إيجاد جملة من الضغوطات والتحركات التي تؤيد خطته وتدعم توصله إلى إنجاحها. وبعد أيام قليلة بدأ التأييد لخطة السلام من قبل بعض الأطراف الدولية، إذ جرى الحديث عن إمكانية إصدار قرار أممي بهذا الشأن يؤيد ويدعم هذا المسار.


وأعلنت بريطانيا عن مشروع قرار يبدو منسجماً ومؤيداً وداعماً لخطة المبعوث الأممي، وتطرقت مسودة المشروع إلى مسألة الالتزام بالوقف الفوري لإطلاق النار واحترام القانون الدولي الإنساني.

ويدعو المجلس جميع الأطراف لاستئناف المحادثات نحو الحل السياسي السلمي بشكل عاجل بحسن نية، ودون شروط مسبقة، مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، بناء على خارطة الطريق المقدمة للأطراف، والتي من شأنها أن تضع طريقاً واضحاً لاتفاق شامل يشمل الجانبين الأمني والسياسي.

كما يشدد المجلس على أن أي إجراءات سياسية جديدة يجب أن تكون في ظل اتفاق المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وبشرط ألا تتضرر بالمفاوضات من خلال إجراءات أحادية. ووفق مصادر سياسية يمنية، فإن الدول الراعية للتسوية في اليمن تُمارس ضغوطاً شديدة على طرفي الصراع من أجل القبول بالخطة وتقديم تطمينات وضمانات دولية بشأن مخاوف كل طرف، وهذه الضغوط توجت بتأييد السعودية للخطة وتشجيعها الرئيس عبد ربه منصور هادي على التعامل معها، وفق ما ذكره دبلوماسيون في الأمم المتحدة.


الحكومة اليمنية من جهتها حركت الشارع اليمني في بداية الأمر بهدف الحصول على تأييد للرئيس، وما يتمسك به من مرجعيات ثلاث صار الحديث عنها ربما أمراً غير مجدٍ، وسبق أن فشلت كل الدعوات والجهود في هذا الإطار. ومساء أمس، أعلنت الحكومة اليمنية قبولها بخطة السلام المقدمة من ولد الشيخ "شكلاً لا مضموناً"، ما يعني أنها لا تزال لديها اعتراضات على بعض البنود، خصوصاً تلك المتعلقة بنقل صلاحيات الرئيس هادي إلى نائب جديد يتم تشكيله بالتوافق وتشكيل حكومة وحدة وطنية من قبله. إعلان الحكومة القبول بالخطة هو من أجل امتصاص الغضب الدولي
مصادر سياسية في حكومة هادي كشفت  أن إعلان الحكومة القبول بالخطة هو من أجل امتصاص الغضب الدولي والضغوطات التي تتم، وأكد المصدر أن معنى كلمة "شكلاً لا مضموناً" أن الحكومة متمسكة بعدم نقل صلاحيات الرئيس وأنه ستطالب بالتعديل لبعض النقاط والجوانب في خطة السلام.

وأشارت مصادر سياسية أخرى في الرياض إلى أنه "كان باستطاعة الرياض أن تجهض أي قرار مرتقب قد يصدر من مجلس الأمن الدولي، ولكن يبدو أن الرياض لم تعد متحمسة كثيراً بسبب سوء أداء الشرعية، وعلينا أن لا ننسى أن القرار 2216 لم يكن ليصدر لولا قيام الرياض بصفقات مع اللاعبين الفاعلين داخل مجلس الأمن".


سياسيون وكتاب يتحدثون هم الآخرون بالنسق ذاته، ويذهبون إلى القول بأن السعودية "تورطت بهادي، و"تورط هادي بالتحالف"، هذا ما قاله ولد الشيخ، ولو لم يقله ولكن حتى لو وافق هادي على خطته المؤيدة أمريكياً وبريطانياً وسعودياً وإماراتياً، فهل ستنسحب جماعة "أنصار الله" وتسلم السلاح فعلاً؟ يجيب الكاتب الصحافي، فتحي أبو النصر، بأن "ذلك ما ينفيه الواقع بالطبع. فواقع الحرب التي بلا أفق سوى واقع سلطة استحواذيه ذات نظرة تحقيرية للآخر، وتريد تعزيز حاضرها ومستقبلها، وواقع سلطة تفريطية ذات نظرة تبخيسية لذاتها وليس للآخر فقط، فيما تريد استعادة ماضيها كمستقبل".


وفِي تطور لاحق، أعلن الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، قبوله بخطة السلام المقترحة من المبعوث الدولي، وقال إنها تشكل في مجملها قاعدة جيدة للمفاوضات "التي يجب أن تستكمل كل الجوانب المرتبطة بوقف العدوان وإيقاف العمليات العسكرية التي تقودها السعودية، ووقف تمويل المرتزقة والجماعات الإرهابية في مختلف المناطق اليمنية".
مراقبون سياسيون يرون أن خطة ولد الشيخ بحاجة إلى تعديلات معينة تجعل منها أرضية واقعية قابلة للتطبيق، وأنه وإلى جانب التحديات "الفنية" لتنفيذها على أرض الواقع، أمنياً وعسكرياً، فإن الجانب السياسي منها يبقى هو الأكثر تعقيداً، خصوصا وأن الخطة قد صيغت بلغة ركيكة، لتظهر فيها بعض العبارات تحمل أكثر من معنى. وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، والتي يبدو أنها أنعشت آمال السلام في اليمن من جديد، يبدو سياسيون غير متفائلين بإمكانية الاتفاق على الخطة وقبول الأطراف بها بجدية وحسن نية، مهما بدت المؤشرات السياسية إيجابية.


وعلى مدى العامين الماضيين، وما جرى خلالهما من جولات مفاوضات ظلت الأطراف اليمنية تؤكد عدم جديتها للقبول بالحل عبر الحوار السياسي، وأيضاً ما جرى من خذلان لكل الاتفاقات التي وقعتها سابقاً، بدءاً بالمبادرة الخليجية ومروراً بمخرجات الحوار الوطني وصولاً إلى اتفاق السلم والشراكة، فعلى مائدة التفاوض كانت الأطراف تجلس وتوقع، ولكنها سرعان ما تذهب نحو التصعيد المباشر وغير المباشر، الأمر الذي يوحي بأن خطة ولد الشيخ لن تحظى بموافقة بهذا الشكل الذي يبدو، وأن مراوغة وخذلان الأطراف السياسية أكثر من مرة هما ما يهددانها بالفشل وتراجع الأطراف عنها. والشاهد أن الأطراف السياسية حتى الآن لا تبدو مقتنعة كل الاقتناع بالخطة، وأنها ستخوض فيها بشكل جدي، والمواقف تبدو واضحة تماماً. ولهذا تظل التطورات القادمة هي ما سيحدد مسار هذا السلام من عدمه.
 
 
 
 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص