السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
التشوّه والإجهاض في تزايد: الحرب لا توفّر الأجنّة!
الساعة 19:31 (الرأي برس - عربي )

"بمجرد نزول الصواريخ، تتوافد الإسعافات إلى المستشفى بالنساء الحوامل ويجهضن"، تقول أخصائية نساء وتوليد، في أحد مستشفيات صنعاء، حيث قصص الضحايا غير المعدودين للحرب، من الأجنة، حالهم حال الملايين، الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة بمختلف نواحي الحياة الإنسانية والمادية والصحية على وجه خاص. 


وفي الوقت الذي تركز فيه التناولات الإعلامية المباشرة على الموقع الذي تعرض للقصف من قبل طائرات "التحالف" الذي تقوده السعودية أو مناطق المواجهات المباشرة، منذ ما يزيد عن عام ونصف، عادة ما يتم إغفال الضحايا غير المباشرين، فصوت الصاروخ وانفجاره المباغت، يصيب مئات الأسر بصدمة مفاجئة، بما يسقط ضحايا غير مباشرين، ومن بينهم الأمهات اللاتي يحملن أجيال المستقبل في أرحامهن. 


وبعد أن علم عن رصد حالات تشوه في المواليد بعدد من الأسر في العاصمة صنعاء، يُعتقد أنها، أو بعضاً منها، ناتج عن آثار الحرب، بدأ التقصي بأكثر من حالة ومستشفى، عن جانب تأثر الأم الحامل وجنينها نتيجة الحرب، التي لم تتوقف آثارها على مختلف الفئات الاجتماعية، بل تعدت ذلك إلى القادمين إلى الحياة، في بطون أمهاتهم!


وتوضح أخصائية النساء والتوليد في مستشفى السبعين للأمومة والطفولة، الدكتورة نورا الشيخ،  أن الحرب أثرت كثيراً على الأم الحامل، وأولى تلك التأثيرات الزيادة العالية بنسبة "الإجهاض" لدى الحوامل، وتضيف "بمجرد أن تسقط الصواريخ تأتي الحالات إلينا (تشير بيدها إلى عملية الإجهاض) وتجهض"، ويزيد ذلك في الساعات التي تلي القصف بأي منطقة. 


في أكثر من مستشفى،  لا يعطي الأطباء والمختصون أرقاماً دقيقة حول الآثار المفزعة للحرب على الأم وجنينها، لكنهم يكتفون بالتأكيد على أن نسبتها كبيرة، وتقدر الشيخ الأخصائية في مستشفى السبعين، زيادة نسبة الإجهاض بنحو 30%، ومثلها حالات الولادة المبكرة، التي ارتفعت هي الأخرى إلى حد كبير، وتتفق معها طبيبات في المستشفى، وصولاً إلى نسبة حالات التشوه من المواليد.


ومن بين حالات كثيرة، تقول هناء (30 عاماً)، إن طفلها المشوه هو حملها الثالث، حملت به أثناء الحرب، وكانت تراجع الدكتور والمختص برعاية الحوامل في مستشفى الزهراوي، وعند استخدامها للأشعة أبلغتها الطبيبة أن الطفل الذي تحمله مشوه، وأن له رأسين "ولازم ينزل"، لكنها أصرت على بقائه ولم تثق بكلام الطبيبة، فيما كانت بطنها ثقيلة جداً، ووقت الولادة كان الطفل فعلاً مشوهاً، وكان التشوه، في الرأس. تحكي بألم عن طفلها الذي حملته وعاش في رحمها تسعة أشهر كاملة. تقول آية، بحرقة، إنها "لم تعد تستطيع أن تصبح أمّا!ً"


من جانبها، آية (19 عاماً) تقول إنها كانت حاملاً بحملها الأول، وعند مراجعتها لطبيب أخصائي نساء وولادة أكد لها أن الطفل مشوه، فقررت أن تنزل الجنين، وخضعت لعملية لإنزاله، وبعد إنزال الجنين وبعد إجراء العملية بيومين أكد لها الدكتور أن الرحم تأثر بسبب المواد الكيميائية الناتجة عن القصف، ما اضطرها لإجراء عملية أخرى لإزالة الرحم. وتقول بحرقة،  إنها "لم تعد تستطيع أن تصبح أماً بسبب قصف العدوان لليمن وإنها لن تسامح العدوان الذي حرمها من حق الأمومة والإحساس بشعور الأمومة ومن أن يكون لها طفل يكبر أمام عينها". 


وفي السياق، تقول أخصائية نساء وتوليد، الدكتورة يسرى مريط، ، إن "من المشاهدات التي لاحظتها في مستشفيات النساء والولادة أن هناك عدداً كبيراً من الأطفال المشوهين، بعضهم في الوجه أو الرأس أو الظهر أو القدمين، والبعض الآخر مشوّهٌ بعلامات في الجسم، مما يعكس زيادة عدد الأجنة والأطفال غير الطبيعيين والمشوهين" وترى أن ذلك ازداد بنحو 30% منذ بدء الحرب أو ما تصفه بـ"العدوان"، إشارة لتاريخ بدء عمليات "التحالف" بقيادة السعودية في اليمن. 


وتشير مريط إلى أن "أكثر التشوهات في المناطق التي تتعرض لقصف مكثف أو بصورة متكررة، وتضيف "أن تشوه الأجنة ازداد لدى النساء في محافظة عمران (شمال صنعاء) لأن هناك مصنع الأسمنت وكان القصف مكثفاً على المصنع (منذ بداية الحرب)"، وتشير إلى أن وجود المصنع في منطقة سكانية خطأ في الأصل، لكن القصف رفع من التأثير على الأمهات والأجنة بشكل ملحوظ". 
وتتفق الأخصائية في مستشفى السبعين، نورا الشيخ، مع رواية يسرى مريط، بالتركيز على ارتفاع حالات تشوه الأجنة في عمران، وتضيف إليها، في حديثها ، محافظة المحويت، حيث لُوحظ من الأطباء ارتفاع نسبة حالات تشوه الأجنة في هاتين المحافظتين، ومناطق ريفية أخرى بمحيط صنعاء.


وفي الوقت الذي تثور فيه أسئلة، حول ما إذا كانت هذه الآثار من آثار المواد والغازات المنبعثة الناتجة عن انفجار القذائف الصاروخية والأسلحة المتفجرة، يعزز الأطباء تأثيرات ذلك، لكنهم يرون أن الجزم النهائي به لا يزال يتطلب دراسة دقيقة، مع الإشارة إلى أن بعض الآثار قد تحتاج فترة زمنية أطول حتى يمكن قياسها. 


وتوضح مريط أن هناك نوعين من التشوه: العادي، وهو عبارة عن بقع تظهر في جسم الطفل ويمكن معالجتها، أما غير العادي، فتقول إنه مع القصف "ازداد تشوه الشفة الأرنبية وازداد تشوه الأطفال، مثلاً جنين رأسه كبير فيموت فور الولادة"، حيث أن الأغلبية يموتون، وتقول "نحن الآن في حالة طارئة مع القصف"، في الأيام هذه والشظايا الناتجة عن الانفجارات تكون محملة بكتيريا وفيروسات تنتشر بشكل كبير، ليس فقط القصف بالصواريخ، بل إن هناك "فيروسات وميكروبات ونحن كأطباء لاحظنا زيادة الأمراض كتشوه الأجنة وظهور أمراض تصاعدت مؤخراً، كالكوليرا، وظهور حالات كانت اليمن بدأت التخلص منها، كالشلل الرئوي والسل الرئوي". 


وتشير الأخصائية الشيخ إلى آثار متعلقة بالحرب ليست بالضرورة ناتجة عن السلاح، بل عن الحالة الصحية والمعيشية التي أوجدتها للناس، إذ بات السكان في مناطق عديدة يجدون صعوبة في الوصول إلى المراكز الطبية واستخدام العلاجات، وأهمها "حمض الفوليك"، الذي ينصح به الأطباء للحد من التشوه في الأجنة. 


ولدى محاولة   التواصل مع مسؤولين في وزارة الصحة للحصول على أرقام أو معلومات رسمية حول هذه التداعيات، تعذر تجاوبهم، وعند سؤال إحدى الطبيبات في أحد مستشفيات صنعاء، عما إذا كان هناك، فحوصات قد أُجريت لمعرفة المادة المسببة للتشوه وعلاقة ذلك بالحرب، قالت إنه "يفترض من وزارة الصحة أن تأتي وتفحص وتوثق، لكنه من مشاهدتي لاحظت أنه مثلاً نساء عمران وتشوه أجنتهن بسبب المواد الإسمنتية، نتيجة انفجارها بسبب القصف، حيث تؤدي إلى تشوه الأجنة وسرطانات وأمراض الرئة التي انتشرت بشكل كبير".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً