السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مصادر في الرياض: السعودية تعرقل مشروع قرار أممي يتبنى خطّة ولد الشيخ
الساعة 19:29 (الرأي برس - عربي )

إنتهت جولة المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الأخيرة، بشأن السلام في اليمن إلى الفشل، والتي من خلالها حاول جاهداً إيجاد تقارب بين أطراف الصراع عبر خارطة جديدة، رفضت تسلمها حكومة الرئيس هادي، في حين واجهها الطرف الآخر بالتحفّظ، في موقفه منها، إلى حين أعلن المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن الدولي رفض الطرفين للخارطة المقترحة، ما يشير إلى عدم استعداد الأطراف لتقديم تنازلات من أجل إيقاف الحرب واحلال السلام.


"لقد اتضح أن الأطراف اليمنية لا تريد أن تغلب المصلحة العامة والمصلحة الوطنية على مصالحها"، قالها إسماعيل ولد الشيخ صراحة في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، والتي عقدت بشأن اليمن، مؤكداً أنه تلقى ردوداً غير رسمية من الأطراف، تؤكد على رفض الخارطة وتمسك كل طرف بموقفه السابق.


مبادرة ولد الشيخ الجديدة، التي جاءت عكس كل المبادرات السابقة، كانت بمثابة الصدمة لدى فريق الرئيس هادي تحديداً، إذ إنها تقترح تعيين نائب رئيس توافقي، تنقل إليه صلاحيات الرئيس، على أن يبقى هادي رئيساً شرفياً، وتقترح أن يقوم النائب الذي سيتم الاتفاق عليه بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن ثم تلي ذلك إجراءات أمنية وعسكرية، والدعوة إلى انتخابات رئاسية قادمة.


هذه المقترحات، اعتبرها هادي أنها بمثابة المكافأة لجماعة "أنصار الله"، وأنها تستهدفه مباشرة، ولهذا رفض تسلمها، مبرراً ذلك بأن الخارطة جاءت خارج سياق المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وخارج سياق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، ومن خلال ذلك أعلن تمسكه بالمرجعيات الثلاث وتمسكه بالشرعية.


الخارطة التي أثارت جدلاً سياسياً واسعاً في وسائل الرأي العام، يبدو أنها أضعفت موقف الرئيس هادي نوعاً ما، وبها يخسر هادي أهم ورقة ضغط دولية لطالما ظل يهدد ويلوح بها، والتي برزت كما لو أنها سلاح هادي الأقوى في الدفاع عن شرعيته.


أما على الصعيد العام، فثمّة من اعتبر الخارطة جيدة إذا ما أرادت الأطراف اليمنية أن تتوصل إلى سلام دائم وشامل، حيث وأنه لا بد من تقديم تنازلات حقيقية وجادة من أجل إيقاف الحرب والدخول في مرحلة سياسية جديدة، ولكن على ما يبدو إن الرئيس هادي وحكومته يهتمون ببقاء أدوارهم وبقائهم في السلطة والحكم، ولهذا لا يريدون مغادرة المشهد بأية حال. في حين يرى البعض الآخر أن الخارطة ستمنح جماعة "أنصار الله" وحلفائها الفرصة لتحقيق أهدافهم وتوليهم السلطة في المرحلة المقبلة، وهكذا تعددت القراءات السياسية لخارطة السلام هذه، التي يبدو أنها قلبت موازيين الحسابات لدى الأطراف، خصوصاً طرف الشرعية.


في هذا السياق أيضاً، ذهب حلفاء الشرعية نحو كيل الاتهامات للأمم المتحدة ولمبعوثها إسماعيل ولد الشيخ بالتعاطف مع جماعة "أنصار الله" والوقوف إلى صفهم.


هذه التطورات الآن أمام مجلس الأمن الدولي الذي ينتظر الجميع وتنتظر الأطراف قول كلمته، وهي الكلمة التي ستحدد ملامح المسار القادم، بل والتي بناء عليها ستحدد الأطراف مواقفها من مسار الأزمة وما ستقوم به، إما الرضوخ لتقديم التنازلات وإما التصعيد العسكري والعودة إلى مربع الاحتراب، وبالاتفاق مع الحلفاء الإقليميين.


وفيما يخص ما سيصدر عن مجلس الأمن، يشير مراقبون إلى أنه هناك احتمالان، الأوّل أن يحدث انسجام وموافقة بين جميع الأعضاء داخل المجلس على الرؤية الذي قدمها ولد الشيخ، وهذا يعني صدور بيان أو قرار من المجلس بهذه الرؤية، وهذا السيناريو إن حدث سوف يحشر فريق الرئيس هادي في زاوية ضيقة. 


أما الاحتمال الثاني، هو حصول انقسام داخل المجلس بخصوص الرؤية التي قدمها ولد الشيخ، وسيتعذر معها الخروج بموقف دولي يدعم خطة الرجل.


مصادر سياسية في الرياض كشفت،  أن المملكة العربية السعودية الآن تجري اتصالات مكثفة مع حلفائها داخل مجلس الأمن، لإعاقة إصدار بيان يدعم خطة المبعوث الأممي، ولكن هل ستنجح الرياض في ذلك؟ هذا ما سوف يتّضح خلال الساعات القادمة.


وبحسب مصادر أخرى، فإنه بالنسبة للرياض والشرعية قد يكون الخيار المضي فيما يعتبرونه خيار الحسم العسكري وقد تكون لديها "معدات جنود وتجهيزات في نهم ومأرب كافية لتحرير المنطقة كلها، لكن هناك فيتو على العمليات العسكرية من قبل الأمريكان"، فالإدارة الأمريكية الحالية، وفق المصدر، غير متحمسة لفكرة الحسم العسكري، لهذا يقال إن الرياض تنتظر الى حين تتم الانتخابات الامريكية بعد شهر وتغيير الادارة الأمريكية الحالية. 


ثمّى وجهة نظر تعتبر خطة ولد الشيخ تحولاً كبيراً بالنسبة لمسار العملية السياسية في اليمن، لأن هناك جهوداً محلية، وإقليمية، ودولية، تدفع باتجاه فرض خيار السلام لوضع حد لمعاناة البسطاء في اليمن الذين اجتاحهم الجوع، والأوبئة، وأنهكتهم الحرب التي بدأت تأخذ طابع تصفية الحسابات.
وطبقاً لأصحاب هذا الرأي، فإن الشرعية أمام خياريين لا ثالث لهما، إما إعادة النظر في أدواتها وتطعيم طاقهما الحالي بنخبة تستمد حضورها من العامة، وتفرض نفسها من الميدان وليس الفنادق، وهذا يعني أنه من الضروري صدور قرارات فيما يخص الملف العسكري بالتحديد، وكذلك مراجعة أداء الحكومة وبعض القوى السياسية، التي تتعامل مع الشرعية من باب حساباتها الضيقة، والبحث عن المناصب واحتكار صناعة القرار، داخل منظومة الشرعية، هذا من جانب، ومن جانب آخر أمام الشرعية أن تذهب للحوار بناءً على المرجعيات الثلاث وقرار مجلس الأمن 2216، وفق رؤية بعيدة عن التمسك بأشخاص وإنما بناء على مشروع.


والشاهد أن الوضع يبدو معقداً للغاية، وخيارات الحرب والسلم صعبة وغير مجدية في ظل التجاذبات الإقليمية، والموقف الدولي الذي بدأ يؤثر على سير العملية السياسية، وهذا يعني أن القضية اليمنية بدأت تأخذ طابعاً بعيداً عن الإرادة الوطنية، والذي بدوره لن يؤدي لفرض حل حقيقي ولا حسم، مهما تعددت الخيارات والسبل، لأن الشرعية ما تزال تخوض حربها سياسياً وعسكرياً، تحت عناوين عريضة وشعارات بعيداً عن تكتل قواها في إطار معين وفق رؤية جامعة وخارطة طريق وبرنامج سياسي.


إذاً كل الخيارات تبدو واردة والسيناريوهات مفتوحة على كل الأصعدة، والمشهد كما يبدو ضبابياً نوعاً ما، والتوقعات لا تستقر على شيء، بشأن منحى الأمور بعد هذا التطور، ولا يستبعد أيضاً البعض حدوث جولة جديدة من القتال العنيف بين الأطراف اليمنية، ولكن اليمن كما يبدو لم يعد يتحمل مزيداً من الاقتتال، خصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي الحاصل، وبقاء اليمنيين بدون راتب منذ ثلاثة أشهر، وإذا ما اختارت الأطراف هذا الخيار فإن اليمن سيتحول إلى صومال آخر لا محالة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً