السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
صوماليو عدن... بين غربتين
الساعة 19:23 (الرأي برس - عربي )

إرتبط وجود الجالية الأفريقية والصومالية في مدينة عدن بتاريخ تجارة البخور والتوابل. لا يُعرف وقت معيّن لبدء موسم هجرة أفارقة القارّة السمراء إلى عدن، حيث ذاب هؤلاء في نسيج المجتمع المحلّي، على الرغم من وجود مدرسة للجالية الصومالية ومقهى وسط المدينة، يُطلق عليه السكّان "مقهاية الصومال"، وبجانبهما "مسجد الصومال" بالقرب من رصيف ميناء المُعَلّا. إستطاع المهاجرون الأوائل من الصومال التماهي مع النسيج الشعبي الجنوبي، مؤثّرين ومتأثّرين كبقية الجاليات التي تمازجت في عدن مشكلة فسيفساء مجتمعية فريدة، أضحت أنموذجا لفن التعايش السلمي.


رئيس الجالية الصومالية في عدن، أحمد يوسف، يقول إن الجالية الصومالية بعدن أسهمت بفعالية في عملية التنمية والبناء، وتبوأ كثير من صوماليي عدن مناصب قيادية، فكان منهم السفراء والوزراء والمدراء، وكثير من التجار من أصول صومالية أسهموا في بشكل كبير في إذكاء وتنمية روح التبادل الجارية بين البلدين في العصور المختلفة منذ غابر الأزمان بفعل التقارب الجغرافي بين البلدين. ويفند يوسف غياب أسماء تجارية صومالية حالياً لهجرتها إلى خارج البلد عقب اعتماد الجنوب آنذاك قانون التأميم.


معهد الصومال بالمعلا... دور تعليمي فاعل
يسهم ما يعرف لدى العامة في عدن بـ"معهد الصومال" بدور تعليمي فاعل ومشهود من خلال نخبة من الأساتذة ذوي الخبرة والكفاءة في تدريس مادة اللغة الإنجليزية بسهولة ويسر وبرسوم دراسية ميسرة، وكثيرون ممن تخرجوا من ذلك المعهد يثنون على المعلمين والقائمين على المعهد.


أم فيصل... 60 عاماً في رحلة البحث عن الجنسية
وعلى الرغم من تلك الصورة الباعثة على الفخر والتميز للمدينة فإن لأم فيصل رأي مغاير تماماً، أنتجته معاناة حقيقية. تقول إن أباها ولد في عدن قبل حوالي 100 عام، وهي كذلك، حيث تبلغ الستين من عمرها الآن، وعلى الرغم من هذه السنوات الطوال التي لم تشفع لها لدى الجهات المختصة في الحصول على الجنسية اليمنية، فلا زالت وأولادها الثلاثة يدفعون مقابل الإقامة.


تتحدث عن تمييز وإقصاء، تقول إن السلطات اليمنية تمارسه ضد الجالية الصومالية، فليس لهم حق العمل والتجنيس على الرغم من أنها من مواليد عدن وعمرها الآن ستون عاماً، وكذلك والدها الذي توفي ودفن في هذه المدينة متعددة الأطياف والأعراق والأديان، فلا حقوق لهم، وتخشى حال وفاتها أن تطالب أولادها الحكومة اليمنية بدفع ثمن "سياحي" لقبرها.


تستطرد الأم التي تنحدر من سحنتها السمراء ابتسامة وطيبة تسع أهل المدينة لو وزعت عليهم "تعلمنا في عدن، وهكذا نحن ولن نتغير، الحصول على حقنا دون لف أو دوران أو واسطة في زمن غابت عنه كل مفردات الخير والإحسان، إلا من رحم ربي"، وتقول "كان بإمكاننا كغيرنا الكثير استخراج بطائق يمنية بطرق معروفة، ولكن عدن طبعت فينا الصدق واحترام القانون والنظام"، تتابع "تخيل عمري الآن ستون عاماً ولم أحصل على الجنسية اليمنية بعد، ولذلك الأمر تبعات أعاقت مستقبل أولادي لأنهم لا يستطيعون الالتحاق بالجامعة حيث يعاملون على أنهم طلاب أجانب وينبغي عليهم دفع مبالغ طائلة، بالتأكيد هي خارج مقدرتنا".

 

وتضيف أم فيصل، وهي تنبهنا مراراً إلى عدم الإشارة إليها خوفاً من تعرضها للمشاكل حد قولها، "حتى النوادي الرياضية تعامل أولادنا على ذات الشاكلة، رغم تفوقهم ومواهبهم التي اعترفت بها إدارات وزملاء لأبنائنا". تشير أم فيصل إلى أنها تعرف عدداً من حملة الشهادات والخبرات الصوماليين، يعملون خدماً في البيوت، وكثير منهم يمسحون سيارات في الشوارع، ومع ذلك فهي تحمل كل الامتنان للمواطنين الذين "لا نشعر منهم بغير الود والحب والاحترام والتقدير".


وتختتم أم فيصل حديثها برسالة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي وذوي الشأن، تسألهم فيها "هل يمكن لمواطنة ولدت في عدن وبلغت الستين من عمرها أن تحصل على الجنسية التي تمنحها دول العالم عقب 5 سنوات مواطنة فقط؟". 


أكثر من مليون ومئتي ألف لاجئ صومالي
تبقى إشكالية مئات الآلاف من اللاجئين الصوماليين الجدد الذين شردتهم الحرب الأهلية في بلادهم، قصص وحكايات تعبر عن مأساة وطن مفقود وسط لفيف ودياجير أجندة دولية وإقليمية ومحلية. ومن بين ركام اليأس بسراب حلم العودة إلى بلد تتفاقم أزماته كل يوم، وواقع مر في مخيمات تفتقر إلى أبسط الخدمات الضرورية، وغياب تام لمقومات البنى التحتية وتزاحم لا يطاق. مخيمات تكتظ بأجساد أصحابها، ويصعب إحصاء كل المشكلات التي هم واقعون فيها على الدوام، لكثرتها.


ولطول معاناة لاجئي الصومال غابت المنظمات الدولية عن تقديم مساعداتها الإنسانية وانحصرت في مخيم حرض في محافظة لحج، تاركة بقية المخيمات عرضة لعشرات المعضلات الكبرى، والتي أقلها آلاف الأطفال خارج غرف التعليم، وأمراض وأسقام وأدواء وانتشار مستفحل لجرائم الشرف والتعاطي وما يرافق ذلك.


وعلى الرغم من هذا الواقع البائس فلا تزال قوارب الموت تنقل يومياً عشرات بل المئات من المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر إلى سواحل شبوة وأبين، والتي يصلها بعضهم جثثاً هامدة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً