- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً

- غروندبرغ: توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن
- ترمب: من المرجح جداً أن توجه إسرائيل ضربة لإيران
- قتيل في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
- تحذيرات من مجاعة وشيكة في اليمن
- أذرع الموت.. هيكل الحوثي العسكري الموازي
- ترامب: ثقتي قلت في إبرام اتفاق مع إيران
- وزير الدفاع الإيراني يهدد بضرب قواعد أميركا إذا اندلع صراع
- «الدعم السريع» تعلن السيطرة على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا
- زلزال عنيف يضرب تايوان
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي على دير البلح ورفح

الآن.. أرى أعمدة الدخان تتصاعد من طهران عقب الضربة الإسرائيلية المدمرة التي أودت بحياة كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، تبرز تساؤلات حاسمة حول موقف المليشيا الحوثية الإرهابية المصنفة دولياً، وما إذا كانت ستشارك في الرد على هذه الضربة التي تُعتبر الأقسى في تاريخ المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية.
تكشف الأحداث الأخيرة عن تعقيدات لافتة في طبيعة سلوك ذراع إيران في اليمن (الحوثي)، والتي تتجاوز الخطاب الدعائي المعلن.
بينما ترفع شعارات "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، تشير معطيات ميدانية إلى وجود اختراقات استخبارية جدية في صفوفها، من خلال الكشف عن توقيف قيادي حوثي في لبنان كان يعمل للموساد الإسرائيلي، وهذه نقطة تحول في فهم هشاشة هذه المليشيا أمنياً واستخبارياً، على غرار الاختراقات التي عانت منها حماس وحزب الله.
أبرز ما يلفت النظر في الاستراتيجية الإسرائيلية هو التباين الواضح في نمط الاستهداف بين الجبهات المختلفة.. ففي لبنان، نفذت إسرائيل اغتيالات دقيقة لقيادات حزب الله، وفي غزة استهدفت قيادات حماس، وفي طهران نشهد استهدافاً منهجياً لكبار القادة العسكريين والعلماء النوويين.
اليمن.. هنا الحيرة.. اتخذت الضربات الإسرائيلية طابعاً مختلفاً، وركزت على المنشآت المدنية والبنى التحتية (موانئ الحديدة ومحطات الكهرباء ومصافي النفط) وهي مقدرات تخص الشعب اليمني أكثر من كونها أهدافاً عسكرية للمليشيا مباشرة.
هذا النمط قد يعكس تنسيقاً تكتيكياً خفياً بين الطرفين، حيث تستفيد إسرائيل من هذا "العداء" الظاهري لتبرير ضرباتها الجوية على إيران بحجة التهديد من الأذرع الإيرانية، والتوسع لتحقيق (حلم إسرائيل الكبرى)، بينما تستغل المليشيا الحوثية هذا المشهد لتروج لأنصارها أنها "تقاتل أمريكا وإسرائيل"، ساعية لكسب تعاطف العالمين العربي والإسلامي وقبلهما الشعب اليمني الرافض لهذه المليشيا أصلاً.
هذا التنسيق غير المعلن يخدم مصالح مشتركة: إسرائيل تحصل على مبرر للتصعيد ضد إيران، والمليشيا الحوثية تبني رصيداً دعائياً تستخدمه كورقة ضغط في المفاوضات مع الحكومة اليمنية الشرعية، محاولة فرض شروط قاسية وإجبارها على الاستسلام بحجة أنها "انتصرت في الحرب على أمريكا وإسرائيل" كما تدعي وتزعم لأنصارها.
في ظل الضربة الإسرائيلية المدمرة لإيران، تواجه المليشيا الحوثية معضلة استراتيجية حقيقية.. فمن جهة، الولاء المعلن لإيران والالتزام بمحور المقاومة يستدعي ردا قويا.. ومن جهة أخرى، الدروس القاسية من مصير القيادات في حزب الله وحماس والقيادات الإيرانية، وما إن كانت تعي أن أي مشاركة منها قد يعرضها لمصير مشابه.. أم أنها تعي أيضًا أن إسرائيل لن تمس قياداتها بناء على اتفاقات سرية؟ أيكون ذلك ممكنًا؟
يواجه الحوثيون تحديا جوهريا في التوفيق بين اعتبارات متضاربة: الحفاظ على موقعها في محور المقاومة من جهة، وتجنب مصير القيادات الأخرى التي دفعت ثمن التصعيد من جهة أخرى.. كما أن الواقع اليمني المعقد والحاجة إلى تجنب تصعيد قد يجلب مزيداً من الدمار على شعب يعاني أصلاً من أزمة إنسانية حادة بسبب ممارسات هذه المليشيا نفسها.
الاختراقات الاستخبارية التي كشفت عنها الأحداث الأخيرة تضع المليشيا الحوثية في موقف محرج، فهي لا تعلم مدى عمق هذه الاختراقات ولا تستطيع ضمان سرية خططها أو حماية قياداتها.. هذا الواقع يشبه إلى حد كبير ما واجهته حماس وحزب الله قبل سقوط قياداتهما.
الرد الحوثي على الضربة الإسرائيلية لإيران سيكون مؤشراً مهماً على مدى تعلم هذه المليشيا من دروس المنطقة القاسية، فإذا اقتصر الرد على العبارات الإعلامية دون فعل ميداني حقيقي، فهذا يعني أن الخوف من المصير المحتوم بدأ يتسلل إلى قادتها.
أما إذا شهدنا تصعيداً حقيقياً، فقد تجد هذه المليشيا نفسها في مواجهة مع عدو أثبت قدرته على الوصول إلى أعتى القيادات في أكثر الأماكن حصانة.
في النهاية، مليشيا الحوثي تقف اليوم على مفترق طرق، إما أن تواصل لعبة التنسيق الخفي مع إسرائيل التي تخدم مصالحها الدعائية والتفاوضية على حساب الشعب اليمني، أو أن تجازف بتصعيد حقيقي قد يعرض قيادتها لمصير القيادات الأخرى؛ غير أن هذا "العداء" المسرحي مع إسرائيل يكشف حقيقة مهمة، وهو أن الجماعة الحوثي لا تحارب من أجل قضية، وإنما تتاجر بالقضايا والشعارات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية على الأرض اليمنية.
الساعات والأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت هذه المليشيا ستواصل هذا التنسيق التكتيكي غير المعلن، أم أنها ستضطر للتصعيد الحقيقي الذي قد يضعها في مواجهة مباشرة مع قوة أثبتت قدرتها على الوصول إلى أعتى القيادات في أكثر الأماكن حصانة، مما قد ينهي دورها الإقليمي المدمر ويضع حداً لاستغلالها للشعارات الفارغة.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر
